الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«واللهِ إنِّي لَأعلمُها، وأكثرُ عِلْمِي هي الليلةُ التي أَمَرَنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بقيامِها، هي ليلةُ سبعٍ وعشرين».


رواه مسلم برقم: (762)، من حديث أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «واللهِ إنِّي لَأعلمُها»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:

قال أُبيّ بن كعب في ليلة القدر: «‌والله ‌إني ‌لأعلمها» بعينها. الكوكب الوهاج (13/ 220).
قوله: «وأكثرُ عِلمي هي الليلةُ التي أمرَنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بقيامِها هي ليلةُ سبعٍ وعشرين»:
قال النووي -رحمه الله-:
قوله: «وأكْثَرُ علمي» ضبَطْنَاه بالمثلثة، وبالموحدة، والمثلثة أكثر. شرح مسلم (6/ 43).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «وأكثرُ علمي» هو من قول شُعبة، كما يُبَيِّنهُ بعدُ. البحر المحيط الثجاج (15/ 699).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قال شُعبة: «وأكثر عِلْمِي» أي: أغلب ظنِّي أن عَبْدَةَ بن أبي لبابة قال لي لفظة: «هي» أي: القصة؛ لأنه ضمير الشأن للمؤنث، تُفَسِّره الجملة المذكورة بعده، فهو مبتدأ، «الليلة» مبتدأ ثانٍ، «التي أَمَرَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقيامها» وإحيائها صفة لـ«ليلة»، «هي» ضمير فصل، «ليلة سبع وعشرين» خبر للمبتدأ الثاني، يعني: أن القصة الليلة التي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقيامها هي ليلة سبع وعشرين. الكوكب الوهاج (13/ 220).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-:
قوله: «هي الليلة التي أَمَرَنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» هذا اللفظ شكَّ فيه شُعبة؛ لأنه قال: وحدثني بها صاحبٍ لي عنه، فليس هذا بثابت. توفيق الرب المنعم (2/ 477).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين» ولعل كل ما جاء من التعيين فيها فذاك بالنظر إلى بعض السنين، وإلا فهي في كُل رمضان والعشر الأواخر، أو السبع الأواخر رجاء، والله تعالى أعلم. فتح الودود (2/ 101).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-:
في هذا الحديث: اجتهاد أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- حيث كان يرى أنَّ ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، وحلف على ذلك. توفيق الرب المنعم (3/ 362).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
وقد روى الثوري عن عاصم بن أبي النجود، عن زِر بن حُبَيش قال: قلتُ لأُبيّ بن كعب: أخبرني عن ليلة ‌القدر؛ فإن ابن مسعود قال: مَن يَقُم الحول يُصِبْهَا، فقال: يرحمه الله، لقد علم أنها في رمضان، ولكن عُمِّي على الناس؛ لئلا يتَّكِلُوا، والذي أنزل الكتاب على محمد، إنها في رمضان، وإنها ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين. شرح صحيح البخاري (4/ 152).
وقال المازري -رحمه الله-:
فأما ليلة القدر فمن الناس مَن قال: ‌إنها ‌ليلة في سائر السَّنة، لكنه قال: إنما قلتُ ذلك لئلا يتّكل الناس، وقال غيره: بل هي في رمضان، وجُلّ قول أهل العلم: إنها في العشر الأواخر، وإنها في الأفراد منها، وأحسن ما بُنيت عليه الأحاديث المختلفة في تعيينها أن يقال: إنها تختلف حالها، فتكون سَنة في ليلة، وسَنة في ليلة أخرى، وكأنه أَجْرٌ يكتبه الله للعامل، فيتفضل به في ليلةٍ، وفي غيرها من السنين في ليالٍ أُخر. المعلم بفوائد مسلم (1/ 455).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن ليلة ‌القدر في كل رمضان ليلة إحدى وعشرين، وذهب آخرون إلى أنها ليلة ثلاث وعشرين في كل رمضان، وذهب آخرون إلى أنها ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين في كل رمضان، وذهب آخرون إلى أنها تنتقل في كل وتر من العشر الأواخر، وهذا عندنا هو الصحيح إن شاء الله. التمهيد (14/ 431).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
وكان ابن عباس -رضي الله عنه- يحلف أنها ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين، وينزع في ذلك بإشارة عليها بنى الصوفية عقدهم في كثير من الدلالة، ويقول: إذا عددت حروف (أي: كلمات) {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} القدر: 1، فقولك: {هي} هو الحرف السابع والعشرون من السورة، وهو موضع الإشعار بها. المسالك في شرح موطأ مالك (4/ 266).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
وقد استنبط طائفة من المتأخرين من القرآن أنها ليلة سبع وعشرين من...أن الله تعالى كرَّر ذكر ليلة القدر في سورة القدر في ثلاثة مواضع منها، وليلة القدر حروفها تسع حروف، والتسع إذا ضُربت في ثلاثة فهي سبع وعشرون. شرح سنن أبي داود (6/ 670).
قال ابن عطية -رحمه الله- معلقًا على القول بالعدد في سورة القدر:
وهذه ‌من ‌مُلَح ‌التفسير، وليست من متين العِلم. المحرر الوجيز (1/ 61).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافًا كثيرًا، وتحصَّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولًا، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كل منهما؛ ليقع الجِدُّ في طلبهما...
وأرجحها كلها: أنَّها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يُفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها: أوتار العَشْر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية: ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس، وأرجاها عند الجمهور: ليلة سبع وعشرين. فتح الباري (4/262- 266).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
القول الحادي والعشرون (من الأقوال في تعيين ليلة القدر): أنها ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين، وهو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وبه جزم أُبيّ بن كعب، وحلف عليه، كما أخرجه مسلم، وروى مسلم أيضًا من طريق أبي حازم عن أبي هريرة قال: تذاكرنا ليلة ‌القدر، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أيُّكم يذكر حين طلع القمر كأنه شِقُّ جفنة؟» قال أبو الحسن الفارسي أي: ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين، فإن القمر يطلع فيها بتلك الصفة، وروى الطبراني من حديث ابن مسعود سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ليلة ‌القدر، فقال: «أيُّكم يذكر ليلة الصهباوات؟» قلتُ: أنا؛ وذلك ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين، ورواه ابن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وناس من الصحابة، وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم رأى رجلٌ ليلة ‌القدر ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين، ولأحمد من حديثه مرفوعًا: «ليلة ‌القدر ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين»، ولابن المنذر: «مَن كان مُتَحَرِّيْهَا فلْيَتَحَرَّهَا ليلة سبع وعشرين»، وعن جابر بن سمرة نحوه، أخرجه الطبراني في أوسطه، وعن معاوية نحوه أخرجه أبو داود، وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء، وقد تقدم استنباط ابن عباس عند عمر فيه، وموافقته له...، وقال صاحب الكافي من الحنفية وكذا المحيط: مَن قال لزوجته أنتِ طالق ليلة القدر طلقت ليلة سبع وعشرين؛ لأن العامة تعتقد أنها ليلة القدر. فتح الباري (4/ 264).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: ما الحق في ليلة ‌القدر؟
قلتُ: الاختلاف فيها طويل الذِّيل، إلا أنَّ أكثر الأحاديث أنها في أوتار العشر الأخير، وميل الشافعي إلى أنها ليلة إحدى وعشرين، والجمهور على أنها ‌ليلة ‌سبع ‌وعشرين. الكوثر الجاري (1/ 97).
وقال الشيخ عبد الرحمن السحيم -رحمه الله-:
حَلَف أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- لا يَستثني أنَّها ليلة سبع وعشرين، قال زِرّ بن حُبيش: «فقلتُ: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها» رواه مسلم، فهذا محمول على أمرين:
الأول: أنَّ هذا كان رأي أُبيّ -رضي الله عنه-.
والثاني: اختصاص ذلك بِسَنَةٍ رأى أُبيّ فيها تلك العلامة في صبيحة سبع وعشرين. شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام (ص: 10).
وقال النووي -رحمه الله-:
حديث أُبي بن كعب أنَّه كان يحلف أنَّها ليلة سبع وعشرين، وهذا أحد المذاهب فيها، وأكثر العلماء على أنَّها ليلة مُبهمة من العشر الأواخر من رمضان، وأرجاها أوتارها، وأرجاها: ليلة سبع وعشرين، وثلاث وعشرين، وإحدى وعشرين، وأكثرهم أنها ليلة معينة لا تنتقل.
وقال المحققون: إنها تنتقل، فتكون في سَنة ليلة سبع وعشرين، وفي سَنة ليلة ثلاث، وسَنة ليلة إحدى، وليلة أخرى، وهذا أظهر، وفيه جمع بين الأحاديث المختلفة. شرح صحيح مسلم (6/ 43).


ابلاغ عن خطا