الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«احْضُرُوا الجمعة، وادْنُوا من الإمام؛ فإن الرَّجُلَ ليَتَخَلَّفُ عن الجمعة حتَّى إِنه ليَتَخَلَّفُ عنِ الجنة وأنه لَمِنْ أَهلِها».


رواه أحمد برقم: (20112) واللفظ له، وأبو داود برقم: (1108)، من حديث سمُرة بن جُنْدُب -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (200)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (365).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الجُمُعة»:
يوم الجمعة يقال: بضم الميم وفتحها وسكونها، قال ابن دريد: وهي مشتقة من اجتماع الناس فيها للصلاة. مشارق الأنوار، للقاضي عياض (1/ 153).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
والمراد بالجمعة هنا: اسم سبب الاجتماع، وهو الصلاة لا اسم اليوم؛ لأن اليوم لا يُؤتى. نيل الأوطار (1/293).

«لَيَتَخَلَّفُ»:
التّخلف: التأخر. النهاية، لابن الأثير (2/ 67).


شرح الحديث


قوله: «احضروا الجمعة»:
قال المناوي-رحمه الله-:
«احْضُرُوا» بضم الهمزة «الْجُمُعَةَ» أي: خُطْبتها وصلاتها، وجوبًا على مَن هو أهلها، ندبًا لغيره. فيض القدير (1/ 251).
وقال ابن حجر-رحمه الله-:
واختُلف في تسمية اليوم بذلك مع الاتفاق على أنه كان يسمى في الجاهلية العَرُوبة بفتح العين المهملة، وضم الراء وبالموحدة.
فقيل: سُمِّي بذلك لأن كمال الخلائق جُمع فيه، ذكره أبو حذيفة النجاري في (المبتدأ) عن ابن عباس، وإسناده ضعيف.
وقيل: لأن خَلْقَ آدم جُمع فيه، وَرَدَ ذلك من حديث سلمان أخرجه أحمد وابن خزيمة وغيرهما في أثناء حديث، وله شاهد عن أبي هريرة ذكره ابن أبي حاتم موقوفًا بإسناد قوي وأحمد مرفوعًا بإسناد ضعيف، وهذا أصح الأقوال، ويليه ما أخرجه عبد بن حميد عن ابن سيرين بسند صحيح إليه في قصة تجميع الأنصار مع أسعد بن زرارة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العَرُوبة، فصلى بهم وَذَكَّرَهم، فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه ذكره ابن أبي حاتم موقوفًا. فتح الباري (2/ 353).

قوله: «وادْنُوا من الإمام»:
قال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «وادْنُوا» نَدْبًا «من الإمام» أي: اقتربوا منه بأن تكونوا في الصف الأول بحيث تسمعون الخطبة. فيض القدير (1/ 251).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «وَادْنُوا» أي: اقربوا من الإمام. شرح أبي داود (4/ 448).
وقال الملا علي القاري - رحمه الله-:
قوله: «وادْنُوا» أي: اقربوا قدر ما أمكن «مِنَ الإِمَامِ» يعني: إذا لم يكن هناك ارتكاب الحرام. مرقاة المفاتيح (3/ 1036).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «وَادْنُوا من الإمام» أي: قوموا إلى الصف الأول.
وفيه: ترغيب إلى طلب أعالي الأمور، وزَجْرٌ عن السكون إلى سفسافها. لمعات التنقيح (3/ 510).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
قوله: «وَادْنُوا من الإمام» يعني: حتى تتمكنوا من السماع؛ وحتى تستوعبوا ما يقوله في خطبته وفي موعظته. شرح سنن أبي داود (139/ 8).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
قوله: «وادْنُوا من الإمام» أي: اقربوا منه، وهذا إشارة إلى التعجيل في الرواح إلى الجمعة. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (5/ 143).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «وادْنُوا من الإمام» يوم الجمعة وغيرها، فيه: فضيلة القُرْبِ من الإمام فَلَهُ بكلِّ خطوة يخطوها ليقرب منه قيام سَنة وصيامها، كما رواه الإمام أحمد، عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، وضابط ما يحصل به القُرْب ما تقدَّم من رواية علي، ومنه: «فإذا جلس مجلسًا يستمكن فيه من الاستماع والنّظر، فأَنْصَتَ ولم يَلْغُ كان له كِفْلانِ من الأجر». شرح سنن أبي داود (5/ 608).
وقال محمود السبكي-رحمه الله-:
قوله: «وادْنُوا من الإمام» واقربوا من الإِمام؛ لأن مَن قرب منه وأنصت واستمع ولم يَلْغُ كان له كِفْلانِ من الأجر. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6/ 272).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
قوله: «وادْنُوا من الإمام» ولا تتباعدوا منه، فتتعمدون أن تختاروا مكانًا بعيدًا منه؛ لأن هذا يفوِّت عليكم تحصيل الصفوف الأولى التي فيها الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وأيضًا يفوِّت عليكم سماع الخطبة أو فوات شيء منها عندما لا يقرب أحدكم من الإمام، وقد جاء ذكر الدنو في الحديث الذي فيه قوله: «ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام»، ومرَّ بنا الحديث الذي فيه قوله - صلى الله عليه وسلم-: «تقدموا فائتموا بي، ولْيَأْتَمَّ بكم مَن بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخِّرهم الله». شرح سنن أبي داود (139/ 8).

قوله: «فإن الرَّجل ليتخلَّف عن الجمعة»:
قال ابن الأثير -رحمه الله-:
التخلف: التأخر. النهاية (2/ 67).
وقال العيني -رحمه لله-:
قوله: «فإنَّ الرجل» تعليل لاستحباب الدنو من الإمام. شرح أبي داود (4/ 448).

قوله: «حتَّى إِنه ليَتَخَلَّفُ عنِ الجنة وأنه لَمِنْ أَهلِها»:
قال الساعاتي -رحمه الله-:
المعنى: أنَّ التخلف عن الجمعة سبب في تأخر المتخلِّف عن دخول الجنة مع السابقين، وإن كان من أهلها، ومع هذا فربما كانت درجاته في الجنة أقل من درجات غيره؛ بسبب تخلُّفه عن الجمعة، فمَن أراد أن يكون من السابقين الرَّاقِين في الجنة فلا يتخلف عن الجمعة، وليبكِّر إليها، وليدنُ من الإمام بقدر الإمكان. الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (6/ 23).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
يعني: يؤخَّر في الدخول، فلا يستفيد منها كما استفاد منها الذين دخلوها من أول وهلة، أو أنه يؤخَّر فيها في الدرجات، فيكون متأخرًا في درجات الجنة، والمقصود من ذلك: أن التباعد عن الإمام، وعدم الإتيان إلى الصفوف الأُوَل، وعدم القُرْب من الإمام، وسماع الخطبة يفوِّت هذه الأمور، ويكون ذلك من أسباب التأخير، إما التأخير عن دخول الجنة، وأنه لا يدخلها مع أول مَن يدخلها. شرح سنن أبي داود (139/ 8).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
فقه الحديث: دلّ الحديث على الحثّ على حضور خطبة الجمعة، والقُرْب من الإِمام، وعلى التنفير من التّأخر عن ذلك. المنهل العذب المورود (6/ 272).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وإذا كان هذا حال المتأخر، فكيف بالتارك؟! فيض القدير(1/ 194).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وفيه: أنَّ التأخُّر عن الإمام يوم الجمعة من أسباب التأخر عن دخول الجنة، جعلنا الله تعالى من المتقدمين في دخولها. نيل الأوطار (3/ 285).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
وفيه: تعريضٌ بأن الداخل قنِعَ من الجنة، ومن تلك الدرجات العالية، والمقامات الرفيعة، بمجرد الدخول. شرح المصابيح (2/234).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
المقصود من ذلك: أنَّ الإنسان يُبكِّر إلى الجمعة، ويكون قريبًا من الإمام حتى يسمع الخطبة، وحتى تكون واضحة عنده، ولا يفوته منها شيء. شرح سنن أبي داود (139 / 8)

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا


ابلاغ عن خطا