الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«أربعٌ في أمتي مِن أمرِ الجاهليةِ لا يتركونهنَّ: الفخرُ في الأحسابِ، والطعنُ في الأنسابِ، والاستسقاءُ بالنجومِ، والنياحةُ»، وقال: «النائحةُ إذا لم تتبْ قبلَ موتِها؛ تُقامُ يومَ القيامةِ وعليها سِربالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرعٌ مِن جَرَبٍ».


رواه مسلم برقم: (934) عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الفخر»:
أي: الشرف بالآباء، والتعاظم بمناقبهم. التيسير، للمناوي (1/ 137).
قال الفراهيدي -رحمه الله-:
وهو نشر المناقب وذكر الكريم بالكرم، ورجل فَخِيْرٌ: كثير الافتخار، قال: يمشي كمشي الفرِحِ الفَخِيْرِ. العين (4/ 254).

«الأحساب»:
جمع حَسَب، وهو: ما يَعُدُّه الرجل من مفاخر آبائه من الخصال المحمودة التي تكون فيه كالشجاعة والفصاحة وغيرهما. شرح المصابيح، لابن الملك (2/ 379).
قال نشوان الحميري -رحمه الله-:
الحَسَب: ما يُعَدُّ من المآثر، قال النبي -عليه السلام-: «الحسَبُ المال، والكرم التقوى»، والجميع: ‌الأحساب، ويقال: اعمل بِحَسب ذلك: أي بقدْرِه. شمس العلوم (3/ 1436).

«سِربَال»:
أي: قَمِيصٌ. مرقاة المفاتيح، للقاري (3/ 1235).
قال ابن دريد -رحمه الله-:
والسِّربال: القميص، والدِّرع أيضًا ‌سِربال، وكذا هو في التنزيل: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} النحل: 81. جمهرة اللغة (2/ 1120).

«قَطِرَان»:
بفتح القافِ وكسرِ الطَّاءِ، طِلَاءٌ يُطْلَى به، وقيل: دُهْنٌ يُدْهَنُ به الجَملُ الأجْرَبُ. مرقاة المفاتيح، للقاري (3/ 1235).
وقال الفيومي -رحمه الله-: ‌
والقَطران ‌ما يَتَحَلَّلُ ‌من ‌شجر ‌الْأَبْهَلِ ويُطلى به الإبل وغيرها وقَطْرَنْتُهَا إذا طًليتها به. وفيه لغتان فتح القاف وكسر الطاء وبها قرأ السبعة في قوله تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} إبراهيم: 50، والثانية كسر القاف وسكون الطاء. المصباح المنير (2/ 508).

«دِرْعٌ»:
قميص. التوضيح، لابن الملقن (16/ 438).
قال ابن منظور -رحمه الله-:
دِرْعُ المرأةِ يُذكّر، ودِرْعُ الحديدِ تُؤَنَّثُ، وقال بعضهم: يذكَّر أيضًا، والجميع: الدروع، وتصغيره: دُرَيْع بلا هاء، رواية عن العرب، والدّرعُ اللَّبوسُ، وهو حَلَقُ الحديد. العين (2/ 34).
وقال الجوهري -رحمه الله-:
ودِرْعُ المرأةِ: قميصُها، وهو مذكَّر، والجمع أَدْراعٌ، تقول منه: ادَّرَعَتِ المرأةُ، وهو افتعلتْ، ودَرَّعْتُها أنا تدريعًا، إذا أَلْبَسْتُها إياه. الصحاح (3/ 1206).

«جَرَب»:
داءٌ جِلْدِيٌّ. مختار الصحاح، للرازي (ص: 55).
قال البركتي -رحمه الله-: ‌
الجرب ‌هُوَ بُثُور صغَار يُبتدأ حُمرًا وَمَعَهَا حكَّة شَدِيدَة، وَرُبمَا تَقَيَّحت، وَهِي على نَوْعَيْنِ: رطب ويابس. قواعد الفقه (ص: 248).


شرح الحديث


قوله: «أربع في أُمَّتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن»:
قال الطيبي -رحمه الله-:
المعنى: أن هذه الخصال تدوم في الأُمَّة لا يتركونهن بأَسْرهم تركهم لغيرها مِن سنن الجاهلية، فإنهم إن ترَكَهُن طائفةٌ باشرهن آخَرون. الكاشف عن حقائق السنن(4/ 1418).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«أربع» أي: خصال أربع كائنة «في أُمَّتي» حال كونهن «من أمر الجاهلية» أي: من أمورهم وخصالهم المعتادة، طُبع عليهن كثيرٌ مِن الأُمَّة «لا يتركونهن» أي: غالبًا. مرقاة المفاتيح (3/ 1234).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «‌أربع ‌في ‌أُمَّتي ‌من ‌أمر ‌الجاهلية» أي: من أفعال أهلها، يعني: أنها معاصي يأتونها مع اعتقاد حُرمتها، والجاهلية: ما قبل البعثة، سُموا به لفرط جهلهم، «لا يتركونهن» أي: لا تترك أُمَّتي شيئًا مِن تلك الخصال الأربع. فيض القدير (1/ 462).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «‌أربع ‌في ‌أمتي ‌من ‌أمر ‌الجاهلية» من خصالهم المذمومة «لا يتركونها» إخبار بما يقع مع ذمِّهم على ذلك؛ كما أفاده أنها من أمر الجاهلية. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 251).
قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
أي: من شأنهم وخصالهم، و«لا يتركونهن» يعني: غالبًا. المفهم (2/ 587).

قوله: «الفخرُ في الأحساب»:
قال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«الفخر» أي: الافتخار وهو: المباهاة والتمدح بالخصال والمناقب والمكارم، إما فيه أو في أهله، «في الأحساب» أي: في شأنها وسببها، والحسَب ما يَعُده الرجلُ من الخصال التي تكون فيه، كالشجاعة والفصاحة وغير ذلك، وقيل: الحسَب ما يعدُّه الإنسانُ من مفاخر آبائه، ومعنى ‌الفخر ‌في ‌الأحساب: هو التكبر والتعظم بعَدّ مناقبه ومآثرِ آبائه، وهذا يستلزم تفضيلَ الرجلِ نفسَه على غيره ليَحقِره، وهو لا يجوز. مرعاة المفاتيح (5/ 465).
وقال ابن السكيت -رحمه الله-:
والحسَبُ والكرم يكون في الرَّجُل وإن لم يكن له آباءٌ لهم شرفٌ، يقال: رجل حَسِيب ورجل كريم بنفسه، وتقول: افعل كذا وكذا على حسْبِ ذلك، أي: على قدْر ذلك. إصلاح المنطق (ص: 229).
وقال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «الفخر في الأحساب»، «الأحساب» جمع حَسَب، وهو ما يَعُدُّه الرجل من الخصال التي تكون فيه كالشجاعة والفصاحة وغير ذلك، يعني: تفضيلُ الرجل نفسَه على غيره ليَحْقِرَه لا يجوز. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 458).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «الفخر ‌في ‌الأحساب» أي: الشرف بالآباء والتعاظم بِعَدِّ مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم؛ وذلك جهل؛ فلا فخر إلا بالطاعة، ولا عز لأحد إلا بالله. فيض القدير (1/ 462).

وقوله: «والطَّعن في الأنساب»:
قال المظهري -رحمه الله-:
«الطعن» العيبُ، يعني: تحقيرَ الرجلِ آباءَ غيرِه وتفضيلَ آبائه على آباء غيره ليؤذيه لا يجوز، فإن كان أبو أحدِهما مسلِمًا وأبو الآخر كافرًا جاز تفضيل المسلم على الكافر. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 459).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«والطعن ‌في ‌الأنساب»: وهو أن يعيب في نسبِ أحدٍ، ويفضِّل آباءَه على آبائه. شرح المصابيح (2/ 379).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«‌والطعن ‌في ‌الأنساب» أي: الوقوع فيها بنحو قدْحٍ أو ذم. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 137).
وقال المناوي -رحمه الله-أيضًا:
«‌والطعن ‌في ‌الأنساب» أي: أنساب الناس بأن يقال: هذا ليس بابن فلان. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 476).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«الطعن» أي: التنقيص والتعيير «في الأنساب» أي: في أنساب الناس كقولهم: فلانٌ لا عِرق له، فلانٌ خبيثُ العِرق، مَنبَتُ فلانٍ من الأراذل، أي: إدخالهم العيب في أنساب الناس؛ تحقيرًا لآبائهم وتفضيلًا لآباء أنفسهم على آباء غيرهم. الكوكب الوهاج (11/ 150).

قوله: «والاستسقاء بالنجوم»:
قال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «‌والاستسقاء ‌بالنجوم» يعني: اعتقاد الرَّجل نزول المطر بظهور نجمِ كذا، هذا حرام. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 459).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «والاستسقاء ‌بالنجوم» أي: توقع الأمطار عند وقوع النجوم في منازلها، كما جاء في الحديث: «يقولون: مُطرنا بنوء كذا» أي: يقولون: إذا جاء الكوكب الفلاني في منزل كذا جاء المطر، وفي هذا زجر ومنع عن التمسك بقواعد النجوم. لمعات التنقيح (4/ 189).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قوله: «‌والاستسقاء ‌بالنجوم» هو قول القائل: مطرنا بنوء كذا، أو سؤال المطر من الأنواء، فإن كان ذلك على جهة اعتقاد أنها المؤثرة في نزول المطر فهو كفر؛ وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يقول الله: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأما مَن قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب». نيل الأوطار(4/ 129).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«الاستسقاء» أي: إضافة سقيا المطر «بالنجوم» أي: إلى النجوم والكواكب، أي: اعتقادهم نزول المطر بسقوط نجم في المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من المشرق، كما كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا. الكوكب الوهاج (11/ 150).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فنسبة المطر إلى النوء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1. نسبة إيجاد، وهذه شرك أكبر.
2. نسبة سبب، وهذه شرك أصغر.
3. نسبة وقت، وهذه جائزة بأن يريد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي: جاءنا المطر في هذا النوء، أي: وقته.
ولهذا قال العلماء: يحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا، وفرقوا بينهما: أن الباء للسببية، و(في) للظرفية. مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (10/ 610).

قوله: «والنياحة»:
قال المظهري -رحمه الله-:
النياحة: أن يقول من مات له قريب: واويلاه واحسرتاه، والندب: أن يَعُد عند البكاء خصالَ الميت، بأن يقول: واشجاعاه واأسداه. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 459).
وقال الفاكهاني -رحمه الله-:
«والنياحةُ» وهو: ذكرُ صفات الميت؛ فإنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم، وتلك المحاسن عندهم قبائحُ في الشرع، فيقولون مثلًا: واكهفاه! واسيداه! واسنداه! واجبلاه! وامُرْمِلَ النسوان! ومُيتِّمَ الوِلدان! ومخرب العُمران! هذا ونحوه مما يرونه شجاعةً، فإنْ رُفِع الصوت بذلك وعُدِّد فهو نياحة، وإلا فهو ندبٌ. رياض الأفهام (3/ 272).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
قوله: «‌والنياحة» وهي: أن يقول: واويلاه واحزناه، وقيل: هي: الصوت التي تَعُدُّ به المرأةُ خصالَ الميت. شرح المصابيح (2/ 379).

قوله: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها»:
قال التوربشتي -رحمه الله-:
قوله: «قبل موتها» أي: قبل حضور موتها، وإنما قيّدها هذا التقييد ليُعلم أن مِن شرط التوبة: أن يتوب التائب وهو يأمل البقاء، ويمكن أن يتأتى منه العمل الذي يتوب منه، ومصداق ذلك في كتاب الله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} النساء: 18. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 404).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «النائحة» أي: الرافعة صوتها بالبكاء على الميت، «إذا لم تتب» وتُقلع عنها «قبل موتها» أي: قبل وقت الغرغرة. الكوكب الوهاج (11/ 150).

قوله: «تُقام يومَ القيامة وعليها سِربال من قَطِران»:
قال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«تُقام» أي: تُحشر، أو تقام في الموقف، وهذا أظهر. لمعات التنقيح (4/ 190).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «تُقام» يحتمل أنها تُحشر، ويحتمل أنها تُقام على تلك الحالة بين أهل النار وأهل الموقف؛ جزاء على قيامها في المناحة، وهو الأمثل. الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1418).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«تقام» أي: تُبعث من قبرها. الكوكب الوهاج (11/ 150).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
السِّرْبَالُ: القميصُ...، ويُجمع على سَرَابِيلَ، ومنه الحديث: «النَّوَائِحُ عليهِنَّ سرابيلُ من قَطِران»، ‌وقدْ ‌تُطلق ‌السَّرابِيلُ ‌على ‌الدُّرُوع. النهاية (2/ 357).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
قوله: «‌سربال ‌من ‌قطران» والسِّربال واحد السرابيل وهي: الثياب والقُمُص، يعني: أنهن يُلطَّخْنَ بالقطران فيصير لهن كالقُمُص؛ حتى يكون اشتعال النار والتصاقها بأجسادهن أعظم، ورائحتُه أنْتَن، وألمها بسبب الجَرَب أشد، وكنىّ به عثمان عن الخلافة في قوله: «لا أخلع سربالًا سَرْبَلَنِيْه الله»...فتح القريب المجيب (14/ 25).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
«قَطِرانٍ» وجاء قِطْران لُغتين فيه، وهو ما يتَحَلَّب من (شجر) الأَبْهَلِ فيطبخ فتُهْنَأُ (تُطْلَى) به الإِبل الجَرْبَى، فيُحْرِقُ الجَرَبَ بِحِدَّتِه، وهو أسود مُنْتِنٌ تشتعل فيه النار بسرعة، تُطلى به جلود أهل النار حتى يكون طلاؤه لهم كالقُمُص، ليجتمع عليهم لذع القطران ووحشة لونه ونَتَنُ ريحه مع إسراع النار في جلودهم، على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين. أنوار التنزيل وأسرار التأويل (3/ 204).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
هذا لِمَا كانت تفعلُه في الدُّنيا من لباس الحزن، واحتزام الحبال، ولطم الوجه، وغير ذلك من النَّوح. المسالك (3/ 579).
وقال أمين محمود السبكي -رحمه الله-:
وخُصَّت النائحة بهذا الوعيد؛ لأن النياحة مختصة بالنساء غالبًا، وهن لا ينزجرن انزجار الرجال، فاحتجن إلى الوعيد الشديد...
وإلا فالرجل كالمرأة في ذلك. تحقيق كتاب الدين الخالص(1/ 282).

قوله: «ودرع من جرَب»:
قال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «‌ودرع ‌من ‌جرب» الدرع: قميص النساء، والسرابيل أيضًا قميص لكن لا يختص بهن، يعني: يسلط على أعضائها الجرب والحكَّة، فتُطْلَى مواقعه بالقطران ليداوى، فيكون الدواء أدوى من الداء؛ لاشتماله على درع القطران، وحرقته، إسراع النار في الجلود، واللون الوحش، ونتن الريح، والقطران: ما يتحلب من شجر يسمى الأَبْهَل، فيطبخ فتُهْنأ به (تُطلى) الإبل الجربى، فيُحْرِق الجرب بِحَرِّه وحِدَّته الجلد، وقد تبلغ حرارته الجوف. الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1419).
قال التوربشتي -رحمه الله-:
وقوله: «‌ودرع ‌من ‌جرب» أي: يسلط عليها الجَرَبُ فيغطي جلدها تغطية الدرع، ويلتزق بها التزاقه، فيجمع لها بين حِدَّة القطران وحرارته وحرقته ونتنه وسواده واشتعاله، وبين الجرب الذي يمزق الجلد ويقطع اللحم؛ كما تجمع المرأة بين القميص والدرع. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 404).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«‌ودرع ‌من ‌جرب» خُصّت النائحة بهذا النوع من الوعيد لأنها كانت تلبس الثياب السود في المصائب، وتجرحُ القلوب بكلماتها المبكية، وتخمشُ وجهها عندها، فألبسها الله قميصًا من قطران، ودرعًا من جرب بأن يسلط عليها، فيغطي جلدها تغطية الدرع، ويجمع لها بين حِدَّة القطران وحرارته وحرقته وسواده ونَتَنِهِ، وبين الجَرَبِ الذي لا صبرَ لها معه إلا بمزقِ الجلد وتقطيع اللحم؛ لتذوق وبال أمرها. شرح المصابيح(2/ 380).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
«‌ودرع ‌من ‌جرب» ودرع المرأة قميصها، وقد ورد أيضًا أن النائحة تُكسى يوم القيامة قميصين، قميص من جَرَب وقميص من قطران، والجرب: بَثْرٌ يعلو أبدان الناس والإبل، وسِرُّه أن الجرب سريع الألم لتقريحه الجلد، والقطران يقوِّي شعلة النار فيكون عذابها في النار بسبب هذين القميصين أشد العذاب. فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (14/ 25).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«ودرع ‌من ‌جرب» الدرع قميص النساء أي: يصير جلدها أجرب حتى كأنه قميص لها، وهذا تشويه لها بين الخلائق، ونوع من العذاب قبل دخولها النار. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 518).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«‌ودرع ‌من ‌جرب» أي: يُسَلَّط على أعضائها الجَرَب والحكَّة بحيث يغطي بدنها تغطية الدرع وهو القميص؛ لأنها كانت تجرح بكلماتها المحرقة قلوبَ ذوي المُصيبات. الكوكب الوهاج(11/ 150).
قال النووي ـرحمه الله ـ:
(فيه) تغليظ تحريم الطَّعن في النَّسب والنياحة، وقد جاء في كُلِّ واحد منهما نصوص معروفة. شرح صحيح مسلم(2/٥٧)
وقال ابن حجر الهيتمي ـرحمه الله ـ:
والأحاديث الصحيحة تقتضي أنّ ذلك من كبائر الذنوب؛ لأنه ـصلى الله عليه وسلم ـ تبرأ من فاعل ذلك وقال: «ليس مِنّا من لَطم الخدود وشقّ الجيوب» الحديث. وقال: «اثنتان في الناس هُما بِهم كُفر الطّعن في النّسب والنياحة على الميت».الزواجر عن اقترف الكبائر(1/٢٦٥).


ابلاغ عن خطا