«ضَحَّى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بكبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ»، قال: «ورأيتُهُ يَذْبَحُهُمَا بيدِهِ، ورأيتُهُ واضِعًا قَدَمَهُ على صِفَاحِهِمَا» قال: «وسَمَّى وكَبَّرَ».
رواه البخاري برقم: (5564)، ومسلم برقم: (1966) واللفظ له، من حديث أنس -رضي الله عنه-.
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«بكبشين»:
الكبش: الحَمَل إذا أَثنى، أو إذا خرجت رباعيته. القاموس المحيط، للفيروز أبادي (ص: 603).
«أملحين»:
أي: بياضهما أكثر من سوادهما. فتح الإله، للهيتمي (5/ 324).
قال ابن الأثير -رحمه الله-:
الأملح: الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض. النهاية (4/354).
«أقرنين»:
الأقرن: العظيم القرن، وقيل: الطويل القرن. الأزهار، الأردبيلي، مخطوط لوح (185).
«صفاحهما»:
أي: صفحتي أعناقهما، وهما جانباها، وصفحة كل شيء جانبه. إكمال المعلم، للقاضي عياض (6/ 412).
قال الكرماني -رحمه الله-:
الصفح: بفتح الصاد وضمها: الجانب. الكواكب الدراري، للكرماني (20/ 132).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
صفح كل شيء وجهه وناحيته. النهاية (3/34).
شرح الحديث
قوله: «ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبشين»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ضحى» من التضحية، أي: ذبح على وجه القُربة الأضحية. مرقاة المفاتيح (3/ 1078).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «ضحى» كذا في رواية شعبة بصيغة الفعل الماضي، وكذا في رواية أبي عوانة... عن قتادة، وفي رواية همام... عن قتادة «كان يضحي» وهو أظهر في المداومة على ذلك. فتح الباري (10/ 18).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
قوله: «ضحى» من التضحية، وفي رواية: «كان يضحي»، وفيها إشعار بالمداومة على ذلك. مرعاة المفاتيح (5/ 73).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
«بكبشين» تثنية كبش، وهو فحل الضأن في أي سن كان، واختلف في ابتدائه، فقيل: إذا أثنى، وقيل: إذا أربع، والجمع: كُبُش وكباش. كشف اللثام (7/ 36).
وقال الشيخ النجمي -رحمه الله-:
هما الذكور من الضأن، يقال له: كبش، ويقال له: خروف. تأسيس الأحكام (5/ 169).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
كبشين: الكبش هو الثَنيُّ إذا خرجت رباعيته، وحينئذٍ يكون عُمره سنتين، ودخل في الثالثة. تيسير العلام (ص: 724).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
(كبشين) ولعل وجه تعددهما: أنه ذبح واحدًا عن نفسه وآله، وواحدًا عن أُمته. مرقاة المفاتيح (3/ 1078).
قوله: «أَملحين أقرنين»:
قال التوربشتي -رحمه الله-:
الملحة من الألوان: بياض يخالطه سواد، وإلى هذا ذهب كثير من أصحاب الغريب في معنى «أملحين»، وخالفهم ابن الإعرابي فقال: هو نقي البياض، ولعله ذهب إلى ذلك لقول العرب لبعض شهور الشتاء: ملحان لبياض ثلجه. الميسر في شرح مصابيح السنة (1/ 347).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وأما تفسير «الأملحين» فإن الأملح ما حدثناه عبد الله بن محمد...، عن أبي سعيد الخدري قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحي بكبش أقرن فَحِيْل (أي: فحل) ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويمشي في سواد».
وأخبرنا عبد الله قال: حدثني محمد...، عن عائشة «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بكبش أقرن، ينظر في سواد، ويطأ في سواد، ويبرك في سواد، فضحّى به». الاستذكار (5/ 221-222).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
وقيل: الذي ينظر في سَواد، ويأكل في سواد، ويمشي في سواد، ويبرك في سواد؛ أي: أن مواضع هذه منه سواد، وما عدا ذلك أبيض.
وحكى ذلك الماوردي عن عائشة -رضي الله عنها-، وهو غريب، ولعله أراد الحديث الذي جاء عنها كذلك، لكن ليس فيه وصفه بالأملح. كشف اللثام (7/ 37).
وقال الماوردي -رحمه الله-:
وفي الأملحين ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه الأبيض الشديد البياض، وهذا قول ثعلب.
والثاني: أنه الذي ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويمشي في سواد، وباقيه بياض، وهذا قول عائشة -رضي الله عنها-.
والثالث: أنه الذي بياضه أكثر من سَواده على الإطلاق، وهذا قول أبي عبيد. الحاوي (15/ 159).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «أملحين» الأملح هو الأبيض، سُمِّي بذلك؛ لأنه يشبه الملح في البياض، وقيل: الأبيض الذي خالطه سواد، فصار كالرصاص أبيض وأسود. فتح ذي الجلال والإكرام (6/ 69).
وقال الدماميني -رحمه الله-:
«أقرنين» تثنية أقرن، وهو الكبير القرن. مصابيح الجامع (9/ 170).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«أقرنين» يعني: طويلي القرن. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 347).
وقال النووي -رحمه الله-:
قوله: «أقرنين» أي: لكل واحد منهما قرنان حسنان. شرح مسلم (13/ 120).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
وإنما اختار هذين لعظمهما؛ ولأن ما له قرون أكمل مما ليس له قرون، فإن وجود قرونه من كمال الخلقة، وهو أيضًا يدل على قوة الخروف وشدته؛ لأن هذا الذي له قرون تجده عند المناطحة يهزم ما يناطحه من الضأن، وحينئذٍ يكون له قوة معنوية (وقوة)جسدية...فتح ذي الجلال والإكرام (6/ 69).
قوله: «قال: ورأيته يذبحهما بيده»:
قال المظهري -رحمه الله-:
يعني: السُّنة أن يذبح الرجل الأضحية بيده؛ لأن فعل الرجل العبادة بنفسه أفضل، فإن وكَّل أحدًا في ذبحها جاز. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 347).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«ذبحهما بيده» وإنما قال: بيده لنفي أن ذبح عنه بأَمرهِ. شرح المصابيح (2/ 260).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وتولى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذبح أضحيته بيده سنة في الضحايا مستحبة تولى ذلك بيده.
قال مالك: وذلك من التواضع؛ ولأنها نسك وفدية ودم مهراق لله فنحر لنا، فيستحب أن يتولاه ويحوز أجره، ولا يوليه غيره، فإن ولى ذلك مسلمًا أجزأه، والأولى توليه بيده إلا من عُذر، وكذلك الهدي فإن ولاه ذِمِّيًّا فاختلف عندنا (يعني: المالكية) هل يجزئه عن الضحية أم لا؟ ورأى مالك في أحد القولين: عليه الإعادة؛ إذ هي قربة لا تصح على يد كافر، وكره ذلك جماعة من السلف وعامة أصحاب الفتوى وأئمة الأمصار إلا أنهم قالوا: تجزئ إذا فعل ذلك عطاء ابتداءً. إكمال المعلم (6/ 413).
وقال النووي -رحمه الله-:
وإن استناب فيها مسلمًا جاز بلا خلاف، وإن استناب كتابيًّا كُرِهَ كراهية تنزيه وأجزأه، ووقعت التضحية عن الموكل؛ هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا مالكًا في إحدى الروايتين عنه، فإنه لم يجوزها، ويجوز أن يستنيب صبيًّا أو امرأة حائضًا لكن يكره توكيل الصبي، وفي كراهة توكيل الحائض وجهان، قال أصحابنا: الحائض أولى بالاستنابة من الصبي، والصبي أولى من الكتابي، قال أصحابنا: والأفضل لمن وكَّل أن يُوكِّل مسلمًا فقيهًا بباب الذبائح والضحايا؛ لأنه أعرف بشروطها وسننها، -والله أعلم-. شرح مسلم (13/ 120-121).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
المستحب (ذبحها بيده) لمن يعرف آداب الذبح، ويقدر عليه، وإلا فليحضر عند الذبح للخبر الحسن، بل صححه الحاكم: أنه -عليه الصلاة والسلام- قال لفاطمة: «قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنوبك»، وفي رواية صحيحة: «كل ذنب عملتيه». مرقاة المفاتيح (3/ 1077-1078).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
وفيه (يعني: حديث «قومي إلى أضحيتك فاشهديها») عطية، وقد قال أبو حاتم: إنه حديث منكر، ورواه الحاكم أيضًا والبيهقي من حديث علي، وفيه عمرو بن خالد الواسطي، وهو متروك. مرعاة المفاتيح (5/ 73).
قوله: «ورأيته واضعًا قدمه على صفاحهما»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«رأيته» -صلى الله عليه وسلم- «واضعًا» حال «قدمه على صفاحهما». مرقاة المفاتيح (3/ 1078).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «فرأيته واضعًا قدمه على صفاحهما» أي: على صفاح كل منهما عند ذبحه. فتح الباري (10/ 18).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: الرِّجْل لا يضعها إلا على صفحة، فلِمَ قال: «صفاحها»؟
قلتُ: لعله على مذهب من قال: أقل الجمع اثنان، كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} التحريم: 4، فكأنه قال: صفحتيهما، وإضافة المثنى إلى المثنى تفيد التوزيع، فمعناه: وضع رجله على صفحة كل منهما. الكواكب الدراري (20/ 132).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وإنَّما ثنَّى إشارة إلى أنه فعل ذلك في كل منهما، فهو من إضافة الجمع إلى المثنى بإرادة التوزيع. فتح الباري (10/ 18).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وإنما فعل ذلك (يعني: وضع قدمه على صفحة الذبيحة) ليكون أثبت له؛ ولئلا يضرب الكبش برأسه عند الذبح فتزهق يد الذابح، وهذا أصح من الحديث الآخر الذي جاء بالنهي عن هذا. إكمال المعلم (6/ 412).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
ولأبي ذر وابن عساكر «ويضع» «رجله على صفحتهما» أي: صفحة عنقهما؛ ليكون أثبت له، وأمكن للذبح، وعدم اضطراب الذبيحة، فيستحب أن يضع الذابح رجله على صفحة عنق الذبيحة اليمنى بعد إضجاعها على الجانب الأيسر؛ لأنه أسهل في أخذ السكين، وإمساك رأس الذبيحة باليسار. إرشاد الساري (8/ 308).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
لكن هذا الوضع هل هو وضع هين، أو وضع شديد بحيث يضبط البهيمة؟ الثاني بلا شك؛ لأن مجرد الوضع لا يفيد. فتح ذي الجلال والإكرام (6/ 69).
قوله: «قال: وسمَّى وكبر»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
أي: قال: بسم الله، والله أكبر، والواو الأولى لمطلق الجمع، فإن التسمية قبل الذبح. مرقاة المفاتيح (3/ 1078).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «ويسمِّي، ويكبر» فسرّه لفظ مُسلم بأنه «بسم الله، والله أكبر». سبل السلام (2/ 530).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
قوله: «فسمَّى وكبر» وفي الحديث الآخر: «فقال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد». إكمال المعلم (6/ 413).
وقال القاضي عياض -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «فسمى وكبر» فيه التسمية على الضحية والذبيحة، وقد تقدم ذكر صفة التسمية والتكبير، وهو استحباب كافة العلماء، ولا خلاف أن «باسم الله» تجزئ فيها.
قال ابن حبيب: وكذلك لو قال: «الله أكبر» فقط، و«لا إله إلا الله» أو «باسم الله» أو شيئًا من كل تسمية، ولكن ما مضى عليه العمل من «باسم الله، والله أكبر» أحسن.
وقال نحوه محمد بن الحسن قال: ولو قال: «الحمد لله» ولا يريد بذلك تسمية لم يجزه، ولا يؤكل، وقاله الشافعي، ولا يجزئ شيء من ذلك عند أبي ثور، وقال: التسمية كالتكبير في الصلاة، لا يجزئ من ذلك غيرها. إكمال المعلم (6/ 413).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
قال الشافعي: والأكثرون يستحبون التسمية والتكبير في الذبح، وقال داود وأبو ثور: التسمية واجبة، ولو تركها عمدًا، أو نسيانًا حرمت، وقال أبو حنيفة: إنْ تركها عمدًا حرمت، ونسيانًا فلا. الأزهار شرح مصابيح السنة، مخطوط لوح (185).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
أما التسمية فأصل في كُل ذبح...، وأما التكبير فمخصوص بالهدايا؛ لقوله تعالى: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} الحج: 37، ويقال في الأضحية؛ لما روى أبو داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمَّى في الأضحية وكبر. عارضة الأحوذي (6/ 292).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
وفيه: مشروعية التسمية عند الذبح، وهي شرط في صفة الذبح مع الذِّكر، وتسقط بالسهو والنسيان عند مالك والثوري وأبي حنيفة، وهو المشهور من مذهب أحمد، وهو المروي عن ابن عباس، وعن أحمد: أنها مستحبة غير واجبة في عمد ولا سهو، وبه قال الشافعي.
والقول الراجح عندنا هو ما ذهب إليه الجمهور، وأما التكبير فهو مستحب عند الجميع. مرعاة المفاتيح (5/ 73).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
فيه أنَّه ينبغي للذابح مطلقًا أنْ يُسمي، ولم يجب ذلك عندنا؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري أباح المذبوح مع ذكرهم أنهم شاكون في أن ذابحه سمّى أم لا، ومع ذكرهم القرينة على عدم تسميته، وهو حُدْثان عهده بالجاهلية، فلو وجبت التسمية لما حلّ ذلك...
«وكبَّر» منه أخذ الشافعي -رضي الله عنه- قوله: ويختار في الأضحية خاصة أن يكبر قبل التسمية وبعدها ثلاثًا؛ لأنها في أيام التكبير، ثم يختم بالتحميد، واعتُرض التثليث بخبر مسلم، فإنه ليس فيه إلا مرة واحدة، ويرد بالقياس على تسبيح الركوع وغيره. فتح الإله في شرح المشكاة (5/326).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
والتسمية شرط لحل الذبيحة، والتكبير سُنة، وإنما شرعت التسمية هنا لأنها شرط لحل الذبيحة، وشرع التكبير؛ لأنه تعظيم لله، والذبح تقربًا إليه تعظيم له، فيحصل التناسب بين التعظيم الفعلي والتعظيم القولي...
وقد عرفنا أن الحكمة من التكبير هنا هو أن يتفق الفعل والقول على تعظيم الله -عزّ وجلّ-. فتح ذي الجلال والإكرام (6/ 69).
وقال النووي -رحمه الله-:
وفي هذا الحديث: جواز تضحية الإنسان بعدد من الحيوان، واستحباب الأقرن، وأجمع العلماء: على جواز التضحية بالأجم الذي لم يخلق له قرنان. شرح صحيح مسلم (13/ 120).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
واستدل به (أي: بلفظ «بكبشين») على اختيار العدد في الأضحية، ومن ثم قال الشافعية: إن الأضحية بسَبْع شياه أفضل من البعير؛ لأن الدم المراق فيها أكثر، والثواب يزيد بحسبه. مرعاة المفاتيح (5/ 73).
وقال النووي -رحمه الله-:
فيه أنه يستحب أن يتولى الإنسان ذبح أضحيته بنفسه ولا يوكِّل في ذبحها إلا لعذر، وحينئذٍ يستحب أن يشهد ذبحها.شرح صحيح مسلم (13/ 120).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
وفيه: دلالة على أن سنته مباشرة ذبح القُربان بيده، ومن لم يذبح بنفسه يشهد الذبح، ويجوز توكيل الكتابي في ذبحها مع الكراهية. الكوثر الجاري (9/ 189).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
قال العلماء: يُستحب أنْ يذبح الأضحية بنفسه لهذا الحديث وغيره، ولأنها قربة؛ فقيامه بها أفضل من الاستنابة. الأزهار شرح مصابيح السنة، مخطوط لوح (185).
وقال النووي -رحمه الله-:
قوله: «وسمى» فيه: إثبات التسمية على الضحية وسائر الذبائح، وهذا مجمع عليه، لكن هل هو شرط أم مستحب؟؛ فيه خلاف سبق إيضاحه في كتاب الصيد.
قوله: «وكبر» فيه: استحباب التكبير مع التسمية، فيقول: بسم الله والله أكبر. شرح مسلم (13/ 121).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وفيه: استحباب التكبير مع التسمية.
واستحباب وضع الرجل على صفحة عنق الأضحية الأيمن.
واتفقوا على أن إضجاعها يكون على الجانب الأيسر، فيضع رجله على الجانب الأيمن؛ ليكون أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين، وإمساك رأسها بيده اليسار. فتح الباري (10/ 18).
قال النووي -رحمه الله-:
قوله: «أملحين» فيه استحباب استحسان لون الأضحية، وقد أجمعوا عليه. شرح مسلم (13/ 120).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
قال أصحابنا: أفضلها البيضاء، ثم الصفراء، ثم الغبراء، وهي التي لا يصفو بياضها، ثم البلقاء، وهي التي بعضها أبيض وبعضها أسود، ثم السوداء.شرح مسلم (13/ 120).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قلتُ: إذا كانت الأفضلية في اللون مستندة إلى ما ضحى به -صلى الله عليه وسلم-، فالظاهر: أنه لم يتطلب لونًا معينًا حتى يحكم بأنه الأفضل، بل ضحى بما اتفق له، وتيسر حصوله، فلا يدل على أفضلية لون من الألوان. سبل السلام (2/ 530).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
اختيار اللون لا أثر له، لكن الأصل أن قوله: «أنه أمر بكبش» هذا وصفه، وأنه وقع اتفاقًا. فتح ذي الجلال والإكرام(6/٧٤)
وقال السفاريني -رحمه الله-:
يستحب أن يضحي بالأقرن، وهو أفضل من الأجم، مع الاتفاق على جواز التضحية بالأجم، وهو الذي لا قرن له. كشف اللثام (7/ 37).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
استَحب العلماء القرناء على الجماء (وهي التي لا قرون لها)، والذكران على الإناث؛ اقتداء بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا خلاف بين العلماء في جواز الضحية في الأجم. إكمال المعلم (6/ 411).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
قال علماؤنا: وذكر وأنثى سواء، وربما استدل بالحديث على أفضلية الذكر. كشف اللثام (7/ 37).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وفيه: أن الذكر في الأضحية أفضل من الأنثى، وهو قول أحمد، وعنه رواية: أن الأنثى أولى، وحكى الرافعي فيه قولين عن الشافعي:
أحدهما: عن نصه في البويطي: الذكر؛ لأن لحمه أطيب، وهذا هو الأصح، والثاني: أن الأنثى أولى. فتح الباري (10/ 11). الفوائد
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
الذكور في الضحايا أفضل من الإناث، وقد اختلف في ذلك، فقال في المبسوط: الذكر والأنثى سواء، والأول أصح؛ وذلك لأنه فعل النبي، وتمام الخلقة وكمال الذكورية. عارضة الأحوذي (6/293).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
لو تعارض اللون، وطيب اللحم، فرعاية طيبه أفضل. فتح الإله في شرح المشكاة (5/324).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
اختلف أهل العلم هل يضحى عن الميت مع اتفاقهم على أنه يتصدق عنه والضحية ضرب من الصدقة، لأنها عبادة مالية، وليست كالصلاة والصيام، وقد قال عبد الله بن المبارك: أحب إليَّ أن أتصدق عنه، يعني: بثمن الأضحية، ولا يضحي، فإن ضحى فلا يأكل منها شيئًا.
قال ابن العربي (يعني: نفسه): الصدقة والأضحية سواء في الأجر عن الميت، وإنما قال: لا يأكل منها شيئًا؛ لأن الذابح لم يتقرب بها عن نفسه، وإنما تقرب بها عن غيره، فلم يجز له أن يأكل من حق الغير شيئًا. عارضة الأحوذي (6/ 290-291).
وللفائدة ينظر فتوى اللجنة الدائمة في حكم من نسي التسمية عند الذبح (هنا)