الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«مَن عَلَّمَ عِلْمًا فله أجْرُ مَن عَمِلَ به، لا يَنْقُصُ مِن أجْرِ العاملِ».


رواه ابن ماجه برقم: (240)، والطبراني برقم: (446)، من حديث معاذ بن أنس -رضي الله عنه-.
ورواه البغوي في معجم الصحابة برقم: (2112) بزيادة في آخره «شَيْءٌ».
صحيح الجامع برقم: (6396)، وصحيح الترغيب والترهيب برقم: (80).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «من ‌عَلَّمَ عِلْمًا»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«مَنْ» شرطية، ويحتمل أنْ تكون موصولة، «عَلَّمَ» بتشديد اللام: من التعليم. مشارق الأنوار الوهاجة (4/ 421).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «من ‌عَلَّمَ» من التعليم، ويحتمل أنَّه من العِلم. كفاية الحاجة (1/ 105).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله- مُتعقِّيًا:
قال السندي: ويحتمل أنَّه من العلم، انتهى، ‌لكن ‌الظاهر ‌الأول (أنه من التعليم). مشارق الأنوار الوهاجة (4/ 421).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«من ‌عَلَّمَ» بفتح اللام المشددة «عِلْمًا» أي: علَّم غيره علمًا شرعيًّا. التيسير (2/ 431).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
والمراد ‌بالعلم: العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المُكلف من أَمرِ دينه، في عباداته ومعاملاته، والعلم بالله وصفاته، وما يجب له من القيام بأمره، وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه. فتح الباري (1/ 141).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
واعلم أنَّ المراد بالعلم حيث أطلق في السُّنة والكتاب هو: ما في حديث أبي داود: «العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل، آية محكمة، أو سُنة قائمة، أو فريضة عادلة»، وما كان من العلوم وسيلة إلى هذه الثلاثة فله حكمها، وتعليم العلم يشمل التأليف والتدريس والنّسخ وتصحيح كتب أَهل الإسلام. التنوير (2/ 274).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«‌علمًا» ‌نكَّره؛ ‌ليعُم ‌قليله ‌وكثيره، ‌أي: ‌سواء ‌علم ‌كثيرًا ‌أو ‌قليلًا، ‌المراد ‌بالعلم ‌هو: ‌العلم ‌الشرعي، علم الكتاب والسُّنة، فلا يتناول العِلم الدنيوي، فتنبه لذلك. مشارق الأنوار الوهاجة (4/ 421).
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي -رحمه الله-:
المراد ‌بالعلم: العلم المقرِّب إلى الله تعالى، وهو ما يشتمل على العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته...، وتخصيص ما ذُكر من العلم لأنه هو العلم شرعًا عند الإطلاق، فلا ينصرف لغيره، فتكون (أل) فيه للعهد الذهني، وهو العلم النافع في الآخرة دون غيره من علوم الدنيا. شرح سنن النسائي، شروق أنوار المنن الكبرى(2/ 496).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
هذا كُلّه في العِلم الشرعي: عِلم القُرآن والسُّنَّة، وما يُعين على ذلك من أصول الدِّين، وأصول المصطلح، وقواعد العربية، ونحو ذلك مما يَقصِدُ به صاحبه التفقُّهَ في الدِّين، والاستعانةَ به على عِلم الشريعة.
أمَّا العلوم الأُخرى فليس لها دخلٌ في ذلك، كـ الطبِّ، والهندسةِ، والحسابِ، والفَلكِ، وغير ذلك، فليس لها دخلٌ في هذا؛ ولكن على حسب نيَّات هؤلاء وعِملهم الطيِّب، فلكُلِّهم أجورُهم على حسب نيَّاتهم.
فإذا كان المهندس، أو الطبيب، أو الفلكي، أو غيرهم يَقصِدُ في عَملِه وعِلمه هذا إعانةَ الناسِ على الخير، وتوجيهَهم إليه، وإغناءَهم عن عدوِّهم، وما أشبهَ ذلك من المقاصد الطيِّبة، فهو على نيَّته الصالحة، يُؤجَر على قَدْرِها. وأمَّا إذا كان قصدهُ الدُّنيا فقط، فليس له إلا قصده.دروس الشيخ ابن باز(16/11)
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
كُل عِلم يُثاب عليه العبد، ثم يعلمه الآخرين، فإنَّ المتعلمين منه يثابون عليه، وإذا أثيبوا عليه ناله من الأجر بعد موته ما يستحق، وأما ما لا ثواب في تعلّمه فليس فيه أصلًا ثواب حتى نقول: إنَّه يستمر، فمثلًا علم التفسير والتوحيد والفقه وأصوله والعربية؛ كل هذه علوم يثاب الإنسان عليها، فإن علمها أحدًا من الناس، أثيب هذا المتعلم، فنال المعلم من ثوابه ما يستحقه. مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (26/ 41).
وقال ابن جماعة -رحمه الله-:
عن أبي ذر وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعًا، وباب من العلم نعلمه عُمِلَ به أو لم يُعْمَلْ، أحب إِلينا من مائة ركعة تطوعًا. تذكرة السامع والمتكلم(ص: 9).
وقال ابن حزم -رحمه الله-:
واعلموا أنه لولا العلماء الذين ينقلون العلم ويعلمونه الناس جيلًا بعد جيل، لهلك الإسلام جُملة، فتدبروا هذا، وقفوا عنده، وتفكروا فيه نعمًا؛ ولذلك سُموا ورثة الأنبياء. رسائل ابن حزم (3/ 153).

قوله: «فله أجْرُ مَن عَمِلَ به»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«فله مثل أَجرِ مَن عَمل به» لأن الدَّال على الخير كفاعله. التنوير(10/ 317).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«فله» أي: فلذلك المعلم «أجر» أي: مثل أجر «من عمل به». مرشد ذوي الحجا والحاجة (2/ 321).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«من عمل به» أي: بذلك العلم؛ لأن مَن سن سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها. مشارق الأنوار الوهاجة (4/ 421).
وقال المظهري -رحمه الله-:
من دلّ جماعة على خير، أو عمل صالح، فعمل أولئك الجمع على ذلك الخير، أو عملوا بذلك العمل الصالح يحصل للذي دَلهم على الخير من الأجر والثواب مثل ما حصل لكل واحد منهم؛ لأنه كان سبب حصول ذلك الخير منهم، ولولا هو لم يحصل ذلك الخير منهم. المفاتيح (1/ 263).
وقال المظهري -رحمه الله-:
يعلم أحدًا، أو جماعة مسألة، أو أكثر من أحكام الدِّين، فيعملون بتلك المسألة، ويعلمونها غيرهم من المسلمين؛ فيحصل له بذلك ثواب، وكذلك إذا صنَّف كتابًا. المفاتيح (1/ 303).
قال السندي -رحمه الله-:
بشرط الوصول إليه من طريقه؛ إذ لو كان عالم العِلم مُعلمًا له، وكان العامل وصل إليه من غيره، فليس له ثواب علمه. كفاية الحاجة (1/ 105).

قوله: «لا ينقصُ من أجرِ العاملِ»:
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «لا يُنْقِصُ» على بناء الفاعل، أي: ثبوت مثل أجر العامل للمعلم، و«لا يُنْقَصُ» على بنائه للمفعول. كفاية الحاجة (1/ 105).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«من غير أن ينقص من أَجر العامل» بل لذلك أجر التعليم، ولهذا أجر العمل. التنوير(10/ 317).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«لا يُنْقِصُ» بالبناء للفاعل؛ أي: حالة كون ذلك الْمِثْل الذي أُعطي للمعلم لا يُنْقِصُ «من أجر العامل» شيئًا، فالجملة حال من المثل المحذوف. مرشد ذوي الحجا والحاجة (2/ 321).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«لا يُنْقِصُ» على بناء الفاعل، وضميره للأجر، أي: لا ينقص ذلك ‌الأجر «‌من ‌أجر ‌العامل»، ‌«من» ‌زائدة، ‌أي: ‌أجره، ‌ويحتمل ‌أنْ ‌يكون ‌مفعول «‌يُنْقِصُ» ‌محذوفًا، ‌أي: ‌لا ‌ينقص ‌شيئًا ‌من ‌أجر ‌العامل، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول، و«من» زائدة، و«أجر» نائب الفعل -والله تعالى أعلم بالصواب-. مشارق الأنوار الوهاجة (4/ 421).
وقال المناوي -رحمه الله-:
لأنَّ العامل إنَّما يتلقى كيف تصحيح عمله من العالم، فله الأجر على حسب الانتفاع بعلمه. فيض القدير (6/ 182).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
لأن أجورهم لأجل العمل والمباشرة، وأجر الداعي لأجل الإرشاد والهداية، ولو فرض أنهما من جهة واحدة ففضل الله واسع، يعطي كل من شاء ما شاء من غير أن ينقص شيئًا، وهو على كل شيء قدير. لمعات التنقيح (1/ 475).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
إنَّما لم ينقص ذلك ثواب العامل؛ لاختلاف وجهتي الإِثابة، فهي للداعي من حيث الدعوة، وللعامل من حيث العمل. دليل الفالحين(7/ 176).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وعلى قَدرِ فضل مُعلم الخير وأجره يكون وزر مَن علَّم الشَّر، ودعا إلى الضلال؛ لأنه يكون عليه وزر مَن تعلمه منه، ودعا إليه، وعمل به -عصمنا الله برحمته-. التمهيد (16/ 272).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
فليجتهد الإنسان في فعل خيرٍ يلحقه ثوابه بعد موته؛ وليحذر من فعل شَرٍّ يُدركه إِثمه بعد تَلفه. كشف المشكل (1/ 434).


ابلاغ عن خطا