الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«إنَّ بلالًا يُؤذِّنُ بليلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتى يُنادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، ثم قال: وكان رجلًا أَعمى، لا يُنادِي حتى يُقالَ له: أَصبحتَ أَصبحتَ».


رواه البخاري برقم: (617) واللفظ له، ومسلم برقم: (1092)، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وزاد مسلم: «ولم يكن بينهما إلا أَنْ ينزلَ هذا، ويَرقى هذا».


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«أَصبحتَ»:
أي: دخلتَ أو قاربتَ الدخول في الصباح. مرقاة المفاتيح، للقاري(2/ 573).


شرح الحديث


قوله: «إن بلالًا يؤذن بليل»:
قال ابن الأثير -رحمه الله-:
الأذان: معروف، وهو في اللغة: الإعلام...، والمراد به في الشريعة: الإعلام بوقت الصلاة.
وقوله: «بليل» أي: في الليل، وحقيقته: أنه يلصق أذانه بالليل، فالباء هنا بمعنى (في). الشافي في شرح مسند الشافعي (1/ 431).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«إن بلالًا يؤذن» للصبح «بليل» أي: في ليل. إرشاد الساري (2/ 10، 11).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
«بليل» الباء للظرفية، أي: في ليل، والمراد به: قبيل الفجر. توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 526).
وقال العيني -رحمه الله-:
والمعنى: أن بلالًا كان يؤذن عند طلوع الفجر الكاذب الذي لا يخرج به حكم الليل، ولا تحل به صلاة الصبح. عمدة القاري (5/ 131).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
هذا النداء هو أذان الفجر عند الجمهور، وحكمته عندهم: الهبوب من النوم، والتأهب لصلاة الصبح، واختُصَّت الصبح بذلك؛ لأن الأفضل فيها إيقاعها في أول وقتها مطلقًا، فيلزم من المحافظة على إيقاعها في أول وقتها التأهب لها قبل وقتها، وقبلها نوم الليل المستصحب، فاقتضى مجموع ذلك أن ينصب من يوقظ الناس قبل وقتها، فكان ذلك بالأذان. المفهم (3/ 150).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
فيه: ندب الأذان للصبح قبل دخول وقته؛ ليستعد للصلاة بالغسل من الجنابة، ونحو ذلك، وذلك من النصف الأخير. دليل الفالحين (7/ 41).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
لأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام، وفيهم الجنب والمحدث، فاحتيج إلى تقديم الأذان، وأما الإقامة فلا يجوز تقديمها على الوقت؛ لأنها تراد لاستفتاح الصلاة، فلا تجوز قبل الوقت، وبهذا قال مالك وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يجوز قبل الفجر. فتح المنعم شرح صحيح مسلم (2/ 436).
وقال العراقي -رحمه الله-:
«إن بلالًا يؤذن بليل» ‌يقتضي ‌أن ‌هذه ‌كانت ‌طريقته وعادته دائمًا.
ولو كان لا يقع ذلك منه إلا لخطأ لم يقع إلا نادرًا؛ فإنه لولا أن الغالب إصابته لما ‌رُتِّبَ مؤَذِّنًا، واعتُمِد عليه في الأوقات. طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 207).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فيه: جواز الأذان للصبح قبل وقتها؛ للاستعداد لها لمن عليه طهر، أو طلب مَائِهِ، وهي مختصَّة بذلك من بين سائر الصلوات، وهو قول كافَّة العلماء؛ خلافًا لأبي حنيفة، والثوري في منعهما ذلك. إكمال المعلم (4/ 27).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
قد دَلَّ هذا الحديث على جواز الأذان للفجر قبل طلوع الفجر. الإفصاح عن معاني الصحاح (4/ 16).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
والذي ذهب إليه الشافعي: أن صلاة الفجر تختص بجواز الأذان قبل طلوع الفجر الثاني، الذي هو وقتها؛ بخلاف غيرها من باقي الصلاة، فإنه لا يجوز إلا بعد دخول وقتها، وتقديم الأذان على الفجر عنده مستحب، وبه قال مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأبو يوسف، وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد بن الحسن: لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر أسوة بغيرها من الصلاة.
وإنما خصها بذلك لأن وقتها يدخل والناس أكثرهم نيام، فاستحب تقديم الأذان؛ لينتبه النائم، ويرجِعَ القائم. الشافي في شرح مسند الشافعي (1/ 431، 432).
وقال ابن العطار -رحمه الله-:
فيه: جواز الأذان للصبح، قبل طلوع الفجر الصادق؛ في الصوم وغيره. العدة في شرح العمدة (1/ 382).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وفي الحديث: ‌شرعية ‌الأذان ‌قبل ‌الفجر ‌لا ‌لما ‌شُرِعَ ‌له الأذان، فإن الأذان شُرِعَ -كما سلف- للإعلام بدخول الوقت، ولدعاء السامعين لحضور الصلاة، وهذا الأذان الذي قبل الفجر قد أخبر -صلى الله عليه وسلم- بوجه شرعيته بقوله: «ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم». سبل السلام (1/ 186).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-:
لا بأس أن يؤذن للفجر قبل دخول الوقت؛ للتنبيه، ولكن ينبغي أن يكون هناك مؤذن آخر بعد طلوع الفجر، أو يؤذن المؤذن نفسه مرة أخرى بعد طلوع الفجر؛ حتى لا يغر الناس. توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (3/ 265).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله- أيضًا:
فالأذان الأول يخبر بأن الفجر قريب حتى يستعد القائم، ويخفف الصلاة ويوتر، ويوقظ النائم؛ فيستعد ويتوضأ للصلاة ويوتر؛ ولهذا لا يؤذن الأذان الأول قبل أذان الفجر بكثير؛ لأنه إذا كان كذلك لم يحصل المقصود. توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (2/ 12).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «إن بلالًا يؤذن بليل» دليل على أن ما بعد الفجر لا يقال عليه: ليل، بل هو أول اليوم المأمور بصومه. المفهم (3/ 151).

قوله: «فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»:
قال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
«فكلوا واشربوا» أي: السحور، إن أردتم الصيام، «ينادي» أي: يُؤَذِّن. توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 526).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
أي: حتى يشرع في الأذان، وهذا ظاهره، ويحتمل: حتى يفرغ من الأذان. المفهم (3/ 151).
وقال العيني -رحمه الله-:
اسم ابن أم مكتوم: عبد الله، ويقال: عَمرو -وهو الأكثر- ابن قيس بن زائدة القرشي العامريّ، واسم أم مكتوم: عاتكة بنت عبد الله بن عاتكة بن عامر بن مخزوم. نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (3/ 64).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
قوله: «فكلوا واشربوا» هو أمر لهم، وإعلام بامتداد وقت السحور إلى هذا الأمد، يريد طلوع الفجر الثاني. الشافي في شرح مسند الشافعي (1/ 431).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فكلوا واشربوا» لبقاء الليل المباح فيه الأكل، «حتى يؤذن ابن أم مكتوم» فيه: جواز نسبة الإِنسان إلى أمه. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/ 41).
وقال الفاكهاني -رحمه الله-:
ومعنى الأمر بالأكل والشرب هنا: أن المراد به: الصائمون لرمضان أو غيره، والصائم يحل له الأكل والشرب ما لم يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم ذلك عليه، ولما كان بلال يؤذن قبل الفجر، جاز الأكل والشرب حينئذٍ، ولما كان ابن أم مكتوم لا يؤذن إلا بعد انفجار الفجر، جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أذانه غاية للمنع من الأكل والشرب. رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (2/ 39، 40).
وقال النووي -رحمه الله-:
فيه: جواز الأكل والشرب والجماع وسائر الأشياء إلى طلوع الفجر. شرح مسلم (7/ 202).
وقال ابن العطار -رحمه الله-:
فيه: وجوب البيان عند الاشتباه؛ فإنه لما كان الأكل والشرب جائزًا إلى طلوع الفجر الثاني للصائم، والأذان في العادة مانع منهما، بيَّن حكمه -صلى الله عليه وسلم- وهو عدم الامتناع منهما بأذان بلال، إلى سماع أذان ابن أم مكتوم. العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام (1/ 382).
وقال النعماني -رحمه الله-:
قوله: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا» فيه إشعار بأن الأذان كان علامة عندهم على دخول الوقت، فبين لهم أن أذان بلال بخلاف ذلك. مزيد فتح الباري بشرح البخاري (ص: 152).
وقال السفاريني -رحمه الله-:
فلا يمنعنكم ذلك من الأكل والشرب حيث أردتم الصيام؛ ولهذا قال: «فكلوا واشربوا» ما تتقوون به على الصيام؛ لبقاء الليل. كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (2/ 179).
وقال عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
قوله: «فكلوا واشربوا» الأمر للإباحة، والخطاب للصائمين. منحة العلام في شرح بلوغ المرام (2/ 271).

قوله: «ثم قال»:
قال العيني -رحمه الله-:
قيل: إن هذا القائل هو ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-، وبذلك جزم الشيخ الموفق في المغني، قلتُ: في رواية الطحاوي: قال ابن شهاب: وكان رجلًا أعمى، وكذا في رواية الإسماعيلي عن أبي خليفة.
فإن قلتَ: فعلى هذا في رواية البخاري إدراج، قلتُ: لا نسلم ذلك؛ لأنه لا يمنع كون ابن شهاب قاله أن يكون شيخه قاله، وكذا شيخ شيخه، والدليل عليه: ما في رواية البيهقي عن الربيع بن سليمان الحديث المذكور، وفيه: قال سالم: وكان رجلًا ضرير البصر. عمدة القاري (5/ 129).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «ثم قال» أي: ابن عمر، أو ابن شهاب. إرشاد الساري (2/ 10، 11).

قوله: «وكان رجلًا أَعمى»:
قال العيني -رحمه الله-:
فيه: جواز تقليد الأعمى للبصير في دخول الوقت.
وفيه: الاعتماد على صوت المؤذن والاعتماد عليه أيضًا في الرواية إذا كان عارفًا به، وإن لم يشاهد الراوي.
وفيه: جواز العمل بخبر الواحد. عمدة القاري (5/ 131).

قوله: «لا ينادي حتى يقال له: أَصبحتَ أَصبحتَ»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
«لا ينادي» أي: لا يؤذن «حتى يقال له: أصبحت أصبحت» بالتكرار للتأكيد، وهي تامة تستغني بمرفوعها، والمعنى: قاربت الصبح. إرشاد الساري (2/ 10، 11).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
«أصبحت» أي: قاربت الدخول في الصباح. المفهم (3/ 152).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
دخلت في الصباح، فإن الأكل والشرب إنما يحرم بطلوع الفجر. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (2/ 281).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
قوله: «أصبحت أصبحت» أي: دخلت في وقت الصباح، والمعنى: أن أذانه يكون مقارنًا لابتداء طلوع الصبح. منحة العلام في شرح بلوغ المرام (2/ 272).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
قيل معناه: إياك والصباح، والصواب: أن معناه: دخلت في الصباح، فإن الأكل والشرب إنما يحرم بطلوع الفجر. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (2/ 281).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
فليس المراد من الحديث ظاهره وهو الإعلام بظهور الفجر، بل التحذير من طلوعه والتحضيض له على النداء خيفة ظهوره، وإلا لزم جواز الأكل بعد طلوع الفجر؛ لأنه جعل أذانه غاية للأكل. إرشاد الساري (2/ 11).
وقال محمد الخضر الشنقيطي -رحمه الله-:
أي: دخلْتَ في الصبح، هذا ظاهره، وفيه إشكال؛ لأنه جعل أذانه غاية للأكل، فلو لم يؤذن حتى دخل الصباح للزم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر، والإجماع على خلافه إلا من شذَّ كالأعمش، وأجيب عنه بأنّ المراد: قاربت الصباح؛ لأن قُرْب الشيء قد يعبر به عنه. كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (8/ 269، 270).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
وفيه: دليل على جواز تقليد الأعمى للبصير في الوقت، أو جواز اجتهاده فيه، فإن ابن أم مكتوم لا بد له من طريق يرجع إليه في طلوع الفجر، وذلك إما سماع من بصير، أو اجتهاد، وقد جاء في الحديث: وكان لا يؤذن حتى يقال له: «أصبحت أصبحت»، وهذا يدل على رجوعه إلى البصير. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 208).

قوله: «ولم يكن بينهما إلا أَن ينزل هذا ويَرقى هذا»:
قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
لم يكن بين نزول بلال وصعود ابن أم مكتوم طويل زمن، بل بنفس ما ينزل أحدهما يصعد الآخر من غير تراخٍ -والله تعالى أعلم-. المفهم (3/ 151).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله- أيضًا:
وهذا الوقت لا يتسع لشيء من الصلاة، ولا من السحور، فتناقضا، وقد انفصل عنه من وجهين:
أحدهما: أن هذا كان من بلال في بعض الأوقات، لا في غالبها، بل كان غالب أحواله: أن يوسع بين أذانه وبين طلوع الفجر، وقد روي: أنه أذن عند طلوع الفجر.
وثانيهما -وهو الأشبه-: أن بلالًا كان يؤذن قبل طلوع الفجر، فيجلس في موضع أذانه يذكر الله ويدعو حتى ينظر إلى تباشير الفجر ومقدماته، فينزل، فيعلم ابن أم مكتوم بالفجر، ولعله هو الذي كان يقول له: أصبحت، أصبحت؛ أي: قاربت الصباح، وعند ذلك يرقى ابن أم مكتوم، فيؤذن -والله تعالى أعلم-. المفهم (3/ 151).
وقال النووي -رحمه الله-:
قال العلماء: المعنى: أن بلالًا كان يؤذن قبل الفجر، ويتربَّص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يرقب الفجر، فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن مكتوم. شرح مسلم (7/ 204).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
قال الداودي: قوله: «لم يكن بين أذانيهما إلا أن ينزل ذا ويرقى ذا»، وقد قيل له: «أصبحت أصبحت»: دليل أن ابن أم مكتوم كان يراعي قرب طلوع الفجر أو طلوعه؛ لأنه لم يكن يكتفي بأذان بلال في علم الوقت؛ لأن بلالًا فيما يدل عليه الحديث كان تختلف أوقاته، وإنما حكى من قال: «ينزل ذا ويطلع ذا»، ما شاهد في بعض الأوقات، ولو كان فعله لا يختلف اكتفى به النبي -عليه السلام-. شرح صحيح البخاري (4/ 42).
وقال الكشميري -رحمه الله-:
دل على تقارب الأذانين جدًّا. فيض الباري على صحيح البخاري (2/ 218).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-:
المراد به: المبالغة في بيان قصر المدة، وإلا فمعلوم أن بلالًا -رضي الله عنه- كان يؤذن بليل، ويتمهَّل بعض الشيء في الصعود والنزول، ثم كان ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- يتمهَّل كذلك في الذهاب، فيذهب بعدما يطلع الصبح، ويقال له: «أصبحت أصبحت». توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (3/ 264).
وقال ابن العطار -رحمه الله-:
فيه: دليل على جواز أن يكون المؤذن أعمى؛ فإن ابن مكتوم كان أعمى، وأذانه صحيح، ولا كراهة فيه إذا كان معه بصير، وقال أصحاب الشافعي: يكره أن يكون الأعمى مؤذنًا وحده. العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام (1/ 383).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
وفي الحديث دليل على جواز أذان الأعمى إذا كان له من يخبره لأمن الغلط، وكرهه أبو حنيفة بكل حال. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (2/ 281).
وقال البرماوي -رحمه الله-:
وفي الحديث: الوصف بالعيب لتعريف، أو مصلحة، فهو أحد وجوه الغيبة المباحة، واتخاذ مؤذنين للمسجد يؤذن أحدهما قبل الفجر، وآخر بعده، وأن أذان الأعمى لا يكره إذا كان معه بصير، ويكره وحده، وجواز نسبة الرجل لأمه إذا كان يعرف بها. اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (3/ 461).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
فيه: دليل على أن المجاز يستعمل كما تستعمل الحقيقة؛ لأنه لا يؤذن حتى يقال له: «أصبحت أصبحت» أي: قاربت الصبح، فاستعمل أصبحت على المجاز؛ لأنه لو أصبح لم يصح الأكل، ولم يُرِدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «حتى ينادي ابن أم مكتوم» تفسير النداء، وإنما أراد الصباح. المسالك في شرح موطأ مالك (2/ 339).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
استحباب أن يكون الأذان على مكان عالٍ؛ لقوله في رواية البخاري: «لم يكن بينهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا» -والله تعالى أعلم-. منحة العلام في شرح بلوغ المرام (2/273).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
في الحديث: دليل على جواز اتخاذ مؤذنين في المسجد الواحد. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/207).
وقال العيني -رحمه الله-:
فيه: الاعتماد على صوت المؤذن والاعتماد عليه أيضًا في الرواية إذا كان عارفًا به، وإن لم يشاهد الراوي.
وفيه: استحباب السحور وتأخيره.
وفيه: جواز العمل بخبر الواحد.
وفيه: أن ما بعد الفجر (حكمه) حكم النهار.
وفيه: جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة إذا كان لقصد التعريف.
وفيه: جواز نسبة الرجل إلى أمه إذا اشتهر بذلك.
وفيه: جواز التكنية للمرأة. عمدة القاري (5/ 131).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فالأذان الذي يكون قبل الفجر ليس لصلاة الفجر، وهذا من الأشياء التي نُنَبِّه عليها دائمًا: أن بعض الناس يفهمون من النصوص ما لا يراد بها، والأمة تعمل على خلاف فهمهم، ثم ينفردون بهذا الفهم تطبيقيًّا وعمليًّا؛ فيخالفون الناس، وهم معذورون؛ لأنهم مجتهدون، لكن لا يجوز التسرع فيما يخالف ما عليه الناس إلا بعد أن يتبين الحق تبيُّنًا واضحًا، فحينئذٍ لا بد من الحق. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (1/ 456).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
ما يؤخذ من الحديث من أحكام:
1- جواز الأذان لصلاة الفجر قبل دخول وقتها.
2- جواز اتخاذ مؤذنين لمسجد واحد، ويكون لأذان كل منهما وقت معلوم.
3- جواز اتخاذ المؤذن الأعمى وتقليده؛ لأن ابن أم مكتوم، رجل أعمى.
4- وفيه استحباب تنبيه أهل البلد أو المحلة على إرادة الأذان قبل طلوع الفجر حتى يكونوا على بصيرة.
5- اتخاذ مؤذن ثانٍ يؤذن مع طلوع الفجر.
6- وفيه استحباب عدم الكَفُّ عن الأكل والشرب لمن أراد الصيام حتى يتحقق طلوع الفجر، وأن لا يمسك قبل ذلك، والأمر في قوله: «فكلوا واشربوا» هو للإباحة، والإعلام بامتداد وقت السحور إلى هذا الوقت. تيسير العلام شرح عمدة الأحكام (ص: 120).

وللاستفادة من الروايات الأخرى ينظر (هنا) و (هنا) و (هنا) و (هنا)


ابلاغ عن خطا