«العينُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العينُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا».
رواه البخاري برقم: (5740) مختصرًا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومسلم برقم: (2188) واللفظ له، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
وزاد ابن ماجه برقم: (3508): «استعيذوا بالله، فإن العين حق».
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«العين»:
نظرٌ باستحسان يشوبه شيء من الحسد، ويكون الناظر خبيث الطبع كذوات السموم فيؤثر في المنظور إليه... يقال: عِنْتَ الرجل: إذا أصبتَه بعينك، فهو معين ومعيون، والفاعل: عائن. كشف المشكل، لابن الجوزي(2/ 445).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
ويُقَالُ: أصَابَت فُلانًا عَيْن، إِذَا نَظر إِلَيْهِ عَدُوٌّ أَوْ حَسُود فأثَّرتْ فِيهِ فمرِض بِسَببها. النهاية لابن الأثير(3/ 332).
شرح الحديث
قوله: «العين حقٌّ»:
قال ابن الجوزي -رحمه الله-:
معنى قوله: «العين حق» أنها تصيب بلا شك عاجلًا، كأنها تسابق القدر.
وقد أشكل إصابة العين على قوم فاعترضوا على هذا الحديث، فقالوا: كيف تعمل العين من بُعْد حتى تُمْرِض؟
والجواب: أن طبائع الناس تختلف كما تختلف طبائع الهوام، وقد بَيَّنَّا فيما تقدم من شرح قوله -عليه السلام- في الأبتر (القصير الذَّنَب من الحيّات) وذي الطُّفْيَتَيْنِ (الذي له خطان أسودان من الحيّات): «أنهما يطمسان البصر ويسقطان الحبل» أن ذلك يكون بِسُمٍّ فُصِل من أعينهما في الهواء حتى أصاب مَن رأينه، فكذلك الآدمي.
قال ابن السائب: كان في المشركين رجل يمكث اليومين والثلاثة لا يأكل، يرفع جانب خبائه، فتَمُرُّ به النَّعَمُ، فيقول: لم أرَ كاليوم إبلًا ولا غنمًا أحسن من هذه، فما تذهب إلا قريبًا حتى تسقط منها عدة.
وقال الأصمعي: رأيتُ رجلًا عيونًا كان يقول: إذا رأيتُ الشيء يعجبني وجدتُ حرارة تخرج من عيني.
وقد عُرِفَ أن في الناس من تلسعه العقرب فتموت العقرب...
وجاء في الحديث: أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حُنَيف يغتسل فعانه، وقال: ما رأيتُ كاليوم، ولا جلد مُخَبَّأَة (هي: الجارية التي في خدرها لم تتزوج)، فَلُبِطَ به -أي: صُرِعَ- حتى ما يعقل من شدة الوجع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتتهمون أحدًا؟ قالوا: نعم، عامر بن ربيعة، فأخبروه بقوله، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل له ففعل، فراح مع الركب». كشف المشكل (2/ 445-447).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «العين حق» أي: ثابت موجود، لا شك فيه، وهذا قول علماء الأمة، ومذهب أهل السنة، وقد أنكرته طوائف من المبتدعة، وهم محجوجون بالأحاديث الصحيحة والنصوص الصريحة الكثيرة، وبما يشاهد من ذلك في الوجود، فكم من رجل أدخلته العين القبر، وكم من جمل ظهير أحلته القدر، لكن ذلك بمشيئة الله تعالى كما قال: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} البقرة: 102، ولا يلتفت إلى معرض عن الشرع والعقل، يتمسك في إنكار ذلك؛ باستبعاد ليس له أصل، فإنا نشاهد من خواص الأحجار، وتأثير السحر وسموم الحيوانات ما يُقضَى منها العجب، ويتحقق أن كل ذلك فعل مسبب كل سبب.
ولا يلتفت أيضًا إلى قول من قال من المثبتين للعين: إن العائن تنبعث من عينه قوة سُمِّيَّةٌ تتصل بالْمَعِيْنِ فيهلك، أو يفسد، كما تنبعث قوة سُمِّيَّةٌ من الأفعى والعقرب تتصل باللديغ فتهلكه؛ لأنا نقول لهؤلاء: إن كنتم تريدون بالقوة أن هناك معنى يقتضي ذلك الضرر بذاته، وأن ذلك ليس فعلًا لله تعالى فذلك كفر؛ لأنه جحد لما عُلِمَ من الشرع والعقل؛ من: أنه لا خالق إلا الله -عز وجل- ولا فاعل على الحقيقة إلا هو.
وإن كان يريد بذلك: أن الله تعالى هو الفاعل للسبب والمسبب؛ فهو الحق الصريح، غير أن إطلاق لفظ القوة في هذا المعنى ليس بحسن عند المتشرعين ولا صحيح. المفهم (5/ 565- 566).
وقال المازري -رحمه الله-:
بظاهر هذا الحديث قال أهل السنّة والجمهور من علماء الأمّة، وقد أَنكره طوائف من المبتدعة، والدّليل على فساد ما قالوه: أنَّ كل معنى ليس بمحال في نفسه ولا يؤدّي إلى قلب حقيقة ولا إفساد دليل- فإنَّه من مُجَوَّزَات العقول، فإذا أخبر الشّرع بوقوعه فلا معنى لتكذيبه، وهَل فَرق بين تكذيبه في هذا إذا ثبت جوازه وبين تكذيبه فيما يخبر من أخبار الآخرة؟ ...
وهكذا مذهب أهل السنّة: أن المعيون إنما يَفسد أو يهلك عند نظر العائن بعادة أجرَاها الله سبحانه أن يخلق الضرر عند مقابلة شخص لشخص آخر، وهل ثَمَّ جواهر تخفى أم لا؟ من مجوزات العقول، والقَطع إنما يختص بنفي الفعل عنها، وبإضافته إلى الله سبحانه، فمن قطع من الأطباء المنتحلين للإسلام على انبعاث الَجواهر بلا يد فقد أخطأ في قطعه، وإنّما التّحقيق ما قلناه من تفصيل موضع القطع والتّجويز، هذا القدر كافٍ فيما يتعلق بعلم الأصول. المعلم بفوائد مسلم (3/ 155-157).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ العين قد يصيب بها الإنسان صاحبه؛ وذلك واقع حقًّا، جعله الله سببًا لما يريد إنفاذه فيه. الإفصاح عن معاني الصحاح (3/ 225).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «العين حق» لا بمعنى أن لها تأثيرًا ذاتيًّا، بل بمعنى أنها سبب عادة كسائر الأسباب العادية، يخلق الله تعالى عند نظر العين إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هَلَكَة. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (2/ 356).
قوله: «ولو كان شيء سابق القَدر سبقته العين»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«ولو كان شيء سابق القَدر» يصح (سابق) بالإضافة والتنوين، «لسبقته العين» أي: لو جاز أن يسبق القدر شيء في الناشئ قبل أوانه المقدر له لسبقته العين، لكنها لا تسبق القَدر؛ لأنه تعالى قدر المقادير قبل أن يَخلق الخلق بخمسين ألف سنة. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 417).
وقال المُظْهِري -رحمه الله-:
قوله: «لو كان شيءٌ سابقَ القَدَرِ سبقتْه العينُ» يعني: لو كان شيءٌ مهلكًا أو مُضرًّا بغير قضاء الله وقَدَره لكان هذا الشيءُ هو العينَ، ولكن لم يكن شيءٌ نافعًا ولا مُضرًّا بغير قضاء الله وقَدَره، وإنما تلفَّظ رسول الله بهذا الحديث تعظيمًا لشأن تأثير العين، والمبالغة في أن يحفظ الناسُ أعينَهم من أن يصيبوا أحدًا بأعينهم، وإذا اتفق لأحدٍ أن يصيبَ شخصًا بعينه فَلْيقُلْ: بارَكَ الله عليك وبسمِ الله عليك، وَلْيَغسِلْ أعضاءَه له. المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 77).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «ولو كان شيء سابق القَدر لسبقته العين» ففيها تأكيد وتنبيه على سرعة نفوذها، وتأثيرها في الذات، وفيها: إشارة إلى الردّ على من زعم من المتصوفة أن قوله: «العين حقّ» يريد به: القَدَر؛ أي: العين التي تجري منها الإحكام، فإن عين الشيء حقيقته، والمعنى: أن الذي يصيب من الضرر بالعادة عند نظر الناظر، إنما هو بقدر الله السابق، لا بشيء يحدثه الناظر في المنظور.
ووجه الرد: أن الحديث ظاهر في الْمُغايرة بين القدر وبين العين، وإن كنا نعتقد أن العين من جملة المقدور، لكن ظاهره إثبات العين التي تصيب، إما بما جعل الله تعالى فيها من ذلك، وأودعه فيها، وإما بإجراء العادة بحدوث الضرر عند تحديد النظر، وإنما جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين، لا أنه يمكن أن يَرُدّ القدرَ شيء؛ إذ القدر عبارة عن سابق علم الله تعالى، وهو لا رادّ لأمره، أشار إلى ذلك القرطبيّ.
وحاصله لو فُرِض أن شيئًا له قوة بحيث يسبق القدر، لكان العين، لكنها لا تسبق، فكيف غيرها.
وقد أخرج البزار من حديث جابر -رضي الله عنه- بسند حسن عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس» قال الراوي: يعني: بالعين. فتح الباري (10/ 203).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين» هذا إغياء (الإغياء: بلوغ الغاية في الأمر) في تحقيق إصابة العين، ومبالغة فيه تجري مجرى التمثيل، لا أنه يمكن أن يُرد القَدر شيء، فإن القَدر عبارة عن سابق علم الله تعالى ونفوذ مشيئته، ولا رادّ لأمره، ولا معقب لحكمه، وإنما هذا خرج مخرج قولهم: لأطلبنّك ولو تحت الثرى، أو: لو صَعِدت إلى السماء، ونحوه مما يجري هذا المجرى، وهو كثير. المفهم (5/ 566).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
معناه: أنّ إصابة العين لها تأثير، ولو أمكن أن يعاجل القَدر شيء فيؤثر في فناء شيء وزواله قبل أوانه المقدر لسبقته العين. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (3/ 175).
قوله: «استعيذوا بالله، فإن العين حق»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«استعيذوا بالله» أي: التجئوا إليه من شرِّ العين التي هي آفة تصيب الإنسان والحيوان من نظر العائن إليه، فيؤثر فيه فيمرض أو يهلك بسببه «فإن العين حق» أي: بقضاء الله وقدره، لا بفعل العائن، بل يُحْدِثَ الله في المنظور عِلة يكون النظر بسببها؛ فيؤاخذه الله بجنايته عليه بالنظر منها، وينبغي التعوذ بما كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يُعَوِّذُ به الحسن والحسين وهو: «أَعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وَهَامَّة، ومِن كل عين لَامَّة». فيض القدير (1/ 492).
قوله: «وإذا استغسلتم فاغسلوا»:
قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «وإذا استُغْسِلتم فاغسلوا» هذا خطاب لمن يُتَّهَمُ بأنه عائن، فيجب عليه ذلك، ويُقْضَىْ عليه به إذا طُلِبَ منه ذلك، لا سيما إذا خيف على الْمَعِين الهلاك.
وهذا الغسل هو الذي سماه في بعض طرق حديث سهل بن حُنَيف: بالوضوء؛ وذلك: أن عامر بن ربيعة نظر إلى سهل متجردًا فقال: ما رأيتُ كاليوم ولا جلد عذراء، فَوُعِكَ سهل مكانه، فأُخْبِرَ بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لعامر: «عَلامَ يقتل أحدكم أخاه؟! ألا بَرَّكْتَ؟! إن العين حق، توضأ له»؛ فتوضأ عامر، وفي الطريق الأخرى زيادة الغسل؛ قال: «فغسل وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، فَصُبَّ عليه». المفهم (5/ 566-567).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
قوله: «فإذا استُغْسِلتم فاغسلوا» يعني: أن العين إذا نظر بها الشخص نظره إلى ذلك الحسن... انتشرت من باطنه على ظاهره، وأثَّرت في جميع أحواله، فإذا استُغْسِلَ بالماء بردت زفرة حسرته؛ فقد روي في الحديث: «إذا اشتد غضب الإنسان فليغتسل»، وإنما كان ذلك ليذهب الغلي عنه؛ فَوَضْعُ الماء على الناظر تبريد لما غلى به قلبه فانتشر على بدنه وأعصابه، ثم أخْذُ ذلك وَرَمْيِهِ على المنظور فيه نوع أُلْفَة؛ لأن النظر كان عن نوع فرقة فجمع الماء بينهما. الإفصاح عن معاني الصحاح (3/ 226).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وأما الزيادة الثانية وهي: أَمْرُ العائن بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك، ففيها إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلومًا بينهم، فأمَرَهم أن لا يمتنعوا منه إذا أُريدَ منهم، وأدنى ما في ذلك رَفْع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الأمر الوجوب، وحَكَى المازريّ فيه خلافًا، وصحح الوجوب، وقال: متى خُشي الهلاك، وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به، فإنه يتعين، وقد تقرَّر أنه يُجبر على بذل الطعام للمضطرّ، وهذا أَولى. فتح الباري(10/ 210-215).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وهذا (الاغتسال) مما لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به من أَنكره، أو سَخِر منه، أو شكَّ فيه، أو فعله مجربًا لا يعتقد أنّ ذلك ينفعه. زاد المعاد (4/ 245).
وقال المازري -رحمه الله-:
وقد اختُلِف في العائن هل يجبر على الوضوء للمعيون أم لا؟ واحتجّ من قال بالجبر بقوله في الموطأ: «توضّأ له»، وبقوله في مسلم: «إذا استُغْسِلتم فاغسِلوا»، وهذا أمر يحمل على الوجوب، ويتَّضِح عندي: الوجوب، ويبعد الخلاف فيه إذا خُشي على المعيون الهلاك، وكان وضوء العائن مما جرت العادة بالبرء به، أو كان الشَّرع أخبر به خبرًا عامًّا، ولم يمكن زوال الهلاك عن المعيون إلا بوضوء هذا العائن؛ فإنه يصير من باب من تَعَيَّنَ عليه إحياء نفس مسلم، وهو يجبر على بذل الطّعام الذي له ثمن ويضرّ بذله، فكيف هَذا مما يرتفع الخلاف فيه. المعلم بفوائد مسلم (3/ 157-158).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
فيه دليل على أن العائن يُجبر على الاغتسال للعين.التمهيد(8/١٧٦).
وقال النووي -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: ما قاله بعض العلماء: أنه ينبغي إذا عُرِفَ أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويتحرَّز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيرًا رزقه ما يكفيه ويكف أذاه عن الناس؛ فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي -صلى الله عليه وسلم- دخول المسجد؛ لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر والعلماء بعده من الاختلاط بالناس، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يؤمر بتغريبها إلى حيث لا يتأذى به أحد، وهذا الذي قاله هذا القائل صحيح مُتَعَيِّن، ولا يعرف عن غيره تصريح بخلافه -والله أعلم-. شرح مسلم (14/ 173).
قال ابن عبد البر -رحمه الله-:
قوله: «لو سبق شيء القدر لسبقته العين» دليل على أن الصحة والسقم قد علمهما الله تعالى، وما عَلِمه فلا بُدّ من كونه على ما علمه، لا يتجاوز وقته، ولكن النفس تسكن إلى العلاج، والطبّ، والرُّقَى، وكلّ سبب من أسباب قدر الله تعالى، وعلمه. الاستذكار (8/ 403).
وقال بدر الدين العيني -رحمه الله-:
«ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين» دليل على أن المرء لا يصيبه إلا ما قُدِّرَ له، وأن العين لا تسبق القَدر ولكنها من القَدر. عمدة القاري (21/ 266).
وقال النووي -رحمه الله-:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين» فيه إثبات القَدَر، وهو حقّ بالنصوص، وإجماع أهل السُّنَّة... ومعناه: أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلَّا على حسب ما قدَّرها الله تعالى، وسَبَق بها عِلْمه، فلا يقع ضرر العين، ولا غيره، من الخير والشرّ إلَّا بقدر الله تعالى، وفيه صحة أمر العين، وأنها قويّة الضرر -والله أعلم-. شرح صحيح مسلم (14/ 174).
وقال الأصبهاني -رحمه الله-:
فيه دلالة أن الغسل ينفع من العين، ووجه ذلك: أن يغسل العائن أطراف يديه ورجليه، ومذاكيره، ويجمع ذلك الماء ويُؤتى به الْمَعِين، فيُصَبّ عليه من خلفه صبّةً واحدة. التحرير في شرح صحيح مسلم (ص: 521)
وقال علماء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية:
وإذا عَلِم أنّ إنسانًا أصابه بعينه، أو شك في إصابته بعين أحد، فإنه يُؤمر العائن أن يغتسل لأخيه، فيُحضَر له إناء به ماء، فيُدخل كفَّه فيه، فيتمضمض، ثم يمجُّه في القدح، ويغسل وجهه في القَدح، ثم يُدخل يدهُ اليُسرى فيصب على ركبته اليُمنى في القَدح، ثم يُدخل يده اليُمنى فيصب على ركبته اليُسرى، ثم يغسل إزاره، ثم يُصب على رأس الذي تصيبه العين من خَلفه صبَّة واحدة، فيبرأ بإذن الله. فتاوى اللجنة الدائمة (1/274)