الإثنين 19 جمادى الأولى 1447 | 2025-11-10

A a

«‌نِعْمَ ‌سَحُورُ المؤمِنِ التَّمرُ».


رواه أبو داود برقم: (2345)، وابن حبان برقم: (3475)، والبيهقي في الكبرى برقم: (8197)، والبزار برقم: (8550)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (562)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (1072).


مختصر شرح الحديث


نِعَمُ اللهِ على عبادِه عظيمةٌ، وعطايا‌ه جليلةٌ، ومِن أجلِّ ما أنعمَ به عليهم في مأكلِهم ومشربِهم: نعمةُ التمرِ، الذي اختصَّه النبيُّ -صلّى اللهُ عليه وسلَّم- بالذِّكرِ في هذا الحديث، وبيَّن فضلَه في السَّحورِ، وأنَّه أفضلُ ما يُتسحَّرُ به؛ لما فيه من البركةِ، والخِفَّةِ، وسرعةِ الهضمِ؛ لأنَّ «نِعْمَ» من صيغِ المدح، فالسَّحورُ في نفسِه بركةٌ، وتخصيصُه بالتمرِ بركةٌ، فاجتمعَ فيه بركتانِ عظيمتانِ، وثوابٌ جزيلٌ باتِّباعِ سنَّةِ الرسولِ -صلّى اللهُ عليه وسلَّم-.
والسَّحورُ بالفتحِ: اسمٌ لما يُتسحَّرُ به من الطعامِ والشرابِ، وبالضمِّ: الفعلُ نفسُه.
وفي الحديث: فضيلة السَّحور بالتمر، وبيان أن التمرَ غذاءٌ مباركٌ يُعين الصائمَ على العبادة، ويجمع بين الحلاوة والقوّة.


غريب الحديث


«نِعْمَ»:
‌نِعْم: كلمة ‌مَدح، نقيض بئس. شمس العلوم، للحميري (10/ 6661).

«سَحُورُ»:
قيل: بالفتح اسمُ ما يُتَسَحَّرُ به من الطعام والشراب. وبالضَّم المصدرُ والفعلُ نفسُه. وأكثرُ ما يُروى بالفتح. وقيل: إن الصواب بالضمِّ؛ لأنه بالفتح الطعامُ، والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطّعامِ. النهاية، لابن الأثير(2/ 347).


شرح الحديث


قوله: «‌نِعْمَ ‌سَحُورُ المؤمنِ التَّمرُ»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«التَّمرُ» بالرفع؛ لأنه المخصوص بالمدح، وهو مندرِج تحت جنس السحور؛ لأنه فَرْدٌ من أفراده، ولهم في إعراب التمر وجهان:
أحدهما: أنه مبتدأ، والجملة قَبْلَه من قولك: (نِعْمَ السحور) جملة فعلية في موضع الخبر.
والثاني: أنْ يكون التمر خبر مبتدأ محذوف، أي: نِعْمَ السحور هو التمر. شرح سنن أبي داود (10/ 329).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «‌نِعْمَ ‌سَحور ‌المؤمن ‌التمر» إنَّما مدَحَه في هذا الوقت؛ لأنَّ في نفس السحور بركة، وتخصيصه بالتمر بركة على بركة. الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1590).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «نِعْمَ سَحور المؤمن» بفتح السين فحسب، والتمر بركة، وتناوُله في وقت السّحر بركة على بركة، ونور على نور؛ ولَمَّا كان الإفطار والتَّسحر به كان الابتداء والانتهاء بَركة. لمعات التنقيح (4/ 437).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«التمر» أي: فإن التَّسحر به بركة عظيمة، وثوابًا كثيرًا، فيُطلب تقديمه في السحور، وكذا في الفطور إنْ لم يُوجَد رُطَب، وإلا فهو أفضل في زمنه. مرعاة المفاتيح (6/ 478).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
«‌نعم ‌سَحور ‌المؤمن ‌التمر» والتمر كان قُوتًا معتادًا، وقد جاء في الصحيح: «بيتٌ لا تمر فيه جياع أهله»؛ لأن التمر كان طعامًا رئيسيًّا عندهم، وهذا يدل على أنَّ التسحُّر بالتمر ممدوح؛ لأن (نِعم) هذه من صيغ المدح، كما هو معلوم. شرح سنن أبي داود (271/ 8).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
صححه ابن حبان من أصحابنا، ثم أَخَذ منه وتَبِعَه غيره: أنَّ الأفضل في السحور أنْ يكون على تمر، أي: كالفِطْرِ عليه؛ لأنَّ في السحور بركة، وفي التمر بركة، ففي السَّحور به بركتان عظيمتان. فتح الإله (6/479).
قال السفيري -رحمه الله-:
قال ابن العماد (الأقفهسي الشافعي): إذا تسحَّر الصائم بالتمر، وأفطر عليه، كان في ذلك مستعملًا للحلاوة في أول أكله، وآخره.
وفيه: تفاؤل بحسن أعماله، وقبول صيامه. المجالس الوعظية (3/326).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فيه: دليل على فضيلة السَّحور بالتمر، والفِطر عليه، لكن الرُّطَب أفضل منه. شرح سنن أبي داود (10/ 329).


إبلاغ عن خطأ