الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«إذا أَمَّ أحدُكُم النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ؛ فإنَّ فيهمُ الصَّغيرَ، والكبيرَ، وَالضَّعيفَ، والمريضَ، فإذا صلَّى وحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كيفَ شَاءَ».


رواه البخاري برقم: (703)، ومسلم برقم: (467) واللفظ له، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«أَمَّ»:
أي: صار إمامًا بإقامة السلطان أو نوابه أو القوم، أو صلى منفردًا، ثم ائتم به غيره. فتح القريب المجيب، علوي المالكي(ص: 99).


شرح الحديث


قوله: «إذا أمَّ أحدُكم الناسَ فليخفف»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«إذا أمَّ أحدكم الناس» أي: صار إمامًا لهم في الصلاة فرضًا أو نفلًا شُرع الجماعة فيه غير الخسوف «فليخفف» الصلاة استحبابًا؛ مراعاة لحال المأمومين مع إتمام أركانها وشرائطها وسننها ولا يطولها. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم(7/ 328-329).
وقال الدميري (الشافعي) -رحمه الله-:
قال الأصحاب: والتخفيف: أنَّ الإمام لا يزيد على ثلاث تسبيحات. النجم الوهاج في شرح المنهاج (2/ 331).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف» صلاته، والمراد تخفيف في تمام؛ لما في حديث جابر عند مسلم: «إذا أَمَمْتَ الناس فاقرأ بهم الليل، والشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» وكذلك فيما عينه لمعاذ، وقد قال: «أَفَتَّانٌ أنت يا معاذ؟». وأما الركوع والسجود فإنهما تبع للقراءة كما ثبت في صلاته -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا أطال القراءة أطال الركوع والسجود، وأنها كانت صلاته سواء أو كالسواء.
وهذا الحديث قد تعلق به النَّقَّارون المخالفون لهديه -صلى الله عليه وسلم-، ولا قُرة عين لهم فيه؛ فإن التخفيف أمر نسبي ملاحظ به قراءة معاذ للبقرة. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 600).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «فليخفف» استحبابًا؛ مُراعاة لحال المأمومين. إرشاد الساري (2/ 59).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
قوله: «إذا» شرطية و«‌أمَّ» شرْطُها «‌فليخفف» هو الجواب؛ فلذا دخلت الفاء، «فإن فيهم» تعليل. توضيح الأحكام من بلوغ المرام (2/ 484).

قوله: «فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض»:
قال العيني -رحمه الله-:
وفي لفظ لمسلم: «والمريض» وفي لفظ له: «الصغير، والكبير، ‌والضعيف، والمريض، وذا الحاجة» والفرق بين الضعيف والسقيم: أن الضعيف أعم من السقيم؛ لأن السقيم مِن السُّقم وهو المرض، ‌والضعيف مِن الضعف وهو خلاف القوة، فلا يلزم أن يكون ضعيف القوة سقيمًا كالشيخ الصحيح، فإنه ضعيف القوة غير سقيم. شرح سنن أبي داود (3/ 451).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «الضعيف والسقيم» المراد بالضعيف هنا ضعيف الخلقة، وبالسقيم من به مرض، زاد مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد: «والصغير والكبير» وزاد الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاص: «والحامل والمرضع» وله من حديث عدي بن حاتم: «والعابر السبيل»، وقوله في حديث أبي مسعود الماضي: «وذا الحاجة» هي أشمل الأوصاف المذكورة. فتح الباري (2/ 199).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «فإن فيهم» هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: «فإن منهم». عمدة القاري (5/ 242).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -:
إنما قاله في حق من يُطيل إطالة زائدة على المشروع، فأما الإطالة الموافقة للمشروع فإنها إطالة مشروعة مستحبة. مجموع فتاوى ورسائل (15/ 123).

قوله: «فإذا صلى وحده فليصلِّ كيف شاء»:
قال ابن رجب -رحمه الله-:
قوله: «وحده» أي: منفردًا، بحيث لا يأتمَّ به أحد، وقد خرجه مسلم من رواية المغيرة الحزامي، عن أبي الزناد، وقال فيه: «وإذا صلى ‌وحده فليصل كيف شاء»... ويدخل في ذلك: صلاة الفرائض والنوافل -إذا صلاها وحده- فإنه لا يكره له إطالتها...
قال بعض أصحابنا: هذا فيما لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إطالته أو تخفيفه، فأما ما نُقل عنه إطالتُه أو تخفيفه فاتِّباعه فيه أفضل، فالأفضل في ركعتي الفجر والركعتين المفتَتَح بهما صلاة الليل تخفيفهما، وكذلك الركعتان للداخل -والإمام يخطب- يوم الجمعة. فتح الباري (6/ 225).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
يريد أنَّ عموم الأمر بالتخفيف مختص بالأئمة، فأما المنفرد فلا حرج عليه في ذلك، لكن اختلف فيما إذا أطال القراءة حتى خرج الوقت، كما سنذكره. فتح الباري (2/ 199).
وقال الكوراني -رحمه الله -:
أي: فيما شأنه التطويل، فلا دلالة فيه على تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين، ومعلوم أن ذلك التطويل ما لم يؤدِّ إلى خروج الصلاة عن الوقت. الكوثر الجاري (2/ 344).
وقال الترمذي -رحمه الله -:
وهو قول أكثر أهل العلم، اختاروا ألا يطيل الإمام الصلاة؛ مخافة المشقة على الضعيف والكبير والمريض. سنن الترمذي (1/ 277).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله -:
فكل ذلك من المباح الجائز أن يقرأ المرء بما شاء مع ‌أُمِّ القرآن ما لم يكن إمامًا يُطوِّل على مَن خلفه، وبنحو ذلك تواترت الآثار في القراءة عن النبي -عليه السلام- في الصلاة، مرة يخفِّف وربما طوَّل، صنع ذلك في كل صلاة، وهذا كله يدل على أن لا توقيت في القراءة عند العلماء بعد فاتحة الكتاب، وهذا إجماع من علماء المسلمين، ويشهد لذلك قوله -عليه السلام-: «من ‌أمَّ الناس ‌فليخفف» ولم يحدّ شيئًا، وإنما اختلفوا في أقل ما يجزئ من القراءة، وفي أُمِّ القرآن، هل يجزئ منها غيرها من القرآن أم لا؟ وأجمعوا أن لا صلاة إلا بقراءة... وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لبعض مَن طوَّل من الأئمة: «لا تبغِّضوا اللهَ إلى عباده»، وإذا كان الناس يؤمرون بالتخفيف في ذلك الزمن فما ظنك بهم اليوم! ألا ترى إلى ما أجمعوا عليه من تخفيف القراءة في السفر؟ الاستذكار (1/ 426).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
ولم يعرفوا مقدار التطويل، ولا علموا التطويل الذي نهى عنه لما قال لمعاذ: «أفتَّان أنت يا معاذ؟!» فجعلوا هذا برأيهم قدرًا للمستحب، ومن المعلوم أن مقدار الصلاة -واجبها ومستحبها- لا يرجع فيه إلى غير السُّنة، فإن هذا من العلم الذي لم يَكِلْهُ الله ورسوله إلى آراء العباد؛ إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بالمسلمين في كل يوم خمس صلوات، وكذلك خلفاؤه الراشدون الذين أُمرنا بالاقتداء بهم؛ فيجب البحث عما سنَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينبغي أن يوضَع فيه حكمٌ بالرأي، وإنما يكون اجتهاد الرأي فيما لم تمض به سُنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز أن يعمد إلى شيء مضت به سُنة فيُرد بالرأي والقياس، ومما يبين هذا: أن التخفيف أمر نسبي إضافي، ليس له حد في اللغة ولا في العُرف؛ إذ قد يستطيل هؤلاء ما يستخفه هؤلاء، ويستخف هؤلاء ما يستطيله هؤلاء، فهو أمر يختلف باختلاف عادات الناس ومقادير العبادات، ولا في كل من العبادات التي ليست شرعية، فعُلم أن الواجب على المسلم أن يرجع في مقدار التخفيف والتطويل إلى السُّنة، وبهذا يتبين أن أمره -صلى الله عليه وسلم- بالتخفيف لا ينافي أمره بالتطويل أيضًا. مجموع الفتاوى (22/ 597-596).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وفي رواية ابن داسه عنه: أنه دخل وأبوه على أنس بن مالك -رضي الله عنه- بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- وهو أمير المدينة، فإذا هو يصلي صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر أو قريبًا منها، فلما سلّم قال: يرحمك الله أرأيت هذه الصلاة هي المكتوبة أو شيءٌ تنفَّلتَ به؟ قال: إنها المكتوبة، وإنها لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «لا تشدِّدوا على أنفسكم فيشدَّد عليكم؛ فإن قومًا شدَّدوا على أنفسهم فشُدِّد عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}» الحديد: 27. الصلاة (ص: 133).
وقال النووي -رحمه الله-:
معنى أحاديث الباب ظاهر، وهو الأمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يخل بسنتها ومقاصدها، وأنه إذا صلى لنفسه طوَّل ما شاء في الأركان التي تحتمل التطويل -وهي القيام والركوع والسجود والتشهد-، دون الاعتدال والجلوس بين السجدتين، والله أعلم. شرح النووي على مسلم (4/ 184).
وقال ابن القاسم -رحمه الله -:
فالتخفيف المأمور به أمر نسبي يرجع إلى ما فعله -صلى الله عليه وسلم- وواظب عليه، لا إلى شهوة المأمومين، فإنه لم يكن يأمر أُمَّته بأمر ثم يخالفه. الإحكام شرح أصول الأحكام (1/ 369).
وقال الشيخ عطية سالم -رحمه الله-:
قوله: «فإذا صلى ‌وحده» أي: منفردًا... وهذا أيضًا من أدلة صحة الصلاة منفردًا، فيطوِّل ما شاء؛ لأنه أَمير نفسه وأدرى بحاجته، وإن تعب خفَّف. شرح بلوغ المرام (87/ 5).
وقال ابن بطال -رحمه الله -:
وإنما جعل أمر المصلي في التطويل وغيره راجعًا إليه لأنه يعلم مِن نفسه ما لا يعلم من غيره، وقد ذكر الرُّب -جل جلاله- الأعذار التي من أجلها أسقط فرضَ قيام الليل عن عباده فقال: {عَلِمَ ‌أَن ‌سَيَكُونُ ‌مِنكُم ‌مَرْضَى} المزمل: 20، فينبغي للإمام التخفيف مع الكمال في الأركان، ألا ترى أنه -عليه السلام- قال للذي لم يتم ركوعه ولا سجوده: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، وقال -عليه السلام-: «لا تجزئ صلاة مَن لا يقيم ظَهْره في الركوع والسجود»، وممن كان يخفف الصلاة من السلف أنسُ بن مالك -رضي الله عنه-، قال ثابت: صليتُ معه العَتَمة فتَجَوَّز ما شاء الله، وكان سعدٌ إذا صلى في المسجد خفَّف الركوعَ والسجودَ وتجوَّز، وإذا صلى في بيته أطالَ الركوع والسجود والصلاة، فقيل له؟ فقال: «إنا أئمةٌ يُقتدى بنا»، وصلى الزبير بن العوام صلاة خفيفة فقيل له: أنتم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أخفُّ الناس صلاة! فقال: «إنا نُبَادر هذا الوسواس»، وقال عمار: «احذفوا هذه الصلاةَ قبل وسوسة الشيطان»، وكان أبو هريرة يتم الركوع والسجود ويتجوّز، فقيل له: هكذا كانت صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: «نعم، وأجْوَز»، وقال عمرو بن ميمون: لما طُعن عمر -رضي الله عنه- تقدَّم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فقرأ بأقصر سورتين في القرآن: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} الكوثر: 1 و{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} النصر: 1، وكان إبراهيم (النخعي) يخفِّف الصلاةَ ويتم الركوع والسجود، وقال أبو مجلز: كانوا يُتِمون ويتجوَّزون ويبادرون الوسوسة، ذكر هذه الآثار ابنُ أبي شيبة في مصنَّفه. شرح صحيح البخاري (2/ 334).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
حديث أبي هريرة وأبي مسعود... يدلان على التخفيف في صلاة الإمام، والحُكم فيها مذكور مع علّته، وهو المشقة اللاحقة للمأمومين إذا طوّل، وفيه -بعد ذلك- بحثان:
أحدهما: أنه لما ذُكرت العِلة وجب أن يَتبعها الحكم، فحيث يَشقُّ على المأمومين التطويل ويريدون التخفيف يُؤْمَر بالتخفيف، وحيث لا يَشُقُّ أو لا يريدون التخفيف لا يُكره التطويل، وعن هذا قال الفقهاء: إنه إذا عَلِمَ من المأمومين أنهم يؤثرون التطويل طوّل، كما إذا اجتمع قوم لقيام الليل، فإن ذلك -وإن شق عليهم - فقد آثروه ودخلوا عليه.
الثاني: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية؛ فقد يكون الشيء طويلًا بالنسبة إلى عادة قوم، وقد يكون خفيفًا بالنسبة إلى عادة آخرين، وقد قال بعض الفقهاء: إنه لا يزيد الإمام على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود، والمروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من ذلك، مع أمره بالتخفيف، فكأن ذلك لأن عادة الصحابة لأجل شدة رغبتهم في الخير يقتضي أن لا يكون ذلك تطويلًا، هذا إذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك عامًّا في صلواته أو أكثرها، وإن كان خاصًّا ببعضها فيحتمل أن يكون لأن أولئك المأمومين يؤثرون التطويل، وهو متردد بين ألا يكون تطويلًا بسبب ما يقتضيه حال الصحابة، وبين أن يكون تطويلًا لكنه بسبب إيثار المأمومين، وظاهر الحديث المروي: لا يقتضي الخصوص ببعض صلواته -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 228).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
واستُدِل به على جواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت، وهو المصحَّح عند بعض أصحابنا -أي: الشافعية-، وفيه نظر؛ لأنه يعارضه عمومُ قوله في حديث أبي قتادة: «إنما التفريط أن يؤخِّر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى» أخرجه مسلم، وإذا تعارضت مصلحة الكمال بالتطويل، ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها؛ كانت مراعاة ترك المفسدة أولى، واستُدل بعموم الحديث أيضًا على: جواز تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين. فتح الباري لابن حجر (2/ 200).
وقال العيني -رحمه الله-:
وفيه من الفقه: أن الإمام ينبغي ألا يطول بالصلاة على الجماعة، بل يخففها، بحيث لا يُخِلُّ بسننها ومقاصدها، وأنه إذا صلى لنفسه طوَّل ما شاء في الأركان التي تحتمل التطويل كالقيام، والركوع، والسجود، دون الاعتدال، والجلوس بين السجدتين. شرح سنن أبي داود (3/ 451).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وفيه دليل على جواز تطويل المنفرد للصلاة في جميع أركانها ولو خشي خروج الوقت، وصححه بعضُ الشافعية، ولكنه معارَض بحديث أبي قتادة: «إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى» أخرجه مسلم، فإذا تعارضت مصلحةُ المبالغة في الكمال بالتطويل ومفسدةُ إيقاع الصلاة في غير وقتها؛ كانت مراعاة ترك المفسدة أولى، ويحتمل أنه إنما يريد بالمؤخِّر حتى يخرج الوقت مَن لم يدخل في الصلاة أصلًا حتى خرج، وأما من خرج وهو في الصلاة فلا يصدُق عليه ذلك. سبل السلام (3/ 75).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
ما يؤخذ من الحديث:
استحباب تخفيف الصلاة إذا ‌أَمَّ الناس في صلاة فريضة أو نافلة، والحكمة في ذلك: وجود الصغير والكبير ‌والضعيف، ممن لا يطيقون إطالة الصلاة؛ لضعفهم وعجزهم. وكذلك صاحب الحاجة الذي فِكْرُه عند حاجته، ويخاف فواتها، أو فسادها، أو نحو ذلك.
يؤخذ منه: أنه لو كان العدد محدودًا، وآثروا التطويل أنه جائز؛ لأنهم أصحاب الحق في ذلك، وقد جاءت الرغبة منهم، فلا بأس إذن بالتطويل، أما إذا صلى وحده فليصلِّ ما شاء؛ لأن ذلك راجع إلى رغبته ونشاطه، وينبغي تقييده بما لا ينشغل به عن الواجبات.
فيه: مراعاة الضعفاء والعجزة في جميع الأمور التي يشاركهم فيها الأقوياء؛ سواء في الأمور الدينية، أو الاجتماعية؛ لأنه الذي يجب مراعاته والعمل به. توضيح الأحكام من بلوغ المرام (2/ 484).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وفيه: دليل أن المرضى ومَن ذُكِرَ معهم يخفِّفون صلاتهم لأنفسهم؛ لقوله: «فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة» فإنه إذا أمر بالتخفيف لأجلهم؛ فبالأولى لأنفسهم إذا انفردوا...
وفيه: إرشاد إلى أنَّ مَن ولي أمرًا من أمور المسلمين فإنه يلاحِظ مَن تحت يده لا حال نفسه. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 600).


ابلاغ عن خطا