الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

«اخْفِضِي ولا تَنْهَكِي؛ فإنه أَنْضَرُ للوجه، وأَحْظَى عند الزوج».


رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم: (8137)، والحاكم في المستدرك برقم: (6236)، والبيهقي في السنن الكبرى برقم: (17561)، من حديث الضحاك بن قيس -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (236)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (722).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«اخْفِضِي»:
أي: اقطعي، والخفض للنساء كالختان للرجال. النهاية، لابن الأثير (2/ 54).

«ولا تَنْهَكِي».
ضُبِطَ: «ولا تَنْهَكِي» بفتح التاء والهاء. المجموع شرح المهذب، للنووي(1/ 302).
وقال النووي -رحمه الله-:
أي: لا تبالغي في استقصاء محل الختان بالقطع، بل أبقي ذلك الموضع. فيض القدير(1/ 216).

«أَنْضَرُ للوجه»:
النَّضَارَةُ بفتح النون: الجَمَال. جمهرة اللغة لابن دريد الأزدي (2/ 752).
وقال الفراهيدي -رحمه الله-:
يُقال: نَضَرَ الورق والشجر والوَجْهُ يَنضُرُ نُضُورًا ونُضُرةً ونَضارةً فهو ناضِرٌ: حَسَنٌ. العين (7/ 26).


شرح الحديث


قوله: «اخْفِضِي»:
بكسر الهمزة، خطابًا لأم عطية التي كانت تخفض الجواري بالمدينة، أي: تختنهن. فيض القدير للمناوي(1/ 216).
وقال الشيرازي -رحمه الله-:
وختان المرأة: جِلْدة كعُرْفِ الدِّيك فوق الفرج، فتُقطع منها في الختان. المهذب في فقه الإمام الشافعي (1/ 61).
وقال الماوردي -رحمه الله-:
وأما خفض المرأة: فهو قطع جلدة تكون في الفرج فوق مدخل الذَّكَر، ومخرج البول، على أصل كالنواة، تؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها. الحاوي الكبير (13/ 433).
وقال النووي -رحمه الله-:
والواجب في المرأة قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة التي كَعُرْفِ الديك، فوق مخرج البول، صرح بذلك أصحابنا، واتفقوا عليه قالوا: ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير، ولا يبالغ في القطع، واستدلوا فيه بحديث عن أم عطية. المجموع شرح المهذب (1/ 302).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
وفي المرأة تُقطع الجلدة التي فوق محل الإيلاج، وهي تُشبه عُرْفَ الديك، ويستحب ألا تؤخذ كلها. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (1/ 196).
وقال الباجي -رحمه الله-:
وأمَّا الخفاض فقد قال مالك: أحب للنساء قص الأظفار وحلق العانة والاختتان مثل ما هو على الرجال، قال: ومَن ابتاع أَمَةً فليخفضها إن أراد حبسها، وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه. المنتقى شرح الموطأ (7/ 232).
وقال البغوي -رحمه الله-:
قال الحسن في الختان: هو للرجال سُنة، وللنساء طُهرة.
وروي عن مكحول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الختان سُنة للرجال، مَكْرُمة للنساء». شرح السنة (12/ 110).
وقال العظيم آبادي -رحمه الله-:
وفي وجهٍ للشافعية لا يجب في حق النساء، وهو الذي أورده صاحب المغني عن أحمد، وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية إلى أنه ليس بواجب، ومن حجتهم: حديث شداد بن أوس رفعه: «الختان سُنة للرجال مَكْرُمة للنساء». عون المعبود (14/ 124).
وقال ابن الحاج -رحمه الله-:
السُّنة في ختان الذَّكر إظهاره، وفي ختان النساء إخفاؤه.
واختلف في حقهن هل يخفضن مطلقًا أو يفرق بين أهل المشرق وأهل المغرب؟ فأهل المشرق يؤمرون به؛ لوجود الفضلة عندهن من أصل الخلقة، وأهل المغرب لا يؤمرون به لعدمها عندهن؛ وذلك راجع إلى مقتضى التعليل فيمَن ولد مختونًا فكذلك هنا سواء بسواء. المدخل (3/ 296).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
وهو واجب عند الشافعي وغيره؛ لرواية الحاكم المتقدمة: «اخفضي» فإن الأمر للوجوب، ويدل عليه الحديث المتفق عليه: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل» فإنه يدل على أن النساء كنّ يختتنّ كما يختتن الرجال، والواجب منه في حق المرأة ما ينطلق عليه الاسم من ختانها.
والمستحب أنه لا تبالِغ في اللحمة التي في أعلى فرج المرأة جميعها، بل تُبْقِي منها شيئًا. شرح سنن أبي داود (19/ 671).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
وأما المرأة ففيها روايتان: إحداهما: أن خفضها واجب كالرجل. والثانية: لا يجب؛ لأن ترك ختان الرجل مظنَّة احتقان النجاسة بخلاف المرأة، وقد روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الختان سنة للرجل، مكرمة للنساء» رواه أحمد، يعني بالسُّنة الطريقة الشرعية، وإنما يجب إذا غلب على الظن سلامة المختون، فأما إن خشي عليه لِكِبَرٍ أو مرض فإنه يسقط بل يمنع منه.
وإنما يجب الختان إذا وجبت الطهارة والصلاة؛ لأنه إنما شرع لذلك، والختان قبل ذلك أفضل، وهو قبل التمييز أفضل من بعده في المشهور؛ لأنه قُربة وطُهرة فتقديمها أحرز؛ لأن فيه تخليصًا من مس العورة ونظرها، فإن عورة الصغير لا حكم لها؛ ولذلك يجوز مَسها وتقبيلها، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل زبيبة الحسن (ضعَّفه الألباني في إرواء الغليل)، وقيل: التأخير إلى سن التمييز أولى...
وعن عليٍّ أنه كره أن تختتن الجارية قبل سبع سنين، ولا يُكره بعد سبعة أيام، وقبلها فيه روايتان: إحداهما: يُكره؛ لأنه فعل اليهود، فكره التشبه بهم.
والأخرى: لا يُكره؛ لأنه لم يثبت فيه نهي، وقد روي عن أبي جعفر أن فاطمة كانت تختن ولدها يوم السابع، وروي عن مكحول وغيره أن إبراهيم خَتن ابنه إسماعيل لثلاث عشرة سنة وختن ابنه إسحاق لسبعة أيام. شرح العمدة (ص: 245/246.

قوله: «ولا تَنْهَكِي»:
قال النووي -رحمه الله-:
وضُبط: «ولا تَنْهَكِي» بفتح التاء والهاء. المجموع شرح المهذب (1/ 302).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
وضُبط: بفتح أوله وثالثه، وبضم أوله وكسر ثالثه رواية الخطيب. شرح سنن أبي داود (19/ 670).
وقال النووي -رحمه الله-:
«ولا تنهكي» أي: لا تبالغي في القطع. المجموع شرح المهذب (1/ 302).
وقال البغوي -رحمه الله-:
قوله: «لا تنهكي» تفسير لقوله: «أَشِمِّي»، أي: لا تستقصي. شرح السنة (12/ 111).
وقال التوربشتي -رحمه الله-:
قوله: «ولا تنهكي» أي: لا تبالغي في الخفاض حتى تستأصلي الهَنُ المقطوع منه في الخفاض.
وفي غير هذه الرواية عن أم عطية أيضًا: «أَشِمِّي ولا تنهكي» أي: لا تبالغي في إسْحَاته. الميسر في شرح مصابيح السنة (3/ 995).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
فإنَّه إذا بولغ في ختانها لا تلتذ هي، ولا هو. مرقاة المفاتيح (7/ 2834).
وقال الغزالي -رحمه الله-:
وينبغي ألا يبالَغ في خفض المرأة، قال -صلى الله عليه وسلم- لأم عطية وكانت تخفض: «يا أم عطية، أَشِمِّي ولا تنهكي؛ فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج» أي: أكثر لماء الوجه ودمه، وأحسن في جماعها، فانظر إلى جزالة لفظه -صلى الله عليه وسلم- في الكناية، وإلى إشراق نور النبوة من مصالح الآخرة التي هي أهم مقاصد النبوة إلى مصالح الدنيا، حتى انكشف له وهو أميٌّ من هذا الأمر النازل قدره ما لو وقعت الغفلة عنه خيف ضرره، فسبحان مَن أرسله رحمة للعالمين؛ ليجمع لهم بيُمنِ بعثته مصالح الدنيا والدِّين -صلى الله عليه وسلم-. إحياء علوم الدين (1/ 142/ 143).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
ثم كيفيته في المرأة بجزء، أي: بقطع جزء يقع عليه الاسم من اللحمة الموجودة بأعلى الفرج، فوق ثقبة البول تُشبه عُرْفَ الديك، ويسمى: البَظْر بموحدة مفتوحة، فمعجمة ساكنة. تحفة المحتاج بشرح المنهاج (ص: 10/ 11).

قوله: «فإنه أَنْضَر للوجه»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«فإنه أَنْضَر» بفتح الهمزة والمعجمة. فيض القدير (1/ 216).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «فإنه أنضر» أي: عدم الإنهاك، والنَّضارة بالنون وضاد معجمة، هو الحُسن والنعومة. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 456).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «فإنه أَنضر للوجه» أي: أكثر لمائه ودَمه، وأبهج لبريقه ولمعته. فيض القدير (1/ 216).

قوله: «وأحظى عند الزوج»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
مِن الحَظّ وهو: الجَد والبَخت. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 456).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فإن ذلك أَحظى للمرأة عند زوجها، يقال: حَظِيَت المرأة عند زوجها تَحْظَى حَظْوَة إذا سعدت به، ودنت من قلْبِه وأحبَّها، ومنه حديث عائشة: «تزوَّجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال، فأيّ نسائه كان أَحظى مني؟!». شرح سنن أبي داود (19/ 671).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
قوله: «وأحظى عند الزوج» يقال: حَظَتِ المرأة عند زوجها، أي: سعدت به، ودنت من قلبه وأحبَّها، يقال: حظي عند الناس يحظى إذا أحبوه، ورفعوا منزلته، والمعنى: اخْتُنِي ولا تُبالغي؛ فإن عدم المبالغة يحصل به حسن الوجه، ومحبة عند الزوج. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 65/ 66).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «وأحظى عند الزوج» ومَن في معناه من كل واطئ كَسَيِدِ الأَمَةَ، يعني: أحسن لجماعها عنده، وأحب إليه، وأشهى له؛ لأن الخافضة إذا استأصَلَت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة، فكرهَت الجِماع، فَقَلَّت حظوتها عند حليلها، كما أنها إذا تركتها بحالها فلم تأخذ منها شيئًا بقيت غُلْمَتُها، فقد لا تكتفي بجماع زوجها فتقع في الزنا، فأخْذُ بعضها تعديل للشهوة والخِلْقة. فيض القدير (1/ 216).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وفيه: أنه لا استحياء من قول مثل ذلك للأجنبية، فقد كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أشد حياء من العذراء في خدرها، ومع ذلك قاله تعليمًا للأُمَّة، ومَن استحيا مِن فعلٍ فعله أو قول قاله فهو جاهل كثيف الطبع، ولعله يقع في عدة كبائر، ولا يستحي من الله، ولا من الخلق. فيض القدير (1/ 216)

ينظر حكم الاحتفال بالختان (هنا)

 وينظر عادة سيئة في ختان المرأة (هنا)


ابلاغ عن خطا