الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«إذا دعا الرَّجلُ امرأتَهُ فَلْتُجِبْ، وإنْ كانتْ على ظَهْرِ قَتَبٍ».


رواه البزار برقم: (4317) واللفظ له، والطبراني في الكبير برقم: (5084)، من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (533)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (1943).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«قَتَبٍ»:
بالتَّحريك: رَحْلٌ صغير على قدر السِّنام. الصحاح، للجوهري (1/ 198).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
القَتَبُ للجمل: كالإكاف لغيره. النهاية، لابن الأثير (4/ 11).


شرح الحديث


قوله: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فَلْتُجِبْ»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرَّجل امرأته» أو السَّيِّد أَمَتَه، قوله: «إلى فراشه» لأن يجامعَها. إرشاد الساري (8/ 96).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرَّجل امرأته إلى فراشه» ليجامعها، فهو كناية عنه بديعة. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 95).
وقال ابن أبي جمرة -رحمه الله-:
قوله: «إلى فراشه» هل هو على ظاهره أو هو من الكناية عن الجماع؟ الظَّاهر: أنه كناية عن الجماع، ويقوِّي ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: «الولد للفراش» أي: للذي يكون وَطِئَه في الفراش.
وفيه دليل على أنَّ المستحسن في الشَّرع الكناية عن الأشياء المستقبحة، وهذا فيه موجود كثير، مثل قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} البقرة: 187، وما أشبهه. جمع النهاية في بدء الخير والغاية (3/229).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه» قال ابن أبي جمرة: الظَّاهر أنَّ الفراش كناية عن الجماع، ويقوِّيه قوله: «الولد للفراش» أي: لمن يطأ في الفراش، والكناية عن الأشياء التي يُستحى منها كثيرة في القرآن والسُّنَّة. فتح الباري (9/ 294).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «إلى فراشه» كناية عن الجماع، أي: إلى أن يقضي شهوته، سواء كان على فراشه، أو فراش غيره، أو بدون فراش؛ ولذا قيل: «الولد للفراش» أي: لمن يطأ في الفراش. المنهل الحديث (3/ 138).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه» فيه إيماء إلى جواز تعدُّد الفراش، ويحتمل أن يكون كناية عن الميلان إلى الاجتماع، قال تعالى: {نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} البقرة: 187، وفيه: إيماء إلى التَّستُّر حالة الجماع. مرقاة المفاتيح (5/ 2121).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه»... وفيه تحريم امتناعها من فراشه بغير عذر شرعيٍّ، وليس الحيض بعذر؛ لأن له حقًّا في التَّمتُّع فوق الإِزار فتح العلام (ص: 533- 534).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه»... قيل: والحيض ليس بعذر في الامتناع؛ لأن له حقًّا في الاستمتاع بما فوق الإزار عند الجمهور، وبما عدا الفرج عند جماعة. مرقاة المفاتيح (5/ 2121).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «إذا دعا الرَّجل امرأته إلى فراشه»... الواجب عليها إذا دعاها الرَّجل إلى حاجته أن تجيبه، إلا إذا كان هناك عذر شرعيٌّ، كما لو كانت مريضة، لا تستطيع معاشرته إياها، أو كان عليها عذر يمنعها من الحضور إلى فراشه؛ فهذا لا بأس، وإلا فإنه يجب عليها أن تحضر وأن تجيبه، وإذا كان هذا في حقِّ الزَّوج على الزَّوجة، فكذلك ينبغي للزَّوج إذا رأى من أهله أنهم يريدون التَّمتُّع، فإنه ينبغي أن يجيبهم؛ ليعاشرها كما تعاشره، فإن الله تعالى قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} النساء: 19. شرح رياض الصالحين (6/ 499- 500).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أيضًا:
مسألة: الجماع يرجع فيها إلى الزَّوج لا إلى الزَّوجة، بمعنى: أنه إذا أراد أن يجامع أو لا يجامع فالأمر إليه، كما أن الأمر في الحرث إلى الزَّارع؛ ولهذا «إذا دعا الرَّجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح»، لكن إذا دعته هي وأبى لم يحصل عليه هذا الإثم، نعم عليه أن يجامعها بالمعروف، أو في كُلِّ أربعة أشهر مَرَّة عند الفقهاء...، والصَّحيح: أن مسألة الجماع يُرجع فيها إلى العُرْف، وهي داخلة في قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} النساء: 19، لكنها ليست كُلَّما أرادت أن يفعل الزَّوج تلزمه، أمَّا هو إذا أراد أن يفعل يلزمها. فتح ذي الجلال والإكرام (4/ 554-555).

قوله: «فَلْتُجِبْ»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «فَلْتُجِبْ» والأمر للوجوب. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 46).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
قوله (في رواية): «فلتأته» أي: فلتمكِّنْه من نفسها وجوبًا حيث لا عذر. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/ 117).

قوله: «وإن كانت على ظهر قَتَبٍ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «وإن كانت على ظهر قَتَبٍ» أي: وهي تسير على ظهر بعير، أو معناه: وإن كانت قد أجلست على قتب عند مجيء المخاض لتلد، والقصد بذلك المبالغة في الزَّجر عن امتناعها منه، أو تسويفها إياه. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 95).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «وإن كانت على ظهر قَتَبٍ» أي: ولو حال ولادتها إن أمكن. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 499).
وقال العلقمي -رحمه الله-:
معناه: الحثُّ لَهُنَّ على مطوعة أزواجهن، ولو في هذا الحال، فكيف في غيره، وقيل: إنَّ النِّساء العرب كُنَّ إذا أردن الولادة جلسن على قَتَب، ويقلن: إنه أسلس لخروج الولد، فأراد تلك الحالة. الكوكب المنير شرح الجامع الصغير مخطوط، لوح (70).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وفيه (أي: حديث: «إذا دعا الرَّجلُ امرأتهُ إلى فراشِهِ فأبت...»): إرشاد إلى مساعدة الزَّوج وطلب رضاه، وأنَّ صبر الرَّجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وأن أقوى المشوِّشات على الرَّجل داعيةُ النِّكاح؛ ولذلك حثَّ المرأة على مساعدته على كسر شهوته؛ ليفرغ، فكُرِهَ للعبادة. فيض القدير (1/ 344).
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله-:
كُنَّا نرى أنَّ المعنى: أنْ يكون ذلك وهي تسير على ظهر البعير، فجاء التَّفسير في بعض الحديث بغير ذلك؛ أنَّ المرأة كانت إذا حضر نفاسُها أُجْلِسَتْ على قَتَبٍ ليكون أسْلَسَ لولادتها، هذا بلغني عن ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن شهاب قال: حدَّثتنِي امرأة أنَّهَا سَمِعت عائشة تقول ذلك، قال: قال معمر: فَمن ثَمَّ جاء الحديث: «ولو كانت على قَتَبٍ»، وهذا أشبه بالمعنى من الذي كنَّا نراه، وأَوْلَى بالصَّوابِ. غريب الحديث (4/ 330).
وقال العيني -رحمه الله-:
لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المُسوِّفَة والمُغلِّسَة(ولعل الصواب: والمفسِّلة)، أمَّا المسوِّفة فهي المرأة التي إذا أرادها زوجها قالت: سوف، والمُغلِّسة، في لفظ: المغسِّلة، هي التي إذا أرادها زوجها قالت: إني حائض، وليس بحائض. عمدة القاري (20/ 185).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
أن الرجل إذا دعا امرأته إلى فراشه فامتنعت، كانت ظالمة بمنعها إياه حقَّه، فتكون عاصية لله بمنع الحقِّ، وبالظُّلم، وبكفران العشير، وبتكدير عيش الصَّاحب، وبسوء الرُّفقة، وبكونها عرَّضت زوجها ونفسها لفتنة. الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 158-159).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
أن تخلُّفَ المرأة عن إجابة دعوة الزَّوج إلى فراشه من كبائر الذُّنوب؛ وذلك لأنه رتَّب عليه عقوبة، وهو لَعن الملائكة لها، أو سخط الله عليها. فتح ذي الجلال والإكرام (4/ 565).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
نبَّه على حسن المعاشرة للزَّوجة باتِّخاذ فراش لها، وفراش لزوجها؛ وذلك ضدُّ ما أكبر العوام عليه من النَّوم إلى جانب الزَّوجة؛ فإن النَّوم قد يحدث فيه حوادث يكرهها أحدهما من الآخر، ولا ينبغي أن يجتمعا إلا على أحسن حال لتدوم المحبَّة؛ فإن ظهور العيوب تُسلِّي عن المحبوب، وينبغي أن يكون الفراش قريبًا من الآخر؛ ليجتمعا إذا أرادا، وينفصلا إذا شاءا، وقد نبَّه على هذا ما في مسند أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا دعا الرَّجل امرأته إلى فراشه...»، وعلى هذا جمهور الملوك والحكماء، ومتى كانت المرأة عاقلة احترزت أن يرى الرجل منها مكروهًا، وكذلك ينبغي للرَّجل أن يحترز، قال ابن عباس: إني لأحِبُّ أن أتزيَّن للمرأة كما تتزيَّن لي. وقالت بدويَّة لابنتها حين أرادت زفافها: لا يطلعنَّ منكِ على قبيح، ولا يشمنَّ إلا طيب ريح. كشف المشكل (4/ 130).

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا


ابلاغ عن خطا