الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«نَهَى رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- عن الوِصالِ في الصوم؛ فقال له رجلٌ مِن المسلمين: إنَّك تُواصل يا رسول اللَّه، قال: وأيُّكُمْ مِثْلِي، إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي ربِّي ويَسْقِينِ، فلمَّا أَبَوْا أنْ يَنْتَهُوا عن الوِصال، واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخَّر لزِدْتُكُمْ كالتَّنْكِيل لهم حين أَبَوْا أنْ يَنْتَهُوا».


رواه البخاري برقم: (1965) واللفظ له، ومسلم برقم: (1103)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:
وفي لفظ عند البخاري برقم: (1966): «إِياكم والوِصَال، مرتين...، فَاكْلَفُوا مِن العملِ ما تُطِيقُونَ».
وفي رواية عند البخاري برقم: (1967)، من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: «فأيُّكمْ أراد أنْ يُواصلَ، فلْيُوَاصِلْ حتَّى السَّحَرِ».


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الوصال»:
هو ألا يفطر يومين أو أيامًا. النهاية، لابن الأثير (5/ 193).
قال الفيومي -رحمه الله-:
هو أن يصل صوم النهار بإمساك الليل مع صوم الذي بعدهُ من غير أن يطعم شيئًا. المصباح المنير(2/ 662).

«كالتنكيل»:
أي: عقوبة لهم، وقد نَكَّل به تَنْكِيلًا، ونَكَّلَ به، إذا جعله عِبْرَة لغيره، والنَّكال: العقوبة التي تَنْكُل الناس عن فعل ما جُعِلَتْ له جزاء. النهاية، لابن الأثير (5/ 117).

«فاكلفوا»:
الكُلْفَةُ: مَا تكلَّفْت من أَمر في نَائِبَةٍ أو حقٍّ...، وهو ‌من ‌كَلفت ‌بالأَمر ‌إذا ‌أَولعت به وأحببته. لسان العرب(9/ 307)

«‌السَّحَر»:
آخر الليل، قُبَيْل الصبح، والجمع أَسْحَار....، وقيل: هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر. لسان العرب (4/ 350).


شرح الحديث


قوله: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال في الصوم»:
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«النهي» هو طلب الكفِّ على وجه الاستعلاء، والمراد بقولنا: على وجه الاستعلاء، ليس معناه: أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتصور نفسه عاليًا على غيره، لا، فهو من أشدِّ الناس تواضعًا، لكن يتصور الآمر أن المأمور مُطيع له، هذا معنى الاستعلاء، وأنه يوجه الأمر إليه. فتح ذي الجلال والإكرام(3/ 200).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» أصحابه «عن الوصال في الصوم» فرضًا أو نفلًا. إرشاد الساري (3/ 398).
وقال النووي -رحمه الله-:
الصواب: أن الوصال ترك الأكل والشرب في الليل بين الصومين عمدًا بلا عذر. المجموع (6/ 358).
وقال الإسنوي -رحمه الله- متعقبًا:
وفيه (أي: كلام النووي) إشعار بأنَّ ما عدا الأكل والشرب كالجماع والإستقاء والظعن وغيرهما من المفطرات لا تخرجه عن الوصال...، وتخصيص ذلك بالأكل والشرب ونحوهما ظاهر من جهة المعنى؛ لأن النهي عن الوصال إنما هو لأجل الضعف، وهذه الأمور تزيده؛ إذ لا تمنع حصوله. المهمات في شرح الروضة (4/ 96).
وقال ابن المنذر -رحمه الله-:
اختلفوا في الوصال في الصوم، فروينا عن ابن الزبير وابن أبي أنعم أنهما كانا يواصلان.
وكره مالك والشافعي وأحمد وإسحاق الوصال في الصوم، وكان أحمد وإسحاق لا يكرهان أن يواصل مِن سَحرٍ إلى سحر. الإشراف على مذاهب العلماء (3/ 154).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
واختلف أهل العلم في تأويل هذا الحديث، فقال منهم قائلون: إنما نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال رفقًا لأمته، ورحمة بهم، فمن قدر على الوصال فلا حرج؛ لأنه لله -عز وجل- يدع طعامه وشرابه، وكان عبد الله بن الزبير وغيره جماعة يواصلون الأيام...، ومن حجة من ذهب هذا المذهب: حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال رحمة، قالوا: يا رسول الله، إنك تواصل، قال: إني لست كأحد منكم، يطعمني ربي ويسقيني».
وكان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه لا يكرهان أن يواصل الرجل من سحر إلى سحر لا غير، ومن حجة من ذهب إلى هذا أيضًا: حديث عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر» ...
وكره مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي وجماعة من أهل الفقه والأثر الوصال على كل حال لمن قوي عليه ولغيره ولم يجيزوه لأحد.
ومن حجتهم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الوصال، وأنه -عليه السلام- قال: «إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا، وإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم»، وحقيقة النهي: الزجر والمنع.
وقالوا: لما قال لهم: «إني لست كهيئتكم» أعلمهم أن الوصال له خاصة لا لغيره، كما خُص بسائر ما خُص -صلى الله عليه وسلم-، وقد احتج من ذهب هذا المذهب: بحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»، قالوا: ففي هذا ما يدل على أن الوصال للنبي -عليه السلام- مخصوص، وأن المواصل لا ينتفع بوصاله؛ لأن الليل ليس بموضع للصيام، بدليل هذا الحديث وشبهه، وروى عبد الله بن أبي أوفى عن النبي -عليه السلام- مثله، ولا معنى لطلب الفضل في الوصال إلى السحر على مذهب من أراد ذلك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، وقالت عائشة: «كان النبي -عليه السلام- أعجل الناس فطرًا». الاستذكار (3/ 334-335).
وقال النووي -رحمه الله-:
واحتُج لمن أباحه بقوله في بعض طرق مسلم: «نهاهم عن الوصال رحمة لهم»، وفي بعضها: «لما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يومًا ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم»، وفي بعضها: «لو مُدَّ لنا الشهر لواصلنا وصالًا يدع المُتَعَمِّقُون تَعَمقَهُم».
واحتج الجمهور: بعموم النهي، وقوله -صلى الله عليه وسلم- «لا تواصلوا»، وأجابوا (يعني: الجمهور) على قوله: «رحمة» بأنه لا يمنع ذلك كونه منهيًّا عنه للتحريم، وسبب تحريمه الشفقة عليهم؛ لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم.
وأما الوصال بهم يومًا ثم يومًا، فاحتمل للمصلحة في تأكيد زجرهم، وبيان الحكمة في نهيهم، والمفسدة المترتبة على الوصال، وهي الملل من العبادة، والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين من إتمام الصلاة بخشوعها وأذكارها وآدابها، وملازمة الأذكار، وسائر الوظائف المشروعة في نهاره وليله -والله أعلم-. شرح صحيح مسلم (7/211-212).
وقال محب الدين الطبري -رحمه الله-:
قد اختلف العلماء في النهي عنه (الوصال) فقيل: إنَّما نهاهم رحمة لهم، وتخفيفًا عنهم، فمَن قدر عليه فلا حرج، وقد واصل جماعة من السلف منهم: عبد الله بن الزبير وابنه عامر بن عبد الله، وروي أنَّ عبد الله بن الزبير كان يواصل سبعة، حتى يبست أمعاؤه، فإذا كان اليوم السابع أُتي بشيء يتحسَّاه، حتى تتفتق الأمعاء، مخافة أن تنشق لدخول الطعام، ومنهم من قال: لا يجوز الوصال. غاية الأحكام (4/ 411).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
وإنما نهى عن الوصال لأنه يشبه فعال أهل الكتاب، ويضعف الأبدان، والمقصود: العبادة مع بقاء القوة. القبس في شرح موطأ مالك (ص: 478).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
اختُلِف في المنع المذكور؛ فقيل: على سبيل التحريم، وقيل: على سبيل الكراهة، وقيل: يحرم على من شق عليه، ويباح لمن لم يشق عليه.
وقد اختلف السلف في ذلك، فنُقِل التفصيل عن عبد الله بن الزبير، وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه أنه كان يواصل خمسة عشر يومًا، وذهب إليه من الصحابة أيضًا: أخت أبي سعيد، ومن التابعين: عبد الرحمن بن أبي أنعم، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وإبراهيم بن زيد التيمي، وأبو الجوزاء كما نقله أبو نعيم في ترجمته في الحلية وغيرهم، رواه الطبري وغيره، ومن حجتهم: أنه -صلى الله عليه وسلم- واصل بأصحابه بعد النهي، فلو كان النهي للتحريم لما أقرهم على فعله، فعُلِم أنه أراد بالنهي الرحمة لهم، والتخفيف عنهم، كما صرحت به عائشة في حديثها، وهذا مثلما نهاهم عن قيام الليل خشية أن يُفرض عليهم، ولم ينكر على من بلغه أنه فعله ممن لم يشق عليه، وسيأتي نظير ذلك في صيام الدهر، فمَن لم يشق عليه، ولم يقصد موافقة أهل الكتاب، ولا رغب عن السُّنة في تعجيل الفِطر، لم يمنع من الوصال. فتح الباري (4/ 204).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله- متعقبًا ابن حجر:
في قوله: (ولم ينكر) إلخ، نظر لا يخفى، وكيف لم ينكر؟ وقد ثبت إنكاره -صلى الله عليه وسلم- على عبد الله بن عمرو، وأنكر على من واصل، وأنكر على الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته -صلى الله عليه وسلم-، فلما أُخبِروا كأنهم تَقَالُّوها (يعني: رأوا أنها أعمال قليلة) إلى أن قال أحدهم: «أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدًا»؛ فلما سمع بذلك -صلى الله عليه وسلم-، أنكر عليهم أشد الإنكار، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب (يعني: ترك) عن سنتي فليس مني» متفق عليه، فأي إنكار أشد من هذا؟ فتبصر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد. البحر المحيط الثجاج (20/ 599).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
اختُلِف في نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال: فذهب قوم إلى أنه محرم، وهو مذهب بعض أهل الظاهر في علمي، وذهب الجمهور مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة من أهل الفقه إلى كراهته. المفهم (3/ 160).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وذهب الأكثرون إلى تحريم الوصال، وعن الشافعية في ذلك وجهان: التحريم والكراهة، هكذا اقتصر عليه النووي، وقد نص الشافعي في الأم على أنه محظور، وأغرب القرطبي فنقل التحريم عن بعض أهل الظاهر على شك منه في ذلك، ولا معنى لشكه، فقد صرح ابن حزم بتحريمه، وصححه ابن العربي من المالكية. فتح الباري (4/ 204).
وقال ابن حزم -رحمه الله-:
ولا يحل صوم الليل أصلًا، ولا أن يصل المرء صوم يوم بصوم يوم آخر، لا يُفْطِر بينهما، وفرض على كُلِّ أحدٍ أن يأكل أو يشرب في كل يوم وليلة ولا بد...، ولا حجة في أحد غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا صاحب ولا غيره، فقد واصل قوم من الصحابة -رضي الله عنهم- في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتأولوا في ذلك التأويلات البعيدة، فكيف بعده -عليه السلام-؟ فكيف من دونهم؟ ولا فرق بين من خالف حضه -عليه السلام- على صوم يوم عرفة، ونهيه -عليه السلام- عن تخصيص صوم يوم الجمعة، وتأولوا في ذلك: أنه -عليه السلام- لم يصم يوم عرفة، وقول ابن مسعود: «قلَّ ما رأيته -عليه السلام- مفطرًا يوم الجمعة»، وبين من خالف نهيه عن الوصال، وتأول أنه -عليه السلام- كان يواصل. المحلى بالآثار (4/ 443-444).
وقال الباجي -رحمه الله-:
ظاهر النهي: يقتضي المنع والتحريم إلا أن الصحابة تلقوه منه على وجه التخفيف عنهم؛ ولذلك واصلوا بعد نهيه لهم...، ففي هذا دليلان:
أحدهما: أنه لو كان على التحريم والمنع لم يخالفوه بالمواصلة، كما لم يخالفوه بصوم يوم الفطر والأضحى لما كان ذلك على التحريم.
والثاني: أنه واصل بهم، وهذا يدل على جوازه، ولولا ذلك لما واصل بهم...، إذا ثبت أنه يجوز الوصال، ويصح فإنه إنما يصام زمن الليل على سبيل التبع للنهار، فأما أن يفرد بالصوم فلا يجوز. المنتقى شرح الموطأ (2/ 60-61).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية إلى جواز الوصال إلى السَّحر؛ لحديث أبي سعيد المذكور، وهذا الوصال لا يترتب عليه شيء مما يترتب على غيره إلا أنه في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه يؤخره؛ لأن الصائم له في اليوم والليلة أكلة، فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره، وكان أخف لجسمه في قيام الليل، ولا يخفى أن محل ذلك ما لم يشق على الصائم، وإلا فلا يكون قُربة، وانفصل أكثر الشافعية عن ذلك بأن الإمساك إلى السحر ليس وصالًا، بل الوصال أن يمسك في الليل جميعه كما يمسك في النهار، وإنما أطلق على الإمساك إلى السحر وصالًا لمشابهته الوصال في الصورة، ويحتاج إلى ثبوت الدعوى بأن الوصال إنما هو حقيقة في إمساك جميع الليل، وقد ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «كان يواصل من سحر إلى سحر» أخرجه أحمد وعبد الرزاق من حديث علي، والطبراني من حديث جابر، وأخرجه سعيد بن منصور مرسلًا من طريق ابن أبي نجيح عن أبيه، ومن طريق أبي قلابة، وأخرجه عبد الرزاق من طريق عطاء.
واحتجوا للتحريم بقوله في الحديث المتقدم: «إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، فقد أفطر الصائم» إذ لم يجعل الليل محلًّا لسوى الفطر، فالصوم فيه مخالفة لوضعه كيوم الفطر.
وأجابوا أيضًا بأن قوله: «رحمة لهم» لا يمنع التحريم، فإن من رحمته لهم أن حرمه عليهم، وأما مواصلته بهم بعد نهيه فلم يكن تقريرًا بل تَقْرِيعًا وتَنْكِيلًا فاحتمل منهم ذلك لأجل مصلحة النهي في تأكيد زجرهم؛ لأنهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي، وكان ذلك أدعى إلى قلوبهم؛ لما يترتب عليهم من الملل في العبادة، والتقصير فيما هو أهم منه وأرجح؛ من وظائف الصلاة، والقراءة وغير ذلك، والجوع الشديد ينافي ذلك، وقد صرح بأن الوصال يختص به؛ لقوله: «لست في ذلك مثلكم»، وقوله: «لست كهيئتكم» هذا مع ما انضم إلى ذلك من استحباب تعجيل الفطر.
قلتُ: ويدل على أنه ليس بمحرم حديث أبي داود الذي قدمت التنبيه عليه في أوائل الباب (يعني: «نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه»)؛ فإن الصحابي صرح فيه بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحرم الوصال، وروى البزار والطبراني من حديث سمرة «نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال وليس بالعزيمة»، وأما ما رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر «أن جبريل قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد قبل وصالك، ولا يحل لأحد بعدك»؛ فليس إسناده بصحيح، فلا حجة فيه.
ومن أدلة الجواز: إقدام الصحابة على الوصال بعد النهي، فدل على أنهم فهموا أن النهي للتنزيه، لا للتحريم، وإلا لما أقدموا عليه، ويؤيد أنه ليس بمحرم أيضًا: أنه -صلى الله عليه وسلم- في حديث بشير بن الخَصَاصِيَّة الذي ذكرته في أول الباب (يعني: أن ليلى امرأة بشير بن الخَصَاصِيَّة، قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة، فمنعني بشير، وقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن هذا، وقال: يفعل ذلك النصارى، ولكن صوموا كما أمركم الله تعالى، أتموا الصيام إلى الليل، فإذا كان الليل فأفطروا») سوى في علة النهي بين الوصال وبين تأخير الفطر، حيث قال في كل منهما: إنه فعل أهل الكتاب، ولم يقل أحد بتحريم تأخير الفطر سوى بعض من لا يُعْتَدُّ به من أهل الظاهر، ومن حيث المعنى: ما فيه من فطم النفس وشهواتها وقمعها عن ملذوذاتها؛ فلهذا استمر على القول بجوازه مطلقًا أو مقيدًا من تقدم ذكره -والله أعلم-. فتح الباري (4/204-205).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
وسبب هذا الخلاف (يعني: الخلاف في حكم والوصال) هو: هل محمل هذا النهي على الظاهر وهو التحريم، أو يصرف عن ظاهره إلى الكراهية؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد واصل بأصحابه بعد أن نهاهم فلم ينتهوا، ثم إذا حملناه على الكراهة، فإنما هي لأجل ما يلحق من المشقة والضعف، فإذا أمن من ذلك، فهل يجوز أم تسد الذريعة فلا يجوز. المفهم (3/ 160).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فإن قلتَ: ما هو أقرب الأقوال إلى الصواب؟ فالأقرب: أنه للكراهة على الأقل، والقول بالتحريم قوي للسببين المذكورين في صدر الكلام، (يعني: الأمر الأول: أن الأصل في النهي التحريم، والثاني: أنه واصل بهم يومين كالمنكل، والتنكيل نوع من العقوبة، ولا عقوبة إلا على فعل محرَّم). فتح ذي الجلال والإكرام (3/ 202).

قوله: «فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله»:
قال ابن حجر -رحمه الله-:
ولم أقف على تسمية القائل في شيء من الطرق. فتح الباري (4/ 203).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
قوله: «إنك تواصل» جملة تعليلية لوصالهم، أي: أننا واصلنا؛ لأنك تواصل، وأنت أسوتنا. منحة العلام (ص: 24).
وقال الباجي -رحمه الله-:
قوله: «إنك تواصل» استعلامًا منهم إن كان ذلك حكم يختص به دون أمته، أو لمعنى ما يخافه عليهم من الضعف، ويريده بهم من الرفق، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى» يريد -صلى الله عليه وسلم-: أن من هذا غير حالهم( ) من طريق قوته على الصوم بما يطعمه الله ويسقيه، ولم يقل: إن الزمان مختص بصومه دون صومهم، وإنما علل ذلك بقوته -صلى الله عليه وسلم- بما يطعمه ربه ويسقيه؛ ولذلك قال حديث همام عن أبي هريرة: «أبيت يطعمني ربي ويسقين، فاكلفوا من العمل ما تطيقون»؛ فبين أن المحظور عليهم من ذلك ما لا يطيقونه. المنتقى شرح الموطأ (2/ 60).

قوله: «قال: وأيكم مثلي؟»:
قال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«وأيكم مثلي؟» الواو عاطفة على جملة مفهومة من المقام، تقديرها: هذا شأني، وأيكم مثلي؟ المنهل الحديث (2/ 234).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
«وأيكم مثلي؟» استفهام إنكاري يفيد النفي والتوبيخ. منحة الباري(4/ 405).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «مثلي» أي: على صفتي ومنزلتي من ربي. المنهل الحديث (2/ 234).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
قوله: «وأيكم مثلي؟» يريد به: الفرق بينه وبين غيره، بأنه سبحانه يفيض عليه ما يسدُّ مَسَدَّ طعامه وشرابه، من حيث إنه يشغله عن إحساس الجوع والعطش، ويقويه على الطاعات، ويحرسه عن تخلل يفضي إلى كَلَال القوى، وضعف الأعضاء، ولا كذلك غيره. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (1/494).

قوله: «إني أبيت ‌يطعمني ربي ويسقين»:
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«إني أبيت» البيات هو النوم ليلًا. فتح ذي الجلال والإكرام (3/ 200).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«يُطْعِمني» بضم أوله لا غير؛ لأنه من (أطعم) الرباعي. البحر المحيط الثجاج (20/ 608).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«يُطعمني ربي» الجملة في محل النصب خبر «أبيت» أو حال على جعلها (أي: جعل أبيت) تامة. المنهل الحديث (2/ 235).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
قوله: «يُطْعِمني ربي ويسقيني» جملة تعليلية؛ لبيان الفرق بينهم وبينه، المانع من الأسوة فيه. منحة العلام (ص: 24).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«يُطعمني ربِّ ويَسقين» بحذف الياء، وإثباتها، والياء في «يُطعمني» بالضم، وفي «يسقين» بالفتح. إرشاد الساري (3/ 397).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«ويسقيني» يجوز فتح أوله وضمه، من سقى وأسقى، كلاهما لغتان مشهورتان. البحر المحيط الثجاج (20/ 608).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
وآثر اسم الرب دون اسم الذات المقدسة في قوله: «يطعمني ربي» دون أن يقول: الله؛ لأن التجلي باسم الربوبية أقرب إلى العباد من الألوهية؛ لأنها تجلي عظمة لا طاقة للبشر بها، وتجلي الربوبية تجلي رحمة وشفقة، وهي أليق بهذا المقام. إرشاد الساري (3/ 397).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
(هو) كناية عن القوة التي جعلها الله له، وإن لم يُطْعَم ويُسْقَ، حتى يكون كمن فعل به ذلك. إكمال المعلم (4/ 39).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
«إني أبيت ‌يطعمني ربي ويسقين» يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يريد أني أُعَان على الصوم، وأقوى عليه، فيكون ذلك بمنزلة الطعام والشراب لكم.
والآخر: أن يكون أراد الطعام الذي يؤكل، والشراب الذي يُشرب كرامة من الله واختصاصًا -والله أعلم-. أعلام الحديث (2/955).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله- متعقبًا:
قوله: «إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني» حمله قوم على ظاهره، وهو: أن الله يطعمه طعامًا، ويسقيه شرابًا حقيقة من غير تأويل، وليس بصحيح؛ لأنه لو كان كذلك لما صدق عليه قولهم: «إنك تواصل»، ولا ارتفع اسم الوصال عنه؛ لأنه حينئذٍ كان يكون مفطرًا، وكان يخرج كلامه عن أن يكون جوابًا لما سُئل عنه؛ ولأن في بعض ألفاظ هذا الخبر: «إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني»، و(ظل) إنما تقال فيمن فعل الشيء نهارًا. و(بات) فيمن فعله ليلًا، وحينئذٍ كان يلزم عليه فساد صومه؛ وذلك باطل بالإجماع. المفهم (3/ 160-161).
وقال ابن حجر -رحمه الله- متعقبًا:
وأجيب: بأن الراجح من الروايات لفظ: «أبيت» دون «أظل»، وعلى تقدير الثبوت فليس حمل الطعام والشراب على المجاز بأولى له من حمل لفظ: «أظل» على المجاز، وعلى التنزل فلا يضر شيء من ذلك؛ لأن ما يؤتى به الرسول على سبيل الكرامة من طعام الجنة وشرابها، لا تجري عليه أحكام المكلفين فيه، كما غُسل صَدره -صلى الله عليه وسلم- في طست الذّهب مع أن استعمال أواني الذهب الدنيوية حرام.
وقال ابن المنير في الحاشية: الذي يفطر شرعًا إنما هو الطعام المعتاد، وأما الخارق للعادة كالمُحْضَرِ من الجنة، فعلى غير هذا المعنى، وليس تعاطيه من جنس الأعمال، وإنما هو من جنس الثواب، كأكل أهل الجنة في الجنة، والكرامة لا تبطل العبادة.
وقال غيره: لا مانع من حمل الطعام والشراب على حقيقتهما، ولا يلزم شيء مما تقدم ذِكره، بل الرواية الصحيحة «أبيت»، وأكله وشربه في الليل مما يؤتى به من الجنة، لا يقطع وصاله خصوصية له بذلك، فكأنه قال لَمَّا قيل له: إنك تواصل، فقال: إني لست في ذلك كهيئتكم، أي: على صفتكم في أن من أكل منكم، أو شرب، انقطع وصاله، بل إنما يطعمني ربي ويسقيني، ولا تنقطع بذلك مواصلتي، فطعامي وشرابي على غير طعامكم وشرابكم صورة ومعنى.
وقال الزين ابن المنير: هو محمول على أن أكله وشربه في تلك الحالة كحال النائم الذي يحصل له الشبع والري بالأكل والشرب، ويستمر له ذلك حتى يستيقظ، ولا يبطل بذلك صومه، ولا ينقطع وصاله، ولا ينقص أجره.
وحاصله: أنه يحمل ذلك على حالة استغراقه -صلى الله عليه وسلم- في أحواله الشريفة حتى لا يؤثر فيه حينئذٍ شيء من الأحوال البشرية. فتح الباري (4/ 207).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
المراد به: ما يُغَذِّيْهِ الله به من معارفه، وما يفيض على قلبه من لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه، وتنعُّمه بحبه، والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب، ونعيم الأرواح، وقرة العين، وبهجة النفوس والروح والقلب بما هو أعظم غذاء وأجوده وأنفعه، وقد يقوى هذا الغذاء حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمان...
ولو كان ذلك طعامًا وشرابًا للفم لما كان صائمًا فضلًا عن كونه مواصلًا، وأيضًا فلو كان ذلك في الليل لم يكن مواصلًا؛ ولقال لأصحابه -إذ قالوا له: «إنك تواصل»-: لست أواصل، ولم يقل: «لست كهيئتكم»؛ بل أقرهم على نسبة الوصال إليه، وقطع الإلحاق بينه وبينهم في ذلك بما بينه من الفارق. زاد المعاد (2/ 31-32).

قوله: «فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يومًا، ثم يومًا»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
أي: لما امتنعوا عن ترك الوصال. البحر المحيط الثجاج (20/ 609).
وقال الشيخ عبد الرحمن العقل -حفظه الله-:
«فلما أبَوا أن ينتهوا» «أن» وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به، تقديره: الانتهاء. شرح كتاب الصيام من البلوغ(ص: 20).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: كيف جاز للصحابة مخالفة حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قلتُ: فهموا من النهي أنه للتنزيه لا للتحريم. الكواكب الدراري (9/ 129).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «واصل بهم يومًا ثم يومًا» ظاهره: أنَّ قَدْر المواصلة بهم كانت يومين. فتح الباري (4/ 206).

قوله: «ثم رأوا الهلال»:
قال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «ثم رأوا الهلال» (أل) في (الهلال) للعهد، أي: هلال شوال. فتح المنعم (4/ 536).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
قوله في حديث عاصم: «واصل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في أول شهر رمضان»، كذا للعذري والطبري والسجزي والباجي، وأكثر نسخ مسلم، وهو وَهمٌ، وصوابه: في آخر شهر رمضان، وكذا جاء عن الهوزني، وبدليل قوله في الحديث الآخر: «وذلك في آخر الشهر»، ولقوله في الآخر: «لو مُدَّ لنا الشهر لواصلنا»، وبقوله في الآخر: «واصل لهم يومًا ويومًا، ثم رأوا الهلال»، وفيها: «أما والله لو تمادى لي الشهر لواصلته». إكمال المعلم (4/ 40-41).

قوله: «فقال: لو تأخر لزدتكم»:
قال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «لو تأخر لزدتكم» فاعل تأخر يعود على الهلال، وكأن الهلال بدا بعد تسع وعشرين من رمضان، فتمنى أن لو كمل رمضان ثلاثين يومًا ليواصل بهم، ومفعول «زدتكم» الثاني محذوف، تقديره: لزدتكم وصالًا. المنهل الحديث (2/ 235).
وقال البرماوي -رحمه الله-:
«لو تأخر» أي: الهلال لزدتكم في الوصال إلى أن تعجزوا. اللامع الصبيح (6/ 437).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
المراد بقوله: «لزدتكم» أي: في الوصال إلى أن تعجزوا عنه، فتسألوا التخفيف عنكم بتركه، وهذا كما أشار عليهم أن يرجعوا من حصار الطائف، فلم يعجبهم، فأمرهم بمباكرة القتال من الغد، فأصابتهم جراح وشدة، وأحبوا الرجوع، فأصبح راجعًا بهم، فأعجبهم ذلك. فتح الباري (4/ 206).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
استُدِلَّ به (يعني: بالحديث) على جواز قول: لو، وحمل النهي الوارد في ذلك على ما لا يتعلق بالأمور الشرعية. فتح الباري (4/ 206).

قوله: «كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا»:
قال البرماوي -رحمه الله-:
«كالتنكيل» أي: لإرادة التعذيب، يقال: نكَّل به تنكيلًا، جعله نكالًا وعبرة لغيره. اللامع الصبيح (6/ 437).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«كالتنكيل» هذا من كلام الراوي، والمشبه مفهوم مما قبله، أي: هذا القول من الرسول -صلى الله عليه وسلم- كالتنكيل والزجر والمعاقبة. المنهل الحديث (2/ 235).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «كالتنكيل لهم» في رواية معمر: «كالمنكل لهم»، ووقع فيها عند المستملي: «كالمنكر» بالراء وسكون النون من الإنكار، وللحموي: «كالمنكي» بتحتانية ساكنة قبلها كاف مكسورة خفيفة من النكاية، والأول هو الذي تضافرت به الروايات خارج هذا الكتاب، والتنكيل: المعاقبة. فتح الباري (4/ 206).
وقال العيني -رحمه الله- متعقبًا:
قال بعضهم: المنكي من النكاية.
قلتُ: ليس كذلك، بل من الإنكاء؛ لأنه من باب المزيد، لا يذوق مثل هذا إلا من له يد في التصريف. عمدة القاري(24/ 25).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
وقد ورد في حديث أنس -رضي الله عنه-، قال: «واصل النبي -صلى الله عليه وسلم- آخر الشهر، وواصل أناس من الناس، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: لو مُدَّ بي الشهر لواصلت وصالًا يدع المتعمقون تعمقهم...» الحديث. منحة العلام (ص: 24).
وقال البرماوي -رحمه الله-:
«حين أبوا» لم يخالفوا نهيه إلا ظنًا أنه تنزيه، لا تحريم. اللامع الصبيح (6/ 437).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «أن ينتهوا» كلمة «أن» مصدرية، أي: الانتهاء. عمدة القاري (24/ 25).

قوله: «فاكلفوا من العمل ما تطيقون»:
قال ابن الجوزي -رحمه الله-:
اللام في قوله: «اكلفوا» مفتوحة، كذلك قال أهل اللغة، والمعنى: تكلفوا فعل ما تقوى عليه طاقتكم دون ما تعجزون عنه. كشف المشكل (4/ 277).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «اكلفوا» بسكون الكاف وضم اللام، أي: احملوا المشقة في ذلك، يقال: كلفت بكذا إذا ولعت به، وحكى عياض أن بعضهم قاله بهمزة قطع، وكسر اللام، قال: ولا يصح لغة. فتح الباري (4/ 208).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
قوله: «اكلفوا» بألف وصل، وفتح اللام، كذا رواية الجمهور، وهو الصواب، يقال: كَلِفت بالشيء أُوْلَعتُ به، ووقع عند بعض شيوخنا والرواة بألف القطع، ولام مكسورة ولا يصح عند اللغويين. مشارق الأنوار (1/ 341).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
«اكلفوا» بفتح اللام، وقال ابن التين: قرأناهما بالضم، وهو بالفتح في كتب أهل اللغة، ويقال: كلِف بهذا الأمر بالكسر كلفًا، وهو الإبلاغ بالشيء. التوضيح (29/ 486).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
«وقال: اكلفوا» بهمزة وصل، وبضم اللام، وفتحها. منحة الباري (9/ 451).
وقال العيني -رحمه الله-:
كلمة: «ما» موصولة، و«تطيقونه» صلة وعائد، أي: الذي تقدرون عليه، ولا تتكلفوا فوق ما تطيقونه، فتعجزوا. عمدة القاري (11/ 75).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«ما تطيقون» أي: تطيقونه، فحذف العائد، أي: الذي تقدرون عليه، ولا تتكلفوا فوق ما تطيقونه، فتعجزوا. إرشاد الساري (3/ 398).

قوله: «فأيكم أراد أن يواصل ‌فليواصل ‌حتى ‌السَّحَر»:
قال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «فليواصل حتى السَّحَر» أي: فليكن وصاله إلى السَّحَر، فأباح -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم- الوصال من أول الليل إلى وقت السَّحَر لا غير. المنهل العذب المورود (10/ 86).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
وقد قال بعض العلماء: إن الإمساك بعد الغروب لا يجوز، وهو كإمساك يوم الفطر ويوم النحر عن الأكل.
وشذ بعضهم وقال: إن ذلك جائز، وله أجر الصائم، واحتج هؤلاء بالأحاديث الواردة في الوصال. المسالك في شرح موطأ مالك (4/ 173).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وأمَّا الوِصال إلى السَّحر فقد أَذِنَ -صلى الله عليه وسلم- فيه، كما في حديث البخاري عند أبي سعيد...
وأمَّا حديثُ عمرَ في الصحيحين مرفوعًا: «إذا أقبلَ الليلُ من هاهنا، وأدبرَ النهارُ من هاهنا، وغربتِ الشمسُ، فقد أفطرَ الصائمُ»، فإنه لا يُنافِي الوصال؛ لأنَّ المرادَ بـ «أفطرَ»: دَخَلَ في وقتِ الإفطار، لا أنَّه صار مُفطِرًا حقيقةً، كما قيل؛ لأنَّه لو صار مُفطِرًا حقيقةً، لما وَرد الحثُّ على تعجيلِ الإفطار، ولا النهيُ عن الوصال، ولا استقام الإذنُ بالوصال إلى السَّحر.سبل السلام(4/٢٥٩).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وذهب أحمد وإسحاق وابنُ المُنذِرِ وابنُ خُزيمةَ وجماعةٌ من المالكية إلى جواز الوصال إلى السَّحر، لحديثِ أبي سعيدٍ ...
ومثلُه ما أخرجه الطبراني من حديث جابر: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يواصلُ من سَحَرٍ إلى سَحَرٍ»، وأخرجه أحمد وعبد الرزاقِ من حديث عليٍّ.
فإن كان اسمُ الوصالِ إنما يَصدُقُ على إمساك جميع الليل، فلا مُعارضةَ بين الأحاديث، وإن كان يَصدقُ على أعمَّ من ذلك، فيُبنَى العامُّ على الخاص، ويكون المُحرَّمُ ما زاد على الإمساك إلى ذلك الوقت.نيل الأوطار(4/٢٥٩)
قال محمود السبكي -رحمه الله-:
وفيه (يعني: الحديث) رد على من يمنع الإمساك بعد الغروب، ولا ينافيه ما رواه ابن خزيمة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم- يواصل إلى السَّحَر، ففعل بعض أصحابه ذلك فنهاه، فقال: يا رسول الله إنك تفعل ذلك»؛ لأن رواية عبيدة بن حميد شاذة، فقد خالفه أبو معاوية، وهو أضبط أصحاب الأعمش عند أحمد وغيره، وتابعه عبد الله بن نمير عن الأعمش، وخالفه أيضًا جميع الرواة عن أبي هريرة، فلم يُقَيِّدوا النهي عن الوصال إلى السَّحَر.
وعلى تقدير أن رواية عبيدة محفوظة فتُحمل على أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن الوصال أوَّلًا مطلقًا كُل الليل أو بعضه، ويحمل حديث أبي سعيد على أن النهي عن الوصال خُص بجميع الليل بعد ذلك، وأبيح الوصال إلى السَّحَر، أو يحمل حديث عبيدة على كراهة التنزيه، والنهي عمّا زاد عن السَّحَر في حديث أبي سعيد على كراهة التحريم. المنهل العذب المورود (10/ 86).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: أنه يفهم من النهي عن الوصال كراهية التَّجوُّع، وكل ما يَهْضِم من قوى الإنسان التي يعبد الله -عز وجل- بها.
وهذا رد على ما يراه من لا علم له من التَّجَوُّع المفضي بأهله إلى الأمراض، وضعف القوى، ووحشة الأخلاق؛ فإن الله سبحانه كما حرم الخمر من أجل أنها تفسد عقل المؤمن، فكذلك لا يستحب للمؤمن أن يتعرض لكل ما يكسب خلقه الفساد، فهو ضد ما أمر به -صلى الله عليه وسلم- من حسن الخلق. الإفصاح عن معاني الصحاح (4/ 138).
وقال النووي -رحمه الله-:
قال أصحابنا: الحِكمة في النهي عن الوصال؛ لئلا يضعف عن الصيام والصلاة وسائر الطاعات، أو يملها، ويسأم منها لضعفه بالوصال، أو يتضرر بدنه، أو بعض حواسه وغير ذلك من أنواع الضرر. المجموع شرح المهذب (6/ 358).
وقال العراقي -رحمه الله-:
وقال والدي -رحمه الله- في شرح الترمذي: ويحتمل: أن النهي عن ذلك خوف أن يفترض عليهم، فيعجزوا عنه، كما ورد في قيام رمضان، وعلى هذا: فقد أُمِنَ من ذلك بعده -صلى الله عليه وسلم-، انتهى. طرح التثريب (4/ 132).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
ونهيه إياهم عن الوصال هو من شفقته عليهم -صلى الله عليه وسلم-، وهو كما وصفه الله -عز وجل- في كتابه العزيز: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} التوبة:128. شرح سنن أبي داود (273/ 3).
وقال الشيخ عبد الرحمن العقل -حفظه الله-:
أما الحكمة من النهي عن الوصال...، وقد يكون سببًا في الغلو في الدِّين، وهذا أمرٌ خطير، وطريق إلى التشقيق بالنفس. شرح كتاب الصيام من البلوغ (ص: 25).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قول الرجل: «إنك تواصل يا رسول الله» لا ينافي الأدب؛ لأنه لم يكن على سبيل الاعتراض، ولكن على سبيل استخراج الحكم، أو الحكمة، أو بيان التخصيص. المنهل الحديث (2/ 236).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وفي أحاديث الباب من الفوائد:
استواء المكلفين في الأحكام، وأن كل حكم ثبت في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت في حق أمته إلا ما استثني بدليل.
وفيه: جواز معارضة المفتي فيما أفتى به إذا كان بخلاف حاله، ولم يعلم المستفتي بسر المخالفة.
وفيه: الاستكشاف عن حكمة النهي.
وفيه: ثبوت خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، وأن عموم قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب: 21 مخصوص.
وفيه: أن الصحابة كانوا يرجعون إلى فعله المعلوم صفته، ويبادرون إلى الائتساء به إلا فيما نهاهم عنه.
وفيه: أن خصائصه لا يتأسى به في جميعها، وقد توقف في ذلك إمام الحرمين، وقال أبو شامة: ليس لأحد التشبه به في المباح، كالزيادة على أربع نسوة، ويستحب التنزه عن المحرم عليه، والتشبه به في الواجب عليه كالضحى، وأما المستحب فلم يتعرض له، والوصال منه، فيحتمل أن يقال: إن لم ينه عنه لم يمنع الائتساء به فيه -والله أعلم-.
وفيه: بيان قدرة الله تعالى على إيجاد المسببات العاديات من غير سبب ظاهر. فتح الباري (4/ 205).
وقال العيني -رحمه الله-:
ويستفاد منه: جواز التعزير بالتجويع ونحوه من الأمور المعنوية. عمدة القاري (24/ 25).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
الوصال من خصائص ما أبيح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو محظور على أمته، ويشبه أن يكون المعنى في ذلك ما يتخوف على الصائم من الضعف، وسقوط القوة، فيعجزوا عن الصيام المفروض، وعن سائر الطاعات، أو يملوها إذا نالتهم المشقة، فيكون سببًا لترك الفريضة. معالم السنن (2/ 107).
وقال البغوي -رحمه الله-:
الوصال في الصوم من خصائص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو أن يصوم يومين فأكثر، ولا يطعم بالليل شيئًا، فمن واصل عصى الله تعالى. التهذيب في فقه الإمام الشافعي (3/ 187).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
واستُدِلَّ بمجموع هذه الأحاديث على أن الوصال من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-، وعلى أن غيره ممنوع منه إلا ما وقع فيه الترخيص من الإذن فيه إلى السحر. فتح الباري (4/ 204).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وفي الحديث دلالة على أن الوصال من خصائصه -صلى الله عليه وسلم- وقد اختلف في حقِّ غيره فقيل: التحريم مطلقًا، وقيل: مُحرَّم في حقِّ من يشقُّ عليه، ويباح لمن لا يَشقُّ عليه، الأول رأي الأكثر للنهي، وأصله التحريم. سبل السلام(4/٩٩)
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث أيضًا: أن الصحابة -رضي الله عنهم- لا يدعون شيئًا يحتاج إلى سؤال إلا سألوا عنه، وهذا أحد الطرق الذي كَمُلَ به الدين، والحمد لله...
ومن فوائد الحديث: إثبات الخصوصية للرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن الله تعالى قد يخصه بأحكام دون الأمة، وهو كذلك، وقد ذكر أهل العلم خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب النكاح -أعني: الفقهاء-؛ لأن له في النكاح خصائص كثيرة فذكروها هناك، وقالوا: إن الرسول خُصّ بأحكام واجبة وهي ليست واجبة على غيره، محظورة عليه، وهي ليست محظورة على غيره، مباحة له وهي ليست مباحة لغيره، منها الوصال؛ فهو في حقه ليس بمكروه، وفي حق غيره مكروه.
ومن فوائد الحديث: إن ما ثبت في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو ثابت في حق الأُمّة إلا بدليل، وجهه: أنه لما نهى عن الوصال قالوا: إنك تواصل، وإذا كنت تواصل فلنكن نحن نواصل؛ لأنك أسوتنا، وهذه قاعدة دل عليها آيات كثيرة من القرآن...
ومن فوائد الحديث أيضًا: حسن خُلق النبي -صلى الله عليه وسلم-. فتح ذي الجلال والإكرام (3/ 203-204).
وقال الشيخ عبد القادر شيبة الحمد -رحمه الله-:
ما يفيده الحديث:
1 - كراهية الوصال في الصوم.
2 - استحباب السحور.
3 - كراهة التَّنَطُّع في الدين.
4 - جواز ترك المتشدد على تشدده مدة ليحس بالردع امتحانًا. فقه الإسلام شرح بلوغ المرام (3/203-204).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
ومنها: أن فيه أبين دليل، وأوضح حُجة على أن فعله -صلى الله عليه وسلم- إذا تعارض مع قوله، إما أن يجمع بينهما، أو يطلب الترجيح، ولا يقال: إن قوله يُقدم على فعله، كما يقول به بعض الأصوليين، وجه دلالة الحديث على هذا: أنّ الصحابة -رضي الله عنهم- لما واصل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد نهيه لهم عنه، فهموا أن نهيه ليس للتحريم، فواصلوا، فسألهم عن وصالهم بعد نهيه لهم عنه، فأشاروا بأنهم تركوا قوله اتباعًا لفعله ظنًّا منهم أن فعله في هذا للجواز، فلو كان القول يُقدم على الفعل لقال لهم: إذا تعارض قولي مع فعلي فخذوا بقولي؛ لأن القول لكم، والفعل لي، فلما عدل عن هذا إلى قوله: «إني لست كأحدكم...» عرفنا أن هذا خصوصية له -صلى الله عليه وسلم-، ولولا هذا لكان ما فهمه الصحابة -رضي الله عنهم- صوابًا، وأنه إذا تعارض القول مع الفعل يكون كتعارض القولين سواء، وطريق العمل في ذلك الجمع أو النسخ أو الترجيح، كما هو مشهور في محله، فتنبه لهذه الدقيقة، فإن فيها زل قدم كثير من الفقهاء والأصوليين، وقد أشبعت البحث في هذا في غير هذا الموضع، ولا سيما في التحفة المرضية وشرحها، فراجعهما تستفد علمًا جمًّا -والله تعالى أعلم-.
ومنها: بيان أن الوصال من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-. البحر المحيط الثجاج (20/ 595-596).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
الحديث دليل على حرِص الصحابة -رضي الله عنهم- على الخير، والتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لما نهاهم عن الوصال قالوا: إنك تواصل، أي: فنحن نتأسى بك ونواصل. منحة العلام شرح بلوغ المرام (ص: 27).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
قال الطبري: وأما ما روي عن بعض الصحابة وغيرهم من تركِهم الأكل الأيام ذوات العدد ليلًا ونهارًا، فإن ذلك كان منهم على أنحاء شتى:
فمنهم: من كان ذلك منه لقدرته عليه، فيصرف فطره؛ إذ لم يكن يمنعه تركه من أداء فرائض الله الواجبة عليه إلى أهل الفقر والحاجة، طلب ثواب الله وابتغاء وجهه، مثلما روي عن الحسن أنه قال: لقد أدركنا أقوامًا، وصحبنا طوائف، إن أحدهم يمسي وما عنده من العشاء إلا قدر ما يكفيه، ولو شاء لأتى عليه، فيقول: ما أنا بآكله حتى أجعل لله منه.
ومنهم: من كان يفعله استغناء عنه إذا كانت نفسه قد مَرِنَتْ عليه واعتادته، كما حدثني أبو كريب عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي قال: ربما لبثت ثلاثين يومًا ما أطعم من غير صوم إلا الحبة، وما يمنعني ذلك من حوائجي، قال الأعمش: وكان إبراهيم التيمي يمكث شهرين لا يأكل، ولكنه كان يشرب شربة نبيذ.
ومنهم: من كان يفعله منعًا لنفسه شهوتها ما لم تدعه إليه الضرورة، ولا خاف العجز عن أداء الواجب لله عليه؛ إرادة منه قهرها، وحملها على الأفضل، كالذي روينا عن مجاهد أنه قال: لو أكلتُ كل ما أشتهي ما سويت حشفة.
فما روي عن السلف أنهم كانوا يواصلون الأيام الكثيرة، فإنه على بعض هذه الوجوه التي ذكرت، لا أنه كان يصوم الليل، أو على أنه كان يرى أن تركه الأكل والشرب فيه كصوم النهار، ولو كان ذلك صومًا، كان لمن شاء أن يفرد الليل بالصوم دون النهار، والنهار دون الليل ويقرنهما إذا شاء، وفي إجماع من تقدم وتأخر ممن أجاز الوصال وممن كرهه على أن إفراد الليل بالصوم إذا لم يتقدمه صوم نهار تلك الليلة غير جائز- أدل الدليل على أن صومه غير جائز، وإن كان تقدمه صوم نهار تلك الليلة. شرح صحيح البخاري (4/ 110-111).
قال الشيخ عبد الله العتيبي -حفظه الله-:
إن قال قائل: كيف تكون عبادة وتكون مكروهة؟ الجواب: نقول: هذا كالنذر، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النذر، وقال: «إنه لا يأتي بخير»، ومع ذلك إذا نذر الإنسان فعليه أن يوفي بهذا النذر، فهي عبادة مكروهة من وجه، وإذا عقدها وجب عليه أن يوفي بها.
فالكراهة ليست مُنْصَبَّة على عبادة الوصال، إنما هي على ما يكون من الإشقاق فيها، وتكليف النفس، وأما الجواز وكونها عبادة فلأجل أنها إمساك لأجل الله -عز وجل-، ولكن إذا كان الوصال يؤدي إلى ضعف الجسم والعقل، فإن الوصال يحرم؛ لأنه يضعفه عن أداء الواجبات، ويضره في جسمه وعقله. شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري (ص: 162).


ابلاغ عن خطا