الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«لَأَنْ يُطْعَنَ في رأسِ أحدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِن حديدٍ، خيرٌ له مِن أنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له».


رواه الطبراني في الكبير برقم: (486)، والروياني في مسنده برقم: (1283) من حديث مَعْقِل بن يَسَار -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (5045)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (1910).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «لَأَنْ يُطْعَنَ في رأسِ أحدِكُم بِمِخْيَطٍ من حديدٍ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«لأن يُطْعَنَ في رأس أحدكم بِمِخْيَطٍ» بكسر الميم، وفتح الياء، وهو ما يُخَاط به، كالإبرة والمسلة (مخيط كبير) ونحوها، «من حديد» خصه؛ لأنه أصلب من غيره، وأشد بالطعن، وأقوى في الإيلام. فيض القدير (5/ 258).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«لأن يُطْعَنَ» مُغيَّر صيغة. التنوير (9/ 23).

قوله: «خيرٌ له مِن أنْ يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«خيرٌ له من ‌يمس ‌امرأة لا تحل له» أي: لا يحل له نكاحها، وإذا كان هذا في مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة، فما بالك بما فوقه من القبلة والمباشرة في ظاهر الفرج. فيض القدير (5/ 258).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«خيرٌ له» في حقارة الإثم «مِن أنْ ‌يمس ‌امرأةً لا تحلُّ له» ظاهره: ولو بغير شهوة، وفيه: تحريم لمس الأجنبية، وهل يحرم لمس محرمة فإنها لا تحل له؟
قلتُ: إنْ أُريد بـ(لا تحل) حل الوطء، دخلت المحرم في تحريم اللمس، وإن أريد به حل الرؤية لم يحرم لمس المحرم، والأول أظهر أو هو متعين. التنوير (9/ 23).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
فلما اتفقوا أنه لا يجوز للأجنبي غسل الأجنبية الميتة مباشرًا لها ‌دون ‌ثوب ‌يسترها، دلَّ بأن مباشرة الأحياء الأجنبيين أولى بأن لا يجوز -والله أعلم-. شرح صحيح البخاري (5/ 80).
وقال ابن عقيل -رحمه الله-:
ولا تجوز مصافحة النساء الشواب؛ لأن ذلك يثير الشهوة. فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة (ص:42).
وقال النووي -رحمه الله-:
لا يُلمس بشرة ‌الأجنبية من غير ضرورة، كَتَطَبُّبٍ وفصْدٍ وحجامة، وقلع ضرس وكحل عين، ونحوها، فحيث لا توجد امرأة تفعله، جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة. المنهاج (13/ 10).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
ابن آدم قُدِّرَ عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقيًّا، بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازًا، بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا، وما يتعلَّق بتحصيله، أو بالمس باليد، بأن يمس ‌أجنبية بيده، أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا، أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع ‌أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب، فكل هذه أنواع من الزنا المجازي. المنهاج (16/ 206).
وقال العراقي -رحمه الله-:
إنَّه -عليه الصلاة والسلام- لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته، وما ملكت يمينه لا في مبايعة، ولا في غيرها، وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته، وانتفاء الريبة في حقه، فغيره أولى بذلك، والظاهر: أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه، فإنه لم يعد جوازه من خصائصه، وقد قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: إنَّه يحرم مسّ ‌الأجنبية، ولو في غير عورتها كالوجه، وإنْ اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة، ولا خوف فتنة، فتحريم المس آكد من تحريم النظر. طرح التثريب (7/ 44-45).
وقال الحجاوي الحنبلي -رحمه الله-:
ولا يجوز ‌مصافحة ‌المرأة الأجنبية الشابة، وإن سلمت شابة على رجل رده عليها، وإن سلم عليها لم ترده، وإرسال السلام إلى الأجنبية، وإرسالها إليه، لا بأس به؛ للمصلحة، وعدم المحذور. الإقناع (1/ 239).
وقال الخرشي -رحمه الله-:
وأما ‌مصافحة ‌المرأة لغير المحرم، فلا يجوز -والله أعلم-. شرح مختصر خليل (1/ 275).
وقال النووي -رحمه الله-:
قال أصحابنا: كل مَن حَرُم النظر إليه، حَرُم مسه، وقد يحل النظر مع تحريم المس، فإنَّه يحل النظر إلى الأجنبية في البيع والشراء والأخذ والعطاء، ونحوها، ولا يجوز مسها في شيء من ذلك. المجموع (4/ 635).
وقال ابن نجيم الحنفي -رحمه الله-:
ولا يجوز له أنْ يمس وجهها ولا كفها، وإنْ أمن الشهوة؛ لوجود المـُحَرِّم؛ ولانعدام الضرورة. البحر الرائق (8/ 219).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
ومن البدع المنكرة: ‌مصافحة ‌النساء الأجنبيات، لا سيما إذا كان بغير حائل؛ لأنه لم يثبت أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صافح امرأة أجنبية.
وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو المعصوم بلا نزاع، لم يضع يده في يد امرأة أجنبية مع عصمته، وأمن الفتنة، فكيف بغيره؟ الدين الخالص (4/ 374).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
لا يجوز للإنسان أنْ ‌يصافح ‌المرأة الأجنبية منه بأي حالٍ من الأحوال، حتى لو صافحها من وراء حائل، كالقفازين، أو طرف الخمار، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يجوز له هذا. فتاوى نور على الدرب (6/ 2).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
فقد روى أبو داود في المراسيل عن الشعبي: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حين بايع النساء أتى ببُرْد قطري فوضعه على يده، وقال: لا أصافح النساء، وعند عبد الرزاق من طريق إبراهيم النخعي مرسلًا نحوه، وعند سعيد بن منصور من طريق قيس بن أبي حازم كذلك، وأخرج ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه عن أبان بن صالح: أنَّه -صلى الله عليه وسلم- كان يغمس يده في إناء، وتغمس المرأة يدها فيه، ويحتمل التعدد، وقد أخرج الطبراني: أنه بايعهن بواسطة عمر، وروى النسائي والطبري من طريق محمد بن المنكدر أنَّ أميمة بنت رقيقة بقافين مصغر أخبرته أنها دخلت في نسوة تبايع فقلن: يا رسول الله، ابسط يدك نصافحك، قال: إني لا أصافح النساء، ولكن سآخذ عليكن، فأخذ علينا حتى بلغ، {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} الممتحنة: 12، فقال: «فيما طقتن واستطعتن؛ فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا»، وفي رواية الطبري: «ما قولي لمائة امرأة إلا كقولي لامرأة واحدة»، وقد جاء في أخبار أخرى أنهن كن يأخذن بيده عند المبايعة من فوق ثوب، أخرجه يحيى بن سلام في تفسيره عن الشعبي، وفي المغازي لابن إسحاق عن أبان بن صالح: أنه كان يغمس يده في إناء فيغمسن أيديهن فيه. فتح الباري (8/ 636-637).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
قالت عائشة: «لا والله ما مست امرأة قط يده غير أنه يبايعهن بالكلام».
قال أبو عمر (ابن عبد البر): هذا يَرُدُّ ما رُوي عن إبراهيم وقيس بن أبي حازم «أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصافح النساء إلا وعلى يده ثوب». الاستذكار (8/ 547).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
جواز مصافحة النساء من وراء حائل فيه نظر، والأظهر: المنع من ذلك مطلقًا؛ عملًا بعموم الحديث الشريف، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لا أصافح النساء»، وسدًّا للذريعة -والله أعلم-. مجموعة رسائل في الحجاب والسفور (ص: 69).
ويقول ابن حجر عن حديث الجارية التي كانت تأخذ بيد رسول الله:
المقصود مِن الأَخْذ باليد: لازمه، وهو الرفق والانقياد...، والتعبير بالأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة لساعد على ذلك، وهذا دال على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر -صلى الله عليه وسلم-. فتح الباري (10/ 490).
وقال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-:
سُئل (أحمد) عن الرجل يصافح المرأة، قال: لا، وشدَّد فيه جدًّا، قلتُ: فيصافحها بثوبه، قال: لا، قال رجل: فإن كان ذا محرم، قال: لا، قلتُ: ابنته قال: إذا كانت ابنته فلا بأس، فهاتان روايتان في تحريم المصافحة، وكراهتها للنساء، والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين (ابن تيمية)؛ وعلَّل بأنَّ الملامسة أبلغ من النظر. الآداب الشرعية (2/ 257).


ابلاغ عن خطا