الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«إذا دخلَ الرَّجُلُ بيتَهُ، فذكر الله عند دخولِهِ وعند طعامهِ، قال الشيطانُ: لا مَبِيتَ لكم، ولا عشاءَ، وإذا دخل، فلم يذكرِ اللهَ عند دخولهِ، قال الشيطانُ: أَدْرَكْتُمُ المبيتَ، وإذا لم يذكرِ الله عند طعامهِ، قال: أَدْرَكْتُمُ المبيتَ والعشَاءَ».


رواه مسلم برقم: (2018)، من حديث جابر -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«المَبِيتَ»:
أي: مكان البيات. دليل الفالحين، لابن علان (5/ 218).
وقال المظهري -رحمه الله-:
والمبيت: مكان، أو مصدر مِنْ بات يَبيت. المفاتيح(4/ 500).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
أي: موضع البيتوتة. شرح المصابيح (4/ 538).

«العَشَاءَ»:
بالفتحِ: ‌الطَّعام الذي يُؤْكل عند ‌العِشَاء. النهاية، لابن الأثير (3/ 242).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
بفتح العين والمد: هو الطَّعام الذي يُؤكل في العشيَّة، وهي من صلاة المغرب إلى العَتَمة. شرح المصابيح (4/ 538).


شرح الحديث


قوله: «إذا دخل الرَّجل بيته»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«إذا دخل الرَّجل بيته» ومثله المرأة؛ إذ لا فرق بينهما في ذلك. البحر المحيط الثجاج (34/ 110).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«إذا دخل الرَّجل بيته» ذِكر (الرَّجل) ليس للاحتراز، فكذلك المرأة، وإضافة «بيته» للمِلْك أو الاختصاص. فتح المنعم (8/ 198).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«إذا دخل الرَّجل بيته» أي: مسكنه الذي يبيت فيه، والظَّاهر: أنَّ المراد أعمُّ منه. مرقاة المفاتيح (7/ 2693).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«إذا دخل الرَّجل منزله» أي: منزل من بيته، أو غيره من بيوت غير مَسكونة. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 531).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«إذا دخل الرَّجل» ذكر الرَّجل لأنه الأشرف، وإلا فالمرأة في جميع ما ذكر في الحديث مثله «بيته» أي: منزله ولو كان خيمة.
والظَّاهر: أنَّ المراد دخوله في المساء، بدليل المبيت والعَشَاء؛ إذ إنَّ قبله الغداء والفطور. دليل الفالحين (5/ 217-218).
وقال الأردبيلي -رحمه الله-:
وذِكْر المبيت والعَشَاء تنبيهٌ على المقيل والغداء. الأزهار، مخطوط، لوح (379).

قوله: «فذكر الله عند دخوله وعند طعامه»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «فذكر الله عند دخوله» بأيِّ ذكرٍ، من تسمية وغيرها، إلا أنَّ قوله: «وعند طعامه» يرشد إلى أنَّ المراد: التسمية؛ لأنها المشروعة عنده. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 531).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فذكر الله تعالى» أي: اسمه، بأنْ قال: بسم الله «عند دخوله» يحتمل: أنْ يُراد عند إرادة الدُّخول، ويحتمل عند نفس الدُّخول الذي ابتداؤه الولوج في المنزل «وعند طعامه» أي: تناوله له. دليل الفالحين (5/ 218).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«عند» أكل «طعامه» أي: عند الطَّعام المأكول، فإنْ كان مِلْكه فهو على حقيقته، وإن كان ضيفًا ونحوه، فيكون عند الطَّعام الذي سيملكه بالأكل. شرح سنن أبي داود (15/ 347).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«فذكر الله عند دخوله وعند طعامه» المراد من ذكر الله التسمية، وفي الكلام طيٌّ، وفيه أيضًا مجاز المشارفة، والتَّقدير: إذا أشرف الرجل على دخول بيته، فسمَّى الله تعالى عند دخوله، وإذا أشرف على طعامه فسمَّى الله تعالى عند مدِّ يده إليه. فتح المنعم (8/ 198).

قوله: «قال الشيطان: لا ‌مَبِيتَ لكم ولا عَشاء»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«قال الشيطان» أي: لأتباعه: «لا مبيت» أي: لا موضع بيتوتة «لكم» والأظهر أنَّ المراد: لا مُقام لكم «ولا عشاء» بفتح العين والمدِّ هو الطَّعام الذي يؤكل في العشيَّة، وهي من صلاة المغرب إلى صلاة العِشاء بكسر العين، ويقال: ما بين العِشاءين تغليبًا، والمعنى: لا يتيسَّرُ لكم الْمُقام، ولا الطَّعام في هذا المكان. مرقاة المفاتيح (7/ 2693).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
المخاطب به أعوانه؛ أي: لا حظَّ ولا فرصة لكم الليلة من أهل هذا البيت، فإنهم قد أحرزوا عنكم طعامهم وأنفسهم، وتحقيق ذلك: أنَّ انتهاز الشَّيطان فرصة من الإنسان إنما تكون حال الغفلة، ونسيان الذِّكر، فإذا كان الرَّجل متيقِّظًا محتاطًا متذكِّرًا لله تعالى في جملة حالاته، لم يتمكَّن الشَّيطان من إغوائه وتسويله، وأَيِسَ عنه بالكُلِّيَّة. تحفة الأبرار (3/ 104).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «‌لا ‌مَبِيتَ ‌لكم» في دار ذُكِر اسم اللَّه فيها، فإنهم يفِرُّون من استماع ذكر اللَّه، ومن كُل مكان ذُكِر اسم اللَّه فيه «ولا عَشاء» ولا تستطيعون أن تأكلوا من عشاء هذا الذي سمَّى اللَّه عليه، ولا يَحِلُّ لكم أَكله. شرح سنن أبي داود (15/ 347).
وقال الأصبهاني -رحمه الله-:
قوله: «‌لا ‌مبيتَ ‌لكم ولا عَشاءَ» يعني: أنَّ الشَّيطان يهرب من البيت الذي يذكر الله فيه عند الدُّخول والطَّعام، فلا يصل إلى طعام أهل ذلك البيت، ولا يتمكَّن من البيتوتة في البيت، وإذا لم يُذكرِ الله عند الدُّخول وعند الطَّعام وصل إلى طعامهم؛ وتمكَّن من البيتوتة في بيتهم. التحرير في شرح صحيح مسلم (ص:481).
وقال المظهري -رحمه الله-:
يعني: يقول الشَّيطان لأولاده: لا يحصل لكم مسكن وطعام في هذا البيت؛ لأنه سمَّى الله، ويحتمل أن يكون الخطاب لأهل البيت؛ يعني: يقول الشَّيطان على سبيل الدُّعاء على أهل البيت: «‌لا ‌مبيت ‌لكم» أي: جعلكم الله محرومين كما جعلتُموني محرومًا من المبيت والطَّعام بأن ذكرتم اسمَ الله. المفاتيح في شرح المصابيح (4/500).
وقال الطيبي -رحمه الله- متعقِّبًا:
أقول: وهو بعيد؛ لقوله: «قال الشَّيطان: أدركتم المبيت»، والمخاطبون أعوانه، وأمَّا تخصيص المبيت والعشاء فلغالب الأحوال؛ لأن ذلك صادق في عموم الأحوال. الكاشف عن حقائق السنن (9/ 2839).

قوله «وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«وإذا دخل» الآدمي بيته «فلم يذكر» اسم «اللَّه عند دخوله» بيته «قال الشَّيطان» لبقية جماعته وإخوانه ورفقته: «أدركتم» أي: حلَّ لكم «المبيت»، فلو قال لهم ذلك عند ترك اسم اللَّه، ثم إنَّ الدَّاخل تذكَّر وذكر اسم اللَّه، فالظَّاهر: أنهم يخرجون بعد أنْ طَمِعُوا في المبيت. شرح سنن أبي داود (15/ 347).
وقال ابن رسلان -رحمه الله- أيضًا:
«قال الشَّيطان» المراد به جنس الشَّيطان: «أدركتم» ‌تاء ‌الخطاب ‌تدلُّ ‌على ‌أنه ‌يحضر جماعة كثيرة من الشَّياطين لا واحد؛ ولهذا قال: أدركتم، ولم يقل: أدركتَ. شرح سنن أبي داود (15/ 347).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«أدركتم المبيت» إطلاقه يقتضي تمكُّنِه من المبيت عند تركه الذِّكر حال الدُّخول، وإنْ أتى به بعد، ويحتمل: أنه مقيَّد بما إذا لم يأتِ به بعد، وإلا فلا سبيل لهم إلا قياسًا على التَّسمية أثناء الطَّعام. دليل الفالحين (5/ 218).

قوله: «وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعَشاء»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«فإذا لم يذكر اللَّه عند طعامه» أيضًا «قال»: أبشروا، لقد «أدركتم المبيت والعَشاء» جميعًا، وفي هذا استحباب ذكر اللَّه تعالى عند دخول البيت، وعند أكل طعامه. شرح سنن أبي داود (15/ 347).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعَشاء» فإن انتهاز الشَّيطان الفرصة من الإنسان هو في حالة الغفلة عن الذِّكر. شرح المصابيح (4/ 538-539).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وقد اخْتُلِفَ في معنى ما جاء في الآثار من أكل الشَّيطان وشربه، فجعلَه الأكثر من أصحاب الحديث والفقهاء وغيرهم على الحقيقة؛ إذ قد جاء بذلك آثار كثيرة متظاهرة، وليس ثَمَّ ما يحيله ويمنعه، ولا للأقيسة والعقول فيها مجال، وهُمْ وإن كان ليس منهم أجسام لطيفة روحانية، فلا يبعد أن يكون لهم ببعض الأغذية إلمام من لطيف لرطوبتها أو روائحها، فقد جاء في الحديث: «من بات وفي يده غَمَرٌ (ريح اللحم ودسمه) فأصابه شيء، فلا يلومنَّ إلا نفسه» فقد قيل: وقد يكون له طعام يختصُّ به من الأنجاس والأقذار، ويشارك الناس فيما نبَّهت الآثار عليه من الرَّوائح والطَّعام والأرواث، وما لم يُذكَر اسم الله عليه، وبات غير مغطَّى، وما أُكِل بالشِّمال، ونحوه.
وقيل: بل هذا كلُّه على الاستعارة والمجاز، وأنَّ معنى ذلك: أنه من أَمْر الشَّيطان وموافقته وإغوائه؛ ليبعد فاعله عن امتثال السُّنَّة، ومخالفة أمر النبي -عليه السلام- ونهيه، وليضرَّ المسلمين من ذلك بما عليه من رفع بركة طعامهم بترك التَّسمية عليه، والمخالفة للسُّنَّة.
وقد قيل: إن أكلهم شمُّ واسترواح؛ إذ المضغ والبلع لذوات الأجسام والأمعاء وآلات الأكل، وقد جاء في الآثار: أنَّ منهم ذوات أجسام وجِنان (حيَّات) ومنهم جِنان البيوت، ومثل هذا يتهيَّأ منه الأكل والشُّرب المعلوم، وإن كانت تلك جميع خليقتهم الأصليَّة، أو في الوقت الذي يصوِّرهم الله فيها بتلك الصُّورة، والله أعلم.
وروي عن وهب بن منبه قال: هم أجناس: فخالص الجنِّ لا يأكلون ولا يشربون، ولا يتناكحون، هم ريح، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون، ويتناكحون ويتوالدون، ومنهم السَّعالي (أي: سحرة الجنِّ) والغِيلان (جنس من الشياطين، وقيل: سحرة الجن) والقطاربة (أي: ذكور سحرة الجن). إكمال المعلم (6/ 484).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وهذا (قول وهب بن منبه السابق) إنْ ثبت كان جامعًا للقولين الأولين، ويؤيِّده ما روى ابن حبان والحاكم من حديث أبي ثعلبة الخُشني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الجِنُّ على ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيَّات وعقارب، وصنف يَحُلُّون ويظعنون». فتح الباري (6/ 345).
وقال السهيلي -رحمه الله-:
ولعل هذا الصنف الطَّيَّار هو الذي لا يأكل ولا يشرب إن صح القول المتقدِّم، والله أعلم. الروض الأنف (4/ 31-32).
وقال محمد الشبلي -رحمه الله-:
فالقائلون: إنَّ الجِنَّ لا تأكل ولا تشرب إن أرادوا أنَّ جميع الجِنِّ لا يأكلون ولا يشربون، فهذا قول ساقط؛ لمصادمته الأحاديث الصَّحيحة، وإنْ أرادوا أن صنفًا منهم لا يأكلون ولا يشربون، فهو محتمل، غير أنَّ العمومات تقتضي أنَّ الكُلَّ يأكلون ويشربون. آكام المرجان في أحكام الجان (ص: 56).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
والذي عليه الجمهور من السَّلف والخلف من المحدِّثين وغيرهم: أنَّ أكل الشَّيطان محمول على ظاهره، وأنَّ للشيطان يَدَيْن ورجلين، وفيهم ذكر وأنثى، وأنه يأكل حقيقة بيده إذا لم يدفع، وقيل: إنَّ أكلهم على المجاز والاستعارة، وقيل: إن أكلهم شمٌّ واسترواح، ولا ملجأ إلى شيء من ذلك، وقد ثبت في الصَّحيح كما سيأتي: «إنَّ الشَّيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله». نيل الأوطار (8/ 182-183).
وقال النووي -رحمه الله-:
وفي هذا استحباب ذكر الله تعالى عند دخول البيت، وعند الطَّعام. شرح صحيح مسلم (13/ 190-191).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
ينبغي أنْ يُسمِّيَ كُلُّ واحد من الآكلين، فإنْ سَمَّى واحد منهم حصل أصل السُّنَّة، نصَّ عليه الشافعي -رضي الله عنه-. شرح مسلم (13/ 189).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- مُتعقِّبًا:
قلتُ: هو خلاف ما عليه الجمهور أنه سُنَّة في حقِّ كُلِّ واحد. مرقاة المفاتيح (7/ 2692).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله- مُتعقِّبًا أيضًا:
وقد ذكر النووي -رحمه الله- وجماعة أنَّه إذا سَمَّى واحد من الآكلين كفاهم، لكن ظاهر النُّصوص أنَّ كُلَّ واحد مطلوب منه التَّسمية. توفيق الرب المنعم (6/ 57).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
فالتيقُّظُ لذكر الله في جميع الحالات مؤمِّنٌ من إغواء الشَّيطان وتسويله، ومؤنسٌ له بالكُلِّيَّة. شرح المصابيح (4/ 538).
وقال التوربشتي -رحمه الله-:
فيه تنبيه على أنَّ الشَّيطان لا يستطيع أن ‌يأوي ‌إلى ‌بيت ذَكَر صاحبه اسم الله عند دخوله، ولا ينتفع من طعام ذَكَر اسم الله عليه؛ وذلك أن انتهازه الفرصة من الإنسان دون الغفلة ونسيان الذِّكر يقع منه موقع الغذاء من الإنسان لتلذذه بذلك وتقوِّيه، ويحتمل أن يكون إصابته من الطَّعام التقوِّي برائحته، والذِّكر هو المانع له عن حضور الطَّعام. الميسر في شرح مصابيح السنة (3/ 951).
وقال الشيخ فيصل بن مبارك -رحمه الله-:
فيه: أنَّ الذِّكر يطرد الشَّيطان، فإنَّ الشَّيطان يشارك الإنسان في كُلِّ شيء، قال لله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} الإسراء: 64. تطريز رياض الصالحين (ص: 468).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
فيه (الحديث) تأكُّد ذكر الله تعالى، والاهتمام بالتَّسمية عند دخول البيت، وعند الطَّعام، وهو اعتراف من العبد بأنَّ هذا البيت، وهذا الطَّعام إنما رزقه الله تعالى بفضله، وليس له فيه سبيل إلى تحصيله إلا بفضل من الله تعالى، وتيسير وتسخير منه، ومتى فعل ذلك صار فعله كُلُّه طاعة لله -عز وجل- وعبادة، وأصبح وثيق العلاقة بربِّه -سبحانه وتعالى-، وصار من الشَّاكرين، والله تعالى يقول: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} آل عمران: 145، والله تعالى أعلم. البحر المحيط الثجاج (34/ 111).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-:
في هذا الحديث: التَّسمية عند دخول البيت وعند الطَّعام، وهذا مثل ما جاء في الحديث: «إذا خرج الرَّجل مِنْ بيته، فقال: بسم الله توَكَّلت على الله، لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله قال: يقال-حينئذٍ-: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدِيَ، وَكُفِيَ، ووُقِيَ؟».
ومثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «‌إذا ‌ولج ‌الرَّجل ‌بيته ‌فليقُل: ‌اللهم ‌إِني ‌أسألك ‌خير ‌المولجِ ‌وخير ‌المخرج، ‌باسم ‌الله ‌ولجنَا ‌وباسم ‌الله ‌خرجنا، ‌وعلى ‌الله ‌ربنا ‌توكلنا، ‌ثم ‌ليسلِّم ‌على ‌أهله». توفيق الرب المنعم (6/ 56- 57).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
وفي هذا: حثٌّ على أنَّ الإنسان ينبغي له إذا دخل بيته أنْ يذكر اسم الله، والذِّكر الوارد في ذلك: «بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربِّنا توكَّلنا، اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرَج»، ثم يستاك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل بيته فأوَّلُ ما يبدأ به السِّواك، ثم يُسلِّم على أهله، أما عند العَشاء فيقول: «بسم الله»، وبذلك يحترز من الشَّيطان الرجيم مَبِيتًا وعَشاءً؛ فإنْ ذكر اسم الله عند الدُّخول دون العَشاء شاركه الشَّيطان في عَشائه، وإنْ ذكر اسم الله عند العَشاء دون الدُّخول شاركه الشَّيطان في المبيت دون العَشاء، وإن ذكر اسم الله عند الدُّخول وعند العَشاء فإن الشَّيطان لا يكون له مبيت ولا عَشاء. شرح رياض الصالحين (4/ 191).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
فإذا قيل: ما فائدة التَّسمية عند الطَّعام لمن سَمَّى عند الدُّخول؟ قلنا: إنها لمنع الشَّياطين الموجودين في البيت قبل الدُّخول، وإذا قيل: ما فائدة التَّسمية عند الدُّخول ما دام البيت قبله مشتملًا على شياطين؟ قلنا: إنه من قبيل تضييق دائرة الفساد والإفساد، والله أعلم. فتح المنعم (8/ 198-199).  


ابلاغ عن خطا