«احضروا الذِّكر، وادنوا من الإمام، فإنّ الرَّجل لا يزال يتباعد حتى يُؤخّر في الجنة، وإن دَخلها».
رواه أحمد برقم: (20118)، وأبو داود برقم: (1108)، من حديث سمُرة بن جُنْدُب -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (200)، ومشكاة المصابيح برقم: (1391).
شرح مختصر الحديث
.
شرح الحديث
قوله: «احضروا الذِّكر»:
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «احْضُرُوا الذكر» أي: الخطبة يوم الجمعة. حاشية السندي على مسند أحمد (5/21).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«الذكر» ها هنا: الخطبة. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 325).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«احضروا الذكر» أي: الخطبة المشتملة على ذكر الله تعالى وتذكير الأنام. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (5/ 143).
قوله: «وادنوا من الإمام»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«وادْنُوا» نَدْبًا «من الإمام» أي: اقتربوا منه بأن تكونوا في الصف الأول بحيث تسمعون الخطبة. فيض القدير (1/ 251).
وقال العيني -رحمه الله-:
«وَادْنُوا» أي: اقربوا من الإمام. شرح أبي داود (4/ 448).
وقال الملا علي القاري - رحمه الله-:
«وَادْنُوا» أي: اقربوا قدر ما أمكن «مِنَ الإِمَامِ» يعني: إذا لم يكن هناك ارتكاب الحرام. مرقاة المفاتيح (3/ 1036).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«وادْنُوا مِنَ الإِمامِ» أي: قوموا إلى الصف الأول.
وفيه: ترغيب إلى طلب أعالي الأمور، وزَجْرٌ عن السكون إلى سفسافها. لمعات التنقيح (3/ 510).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
«وادْنُوا مِنَ الإِمَامِ» يعني: حتى تتمكنوا من السماع؛ وحتى تستوعبوا ما يقوله في خطبته وفي موعظته. شرح سنن أبي داود (139/ 8).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«وادْنُوا مِن الإِمامِ» أي: اقربوا منه، وهذا إشارة إلى التعجيل في الرواح إلى الجمعة. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (5/ 143).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «وادْنُوا من الإمام» يوم الجمعة وغيرها، فيه: فضيلة القُرْبِ من الإمام فَلَهُ بكلِّ خطوة يخطوها ليقرب منه قيام سَنة وصيامها، كما رواه الإمام أحمد، عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، وضابط ما يحصل به القُرْب ما تقدَّم من رواية علي، ومنه: «فإذا جلس مجلسًا يستمكن فيه من الاستماع والنّظر، فأَنْصَتَ ولم يَلْغُ كان له كِفْلانِ من الأجر». شرح سنن أبي داود (5/ 608).
وقال محمود السبكي-رحمه الله-:
«وادْنُوا مِنَ الإِمامِ» واقربوا من الإِمام؛ لأن مَن قرب منه وأنصت واستمع ولم يَلْغُ كان له كِفْلانِ من الأجر. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6/ 272).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
قوله: «وادْنُوا من الإمام» ولا تتباعدوا منه، فتتعمدون أن تختاروا مكانًا بعيدًا منه؛ لأن هذا يفوِّت عليكم تحصيل الصفوف الأولى التي فيها الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وأيضًا يفوِّت عليكم سماع الخطبة أو فوات شيء منها عندما لا يقرب أحدكم من الإمام، وقد جاء ذكر الدنو في الحديث الذي فيه قوله: «ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام»، ومرَّ بنا الحديث الذي فيه قوله - صلى الله عليه وسلم-: «تقدموا فائتموا بي، ولْيَأْتَمَّ بكم مَن بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخِّرهم الله». شرح سنن أبي داود (139/ 8).
قوله: «فإنّ الرَّجل لا يزال يتباعد حتى يُؤخّر في الجنة، وإن دَخلها»:
قال العيني -رحمه لله-:
قوله: «فإنَّ الرجل» تعليل لاستحباب الدنو من الإمام. شرح أبي داود (4/ 448).
وقال محمود السبكي-رحمه الله-:
وقوله: «فإنَّ الرَّجل... إلخ» تعليل لمحذوف، أي: ادنوا من الإِمام، ولا تتباعدوا عنه؛ فإنَّ الرجل لا يزال يتأخر عن مواطن الخير، وعن المبادرة إلى الجمعة، حتى يؤخَّر في دخول الجنة، أو في درجاتها. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6/ 272).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«يتباعَد» أي: يتباعد ويتأخر من الخيرات. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 325).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
قوله: «يتباعَد» أي: يتأخَّر في الحضور إلى الجمعة، فيتباعد من الإِمام. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (5/ 143).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «لا يزال يتباعد» أي: لا يزال الرجل يتباعد عن استماع الخطبة والصف الأول الذي هو مقام المقربين، حتى يؤخَّر إلى صف الْمُتَسَفِّلِينَ.
وفيه: توهين المتأخرين، وتسفيه رأيهم، حيث وضعوا أنفسهم من أعالي الأمور إلى سفاسفها. شرح المشكاة (4/ 1277ــ 1278).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «لا يزال يتباعد» أي: عن مواطن الخيرات بلا عذر. مرقاة المفاتيح (3/ 1036).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «لا يزال يتباعد» عن الإمام، أو عن استماع الخطبة، أو عن مقام المقرَّبين، أو عن مقاعد الأبرار. فيض القدير (1/ 251).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«لا يزال يتباعد» إشارة إلى أنَّ ذلك فيمن اعتاد التأخر، لا لو اتفق له نادرًا، أو لم يجد مكانًا لتأخُّره...
وفيه: مجازاة من جنس الفعل؛ لَمَّا تأخَّر عن موقف الطاعة أُخِّر عن موقف الجزاء، فأما لو تأخَّر لعذر، كمنكَرٍ يراه في الصفوف الأولى، أو يسمعه، فإنه لا حرج عليه في التأخر، بل لعله يكون مأجورًا ببُعده عن المنكر، ونحوه. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 426).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قوله: «حتى يؤخَّرَ» بتشديد الخاء المعجمة المفتوحة، يعني: يتأخر عن المجالس العالية في الجنة وإن حصل له أن دخلها، ولفظ رواية الطبراني، والأصبهاني: «فإن الرَّجُل ليكون من أهل الجنة فيتأخر عن الجمعة فيؤخَّر عن الجنة، وَإنَّهُ لمن أَهْلها». شرح سنن أبي داود (5/ 608).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «حتى يُؤخَّر في الجنة..» أي: في دخولها، أو في درجاتها. مرقاة المفاتيح 3/ 1036).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وإذا كان هذا حال المتأخر، فكيف بالتارك؟! فيض القدير (1/ 194).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وفيه: أنَّ التأخُّر عن الإمام يوم الجمعة من أسباب التأخُّر عن دخول الجنة، جعلنا الله تعالى من المتقدمين في دخولها. نيل الأوطار (3/ 285).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
يعني: يؤخَّر في الدخول، فلا يستفيد منها كما استفاد منها الذين دخلوها من أول وهلة، أو أنه يؤخَّر فيها في الدرجات، فيكون متأخرًا في درجات الجنة، والمقصود من ذلك: أن التباعد عن الإمام، وعدم الإتيان إلى الصفوف الأُوَل، وعدم القُرْب من الإمام، وسماع الخطبة يفوِّت هذه الأمور، ويكون ذلك من أسباب التأخير، إما التأخير عن دخول الجنة، وأنه لا يدخلها مع أول مَن يدخلها. شرح سنن أبي داود (139/ 8).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «وإن دخلها» تعريض بأن الداخل قنع من الجنة، ومن تلك الدرجات العالية، والمقامات الرفيعة، بمجرد الدخول، وأنشد:
حاوِلْ جَسِيْمَاتِ الأمور ولا تقل: *** إنّ المحامد والعلى أرزاق.
فارْغَبْ بنفسكَ أن تكون مقصِّرًا *** عن غايةٍ فيها الطُّلابُ سِبَاقُ. الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1278).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «وإنْ دخلها» أتي به لِدَفْعِ ما يُتوهم من أن البُعد عن الإِمام يترتب عليه عدم دخول الجنة أصلًا. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6/ 272).
وقال محمود السبكي -رحمه الله- أيضًا:
وفيه: تعريض بأن مَن تأخَّر عن المبادرة إلى الجمعة قنع من الجنة، ومن الدرجات العالية، والمقامات الرفيعة، بمجرّد الدخول. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6/ 272).
وقال محمود السبكي -رحمه الله- أيضًا:
فقه الحديث: دلّ الحديث على الحثّ على حضور خطبة الجمعة، والقُرب من الإِمام، وعلى التنفير من التأخر عن ذلك. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6/ 272).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
المقصود من ذلك: أنَّ الإنسان يبكر إلى الجمعة، ويكون قريبًا من الإمام حتى يسمع الخطبة، وحتى تكون واضحة عنده، ولا يفوته منها شيء. شرح سنن أبي داود (ص: 2).
وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)