الأحد 21 شوّال 1446 هـ | 20-04-2025 م

A a

«إنَّ مَن قَرَأَ سورة الكهف يومَ الجُمعةِ أَضاءَ له مِنَ النُّورِ ما بينَ الجُمُعتينِ»..


 رواه الحاكم برقم: (3392)، والبيهقي في الكبرى برقم: (5996)، وفي الدعوات الكبير برقم: (526) واللفظ لهما، من حديث أبي سعيد الخُدْرِي -رضي الله عنه-.
ورواه الدارمي برقم: (3450)، والبيهقي في شُعب الإيمان برقم: (2220)، ولفظه: «أضاءَ له من النورِ فيما بينه وبينَ البيتِ العتيقِ».
ورواه النسائي في الكبرى برقم: (10722)، وفي عمل اليوم والليلة برقم: (952) دون تقييد بيوم الجمعة، ولفظه: «مَن قَرَأَ سورةَ الكهفِ كما أُنْزِلَتْ، كانتْ له نُورًا مِن مَقَامِهِ إلى مكَّةَ، ومَن قَرَأَ بعشْرِ آياتٍ مِن آخرِهَا، فَخَرَجَ الدَّجَّالُ لم يُسَلَّطْ عليه».
صحيح الجامع برقم: (6470،6471)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (736 ، 1473).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «إنَّ مَن قَرَأَ سورةَ الكهفِ يومَ الجُمُعَةِ أَضَاءَ له مِنَ النُّورِ ما بينَ الجُمُعَتَيْنِ»:
قال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «أضاءَ له» يجوز أنْ يكون لازمًا...، ويجوز أنْ يكون متعديًا، والظرف مفعول به، وعلى الوجهين فُسِّر قوله تعالى: {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} البقرة: 17. الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1675).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- متعقبًا:
وفي الأخير نظر بحسب المعنى الحديثي. مرقاة المفاتيح (4/ 1489).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «أضاء» جاء لازمًا ومتعديًّا، والضوء: هو النور، ففي «أضاء» تجريد على بعض المعنى. لمعات التنقيح (4/ 576).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«النور» قيل: أي: نور السورة، أو نور أجرها، وقيل: أي: نور الهداية والإيمان، والحمل على ظاهره أَولى؛ لعدم ما ينافيه عقلًا وشرعًا، كما لا يخفى. مرعاة المفاتيح (7/ 249).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«أضاء له النور» أي: في قلبه، أو قبره، أو يوم حشره في الجمع الأكبر. مرقاة المفاتيح (4/ 1489).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«أضاء له من النور» الذي يقذفه الله في قلبه، أو في بصره، أو بصيرته، أو في كل أحواله، أو نور يصعد له مع أعماله إلى السماء، أو تشاهده الملائكة، أو يسطع له في الجنة زيادة على غيره. التنوير (10/ 349-350).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «ما بين الجُمُعَتين» ظرف، فيكون إشراق ضوء النور فيما بين الجُمُعتين بمنزلة إشراق النور نفسه مبالغة. الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1675).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ما بين الجُمُعتين» أي: مقدار الجمعة التي بعدها من الزمان، وهكذا كل جمعة تلا فيها هذه السورة من القرآن. مرقاة المفاتيح (4/ 1489).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«ما بين الجُمعتين» الأسبوع كله. التنوير (10/ 350).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
ومعنى: إضاءة النور له ما بين الجمعتين: أنه لا يزال عليه أَثَرُهَا وثوابها في جميع الأسبوع. تحفة الذاكرين (ص: 404).
وقال المناوي -رحمه الله-:
فيُندب قراءتها يوم الجمعة، وكذا ليلتها، كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-. فيض القدير (6/ 198).
وقال الشافعي -رحمه الله-:
أحبُّ قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها؛ لما جاء فيها. الأم (1/ 239).

قوله: «فيما بينَهُ وبينَ البيتِ العتيقِ»:
قال الشوكاني -رحمه الله-:
ومعنى: إضاءة النور له فيما بينه وبين البيت العتيق: المبالغة في ثواب تلاوتها بما تَعْقِلُه الأفهام، وتتصوره العقول. تحفة الذاكرين (ص: 405).
وقال الشافعي -رحمه الله- أيضًا:
وبلغنا أنَّ من قرأ سورة الكهف -أي يوم الجمعة- وُقِي فتنة الدجال. الأم (2/ 432).
وقال ابن قدامة -رحمه الله-:
قال إسحاق بن إبراهيم: خرجتُ مع أبي عبد الله (يعني: أحمد بن حنبل) إلى الجامع، فسمعته يقرأ سورة الكهف. المغني (2/ 127).
وقال ابن قدامة -رحمه الله- أيضًا:
ويُستحب قراءة الكهف يوم الجمعة. المغني (2/ 262).
وقال المرداوي -رحمه الله-:
ويقرأ سورة الكهف في يومها، هكذا قال جمهور الأصحاب، ونص عليه الإمام أحمد. الإنصاف (5/ 281).
وقال ابن تيمية -رحمه الله- مجيبًا على سؤال:
هل قراءة الكهف بعد عصر الجمعة جاء فيه حديث أم لا؟
فأجاب: الحمد لله، قراءة سورة الكهف يوم الجمعة فيها آثار ذكرها أهل الحديث والفقه، لكن هي مُطلقة يوم الجمعة، ما سمعتُ أنَّها مختصة بعد العصر، والله أعلم. مجموع الفتاوى (24/ 215).
وقال المنذري -رحمه الله-:
رواه النسائي والبيهقي مرفوعًا، والحاكم مرفوعًا وموقوفًا أيضًا، وقال: صحيح الإسناد، ورواه الدارمي في مسنده موقوفًا على أبي سعيد. الترغيب والترهيب (1/ 512).
وقال الطبراني -رحمه الله-:
لم يرو هذا الحديث مرفوعًا عن شعبة إلا يحيى بن كثير. المعجم الأوسط (2/ 123).
وقال البيهقي -رحمه الله-:
هذا هو المحفوظ موقوف، ورواه نعيم بن حماد، عن هشيم فرفعه. شعب الإيمان (4/ 86).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وذكره سعيد بن منصور من قول أبي سعيد الخدري، وهو أشبه. زاد المعاد (1/ 366).
وقال الهيثمي -رحمه الله-:
رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، إلا أنَّ النسائي قال بعد تخريجه في اليوم والليلة: هذا خطأ، والصواب موقوفًا، ثم رواه من رواية الثوري وغندر عن شعبة موقوفًا. مجمع الزوائد (1/ 239).
وقال الذهبي -رحمه الله-:
رواه سعيد بن منصور، عن هشيم موقوفًا، وقال: «ما بينه وبين البيت»، وبمعناه رواه الثوري عن أبي هاشم موقوفًا، ورواه يحيى بن كثير، عن شعبة، عن أبي هاشم مرفوعًا، ولفظه: «من قرأ سورة الكهف كما أُنزلت كانت له نورًا يوم القيامة» قلتُ: وقْفه أصح. المهذب (3/ 1181).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
رواه الدارمي وسعيد بن منصور موقوفًا، قال النسائي بعد أنْ رواه مرفوعًا وموقوفًا: وَقْفه أصح. التلخيص الحبير (2/ 175).
وقال العراقي -رحمه الله-:
وقَفَه سعيد بن منصور والدارمي على أبي سعيد، وقال البيهقي: رواه عن الثوري عن أبي هاشم موقوفًا، ورواه يحيى بن أبي كثير عن شعبة عن أبي هاشم مرفوعًا، قال الذهبي في المهذب: ووَقْفُه أصح، وقال الحافظ ابن حجر: رِجَال الموقوف في طُرقه كلها أكثر من رجال المرفوع. تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (1/ 447).
وقال الألباني -رحمه الله-:
ورواه سعيد بن منصور عن هشيم فوقفه على أبي سعيد، وقال: «ما بينه وبين البيت العتيق». إرواء الغليل (3/ 93).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
من خلال تخريج الحديث تبيَّن أنَّ مداره على أبي هاشم الروماني، وقد رواه عنه ثلاثة من تلاميذه، وهم: هشيم والثوري وشعبة، وقد اختلف عليهم في رواياتهم سندًا ومتنًا حسب التفصيل التالي:
أولًا: الاختلاف على هشيم:
وقد اختلف عليه في إسناده ومتنه:
فأما الاختلاف في الإسناد، فقد رواه عنه أصحابه على وجهين: موقوف، ومرفوع.
الوجه الأول: الموقوف. وقد روى هذا الوجه أربعة، وهم:
أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي، الإمام الثقة، صاحب التصانيف.
وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي البصري، الملقَّب بعارم، وهو ثقة ثبت، حصل له تغيُّر في آخر عمره.
وأحمد بن خلف البغدادي، وهو شيخ غير مشهور، كما قال الخطيب.
وسعيد وهو: ابن منصور أبو عثمان الخراساني، الإمام الثقة الثَّبْت.
الوجه الثاني: المرفوع، وقد روى هذا الوجه ثلاثة من أصحابه، وهم: نعيم بن حماد: وهو أبو عبد الله الخزاعي المروزي، صدوق، يخطئ كثيرًا، فقيه، عارف بالفرائض، كما قال ابن حجر.
ويزيد بن مخلد بن يزيد، وقد ترجم له ابن أبي حاتم، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكُنى، والذهبي في الْمُقْتَنى، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
والحكم بن موسى وهو: أبو صالح القنطري البغدادي، صدوق.
وقد حكم بعض الحفاظ بترجيح رواية الوقف عن هشيم، فقال الدارقطني عن رواية الحكم بن موسى: ووقفه غيره عن هشيم، وهو الصواب.
وقال البيهقي: هذا هو المحفوظ موقوف.
وقال ابن القيم بعد ذكر المرفوع: وذكره سعيد بن منصور من قول أبي سعيد الخدري، وهو أشبه.
ووجه الترجيح ظاهر؛ إذ مَن رواه موقوفًا أكثر من حيث العدد، وأَحْفَظ من حيث الضبط. الأحاديث الواردة في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة (ص: 28-31).
وقال الألباني -رحمه الله-:
خلاصة القول: إنَّ الحديث صحيح، لأنَّه وإنْ كان الأرجح سندًا الوقف، فلا يخفى أنَّ مثله لا يُقال بالرأي، فله حُكم الرفع، والله أعلم. السلسلة الصحيحة (6/ 313).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
على فرض أنه من قول أبي سعيد، فمثل هذا لا يُقال بالرأي، فيكون له حكم الرفع؛ لأنَّ أبا سعيد لا يَعرف هذا الثواب، فيكون مرفوعًا حُكمًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. الشرح الصوتي لزاد المستقنع (5/ ٩٢).
وسُئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
هل صحيح أنَّ مَن قرأ سورة الكهف له فضل يوم الجمعة؟ وما هو الحديث الذي يبيِّن فضل هذه السورة العظيمة؟
فأجاب: هذه السورة يُنصح بقراءتها يوم الجمعة؛ لأن فيها أحاديث فيها ضعف، ولكن ثبت عن بعض الصحابة أنه كان يقرؤها، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، ويروى عن ابن عمر، وهذا يدل على أنَّ لها أصلًا، فإنَّ الصحابي لمّا واظب عليها دل على أنه عنده علم من ذلك، فأُفَضِّل قراءتها يوم الجمعة. فتاوى نور على الدرب (13/ 292).


ابلاغ عن خطا