السبت 20 شوّال 1446 هـ | 19-04-2025 م

A a

«إذا عَطَسَ أحدُكُمْ فلْيَقُلْ: الحمدُ للَّهِ، ولْيَقُلْ له أخوهُ أو صاحبُهُ: يرحمُكَ اللَّهُ، فإذا قال له: يرحمُكَ اللَّهُ، فلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ ويُصْلِحُ بالَكُمْ».


رواه البخاري برقم: (6224)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«عَطَسَ»:
العُطَاس: هو تَخلُّص من بخارٍ مُستكِن في الرأس والخياشيم، وانفساح من ضيق وغم. تصحيح الفصيح وشرحه ابن درستويه (ص: 49).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
تقول العرب عامة: عَطَس يعطِس يكسرون الطاء مِن يعطِس إلا قليلًا منهم يقولون: يَعْطُس. المزهر(1/ 170).

«بالَكُمْ»:
أي: شأنكم. البدر التمام، للمغربي (10/ 150).
وقال ابن قتيبة -رحمه الله-:
البال: الحال. قال الأصمعي: كان العمريّ اذا سُئِلَ عن حاله قال: بِخير اصلح الله بالكم. قال الله -جلّ وعز-: {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} محمد: 5 أَي: حالهم. غريب الحديث لابن قتيبة (2/ 539).


شرح الحديث


قوله: «إذا عَطَسَ أحدكم»:
قال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
العُطَاسُ: زفير مفاجِئ قوي يخرج عن طريق قصبة الأنف دون إرادة الشخص، ينشأ عن تهيُّج الغشاء المخاطي للأنف، أو يخرج مرضًا، كما يحدث في الزُّكام، وانحباسه يُحدث خمولًا في الجسم، أما خروجه فيحس العاطس بعده بخفة في بدنه. توضيح الأحكام (7/ 305).
وقال محمد المباركفوري -رحمه الله-:
وهو اندفاع الهواء بعزم من الأنف، مع صوت يسمع. تحفة الأحوذي (8/ 16).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
العُطاس علامة صحة المَزاج وقوَّته، ففيه إزالة شماتة الأعداء. لمعات التنقيح (8/ 13).

قوله: «فليقل: الحمد لله»:
قال الكوراني -رحمه الله-:
«فليقل: الحمد لله» الأمر للندب اتفاقًا بين الأئمة. الكوثر الجاري (9/ 541).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فليقل» أي: استحبابًا «الحمد لله». مرقاة المفاتيح (7/ 2990).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- أيضًا:
«فليقل: الحمد لله» عدَّه الشارع نعمة، فيُسن عقيبه الحمد لله. مرقاة المفاتيح (7/ 2986).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فليقل: الحمد لله» شكرًا على ذلك؛ لأنه محبوب إلى الله سبحانه. دليل الفالحين (6/ 358).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
ولما ‌كان ‌العاطس ‌قد ‌حصل ‌له ‌بالعطاس ‌نعمة ‌ومنفعة ‌بخروج الأبخرة المحْتَقِنَة في دماغه، التي لو بقيت فيه أحدثت فيه أدواء عسرة، شُرع له حمد الله على هذه النعمة، مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة، التي هي للبدن، كزلزلة الأرض لها. زاد المعاد (2/ 510، 511).
وقال الحسين المغربي -رحمه الله-:
وناسب ‌العطاس التحميد؛ لأن ‌العطاس سببه محمود، وهو خفة الجسم التي تكون لقلة الأخلاط، وتخفيف الغذاء، وهو أمر مندوب إليه؛ لأنه يُضعف الشهوة، ويُسَهِّل الطاعة، وهذه نعمة يُحمد عليها. البدر التمام (10/ 153).
وقال الحسين المغربي -رحمه الله- أيضًا:
وأقل الحمد والتشميت: أن يرفع صوته بحيث يسمعه صاحبه. البدر التمام (10/ 151).
قال الصنعاني -رحمه الله-:
إذا ترك الحمد، فهل يُستحب لمن حضره أن يذكِّره؟ قال ابن العربي: لا ‌يُذكر. قال: وهذا جهل من فاعله.
قال ابن القيم: ظاهر السنة يقوِّي قول ابن العربي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشمِّت الذي ‌عطس عنده ‌ولم ‌يحمد الله، ولم يذكِّره. ا. هـ التنوير، شرح الجامع الصغير(2/143).
قال ابن حجر -رحمه الله-:
قال النووي: يُستحب لمن حضر من ‌عطس ‌ولم ‌يحمد أن يذكِّره بالحمد، ليحمد فيُشمِّته. وقد ثبت ذلك عن إبراهيم النخعي، وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف.
وزعم ابن العربي أنه جهل من فاعله. قال: وأخطأ فيما زعم، بل الصواب استحبابه. واحتج ابن العربي لقوله بأنه إذا نبهه، ألزم نفسه ما لم يلزمها... وكأن ابن العربي أخذ بظاهر حديث أنس؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ‌يذكِّر الذي ‌عطس، فلم يحمد، لكن قد قيل: إنه لم يكن مسلمًا، فلعل ترك ذلك لذلك.
لكن يُحتمل أن يكون، كما أشار إليه ابن بطال، أراد تأديبه على ترك الحمدِ بترك تشميته، ثم عرَّفه الحُكم، وأن الذي يترك الحمد لا يستحق التشميت. وهذا الذي فهمه أبو موسى الأشعري، ففعل بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ شمَّت من حمد، ولم يشمِّت من لم يحمد.فتح الباري (10/611).
وقال النووي -رحمه الله-:
ولو عطس في صلاته استحب أن يقول: الحمد لله، وسمع نفسه، ولأصحاب مالك ثلاثة أقوال: أحدها: هذا، واختاره ابن العربي، والثاني: يحمد في نفسه، والثالث: لا يحمد، قاله سحنون. المجموع (4/ 630).

قوله: «وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك اللَّه» والمراد بالأخ والصاحب الجالس معه، سواء كان أخًا أو أبًا أو صاحبًا، أو أجنبيًّا أو عدوًّا. شرح سنن أبي داود (19/ 224).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«وليقل أخوه» أراد الأخوَّة في الدِّين، «يرحمك الله» والوجه في ذلك: أن المقام مظنة الإجابة؛ لأنه صدر منه فعل يحبه الله، وقيل: إنما خص هذا الدعاء لأنه إذا عطس انزعج بدنه، فالدعاء له بهذا ليردّه على ما كان عليه، لكن أمره بالحمد بعده يدل على أنه مِن نعم الله عليه، فلا يلائم هذا التأويل. الكوثر الجاري (9/ 541).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«له أخوه» في الإسلام «أو صاحبه» شك من الراوي. إرشاد الساري (9/ 128).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«يرحمك الله» وإنما شُرع الترحم من جانب المشمِّت؛ لأنه كان من أهل الرحمة، حيث عظَّم ربه بالحمد على نعمته، وعرف قدرها. شرح المصابيح (5/ 199).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وليقل» أي: وجوبًا على ما هو مذهبنا (الحنفي) وعليه الجمهور. مرقاة المفاتيح (7/ 2988).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
الأمر في قوله: «فليقل: الحمد لله» «وليقل له أخوه: يرحمك الله» للندب والاستحباب خلافًا لمالك في الأخير . الأزهار شرح مصابيح السنة مخطوط لوح (409).
وقال ابن حزم -رحمه الله-:
ومَن عطس في أذانه وإقامته ففرضٌ عليه أنْ يحمد الله تعالى، وإنْ سَمِعَ عاطسًا يحمد الله تعالى ففرضٌ عليه أن يشمِّته في أذانه وإقامته. المحلى بالآثار (2/ 181).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
وقد اختُلف في تشميت العاطس الحامد لله، فأوجبه أهل الظاهر على كل من سمعه؛ للأمر المتقدم؛ ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا ‌عَطَسَ ‌أحدكم فحمِدَ الله، كان حقًّا على كل مسلم يسمعه أن يقول: يرحمك الله» أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والمشهور من مذهب مالك ومن اتبعه في جماعة العلماء: أنه فرض على الكفاية، فيجزئ فيه دعاء بعض عن بعض، وذهبت فرقة إلى أنه على الندب، وإليه ذهب القاضي أبو محمد بن نصر، وتأوَّلوا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «حق على كل مسلم سمعه أن يشمته» أن ذلك حق في حكم الأدب، ومكارم الأخلاق، كقوله: «حقُّ الإبل أن تُحلب على الماء»... والأظهر من الأحاديث المتقدمة وجوب التشميت على كل من سمعه إذا حمد الله، وهو مذهب أهل الظاهر، وهي رواية عن مالك. المفهم (6/ 622 - 624).
وقال النووي -رحمه الله-:
قال أصحابنا: والتشميت وهو قوله: يرحمك الله، سُنة على الكفاية، إذا قالها بعض الحاضرين أجزأ عن الباقين، وإن تركوها كلهم كانوا سواء في ترك السُّنة، وإن قالوها كلهم كانوا سواء في القيام بها، ونيل فضلها، كما سبق ابتداء الجماعة بالسلام وردهم، هذا الذي ذكرناه من كونه سُنة هو مذهبنا، وبه قال الجمهور، وقال بعض أصحاب مالك: هو واجب. المجموع (4/ 628).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
هذا («فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته») دليلٌ ظاهر على وجوب التشميت، وقال القاضي عبد الوهاب (بن علي بن نصر المالكي): هو مستحبٌ، والصحيح: وجوبه؛ لهذا الخبر. عارضة الأحوذي (10/ 151).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
والتشميت سُنة على الكفاية، ولو قال بعض الحاضرين أجزأ عن الباقين، ولكن الأفضل أن يقول كل واحد؛ لما في البخاري عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقًّا على كل مسلم سمعه أن يقول: يرحمك الله تعالى».
وقال أهل الظاهر: إنه يلزم كل واحد، وبه قال ابن أبي مريم، واختاره ابن العربي. نيل الأوطار (4/ 22، 23).
وقال النووي -رحمه الله-:
قال أصحابنا: وإنَّما يسن التشميت إذا قال العاطس: الحمد لله، فإن لم يحمد الله يكره تشميته...، وإذا شمَّت فالسُّنة أن يقول له العاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم، أو يغفر الله لنا ولكم، والأفضل الأول، ولا يلزمه ذلك، وأقل الحمد والتشميت وجوابه أن يرفع صوته بحيث يسمع صاحبه. المجموع (4/ 628).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
قوله: «إذا عطس فحمد الله» جاء في حديث الموطأ «إذا عطس فشمِّته» مطلقًا، وجاء هذا «إذا عطس فحمد الله» مقيدًا، وهو الصحيح المجمع عليه. عارضة الأحوذي (10/ 151).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
إذا عُلم من رجل أنه يكره أن يشمَّت، ويرفع نفسه عن ذلك تكبرًا، كما يقال: إن الملوك لا تُشَمَّت، فقد ذكر بعض الأكابر من الفقهاء والفضلاء فيما إذا عُلم من رجل أنه يكره أن يشمَّت لم يُشمت، فقال: لا إجلالًا له، بل إجلالًا للتشميت عن أن يؤهَّل له من يكرهه. شرح الإلمام (2/ 97).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
ومن تكرر منه ‌العطاس فالذي يأخذ به مالك أن يشمته ‌ثلاثًا، ثم يمسك. إكمال المعلم (8/ 542).
وقال الرافعي -رحمه الله-:
ويكرر التشميت إذا ‌تكرر ‌العطاس، إلا أن يعلم أنه مزكوم فيدعو له بالشفاء. الشرح الكبير (11/ 376).
وقال النووي -رحمه الله-:
وإذا ‌تكرر ‌العطاس من إنسان متتابعًا فالسُّنة أن يشمته لكل مرة إلى أن يبلغ ثلاث مرات، فإن زاد وظهر أنه مزكوم دعا له بالشفاء. المجموع (4/ 632).

قوله: «فإذا قال له: يرحمك الله»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«فإذا قال» أي: أخوه «له» أي: العاطس «يرحمك الله» وهي جملة خبرية لفظًا، دعائية معنى. دليل الفالحين (6/ 358).

قوله: «فليقل: يهديكم الله، ويصلح بالكم»:
قال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «فليقل: يهديكم الله، ويصلح بالكم» يعني: فليقل العاطس في جواب مَن قال له: يرحمك الله: يهديكم الله ويصلح بالكم.
البال: الحال، إن كان القائلون جماعة فليقل لهم: يهديكم الله، ويصلح بالكم بلفظ الجمع، وإن كان واحدًا فليقل بلفظ الواحد، وإن كانا اثنين فليقل بلفظ التثنية. المفاتيح (5/ 148، 149).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
الأمر في قوله: «فليقل: يهديكم الله، ويصلح بالكم» أي: حالكم وشأنكم، للندب والاستحباب إجماعًا. الأزهار شرح مصابيح السنة مخطوط لوح (409).
وقال البرماوي -رحمه الله-:
«ويُصلح بالكم» أي: حالكم، وقيل: القلب، وقيل: الشأن. اللامع الصبيح (15/ 261).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«ويصلح بالكم» أي: حالكم، والبال: القلب، يقال: خطر ببالي، أي: بقلبي، وهو محتمل. شرح سنن أبي داود (19/ 224).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«ويصلح بالكم» أي: حالكم؛ لأنه إذا دعا له بالرحمة شُرع في حقه دعاء الخير له؛ تأليفًا للقلوب، ولفظ العموم خرج على الغالب؛ لأن العاطس قلَّما يخلو عند عطاسه عن أصحابه، أو هو إشارة إلى تعظيمه واحترامه في الدعاء، أو إلى أمة محمد كلهم. شرح المصابيح (5/ 199).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«فليقل» في الجواب «يهديكم الله، ويصلح بالكم» أي: يرشدكم إلى أفعال تستحقون بها الرحمة، قال البخاري: «بالكم» أي: شأنكم، والبال يُطلق على الشأن والحال، كما في قوله: «كل أمر ذي بال» ويطلق على القلب، كما في قولهم: صده فلان فلم يجعل إليه بالًا، فعلى هذا الأحسن أن يراد به القلب؛ لأنه إذا صلح صلح الجسد كما تقدم في أبواب الإيمان.
والإتيان بلفظ الجمع في الجواب إما ليكون دعاء للحاضرين، فإنَّ تشميت العاطس سُنة على الكفاية، فإذا قال واحد كأنه قال الحاضرون بأسرهم، وإما أن يكون دالًا على الزيادة؛ ليكون إتيانًا بالأحسن قياسًا على قوله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} النساء : 86، ونقل شيخنا (ابن حجر) عن جمهور الحنفية والحنابلة: أن التشميت فرض كفاية، وعن الظاهري أنه فرض عين. الكوثر الجاري (9/ 541، 542).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فليقل» مقابلةً للدعاء بمثله، ومكافأة للجميل: «يهديكم الله» أي: يرشدكم بالإيصال إلى مرضاته، «ويصلح بالكم» أي: حالكم وخاطركم، وكأن حكمة إفراد الدعاء للعاطس، وجمعه للمجيب ولو منفردًا فيهما: أنَّ الرحمة مدعو بها للعاطس وحده؛ لما أصابه مما تنحل به أعصابه، ويضر سَمْتَها لولا الرحمة، والهداية مدعو بها لجميع المؤمنين، ومنهم المخاطب، فلذا جمع ضميره، والله أعلم. دليل الفالحين (6/ 358).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«ويصلح بالكم» خطاب الجمع باعتبار الغالب من اجتماع الناس في المجالس، أو تعظيمًا، وهو واقع وإن كان على قِلَّة، أو إدخالًا لجميع أمَّة محمد -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء؛ تغليبًا للحاضرين على الغائبين. لمعات التنقيح (8/ 81).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
اختلف العلماء في كيفية الحمد والرد؛ لاختلاف الآثار، فقيل: يقول: الحمد لله، وقيل: الحمد لله رب العالمين، وقيل: الحمد لله على كل حال، وخيَّره الطبري فيما شاء من ذلك، ولا خلاف أنه مأمور بالحمد، وأما المشمَّت فيقول: يرحمنا الله وإياكم، واختلف في رد العاطس على مشمِّته، فقيل: يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، وقيل: يقول: يغفر الله لنا ولكم، وقيل: يرحمنا الله وإياكم، ويغفر لنا ولكم، وقال مالك والشافعي: إن شاء قال: يغفر الله لنا ولكم، وإن شاء قال: يهديكم الله ويصلح بالكم. المفهم (6/ 623).
وقال ابن أبي جمرة -رحمه الله-:
فقد جاءت في صفته (التشميت) نقلًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: «إذا عطس أحدكم، فليقل: الحمد لله، وإذا قال: الحمد لله، فليقل له: يرحمك الله، ويرد عليه: يغفر الله لنا ولكم» أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، وفي رواية يرد عليه: بقوله: «يهديكم الله، ويصلح بالكم»، ومنهم من قال: هو بالخيار؛ لأن اللفظين قد رُويا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فبأيهما ردَّ فقد وافق السُّنة، ومنهم مَن استحب أنْ يجمع بينهما؛ حتى يكون أجمع للخير، وخروجًا عن الخلاف، وهو الأحسن، والله أعلم. جمع النهاية في بدء الخير والغاية (4/187).
وقال العيني -رحمه الله-:
عن إبراهيم (النخعي) قال: «يهديكم الله، ويصلح بالكم» عند العُطاسِ شيء قالته الخوارج؛ لأنهم كانوا لا يستغفرون للناس.
قيل لهم: وكيف يجوز أنْ يكون الخوارج أحدثت هذا، وقد كان النبي -عليه السلام- يقوله ويعلِّمه أصحابه؟! نخب الأفكار (14/ 53).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
واحتج بعضهم بأنَّ الجواب المذكور («يهديكم الله، ويصلح بالكم») مذهب الخوارج؛ لأنهم كانوا لا يرون الاستغفار للمسلمين، وهذا منقول عن إبراهيم النخعي وكل هذا لا حُجة فيه بعد ثبوت الخبر بالأمر به. فتح الإله (9/522).
قال الصنعاني -رحمه الله-:
العاطس إذا حمِد الله، فسمعه بعض الحاضرين دون بعض، فهل يُسن لمن لم يسمعه تشميته؟ فيه قولان، والأظهر أنه يُشمِّته إذا تحقق أنه حمد الله، وليس المقصود سماع المشمِّت نفسه. التنوير، شرح الجامع الصغير (2/143).
قال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قال النووي: المختار أنه يُشرع لمن سمعه دون غيره. اهـ فتح المنعم (10/605).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث: أنه لا يُشمت غير المسلم؛ لقوله: «فليقل له أخوه» وكان اليهود يتعاطسون عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأجل أن يقول لهم: يرحمكم الله، ولكنه لا يقول لهم ذلك، إذن ماذا نقول لو أن الكافر عطس فحمد الله؟ ندعو له بالهداية فنقول: هداك الله. فتح ذي الجلال والإكرام (6/ 262).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: أنَّ العطاس يستدعي حمد الله -سبحانه وتعالى-، والحمد على إثره مشروع؛ ولأنه دليل على ظهور القوة ونهوضها، وعلى دفع فضلات البدن، وأبخرة الرأس. الإفصاح (7/ 323).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث: أن العطاس مِن نعم الله -عز وجل-؛ ولهذا شُرع الحمد عليه، كما شُرع الحمد على الأكل. فتح ذي الجلال والإكرام (6/ 261).
وقال الشيخ عبد القادر شيبة الحمد -رحمه الله-:
ما يفيده الحديث:
1. أنَّه ينبغي للعاطس أنْ يقول: الحمد للَّه.
2. يجب على من سمع العاطس وهو يحمد اللَّه أنْ يقول له: يرحمك اللَّه.
3. ينبغي للعاطس أن يقول لمن شَمَّتَهُ: يهديكم اللَّه، ويصلح بالكم.
4. أنَّ مَن عطس فلم يحمد اللَّه لا يُشمَّت. فقه الإسلام شرح بلوغ المرام (10/ 170).

وينظر فتوى اللجنة الدائمة فيمن عطس ولم يحمد لله فهل يُذكّر ؟ (هنا)


ابلاغ عن خطا