الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«أَسْنَدْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صَدْرِي، فقال: مَنْ قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ ابتغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ له بها دخل الجنة، ومَنْ صام يومًا ابتغاءَ وجهِ الله خُتِمَ له بها دخلَ الجنة، ومَنْ تَصَدَّقَ بصدقةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ خُتِمَ له بها دخلَ الجنَّةَ».


رواه أحمد برقم: (23324) واللفظ له، والبزار برقم: (2854)، والطبراني في مسند الشاميين برقم: (2449)، والبيهقي في الأسماء والصفات برقم: (651)، من حديث حذيفة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (6224)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (985).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «أَسْنَدْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صَدْرِي»:
قال الساعاتي -رحمه الله-:
قوله: «أَسندتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إلى صدري» الظاهر -والله أعلم-: أنَّ ذلك كان في مرض موت النبي -صلى الله عليه وسلم-. الفتح الرباني (7/ 42).

قوله: «فقال: مَنْ قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ -قال حَسَنٌ: ابتغاءَ وجْهِ اللهِ- خُتِمَ له بها دخلَ الجنَّةَ»:
قال الساعاتي -رحمه الله-:
قوله: «ابتغاءَ وجْهِ اللهِ» أي: مخلصًا في ذلك، لا يقصد به رياءً ولا سمعةً.
وقوله: «خُتم له بها» أي: إنْ كانت آخر كلامه، كما في رواية عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما، بلفظ: «مَن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة» أي: لا بد له من دخولها، إمَّا معجلًا معافىً، وإمَّا مُؤخَّرًا بعد عقابه. الفتح الرباني (7/ 42).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «ابتغاءَ وجْهِ اللهِ» الله -عز وجل- قيَّد كثيرًا من الأعمال بقوله: {ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} البقرة: 272، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} الرعد: 22، وقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} النساء: 114. الشرح الممتع (1/ 194-195).
وقال النووي -رحمه الله-:
ويجوز في حديث: «مَن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة» أنْ يكون خصوصًا لمن كان هذا آخر نطقه، وخاتمة لفظه، وإنْ كان قبل مُخلِّطًا، فيكون سببًا لرحمة الله تعالى إياه، ونجاته رأسًا من النار، وتحريمه عليها، بخلاف مَن لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحِّدين المخلِّطين. شرح مسلم (1/ 220).
وقال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» ظاهر هذا الحديث: أنَّ بعض اليهود والنصارى يدخلون الجنة؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله.
ولكن ليس معناه: من قال: لا إله إلا الله، بل معناه: مَن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فمن كان آخر كلامه عند الموت هاتين الكلمتين دخل الجنة؛ إما قبل العذاب، وإما بعد أنْ يعذّب بقدر ذنوبه. المفاتيح (2/ 422).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
ومعنى ذلك: أنَّه لا بد من دخول الجنة، فإنْ كان عاصيًا غير تائب فهو في أول أمره في خطر المشيئة، يحتمل أنْ يغفر له، ويحتمل أنْ يعاقبه ويدخل الجنة بعد العقاب، ويحتمل أنْ يكون مَن وفِّق لأن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله، يكون ذلك علامة على أنَّ الله تعالى يعفو عنه، فلا يكون في خطر المشيئة؛ تشريفًا له على غيره ممن لم يوفق أنْ يكون آخر كلامه. شرح سنن أبي داود (13/ 331).
وقال شعيب الأرنؤوط -رحمه الله-:
قوله: «قال حَسَنٌ» هو ابن موسى الأشيب. تحقيقه لمسند أحمد (38/ 350).

قوله: «ومَنْ صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ خُتِمَ له بها دخلَ الجنَّةَ»:
قال الساعاتي -رحمه الله-:
قوله: «ومَنْ صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ خُتِمَ له بها دخلَ الجنَّةَ» أي: إنْ كان آخر أيامه من الدنيا. الفتح الرباني (7/ 42-43).
وقال العكبري -رحمه الله-:
«مَنْ صامَ يومًا ابتغاءَ وجهِ اللهِ، خُتِمَ له بها دخلَ الجنَّةَ» إنَّما أنَّث الضمير؛ لأنه أراد العبادة أو الخصلة، أو النية الصالحة. إعراب الحديث النبوي (ص: 211).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله (في لفظ الجامع الصغير): «مَن خُتم له بصيام يومٍ» أي: خُتم عمره بذلك، بأنْ مات وهو صائم، أو عقب فطره منه.
«دخل الجنة» مع الأولين السابقين، كما سلف. التنوير (10/ 213).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «دخل الجنة» أي: بغير عذاب. التيسير (2/ 415).

قوله: «ومَنْ تَصَدَّقَ بصدقةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ خُتِمَ له بها دخلَ الجنَّةَ»:
قال الساعاتي -رحمه الله-:
وكذلك يقال في الصدقة: إنْ كانت آخر أعماله -والله أعلم-. الفتح الرباني (7/ 43).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
يُروى من حديث حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن ختم له بقوله: لا إله إلا الله دخل الجنة، ومَن ختم له بصيام يوم أراد به وجه الله، أدخله الله الجنة، ومَن ختم له بإطعام مسكين، أراد به وجه الله، أدخله الله الجنة».
كان السلف يرون: أنَّ مَن مات عقب عمل صالح، كصيام رمضان، أو عقيب حج أو عمرة، يُرجى له أنْ يدخل الجنة، وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والاستغفار عند الموت، ويختمون أعمالهم بالاستغفار، وكلمة التوحيد. لطائف المعارف (ص: 345).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
والسَّلف ‌يرجون ‌الخير ‌لمن ‌مات ‌في ‌العبادة، أو على إثر العبادة، عند انصرافه مِن الحج، عند إِفطاره من رمضان، عند صومه عَرفة، وما أَشبه ذلك -إن شاء الله-، يُرجى له الخير لهذا العمل الذي مات على إثره. فتاوى نور على الدرب.

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)


ابلاغ عن خطا