الأربعاء 26 رمضان 1446 هـ | 26-03-2025 م

A a

«إذا ‌لَبِسْتُمْ، وإذا توضَّأْتُم، فابدَؤُوا بمَيَامِنِكُم»


رواه أحمد برقم: (8652)، وأبو داود برقم: (4141)، وابن ماجه برقم: (402)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (787)، مشكاة المصابيح برقم: (401).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«بمَيَامِنِكُم»:
أي: بالجهة اليُمنى من اليدين والرجلين والجنبين. تيسير الملك الجليل، لأبي النجا السنهوري (1/412).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
الميامن: جمْع ميمنة، وهي الجهة اليُمنى. الكواكب الدراري (3/ 2).


شرح الحديث


قوله: «إذا ‌لَبِسْتُمْ»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
قوله: «‌إذا ‌لبستم» أي: أردتم اللبس. دليل الفالحين (5/ 214).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «‌إذا ‌لبستم» أي: أردتم لبس نحو ثوب، أو نعل، أو خف. التيسير (1/ 127).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«‌إذا ‌لبستم» أي: قميصًا أو سراويل أو نعلًا أو خُفًّا، ونحوها. مرقاة المفاتيح (2/ 409).

قوله: «وإذا توضَّأْتُم»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«وإذا توضأتم» أي: أردتم أعماله. دليل الفالحين (5/ 214).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وإذا توضأتم»: أي: تطهرتم بالوضوء أو الغسل أو التيمم. مرقاة المفاتيح (2/ 409).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«إذا توضأتم» يعني: فعلتم الوضوء، ووصلتم إلى غسل اليدين. فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 197).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «‌إذا ‌لبستم وإذا توضأتم» خُصَّا بالذكر، وكرر أداة الشرط؛ ليُؤْذِنَ باستقلالهما، وأنهما يستتبعان جميع ما يدخل في الباب...، وأما اللباس فإنه من النعم الممتن بها في قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} الأعراف: 26؛ إشعارًا بأنَّ التستر باب عظيم في التقوى؛ ولذلك حين عصى آدم ربه عاقبه بإبداء السوءة، ونزع لباس التقوى عنه. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 798).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
التنصيص في اللبس والوضوء زيادة في الحث عليه فيهما، وإلا فإنه قد ثبت أنه كان يحب التيامن في شأنه كُله، وثبت أن يساره لخلائه. التنوير (2/ 205).

قوله: «فابدَؤُوا بمَيَامِنِكُم»:
قال المظهري -رحمه الله-:
(وفي رواية) «فابدؤوا بأيامنكم» الأيامن: جمع الأيمن، وهو بمعنى: اليمين، والميامن: جمع الميمن، وهو بمعنى اليمين أيضًا، وفي رواية: «ميامنكم». المفاتيح (1/ 398).
وقال التوربشتي -رحمه الله-:
(وفي رواية) «بأيمانكم» كذا وجدناه في نسخ المصابيح، والرواية المعتد بها: «بميامنكم»، ولا فرق بين اللفظين من طريق العربية، فإنَّ الأيمن والميمنة خلاف الأيسر والميسرة، غير أنَّ هذا الحديث تفرد بإخراجه أبو داود في كتابه، ولفظه: «بميامنكم» فعلينا أن نتبع لفظه -والله أعلم-. الميسر (1/ 145- 146).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
الأمر في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فابدؤوا» للندب، وقالت الشيعة: للإيجاب، وحُكي عن أحمد ذلك، ويمنعه الحديث الصحيح: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب التيمن في شأنه كله؛ في طهوره وترَجُّلِهِ وتنعله». الأزهار مخطوط لوح (99).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «فابدؤوا» ندبًا «بميامنكم»...، بأنْ يبدأ بلبس الكُمِّ أو الْخُفِّ أو النعل الأيمن...؛ وذلك لأنَّ اللبس والتطهير من باب التكريم، فاليمين به أولى، كما مر، ويُكْرَهُ عكسه، وخرج باللبس الخلع، فيبدأ فيه باليسار. التيسير (1/ 127).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
(أي) يُقدِّم اليُمنى من يديه ورجليه في الوضوء. دليل الفالحين (5/ 214).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«إذا توضأتم» يعني: فعلتم الوضوء، ووصلتم إلى غسل اليدين فابدؤوا باليمنى، وكذلك يقال في الرجلين، والأمر هنا: هل نقول هو للوجوب أو للاستحباب؟
هو للاستحباب في الواقع؛ لأن الله قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} المائدة: 6، ولم يرتب؛ وإنما رتب بين الأعضاء دون العضوين الذين هما في مقام العضو الواحد. فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 197).
وقال الغزي الشافعي -رحمه الله-:
أما العضوان اللذان يسهل غسلهما معًا، كالخدين فلا يقدم الأيمن منهما، بل يطهران دفعة واحدة. فتح القريب المجيب (ص: ٣٥).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
تُستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والتشريف والزينة والنظافة ونحو ذلك، كلبس النعل والخف والمداس والسراويل والكم، وحلق الرأس وترجيله وقص الشارب ونتف الإبط، والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار، والوضوء والغسل والتيمم، ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، ودفع الصدقة، وغيرها من أنواع الدفع الحسنة وتناول الأشياء الحسنة، ونحو ذلك مما هو في معناه، فيستحب التيامن فيه...، (و) يُستحب البداءة باليسار في كل ما هو ضد السابق في المسألة الأولى، من ذلك: خلع النعل والخف والمداس والسراويل والكم، والخروج من المسجد، ودخول الخلاء والاستنجاء وتناول أحجار الاستنجاء، ومس الذكر والامتخاط والاستنثار، وتعاطي المستقذرات وأشباهها، فيستحب التياسر فيه، وذلك كله لكرامة اليمين وشرفها. فتح القريب المجيب (1/ 737).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
يُستحب في اللبس: الابتداء بالكُم الأيمن، وفي النزع بالأيسر؛ ليكون الختم علي اليمين، وفي ابتداء الوضوء باليمين من اليد والرجل؛ لهذا الحديث. الأزهار مخطوط لوح (99).
وقال ابن عبد البر -رحمة الله-:
هذا يبين لك أنَّ اليمنى مكرمة؛ فلذلك يبدأ بها إذا انتعل، ويؤخرها إذا خلع؛ لتكون الزينة باقية عليها أكثر مما على الشمال، ولكن مع هذا لا يبقي عليها بقاء دائمًا؛ لقوله: «ليحفهما جميعًا». التمهيد (11/ 439).
وقال ابن المنذر -رحمه الله-:
ذكر البدء بالميامن في الوضوء ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ‌كان ‌يعجبه ‌التيمن ‌ما ‌استطاع في تَرَجُّلِهِ وتنعله ووضوئه...، وروينا عنه أنه قال: «إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم»...، وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه بدأ فغسل يده اليمنى، ثم اليسرى في وضوئه، وكذلك يفعل المتوضئ إذا أراد اتباع السنة...، وممن مذهبه أن المتوضئ يبدأ بيمينه قبل يساره: مالك وأهل المدينة، وسفيان الثوري وأهل العراق والأوزاعي، والشافعي وأصحابه، وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي، وأجمعوا على أن لا إعادة على من بدأ بيساره قبل يمينه، وقد روينا عن علي بن أبي طالب وابن مسعود أنهما قالا: «لا تبالي بأي يديك بدأت». الأوسط (1/ 386- 388).
وقال النووي -رحمه الله-:
أجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة لو خالفها فاته الفضل وصح وضوؤه، وقالت الشيعة: هو واجب، ‌ولا ‌اعتداد ‌بخلاف ‌الشيعة، واعلم أن الابتداء باليسار وإن كان مجزئًا فهو مكروه؛ نص عليه الشافعي وهو ظاهر، وقد ثبت في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بأسانيد حميدة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «‌إذا ‌لبستم أو توضأتم فابدؤوا بأيامنكم»؛ فهذا نص في الأمر بتقديم اليمين ومخالفته مكروهة أو محرمة، وقد انعقد إجماع العلماء على أنها ليست محرمة فوجب أن تكون مكروهة، ثم اعلم أن من أعضاء الوضوء ما لا يستحب فيه التيامن وهو الأذنان والكفان، والخدان، بل يطهران دفعة واحدة، فإن تعذر ذلك كما في حق الأقطع ونحوه قدَّم اليمين -والله أعلم-. شرح صحيح مسلم (3/ 160-161).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله- مُتعقِّبًا:
إن صح الإجماع الذي ذكره ابن المنذر والنووي؛ كان صارفًا للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب في الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم بإسناد صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا لبستم، أو توضأتم، فابدؤوا بأيامنكم»، وهو حديث صحيح، ونص صريح في الأمر بالبدء باليمين، لكنه مستحب؛ لما ذكر من الإجماع إن صح، وإلا فالأصل الوجوب؛ لأنه أمر وهو للوجوب؛ ولأنه ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه بدأ باليسار في وضوئه، فتثبت قولًا وفعلًا، لكن الأمر ما عرفناك، فتبصر -والله تعالى أعلم بالصواب-. البحر المحيط الثجاج (7/ 13).
وقال القرافي -رحمه الله-:
أما الأذنان ونحوهما فمستويان في المنافع، وصفات الشَّرَف، فلم يُقدِّم الشرعُ يمين شيء من ذلك على يساره، وقدَّم الجنب الأيمن؛ لاشتماله على الأعضاء الشريفة المذكورة. الذخيرة (1/ 284).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فيه: الأمر بابتداء اليمين في الوضوء أمر ندب؛ لأن الله تعالى أطلق غسلهما فلم يجب فيه ترتيب؛ ولأنهما كالعضو الواحد؛ بدليل أنَّ ظهور إحدى الرجلين من الخف كظهورهما، والحديث في ابتداء اليمين محمول على ما لا يستحب الإتيان به دفعة واحدة، وهو اليدان والرجلان، وفي غيرهما بالنسبة إلى العاجز كمقطوع اليد. شرح سنن أبي داود (16/ 437-436).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
يُستفاد من هذا الحديث: أنَّ التيامن في الوضوء ثابت في السُّنة الفعلية، والسُّنة القولية؛ أما ثبوته بالسُّنة الفعلية، ففي حديث عائشة، وأما ثبوته بالسُّنة القولية ففي هذا الحديث. فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 197)

وللاستفادة من الروايات الأخرى ينظر (هنا) و (هنا


ابلاغ عن خطا