«إنَّ اللَّه وملائكتَهُ يُصَلِّونَ على الَّذينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ، ومَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بها درجةً».
رواه أحمد برقم: (24587)، وابن ماجه برقم: (995) واللفظ له، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
صحيح الجامع برقم: (1843)، صحيح الترغيب والترهيب برقم: (501).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«سَدَّ»:
سدَّ الثُّلمة فانْسَدَّت واسْتَدَّت، وهذا سَدادها. أساس البلاغة، للزمخشري (1/ 444).
«سَدَّ» الثلمة ونحوها من باب رَدَّ، أي أصْلَحَها وأَوْثَقَها. مختار الصحاح للرازي (ص145)
«فُرْجَة»:
الفَرْجة: بالفتح في الأمر، والفُرْجة بالضم في الحائط. الاقتضاب في غريب الموطأ، اليفرني (1/ 439).
قال الفيومي -رحمه الله-:
الفُرْجَةُ بالضَّمِّ في الحائطِ، ونحوه: الْخَلَلُ...، والفَرْجَةُ بالفتحِ مصدرٌ يكونُ في المعاني، وهي الخُلُوصُ مِنْ شدَّةٍ، قال الشَّاعِرُ:
رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنْ الْأَمْرِ *** لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ الْعِقَالِ. المصباح المنير (2/ 465).
يقال: بينهما «فُرْجَةٌ» أي: انفراج. الصحاح للجوهري (1/ 334).
شرح الحديث
قوله: «إن الله وملائكته يُصَلُّون»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«إن الله وملائكته» أي: عباده المقرَّبين المصطفين من أدناس البشر. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 263).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«إن الله تعالى وملائكته يُصَلُّون» هو نظير: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الأحزاب: 56.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
معنى صلاة الله على العبد: هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى. شرح رياض الصالحين(5/٤٨٠).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
صلاة الله على العبد ثناء الله عليه عند الملائكة، ورحمته إياه برحمته بتوفيقه في الدنيا، أو إدخاله الجنة في الآخرة، هذا من صلاته عليه، ولكن مُعظمها الثناء، صلاة الله الثناء على العبد بالملأ الأعلى. موقع سماحة الشيخ ابن باز.
قوله: «على الذين يَصِلُون الصفوف»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«يَصِلون» من الوصل ضد القطع «الصفوف» بحيث لا يبقى فيها ما يسع واقفًا. فيض القدير (2/ 269).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«إن الله تعالى وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف» أي: يغفر لهم ويأمر ملائكته بالاستغفار لهم. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 263).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «على الذين يَصِلُون الصفوف» من الوصل، أي: يَصِلُون بأن كان فيها فرجة فسدُّوها، أو نقصان فأتموها. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (1/ 313).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«على الذين يَصِلُون» من الوصل، أي: يلتصقون بها ليصلوها، ولا يخفى الجناس بين اللفظين، «الصفوف» صفوف الصلاة في الجماعة. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 352).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «يُصَلُّون على الذين يَصِلُون» الأول من الصلاة، والثاني من الوصل. حاشيته على مسند أحمد (5/483).
قوله: «ومن سدَّ فُرْجَة رفعه الله بها درجة»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«ومن سد فُرجة» بضم أوله: خللًا بين المصلين في صف، «رفعه الله بها» أي: بسبب سده إياها «درجة» في الجنة. فيض القدير (2/ 269).
وقال العلقمي -رحمه الله-:
«ومن سد فُرجة رفعة الله بها درجةً» يستحب أنْ تُسَدَّ الفُرَجُ في الصفوف لينال هذا الثواب العظيم، ويستحب الاعتدال في الصفوف؛ فإذا وقفوا في صفٍ لا يتقدم بعضهم بصدره ولا غيره، ولا يتأخر عن الناس، ويستحب أن يكون الإمام وسط القوم. الكوكب المنير شرح الجامع الصغير مخطوط لوح (111).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«ومن سدَّ فرجة» في الصف وهي: الانفراج بين المصلين في الصف، وسدها بأن ينضم إليها. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 352).
قوله: «رفعه الله بها درجة»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
الدّرجة رُتْبة من رُتَب الإثابة، أو مِرْقَاة حقيقة يصعد عليها غُرَف الجنة، فرفع الدرجة كناية عن رفع غرفته. التنوير(1/ 290) .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: «على الذين يَصِلُون الصفوف» كيف يكون الوصل؟ وكيف يكون القطع؟
الجواب: يكون الوصل بإتمام الصف الأول فالأول، بحيث لا ينشأ الصف الثاني إلا إذا اكتمل الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا إذا اكتمل الثاني، ولا ينشأ الصف الرابع إلا إذا اكتمل الثالث، وهكذا، ويكون وصل الصفوف أيضًا بالتقارب والتراصّ في الصفوف، وألا يكون فيها فُرَج، ويكون التراصّ والتقارب إلى جهة الإمام، ولا يكون إلى أحد طرفي الصف، وإنما يتجه الناس إلى جهة الإمام، فإذا كانوا من جهة اليمين تراصّوا وتقاربوا إلى جهة اليسار، وإذا كانوا في يسار الصف فإنهم يتراصون إلى جهة اليمين، أي: إلى جهة الإمام، فوصل الصفوف يكون بملء الصفوف والتقارب، وعدم وجود فُرَج، وكذلك يتحاذَون بلا تقدم ولا تأخُّر، وقطع الصفوف هو: عدم وصلها، وعدم المبالاة بذلك. شرح سنن أبي داود (12/ 456).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فيه (الحديث) الجمع بين الحقيقة والمجاز إن أريد: يرحموكم ويستغفرون لكم. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 352).
وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)