الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: أيُ النِّساءِ خَيرٌ؟ قال: «التي تَسُرُّهُ إذا نَظَر، وتُطِيعُهُ إذا أَمَر، ولا تُخَالِفُهُ في نَفْسِها ومَالِها بِمَا يَكْرَه».


رواه أحمد برقم: (9587) ورقم: (9658)، والنسائي برقم: (3231) واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى برقم: (13477)، والشُّعَب برقم: (8363)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (3298)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1838).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«تَسُرُّه»:
أي: تجعله مسرورًا. مرقاة المفاتيح، للقاري (5/ 2132).
قال الجوهري –رحمه الله-:
السُّرُورُ: ‌خلاف ‌الحُزْن، تقول: سَرَّنِي فُلانٌ مَسَرَّةً. الصحاح (2/ 682).
وقال الزَّبِيدي -رحمه الله-:
حقيقة السُّرورِ الْتِذَاذٌ وانشراحُ يحصل في القلب فقط. تاج العروس (12/ 10).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
السّرور -بالفتح- إذا ‌أفرَحه، وهو ما يُسرُّ به الإنسان. المصباح المنير (1/ 274).


شرح الحديث


قوله: «قِيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيُّ النِّساءِ خَير»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «أيُّ النساء خير؟» أيْ أَحْسنُ وأَيْمَن (من اليُمن وهو البركة). مرقاة المفاتيح (5/ 2132).

قوله: «قال: التي تَسُرُّه إذا نَظَر»:
قال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «تَسُرُّه» الضمير للرَّجُل. لمعات التنقيح (6/ 131).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«خير النساء التي تَسُرُّه» يعني: زوجها «إذا نظر» إليها؛ لأن ذات الجمال عون له على عِفَّته ودِينه. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 1071).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
سُرُورُه بها: إذا نَظَرها لحُسنها وحُسن خَلْقِهَا وهيئَتِها. التحبير لإيضاح معاني التيسير (6/ 449).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «التي تَسُرُّه إذا نَظَر» أي: إليها ورأى منها البَشَاشة وحُسنَ الخُلُق ولُطفَ المعاشرة، وإن اجتمعت الصُّورة والسِّيرة فهي سُرورٌ على سرور، ونورٌ على نور. مرقاة المفاتيح (5/ 2132).
وقال البهوتي -رحمه الله-:
قال أحمد: إذا خطب رَجُل امرأة سأل عن جمالها أولًا، فإن حُمِدَ سأل عن دِينها، فإن حُمِد تزوج، وإن لم يُحمد يكون ردًّا لأجل الدِّين، ولا يسأل أولًا عن الدِّين، فإنْ حُمِدَ سأل عن الجمال، فإنْ لم يُحمد ردَّها للجمال لا للدِّين. شرح منتهى الإرادات (2/ 623)
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم -رحمه الله-:
فيُسَنُّ أن يتخيَّر الجميلة؛ لأنه أغضُّ لبصره، وأَمْكَنُ لنفسه، وأكمل لمودته. الإحكام شرح أصول الأحكام (3/491).

قوله: «وتطيعه إذا أَمَرَ»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وتطيعه إذا أمر» أي: في غير معصية الخالق. مرقاة المفاتيح (5/ 2132).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«وتطيعه إذا أمر» بشيء موافق للشرع. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 528).

قوله: «ولا تُخالِفُه في نَفْسِها ومَالِها»:
قال الساعاتي -رحمه الله-:
قوله: «ولا تُخالِفُه» هو من التخلُّف لا من المخالفة التي هي ضد الطاعة؛ لأنه لو كان كذلك لم يستقم المعنى، أما كونه من التخلُّف فلأن المرأة إذا غاب عنها زوجها يقال لها: خَالِفَة، قال تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} التوبة: 87، جمع خَالِفَة أي مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، والذي يقعد بعدك يقال له: خَالِف...، والمعنى: أنَّ المرأة الصالحة إذا خَلَفَتْ زوجها في منزله لغيابه عنها لا تأتِ أمرًا يكرهه، سواء كان في نفسها كتبرجها للرجال، ومخالطتهم في الداخل والخارج، ونحو ذلك، وسواء كان في مال، كعدم صيانته، وإنفاقه فيما لا تمس الحاجة إليه. الفتح الرباني (16/ 145).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«ولا تخالفه في نفسها» بمنعه عن التمكين منها، وخروجها عن منزله بغير إذنه، «ولا مالها بما يكره» فلا تنفق، ولا تصرف منه إلا بإرادته. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 567).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتْيوبي -رحمه الله-:
«في نَفسِها» أي: بتمكين أحدٍ من أن يفعل بها فاحشةً، «وفي مالها» أي: بأن تُنفِقه فيما لا يَحلّ الإنفاق فيه. ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (27/ 113).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«ولا تخالفه في نفسها» بأنْ لا تمنع نفسها منه عند إرادته التمتع بها، «ولا مالها بما يكره» بأن تُساعده على محابِّه ما لم يكن إثمًا. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 528).
وقال الطيِّبي -رحمه الله-:
«ومالها» يحتمل أن تكون الإضافة حقيقة والرَّجُل مُعسِرٌ، ومع ذلك لا يتجاوز الحدَّ مِن أخذ مالها فلا تُضَيِّق عليه ما أَنْفَق من مَالها، أو أن تكون مَجَازيَّة، ونُسبَ مال الزوج إليها لتَصَرُّفِها فيه، كما في قوله تعالى: {ولا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} النساء: 5، ومخالفتها في نفسها الخيانة. الكاشف عن حقائق السنن (7/ 2339).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «ولا مالها» أي: ماله الذي في يدها وتصرُّفها، وقيل: يحتمل أنْ يُحمل على الحقيقة بأنْ يكون الزوج معسرًا، والأول هو الظاهر. لمعات التنقيح (6/ 131).

قوله: «بما يكره»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«بما يكره» متعلق بـ«تُخالف» فيكون قيدًا لكلٍّ من «نفسها» و«مالها». ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (27/ 113).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«بما يكره» من الجناية والخيانة. مرقاة المفاتيح (5/ 2132).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
ولا دليل فيه أنَّها لا تصرف في مالها إلا عن رأيه؛ لأنه إنَّما ذَكَر صفات خير النساء. التحبير لإيضاح معاني التيسير (6/ 449).
وقال المغربي -رحمه الله-:
الحديث معناه: الإخبار منه -صلى الله عليه وسلم- بما يفعله الناس في العادة؛ فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع. البدر التمام شرح بلوغ المرام (7/ 20).


ابلاغ عن خطا