الأحد 21 شوّال 1446 هـ | 20-04-2025 م

A a

«أَمَرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رجلًا مِن أسلَمَ: أنْ أَذِّنْ في النَّاسِ: أنَّ مَن كان أكل فَلْيَصُمْ بقيَّةَ يومهِ، ومَن لم يكنْ أكل فلْيَصُمْ؛ فإنَّ اليومَ يومُ عاشوراءَ».


رواه البخاري برقم: (2007) واللفظ له، ومسلم برقم: (1135)، من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«‌عاشوراء»:‌
هو ‌اليوم العاشر من المحرم، وهو اسم إسلامي، وليس في كلامهم فاعولاء بالمد غيره، وقد أُلحق به تاسوعاء، وهو تاسع المحرم، وقيل: إنَّ عاشوراء هو التاسع، مأخوذ من العِشْرِ في أوراد الإبل. النهاية، لابن الأثير (3/ 240).


شرح الحديث


قوله: «أَمَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلًا من أسلم»:
قال ابن بشكوال -رحمه الله-:
الرجل هو هند بن أسماء السلمي. غوامض الأسماء المبهمة (1/ 380).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
اسم هذا الرجل: هند بن أسماء بن حارثة الأسلمي، له ولأبيه ولعمه هند بن حارثة صحبة، أخرج حديثه أحمد وابن أبي خيثمة من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلمي عن أبيه قال: بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قومي مِن أَسْلَمَ فقال: «مُرْ قومَك أن يصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء، فمن وجدتَه منهم قد أكل في أول يومه فليصم آخره»، وروى أحمد أيضًا من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند قال: "وكان هند من أصحاب الحديبية، وأخوه الذي بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر قومه بالصيام يوم عاشوراء"، قال: فحدثني يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثه فقال: «مُرْ قومَك بصيام هذا اليوم قال: أرأيت إن وجدتُهم قد طعموا؟ قال: فليتمُّوا آخر يومهم».
قلتُ: فيحتمل أنْ يكون كلٌّ مِن أسماء وولده هند أُرْسِلا بذلك، ويحتمل أنْ يكون أَطْلَقَ في الرواية الأولى على الجد اسم الأب، فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جده أسماء، فتتحد الروايتان، والله أعلم. فتح الباري (4/ 141-142).
وقال البرماوي -رحمه الله- أيضًا:
«مِن أَسْلَمَ» قبيلة من العرب. اللامع الصبيح (6/ 470).

قوله: «أنْ أذِّن في الناس أنَّ مَن كان أكلَ فليصمْ بقيةَ يومِهِ»:
قال البرماوي -رحمه الله-:
«فليصًم» أي: فليُمسك؛ إذ الصوم الحقيقي هو الإمساك من أول النهار إلى آخره. اللامع الصبيح (6/ 470).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«بقية يومه» حُرْمَةً لليوم. إرشاد الساري (3/ 423).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: ‌«بقية ‌يومه» أي: ليَصُم تمام يومه. عمدة القاري (25/ 21).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فليصم ‌بقية يومه» مراد به: ترك الأكل، لا أنه صائم حقيقة؛ فإنه لم يَشْرَع الله صوم بعض يوم، ويدل له قوله: «ومن لم يأكل فليصم» فإنه صيام حقيقة، والنية من النهار؛ لأنه لم يعلم فرضه إلا من ذلك الحين حين النداء. التحبير (6/ 219).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
صوم بعض النهار لا يصح، ولا يكون صومًا، وإنما هو استحباب، ومعناه: مراعاة حق الوقت الذي لو أَدْرَكَ أوَّلَه لصامه، وقد يَقْدُم المسافر في نصف نهار الصوم فيُمسك عن الطعام بقية النهار في رأي جماعة من العلماء؛ احترامًا للوقت، واحترازًا من الفتنة؛ لئلا يُظن به ظن السوء، وقد يُحبس المحبوس في الحش والمكان القذر وبحيث لا يجد ماء ولا ترابًا، فيمرُّ به وقت الصلاة، فيصلي وصلاته غير محسوبة عن فرضه، وكذلك المربوط على الخشبة يصلي إيماء، ولا تحتسب له عن فرضه، والحائض تُحرم فتَغتسل، ولا تطهر به، والمعنى في هذا كله: مراعاة أذِمَّة (حُرْمَة) الأوقات والأمكنة، والتشبُّه بأهل الطاعة، ومما يدخل في هذا الباب حجُّ الصبي والعبد من غير وجوب، وإذا أدرك الصبي وعتق العبد وكانا ممن يجب عليهما الحج لم يكن ما مضى من ذلك محتسبًا عن فرضهما. أعلام الحديث (2/ 956، 957).
وقال الباجي -رحمه الله-:
فإنه يحتمل أنه أَمَرَ به لَمَّا عَلِمَ صومَ موسى له، فإنه طرأ عِلْمُ الوجوب في بعض اليوم، فكان عليهم الإمساك؛ ولذلك أمر مَن أكل بالصيام، وهذا بمنزلة من يطرأ عليه العلم بأن اليوم الذي هو فيه من رمضان بعد مضي صدر منه، فإنَّ عليه أن يُمسك أكَلَ أو لم يأكُل، ولا يدلَّ تركه الأمر على الإجزاء؛ لأن القضاء إنما يجب بأمر ثانٍ، وأيضًا فإن عدم أمره بالقضاء لا يدل أنه لم يأمر به. المنتقى (2/ 58، 59).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
اعلم أنَّ صوم بعض النهار ليس بصوم، غير أنَّ الإمساك لاحترام الوقت، وبيان تعظيمه، كما يؤمر القادم في رمضان، والحائض إذا طهرت أن تُمسك، ومن لا ماء له ولا تراب أن يصلي على حاله، وهذا كان قبل فرض رمضان، فلما فُرض رمضان اشتغلوا به عن غيره، فصار ما سواه نفلًا. كشف المشكل (2/ 297، 298).

قوله: «ومَن لم يكنْ أكلَ فليصمْ»:
قال ابن بطال -رحمه الله-:
أما صوم يوم ‌عاشوراء فإنما لَزِمَهم صومُه من الوقت الذي خُوطبوا فيه، ولم يجب عليهم الابتداء؛ لأنهم لم يعلموا ذلك إلا وقت قيل لهم، وأيضًا فإنهم متطوعون، وأَمْرُه بالإمساك لهم كان مستحبًّا، فلا يلزم الاعتراض به. شرح صحيح البخاري (4/ 99).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
ذهب أبو حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور إلى جواز إحداث النية لصوم النافلة بالنهار؛ لهذا الحديث، ثم اختلفوا هل يصح ذلك بعد الزوال أم لا يصح إلا قبل الزوال؟
فأصحاب الرأي والطبري يجيزونه في النفل بعد الزوال، وغيرهم يمنعه بعده، واختلف فيه قول الشافعي، وذهب مالك وابن أبي ذئب والليث والمزني إلى أنه لا يصح صوم نافلة إلا بنية من الليل، وهو مذهب جماعة من السلف؛ للحديث المتقدم؛ ولقوله -عليه السلام-: «إنما الأعمال بالنيات» وهذا نهار قد مر جزء منه بغير نية، وذهب الكوفيون إلى أن كل فرض من الصوم في وقت معين، فإنه لا يحتاج إلى تبييت؛ لهذا الحديث، ويجزئه إذا نواه قبل الزوال، وهو قول الأوزاعي، وإليه ذهب عبد الملك بن الماجشون من أصحابنا، ورواه عن مالك فيمن لم يعلم برمضان إلا في يومه، وقد تأول قوم ذلك قولة لمالك، ولم يفرق هؤلاء بعد الزوال أو قبله فيما يحتمل، وذهب مالك -في مشهور قوله- والشافعي وأحمد وعامتهم إلى أن الفرض لا يجزئ إلا بنية متقدمة. إكمال المعلم (4/ 88، 89).
وقال الطبري -رحمه الله-:
اختلف أهل ‌العلم في حكم صومه اليوم، هل هو في فضله وعِظَم ثوابه على مثل الذي كان عليه قبل أن يفرض رمضان، أم ذلك اليوم بخلافه يومئذٍ؟ فقال بعضهم: كان ذلك يومًا يصومه أهل الجاهلية في الجاهلية، فلمّا جاء الإسلام صامه المسلمون قبل أن يُفرض صوم شهر رمضان، فلمَّا فُرض صوم رمضان ترك صومه، فكان مَن شاء صامه، ومَن شاء لم يصمه، وقال آخرون: بل كان ذلك يومًا تصومه اليهود؛ شكرًا لله تعالى على أن نجَّى الله موسى، وبني إسرائيل من فرعون وقومه، وقطع به وبهم البحر، وأغرق فرعون وقومه، فصام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك اليوم قبل أن يُفرض عليه صوم شهر رمضان، وأمر بصومه، فلما نزل فَرْض صومه لم يأمر بصومه ولم يَنْهَ عنه، فكان مَن شاء صامه، ومَن شاء أفطره، وقال آخرون: بل لم يزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه، ويحث على صومه أمته حتى مضى لسبيله، ونحن مبينو الصواب لدينا من القول في ذلك، بعد ذكرنا الأخبار المروية عن قائلي الأقوال التي وصفنا، وبعد بياننا ما يحتمله كل قول من العلة المؤيدته...، والصواب من القول في ذلك عندنا: أنْ يُقال: إنَّ صوم يوم عاشوراء كان مما أَمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته قبل نزول فرض شهر رمضان، كالذي تتابعت به الأخبار التي ذكرناها قبل عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان يأمرهم بذلك قبل وجوب صوم شهر رمضان، فلما فرض الله -عز وجل- على رسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين به صوم شهر رمضان، لم ينههم عن صومه، ولم يأمرهم بصومه، الأمر الذي كان يأمرهم به قبل وجوب صوم شهر رمضان، ولكنه كان يندبهم إلى صومه، بتعريفه إياهم ما لهم فيه من الأجر والثواب، فمن صامه طالبًا به الأجر من الله -عز وجل-، متحرِّيًا بصومه إدراك ما وعد الله تعالى صائميه على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الثواب- رجونا له إدراك ما أَمَّل ورجا به من الله تعالى، ومَن ترك صومه، وآثر الإفطار فيه على صومه، إيثارًا منه ما هو أفضل منه من الأعمال عليه، رجونا له أيضًا بذلك أن يدرك ما أَمَّل بإفطاره، وإيثار غيره من العمل الذي هو أفضل عليه، ومن أفطره لقولي ذلك، فإنما هو تارك فضل لا لوم عليه في تركه. تهذيب الآثار (1/ 369-397).
وقال النووي -رحمه الله-:
مَن كان نوى الصوم فليتمَّ صومه، ومَن كان لم ينو الصوم ولم يأكل، أو أكل فليمسك بقية يومه؛ حُرمة لليوم، كما لو أصبح يوم الشك مُفطِرًا، ثم ثبت أنه من رمضان يجب إمساك بقية يومه؛ حُرمة لليوم، واحتج أبو حنيفة بهذا الحديث لمذهبه أن صوم رمضان وغيره من الفرض يجوز نيَّته في النهار، ولا يشترط تبييتها، قال: لأنهم نووا في النهار وأجزأهم، قال الجمهور: لا يجوز رمضان، ولا غيره من الصوم الواجب إلا بنية من الليل، وأجابوا عن هذا الحديث بأنَّ المراد إمساك بقية النهار لا حقيقة الصوم، والدليل على هذا أنهم أكلوا، ثم أُمروا بالإتمام، وقد وافق أبو حنيفة وغيره على أن شرط إجزاء النية في النهار في الفرض والنفل أن لا يتقدمها مُفسد للصوم، مِن أكلٍ أو غيره.
وجواب آخر: أن صوم عاشوراء لم يكن واجبًا عند الجمهور، كما سبق في أول الباب، وإنما كان سُنة متأكدة.
وجواب ثالث: أنه ليس فيه أنه يجزئهم ولا يقضونه، بل لعلهم قضوه، وقد جاء في سنن أبي داود في هذا الحديث: «فأَتِمُّوا بقية يوم، واقضوه». المنهاج (8/ 13، 14).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
هذا ظاهرٌ في أنَّ صومه بقية يومه صوم لكلِّه، وإنْ تقدَّمه أكل أو شرب أو نحوه، فهو بمنزلة مَن أكل أو شرب ناسيًا، فإن صومه صحيح بإجماع، ومن تأوَّله بأنَّ المراد مجرد الإمساك لحُرمة اليوم، فقد حَمَلَهُ ما لا يتحمّله من دون ضرورة تُلجِئ إليه، والله تعالى أعلم. البحر المحيط الثجاج (21/ 232).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
فأمر مَن كان آكلًا بالإمساك، ولم يأمره بالقضاء، ولو كان واجبًا لأمره بقضائه. شرح صحيح البخاري (4/ 48).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
هذا مما يدل على أنَّه كان واجبًا؛ إذ لا ينتهي الاعتناء بالندب غالبًا إلى أن يفعل فيه هكذا من الإفشاء، والأمر به، وبيان أحكامه، والإبلاغ لمن بعد، وشدة التَّهَمُّم. المفهم (3/ 195).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
الجواب عن الحديث: أنَّ صوم ‌عاشوراء لم يكن فرضًا، وإلا لأَمَرَ الآكلين بالقضاء. تحفة الأبرار (1/ 496).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
الأمر يقتضي الإيجاب خصوصًا في الصوم؛ فإنَّه لم يكن يأمر بصيام التطوع، وإنما يرغِّب فيه، ويحض عليه، ثم أذانه بذلك في الناس أذانًا عامًّا، وأمره للآكل بصوم بقية يومه توكيد ومبالغة لا يكون مثله لصوم مستحب. شرح عمدة الفقه (3/ 474).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
لا يختلف العلماء أنَّ يوم ‌عاشوراء ليس بفرض صيامه، وأنْ لا ‌فرض إلا صيام رمضان. التمهيد (5/ 217).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
أجمع المذهب (المالكي) على أنَّ ‌عاشوراء كان فرضًا قبل رمضان، بدليل حديث عائشة: «كان يوم ‌عاشوراء فرضًا، فلما ‌فُرض رمضان كان هو الفرض»، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمَن شاء فليصم، ومَن شاء فليفطر»، وكان يرسل إلى قُرى الأنصار في يوم عاشوراء: «أن مَن أصبح صائمًا فليتم صيامه، ومَن أكل فليتم بقية يومه». المسالك (4/ 203).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
جملة مذهب الشافعي في يوم ‌عاشوراء اليوم: أنَّه مُستحب مسنون، وقد اختُلف فيه هل كان فرضًا أم لا؟
فظاهر المذهب أنَّه لم يكن فرضًا، وإنما كان مستحبًّا...
وقال بعض الأصحاب: إنه كان واجبًا، وبه يقول أصحاب أبي حنيفة، والله أعلم. الشافي (3/ 245).
وقال النووي -رحمه الله-:
اتفق العلماء على أن صوم يوم ‌عاشوراء اليوم سُنة ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شُرع صومه قبل صوم رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبًا، واختَلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين: أشهرهما عندهم: أنه لم يزل سُنة من حين شُرع، ولم يكن واجبًا قط في هذه الأمَّة، ولكنه كان متأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبًّا دون ذلك الاستحباب، والثاني: كان واجبًا كقول أبي حنيفة. المنهاج (8/ 4).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
الذي يترجَّح من أقوال العلماء أنَّه لم يكن فرضًا، وعلى تقدير أنه كان فرضًا فقد نُسخ بلا ريب، فنُسخ حكمه وشرائطه؛ بدليل قوله: «ومَن أكل فليتم». فتح الباري (4/ 142).

قوله: «فإنَّ اليوم يوم عاشوراء»:
قال ابن عبد البر -رحمه الله-:
اختَلف العلماء في يوم ‌عاشوراء، فقالت طائفة: هو اليوم العاشر من المحرم، وممن روي ذلك عنه: سعيد بن المسيب، والحسن بن أبي الحسن البصري.
وقال آخرون: هو اليوم التاسع منه، واحتجوا بحديث الحكم بن الأعرج، قال: أتيتُ ابن عباس في المسجد الحرام، فسألته عن صيام ‌عاشوراء، فقال: «اعددْ، فإذا أصبحتَ اليوم التاسع، فأصبح صائمًا، قلتُ: كذلك كان محمد يصوم؟ قال: نعم -صلى الله عليه وسلم-، وقد روي عن ابن عباس القولان جميعًا.
وقال قوم من أهل العلم: مَن أحب صوم عاشوراء صام يومين، التاسع والعاشر، وأظن ذلك احتياطًا منهم -والله أعلم-، وممن روي عنه ذلك أيضًا ابن عباس وأبو رافع صاحب أبي هريرة وابن سيرين، وقاله الشافعي وأحمد وإسحاق. التمهيد (5/ 227، 228).
وقال الوقشي -رحمه الله-:
«‌عاشوراء»
اسم الليلة العاشرة من المحرم، وإليها أضيف اليوم، فقيل: يوم ‌عاشوراء. التعليق على الموطأ (1/ 311).
وقال المازري -رحمه الله-:
عندنا (المالكية) أنَّ يوم ‌عاشوراء ‌هو ‌اليوم العاشر من المحرم، وعند المخالف أنه التاسع. المعلم (2/ 57).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
«‌عاشوراء» ‌هو ‌اليوم العاشر، وقال الشافعي: التاسع (يعارض هذا قول النووي التالي: إنه مذهبهم أنه العاشر)، بدليل قوله -عليه السلام-: «لئن عشتُ لأصومن التاسع»، ولا حجة له فيه؛ لأن قوله: «التاسع» معناه: مع العاشر، وليس فيه دليل على ترك العاشر. المسالك (4/ 204، 205).
وقال النووي -رحمه الله-:
قال أصحابنا (الشافعية): عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو التاسع منه، هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء، وقال ابن عباس: ‌عاشوراء ‌هو ‌اليوم التاسع من المحرم، ثبت ذلك عنه في صحيح مسلم، وتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل؛ فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد رِبعًا -بكسر الراء-، وكذا تسمي باقي الأيام على هذه النسبة، فيكون التاسع على هذا عِشرًا -بكسر العين-، والصحيح ما قاله الجمهور، وهو أنَّ ‌عاشوراء ‌هو ‌اليوم العاشر، وهو ظاهر الأحاديث، ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة، وأما تقدير: أخذه من إظماء الإبل فبعيد. المجموع (6/ 383).


ابلاغ عن خطا