الأربعاء 26 رمضان 1446 هـ | 26-03-2025 م

A a

«أعمارُ أمَّتي ما بينَ السِّتِّينَ إلى السَّبعينَ، وأقلُّهُمْ مَن يَجُوزُ ذلك».


رواه الترمذي برقم: (3550)، وابن ماجه برقم (4236)، وابن حبان برقم: (2980)، والحاكم برقم: (3598)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (1073)، مشكاة المصابيح برقم (5280).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«يَجُوزُ»:
أي: يَعبُرُ. شرح المصابيح، لابن الملك (5/ 427).


شرح الحديث


قوله: «أعمار أُمَّتي ما بين الستين إلى السبعين»:
قال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «أعمار أُمَّتي» أُمَّة الدعوة لا أُمَّة الإجابة كما هو بيِّن، ولكل مقام مقال، «ما بين ‌الستين» من السنين «إلى ‌السبعين» أي: ما بين ‌الستين والسبعين، وإنما عبَّر بـ(إلى) التي للانتهاء، ولم يقل: والسبعين الذي هي حق التعبير؛ ليبين أنها لا تدخل إلا على متعدد؛ لأن التقدير: ما بين ‌الستين وفوقها إلى ‌السبعين، فـ(إلى) غاية الفوقية لدلالة الكلام عليه، وقال بعضهم: معناه: آخر عمر ‌أُمَّتي ابتداؤه إذا بلغ ستين وانتهاؤه سبعين. فيض القدير (2/ 11).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «عمر أُمَّتي من ستين» قيل: معناه: آخر عمر أُمَّتي ابتداؤه إذا بلغ ستين سنة، وانتهاؤه سبعون سنة. الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3325).
وقال السفيري -رحمه الله-:
«أعمار أمَّتي ما بين الستين إلى السبعين» وفي رواية: «وجعل أمَّته آخر الأمم وأقصر الأمم أعمارًا؛ حتى لا يطول مكثهم تحت التراب، ولا يجتمع عليهم الذنوب الكثيرة». المجالس الوعظية (1/ 84).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «أعمار ‌أُمَّتي» أي: أعمار المعمَّر منهم غالبًا. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (2/ 559).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «أعمار» جمعه باعتبار الحقيقة، والمراد أكثر أعمار أُمَّتي، وقد جاء صريحًا في بعض الروايات. لمعات التنقيح (8/ 492).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «أعمار ‌أُمَّتي بين ‌الستين إلى ‌السبعين» ينتهي في هذه العشر التي سمتها العرب دقَّاقة الرقاب، كما قيل:
وإن امرأً قد سار ستين حِجة *** إلى منهلٍ مِن وِرده لقريب
ولذا ورد أنه قد أعذر الله من بلغ هذه السن، وروي أنها المراد من قوله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} فاطر: 37، وفائدة الإخبار بهذا: حثُّ مَن بلغ إليها أن يتزود للمعاد، ويقطع عن الدنيا علائق كل مراد.
وفيه ردٌّ لمن يدّعي إثبات العمر الطبيعي الذي لا دليل عليه. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 513).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
فإنها دمَّامة الرقاب كما صرح به حديث آخر، ومنه ومما سلف يؤخذ أنه لا معنى لتحديد الفقهاء بالعمر الطبيعي، والحديث سيق حكمًا على الأغلب، فإن غالب الأُمَّة مَن لا يجاوزها إن بلغها، والمراد منه: الحث للبالغ إليها على الاستعداد للمعاد. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 81).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قوله: «أعمار أُمَّتي» قيل: معناه: آخر عمر ‌أُمَّتي ابتداؤه «ما بين ‌الستين» سنة، وما فوقها «إلى» تمام «‌السبعين» سنة، معناه: ابتداء ذلك الآخر: ستون سنة، وانتهاؤه: سبعون سنة. مرشد ذوي الحجا والحاجة (26/ 77).

قوله: «وأقلُّهم مَن يجوز ذلك»:
قال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «وأقلهم من يجوز ذلك» يعني: أكثر أُمَّتي يموتون إذا كان أعمارهم سبعين سنة أو أقل، وقليلٌ مَن يزيد عمره على سبعين سنة. المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 303).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«وأقلُّهم مَن يجوز ذلك» هذا ‌محمول ‌على ‌الغالب، ‌بدليل ‌شهادة ‌الحال، ‌فإن ‌منهم ‌من ‌لم ‌يبلغ ‌ستين، ومنهم من يجوز سبعين. الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3325).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «وأقلهم من يجوز ذلك» أي: ‌السبعين، فيَصِل إلى المائة وما فوقها، وأكثر ما اطلعناه على طول العمر في هذه الأُمَّة مِن المعمَّرين في الصحابة والأئمة: سِن أنس بن مالك؛ فإنه مات وله من العمر مائة وثلاث سنين، وأسماء بنت أبي بكر ماتت ولها مائة سنة، ولم يقع (يسقط) لها سِنٌّ، ولم يُنكر في عقلها شيء، وأزيد منهما عمرًا حسان بن ثابت، مات وله مائة وعشرون سنة، عاش منها ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، وأكثر منه عمرًا سلمان الفارسي فقيل: عاش مائتين وخمسين سنة! وقيل: ثلاثمائة وخمسين سنة! والأول أصح، والله تعالى أعلم...، وفي لفظ لأحمد والترمذي مرفوعًا: «معترك المنايا ما بين ‌الستين إلى ‌السبعين». مرقاة المفاتيح (8/ 3303).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «وأقلّهم من يجوز ذلك» أي: من يحط ‌السبعين وراءه ويتعداها، وإنما كانت أعمارهم قصيرة، ولم يكونوا كالأمم قبلهم الذين كان أحدهم يعمَّر ألف سنة، وأقل وأكثر، وكان طوله نحو مائة ذراع، وعرضه نحو عشرة أذرع؛ لأنهم كانوا يتناولون من الدنيا من مطعم ومشرب وملبس على قدر أجسامهم وطول أعمارهم؛ وذلك شيء يسير، «والدنيا حلالها حساب، وحرامها عذاب» كما في الخبر، فأكرم الله هذا الأُمَّة بقلَّة عقابهم وحسابهم المعوق لهم عن دخول الجنة؛ ولهذا كانوا أول الأمم دخولًا الجنة ومن ثم قال المصطفى: «نحن الآخرون الأوَّلون»، وهذا من إخباراته المطابقة التي تُعد من المعجزات. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 176).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «وأقلُّهم» أي: قليل منهم «من يجوز» أي: من يجاوز «ذلك» أي: سبعين سنة، والعمر: مُدة أجّلها الله تعالى لعباده في دار الفناء لا ينقص ولا يزيد. مشارق الأنوار الوهاجة (26/ 77).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
وهذا الحديث عَلَم من أعلام النبوة، هذا ما ظهر للفهم السقيم. مرشد ذوي الحجا والحاجة (26/ 77).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
وفي هذا المعترك قُبض النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال سفيان الثوري: من بلغ سِن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليتخذ لنفسه كفنًا. لطائف المعارف (ص: 184).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قال بعض الحكماء: الأسنان أربعة: سن الطفولية، ثم الشباب، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة وهي: آخر الأسنان، وغالب ما يكون ما بين ‌الستين والسبعين؛ فحينئذٍ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط؛ فينبغي له الإقبال على الآخرة بالكلية؛ لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة، وقد استنبط منه بعض الشافعية: أن من استكمل ستين فلم يحج مع القدرة فإنه يكون مقصِّرًا، ويأثم إن مات قبل أن يحج، بخلاف ما دون ذلك. فتح الباري (11/ 240).
وقال إسماعيل حقي -رحمه الله-:
فاذا بلغ ‌الستين وجاوزها كانت السبعون آخر زمان التذكر؛ لأن ما بعدها زمان الهرم، وفي الحديث: «إن لله مَلَكًا ينادي كل يوم وليلة: أبناء الأربعين زرع قد دنا حصادُه، وأبناء ‌الستين ما قدَّمتم وما عملتم، وأبناء ‌السبعين هلموا إلى الحساب». روح البيان (7/ 355).


ابلاغ عن خطا