السبت 20 شوّال 1446 هـ | 19-04-2025 م

A a

«الصَّدقةُ على المسكِينِ صدقةٌ، وهي على ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صدقةٌ وصِلَةٌ».


رواه أحمد برقم: (16227)، الترمذي برقم: (658) واللفظ له، والنسائي برقم: (2582)، وابن ماجه برقم: (1844)، من حديث سلمان بن عامر الضبي -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (3858)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (892).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«ذِي الرَّحِم»:
أي: ذي القرابة من الأب أو الأم، وإنْ بعُد. دليل الفالحين، لابن علان (3/ 173).
«صِلَةٌ»:
وصل: وَصَلْت الشَّيْءَ وَصْلًا وَصِلَةً، والوَصْلُ ضِدُّ الهِجْران. لسان العرب، لابن منظور(11/ 726).


شرح الحديث


قوله: «الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ»:
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «الصدقة» إطلاقه يشمل الفرض والندب، فيدل على جواز أداء الزكاة إلى القَرابة مطلقًا، والله سبحانه وتعالى أعلم. كفاية الحاجة (1/ 566).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«الصدقة على المسكين» الأجنبي، وفيه شمول للفقير. السراج المنير (3/ 277).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«الصدقة على المسكين صدقة» أي: ثوابُها ثواب صدقة واحدة. دليل الفالحين (3/ 173).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«صدقة» واحدة، أي: لها أجر واحد. مرشد ذوي الحجا والحاجة (10/ 577).

قوله: «وهي على ذي الرَّحمِ ثنتان: صدقةٌ وصلةٌ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«وعلى ذي الرَّحم» أي: القَرابة من الأب أو الأم، وإن بَعُدَ «ثنتان: صدقة وصلة». دليل الفالحين (3/ 173).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
أي: فيها ثوابان جليلان، ثواب الصدقة، وثواب صِلة الرَّحم. فتح الإله (6/417).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «وهي على ذي الرَّحم» أي: شخصٍ ذي قَرابة الولادة، والأقرب فالأقرب. لمعات التنقيح (4/ 380).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«وهي على ذي الرَّحم» يحتمل: أنَّ المراد المسكين أو مطلقًا. التنوير (7/ 63).
وقال محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«على ذي القرابة» أي: على المسكين القريب. مرشد ذوي الحجا والحاجة (10/ 577).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«و» هي «على ذي الرَّحم اثنتان» أي: صدقتان اثنتان. السراج المنير (3/ 277).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«ثنتان» أي: صدقتان اثنتان، يعني: ففيهما أجران، فهذا حث على التصدق على الرَّحم والاهتمام به. مرعاة المفاتيح (6/ 375).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«اثنتان» أي: له أجر صدقتين، بيَّنها قوله: «صدقة، وصلة» فهي عليه أفضل؛ لاجتماع السببين، وهو حث على الصدقة على الأقارب. التنوير (7/ 63).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«اثنتان، صدقة» مجردة عن صلة رحم «و» صدقة مقرونة بـ«صلة» رحم، يعني: أنَّ الصدقة على الأقارب أفضل؛ لأنه خَيران، ولا شك أنهما أفضل من واحد. مرشد ذوي الحجا والحاجة (10/ 577).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«صدقة وصلة» بدل من «اثنتان» أي: أجر صدقة، وأجر صلة رحم. ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (23/ 152).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«ثنتان: صدقة وصلة» أي: فيها ثوابان جليلان، ثواب الصدقة، وثواب صِلة الرَّحم. دليل الفالحين (3/ 173).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«صدقة وصلة» فهي عليه أفضل لاجتماع الشيئين.
ففيه حثٌّ على الصدقة على الأقارب، وتقديمهم على الأباعد، لكن هذا غالبي، وقد يقتضي الحال العكس. فيض القدير (4/ 237).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«صدقة وصلة» يعني: أنَّ الصدقة على الأقارب أفضل؛ لأنه خيران، ولا شك أنهما أفضل من واحد. مرقاة المفاتيح (4/ 1354).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
«صدقة وصلة» لكن لا يلزم من ذلك أن تكون هِبة ذي الرَّحم أفضل مطلقًا؛ لاحتمال أنْ يكون المسكين محتاجًا، ونفعه بذلك متعديًا، والآخر بالعكس. فتح الباري (5/ 219).
وقال الصنعاني -رحمه الله- معلقًا:
يعني: فالحديث محمول على الأغلب. التنوير (7/ 63).
وقال ابن الأثير-رحمه الله-:
صلة الرحم: كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطُّف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا أو أساؤوا، وقطع الرّحم ضد ذلك كله، يقال: وصَلَ رَحِمَهُ يصلها وصلًا وصلةً، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة، فكأنه بالإحسان إليهم قد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصهر. النهاية (5/191-192).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
قال العلماء: أفضلية الصدقة بأمور:
الزمان: كعشر ذي الحجة، وأيام رمضان، والعيدين والتشريق، والمكان: كمكة والمدينة، والحال: كالكسوف والخسوف والحج الجهاد، وفي الصحة والنفس شحيحة، وفي المعنى بعد أداء الواجب، وفي الفقر مع القُدرة على الصبر، وعلى الصلحاء؛ إعانة لهم على الطاعة، وعلى الجيران؛ حفظًا لحقوق الجوار، وعلى الأقارب؛ صلة للرحم، وعلى الأهل والأولاد والمماليك؛ قضاءً لحقهم، ولكل واحد من ذلك مرتبتان، أو مراتب، كالقريب المحْرَم الجار مثلًا، فكل صدقة اجتمعت فيها أكثر هذه الخصال فهي أفضل من غيرها، وبهذه الوجوه يُجمع بين الأحاديث الواردة في الخيرية والأفضلية. الأزهار مخطوط لوح ( 213).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
ومنهم (أي من يُلبِّس عليهم إبليس) مَن يعلم فضيلة التصدُّق على القرابة، إلا أنْ يكون بينهما عداوة دنيوية، فيمتنع من مواساته، مع عِلمه بفقره، ولو واساه كان له أجر الصدقة، والقرابة، ومجاهدة الهوى. تلبيس إبليس (ص: 350).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
لأنَّ الصدقة عليهم (الأقارب) صدقة وصلة، وفي معناها الهدية ونحوها، ويتأكد فعل ذلك مع الرَّحم الكاشح المبْغِضِ، عساه أن يرجع عن بغضه إلى مودة قريبه ومحبته...
والمراد بما ذكرنا: مع الرحم الموافق في الدِّين، وأما إذا كان الشخص مسلمًا وهم كفار فلا يوالهم ولا يوادّهم؛ لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} المجادلة: 22، الآية، ذكره البلباني، وفيه نظر، إلا إنْ حُمل على الوجوب، وفي حديث أسماء المتفق عليه، ويأتي في بر الوالدين: «جاءتني أمي مشركة، فسألتُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَصِلها؟ قال: نعم». غذاء الألباب (1/ 273-274).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فيه: دليل على جواز إعطاء القريب صدقة الفرض أي: الزكاة. التنوير (7/ 63).
وقال ابن المنذر -رحمه الله-:
أجمع أهل العلم على أنَّ الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين والولد في الحال الذي يُجبر الدافع ذلك إليهم على النفقة عليهم.
واختلفوا في دفع الزكاة إلى سائر القرابات، فكان سفيان الثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وشريك وأبو عبيد يقولون: من يُجبر المرء على نفقته فلا يُعطى منها شيئًا.
وكان ابن عباس يقول: إذا كانت له قرابة محتاجون فليدفعها إليهم، وبه قال عطاء، وقال الحسن البصري وطاوس: لا يُعطى ذو قرابة لقرابته من الزكاة شيئًا.
واختلفوا فيمن يُجبر المرء على نفقته، فكان مالك وسفيان الثوري وأبو ثور وأبو عبيد يقولون: يُجبر الرَّجل على أنْ يُنفق على والديه إذا كانا محتاجَين.
وقال الشافعي: يُجبر الرجل على نفقة والديه إذا كانا زَمِنَين ولا مال لهما.
وكان الشافعي يقول: يُجبر الرَّجل على أنْ ينفق على ولده حتى يبلغوا الحلم والمحيض، ثم لا نفقة لهم عليه إلا أن يكونوا زَمْنى (أي كبارًا في السِّن ومرضى)، سواء في ذلك الذكر والأنثى، وسواء ولده أو ولد ولده ولده وإن سفلوا، ما لم يكن لهم أموال، وما لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم.
وقال أحمد وإسحاق: لا يُعطى الزكاة الولد وإنْ سفل، ولا يُعطى الجد وإنْ ارتفع، وقال الثوري: يُجبر الرجل على أنْ ينفق على ذوي أرحامه الذين يَرثهم على قدر ميراثه، ومن لم يَرثه لم يُجبر على نفقته.
وقال النعمان (أبو حنيفة): يَعطي الرَّجلُ زكاته كل فقير إلا امرأته أو ولده أو والده أو زوجته. الإشراف على مذاهب العلماء (3/ 102-104).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قد استُدل بالحديثين على جواز صرف الزكاة إلى الأقارب، سواء كانوا ممن تلزم لهم النفقة أم لا؛ لأن الصدقة المذكورة فيهما لم تقيَّد بصدقة التطوع، ولكنه قد تقدم عن ابن المنذر وصاحب البحر: أنهما حكيا الإجماع على عدم جواز صرف الزكاة إلى الأولاد. نيل الأوطار (4/ 211).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
فيه: الحث على التصدق على ذوي الأرحام، والاهتمام بهم، وأنَّ التصدق عليهم أفضل من التصدق على غيرهم؛ لأنه خيران، ولا شك أنهما أفضل من خير واحد.
قيل: هذا (التصدق على ذوي الأرحام) غالبي، وقد يقتضي الحال العكس، بأنْ يكون غير القريب أشد حاجة، وتضررًا من القريب. ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (23/ 152)


ابلاغ عن خطا