الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«بينَ كُلِّ أذانينِ صلاةٌ -ثلاثًا- لمن شاءَ».


رواه البخاري برقم: (624) واللفظ له، ومسلم برقم: (838)، من حديث عبد الله بن مغفل المزني -رضي الله عنه-.
وفي لفظ للبخاري برقم: (627) «بين كُلِّ أذانين صلاة، بين كُلِّ أَذانين صلاة ‌ثم ‌قال ‌في ‌الثالثة: ‌لمن ‌شاء».


شرح مختصر الحديث


ممَّا شُرِعَ لِلمُسْلمِ مِن صَلاةِ النَّافلةِ: ما جاءَ في قولِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحَديثِ: «بينَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» قالَهَا ثلاثًا، ثم قالَ في الثَّالِثَةِ: «لمنْ شاءَ» مُتفقٌ عليهِ.
وهذا يَعُمُّ جميعَ الصَّلواتِ، ويُغْنِي عن ذَلكَ إذا صلَّى راتبةً، أو تحيَّةَ المسجدِ، أو نحوها، والمرادُ بالأذانينِ: الأذانُ والإقامةُ، ما عدا أذانَي الجمعةِ، فإنَّه لا تُشرعُ الصلاةُ بينَ هذينِ الأذانين؛ لأنَّهما أَذَانَان، لا أذانٌ وإقامةٌ، ولأنَّ الأَذَانَ الأولَ يومَ الجمعةِ إنَّما كان في زمن عثمان -رضي الله عنه-.
وهذا الحكمُ يَشملُ الرَّجُلَ والمرأةَ، وسواء كانَ ذلكَ في المسجدِ، أو في البيتِ، ويَشملُ صلاةَ المغربِ أيضًا، وقد كانَ أصحابُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذا أذَّنَ للمغربِ بَادَرُوا بصلاةِ ركعتينِ قبلَ الإقامةِ، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يشاهِدُهُم ولا ينهاهُم، بل قد أَمَرَ بذلكَ بقولِهِ: «صَلُّوا قبلَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» ثُمَّ قالَ: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ لِمَنْ شَاءَ»، فصلاةُ ركعتينِ قبلَ صلاةِ المغربِ -أي: بينَ الأذانِ والإقامةِ- سُنةٌ، لكنَّها ليست راتبةً، فلا ينبغي المحافظةُ عليها دَائمًا. 


شرح الحديث


قوله: «بين كل أذانين صلاة»:
قال الخطابي -رحمه الله-:
أراد بالأذانين: الأذان والإقامة، حمل أحد الاسمين على الآخر، والعرب تفعل ذلك كقولهم: الأسودين للتمر والماء، وإنما الأسود أحدهما، وكقولهم: سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما-؛ وإنما فعلوا ذلك لأنه أخف على اللسان من أن يثبتوا كل اسم منهما على حِدَتِهِ، ويذكروه بخاص صفته، وقد يحتمل أن يكون ذلك في الأذانين حقيقة الاسم لكل واحد منهما؛ لأن الأذان في اللغة معناه: الإعلام، ومنه قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} التوبة: 3، فالنداء بالصلاة أذان بحضور الوقت، والإقامة أذان بفعل الصلاة. معالم السنن (1/ 277-278).
وقال العيني -رحمه الله- معلقًا:
قلتُ: الأذان إعلام الغائبين والإقامة إعلام الحاضرين، وقيل: لا يجوز حمل هذا على ظاهره؛ لأن الصلاة واجبة بين كل أذاني وقتين، والحديث يخبر بالتخيير بقوله: «لمن شاء». عمدة القاري (5/ 138).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
المراد بالأذانين: الأذان والإقامة، فلما أضيفت الإقامة إلى الأذان سميت باسمه، كما قيل: العمران، والمراد: أبو بكر وعمر. كشف المشكل (1/ 491).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
«بين كل ‌أذانين ‌صلاة» أي: بين الأذان والإقامة، وإطلاقه على الإقامة إما تغليب وإما حقيقة لغوية. الكواكب الدراري (5/ 24).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«‌بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة» فيه تغليب، يريد: الأذان والإقامة، قال بعضهم: إطلاق الأذان على الإقامة إما تغليب، وإما حقيقة لغوية.
وقد غلط فيما قال؛ لأن الإطلاق إنما هو باعتبار المعنى الشرعي وهو الذي قصده الشارع، فكيف يتصور اعتبار المعنى اللغوي؟! الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (2/ 284).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «أذانين» على ظاهره؛ لأنه يكون التقدير: بين كل أذانين صلاة نافلة غير المفروضة، قوله: «صلاة» أي: وقت صلاة، أو المراد: صلاة نافلة، أو نُكِّرت لكونها تتناول كل عدد نواه المصلي من النافلة كركعتين أو أربع أو أكثر، ويحتمل أن يكون المراد به: الحث على المبادرة إلى المسجد عند سماع الأذان لانتظار الإقامة؛ لأن منتظر الصلاة في صلاة، قاله الزين ابن المنير. فتح الباري (2/ 107).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
المعنى: أنه يُسن أن يصلي بين كل أذان وإقامة ‌صلاة، ولا يجوز حمله على أن بين كل أذان وأذان الوقت الذي بعده ‌صلاة؛ لأنها واجبة، لا خيرة فيها، وقد خيّر، فقال -عليه السلام- في المرة الثالثة: «لمن شاء». تحفة الأبرار (1/ 250).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
وأما قوله: «‌بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة» فإنه يريد بين الأذان والإقامة موضع ‌صلاة لمن شاء، لا خلاف في ذلك بين العلماء إلا صلاة المغرب وحدها، فإنهم اختلفوا في الركوع قبلها، فأجازه أحمد وإسحاق، واحتجا بهذا الحديث، وأباه سائر الفقهاء. شرح صحيح البخاري (2/ 252).
وقال المظهري -رحمه الله-:
وأراد بقوله: «‌صلاة» ‌صلاة النافلة أو السنة، وإنما حرض رسول الله -عليه السلام- على ‌صلاة النفل بين الأذان والإقامة؛ لأن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة؛ لشرف ذلك الوقت، وإذا كان الوقت أشرف، يكون ثواب العبادات فيه أكثر. المفاتيح في شرح المصابيح (2/50).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
لا اختلاف أن المراد بالأذانين في الحديث: الأذان والإقامة، وليس المراد: الأذانين المتواليين، وإن كانا مشروعين كأذان الفجر إذا تكرر مرتين.
وقد توقف بعضهم في دخول الصلاة بين الأذان الأول والثاني يوم الجمعة في هذا الحديث؛ لأنهما أذانان مشروعان، وعلى ما قررناه: لا يدخل في الحديث، وكما لا تدخل الصلاة بين الأذان الأول والثاني للفجر، وإن كانت الصلاة يوم الجمعة بعد الزوال حسنة مندوبًا إليها؛ لأدلة أخرى تذكر في الجمعة -إن شاء الله-.
وحديث ابن مغفل يدخل فيه: الصلاة بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات الخمس، فأما أذان الصبح فيشرع بعده ركعتا الفجر، ولا يزاد عليهما عند جمهور العلماء، حتى قال كثير منهم: إن مَن صلى ركعتي الفجر في بيته، ثم دخل المسجد، يعني: أن الأظهر عنه (أي: الإمام أحمد): أنه لا يصلى في أوقات النهي شيء من ذوات الأسباب ولا غيرها.
وعنه (أي: الإمام أحمد) رواية أخرى: أنه يصلي ذوات الأسباب، كقول الشافعي، فيصلي الداخل حينئذٍ تحية المسجد ثم يجلس.
وأما الظهر فإنه يستحب التطوع قبلها بركعتين أو أربع ركعات، وهي من الرواتب عند الأكثرين، وقد روي في الصلاة عقب زوال الشمس أحاديث في أسانيد أكثرها مقال.
وبكل حال؛ فما بين الأذانين للظهر هو وقت صلاة، فمَن شاء استقل ومَن شاء استكثر، وأما بين الأذانين لصلاة العصر، فهذا الحديث يدل على أنه يشرع بينهما صلاة، وقد ورد في الأربع قبل العصر أحاديث متعددة، وفي الركعتين أيضًا.
واختلفوا: هل يلتحق بالسنن الرواتب؟ والجمهور على أنها لا تلتحق بها.
وأما بين الأذانين قبل المغرب، فهذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة فيه، وقد اختلف العلماء في ذلك:
فمنهم مَن كرهه، وقال: لا يزول وقت النهي حتى يصلي المغرب، وهو قول الكوفيين وغيرهم.
ومنهم مَن قال باستحبابها، وهو رواية عن أحمد، وقول طائفة من السلف؛ لهذا الحديث.
ومنهم مَن قال: هي مباحة، غير مكروهة ولا مستحبة، والأمر بها إطلاق من محظور، فلا يفيد أكثر من الإباحة، وهو رواية عن أحمد
وأما الصلاة بين الأذانين للعشاء، فهي كالصلاة بين الأذانين للعصر ودونها؛ فإنا لا نعلم قائلًا يقول بأنها تلتحق بالسنن الرواتب. فتح الباري (5/ 355-357).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«بين كل أذانين صلاة» كرر تأكيدًا؛ للحث على النوافل بينهما؛ لأن الدعاء لا يرد بينهما لشرف الوقت، فيكون ثواب العبادة فيه أكثر وأفضل. شرح المصابيح (1/ 404).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«بين ‌كل ‌أذانين» فيه تغليب الأذان لشرفه على الإقامة، «‌صلاة» مطلوبة، وأكد هذا الأمر بتكريره بقوله: «‌بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة»، والتكرير عناية بالمقام، وحث على فعل ذلك بينهما، وعموم قوله: «‌صلاة» متناول للركعة، لكن اتفق الفقهاء على أن المراد: ركعتان، ويزداد كل من الظهر والعصر ركعتين أيضًا. دليل الفالحين (6/ 579).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«بين كل أذانين» يعني: الأذان والإقامة، صلاة الفجر بين الأذان والإقامة سنة راتبة، الظهر بين الأذان والإقامة سنة راتبة، العصر ليس لها راتبة قبلها ولا بعدها؛ لكن تدخل في هذا الحديث أن الإنسان إذا أذن للعصر فليصلِّ ركعتين قبل الإقامة، المغرب كذلك ليس لها سنة راتبة قبلها؛ لكن يُسن أن يصلي ركعتين بعد الأذان، وقد ورد فيها حديث بخصوصها، قال: «صلوا قبل المغرب ثلاثًا»، وقال في الثالثة: «لمن شاء»، العشاء كذلك ليس لها راتبة قبلها؛ لكن تدخل في الحديث أن يصلي بعد الأذان، وقبل الإقامة ركعتين...شرح رياض الصالحين (5/ 122).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-:
قوله: «‌بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة» يعني: بين الأذان والإقامة، فسمى الإقامة أذانًا، خبر بمعنى الأمر، والمعنى: صلوا بين الأذانين، فلو لم يأتِ قوله: «لمن شاء» لصار الأمر للوجوب، لكن دل الاختيار على الاستحباب؛ ولهذا جاء في اللفظ الآخر: «كراهية أن يتخذها الناس سُنة»، أي: سُنة لازمة، فمَن أراد أن يصلي بعد الأذان فله أجره وله فضله، ومَن لم يرد أن يصلي فلا حرج فليست لازمة. توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (2/ 573).

قوله: «ثلاثًا لمن شاء»:
قال ابن قرقول -رحمه الله-:
أي: قال ثلاث مرات، ثم قدم وأخر، يفسره قوله في الرواية الأخرى: «قالها مرتين، ثم قال في الثالثة: لمن شاء». مطالع الأنوار على صحاح الآثار (2/ 54).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
«بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة»، ثم قال في الثالثة: «لمن شاء»، وهذا يبين أنه لم يقل: «لمن شاء» إلا في المرة الثالثة، بخلاف ما يشعر به ظاهر الرواية الأولى من أنه قيد كل مرة بقوله: «لمن شاء»، ولمسلم والإسماعيلي قال في الرابعة: «لمن شاء»، وكأن المراد بالرابعة في هذه الرواية: المرة الرابعة أي: أنه اقتصر فيها على قوله: «لمن شاء»؛ فأطلق عليها بعضهم رابعة باعتبار مطلق القول، وبهذا توافق رواية البخاري حديث أنس: «أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا»، وكأنه قال بعد الثلاث: «لمن شاء»؛ ليدل على أن التكرار لتأكيد الاستحباب. فتح الباري (2/ 107).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
ثم قال في الثالثة: «لمن شاء» ليعلم أن الصلاة بينهما لا تختص بمن يؤذن ويقيم، بل هو عام للمؤذن وغيره. شرح المصابيح (1/ 405).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«ثلاثًا» أي: قال: «‌بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة» ثلاث مرات، ثم قال: «لمن شاء» دفعًا لتوهم الوجوب؛ إذ ليست من الرواتب.
فإن قلتَ: سيأتي في البخاري أنه إنما قال: «لمن شاء» كراهية أن يتخذها الناس سنة؟
قلتُ: معناه: الطريق وهو لا ينافي الوجوب، قال شيخ الإسلام: الأذان لغة: الإعلام، وشرعًا: خاص بالإعلام بوقت الصلوات الخمس بألفاظ مخصوصة، فكيف يطلق على الإقامة لغة؟ أو كيف يعقل في هذا المقام؟ وفي رواية مسلم: قال في الرابعة: «لمن يشاء».
فإن قلتَ: فقبل المغرب سنة؟
قلتُ: ظاهر الحديث ذلك، وقد أكده الحديث الذي بعده، وفي رواية الدارقطني عن ابن عمر: «ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان». الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (2/ 284-285).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قال بعض العلماء: إن عموم حديث: «بين ‌كل ‌أذانين ‌صلاة» مخصوص بغير المغرب، وحمل أحاديث الباب على أنهم كانوا يشرعون في الصلاة في أثناء الأذان ويفرغون مع فراغه، وأيدوا هذا القول برواية للبزار زاد في آخرها: «إلا المغرب»، وهذه الرواية ضعيفة. فتح المنعم شرح صحيح مسلم (4/ 40).
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي -رحمه الله-:
«بين كل أذانين»:
والحديث ظاهر في الإطلاق، وهو محل اتفاق في غير المغرب والجمعة، أما المغرب فالصحيح دخوله فيه، والحديث في صلاة الركعتين قبله دليل على ذلك، وأما الجمعة فلا خلاف أنها في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وبعض عهد عثمان لم تدخل؛ لأنه لم يكن لها أذان إلا بعد جلوس الخطيب، وبعد فراغ المؤذن عند ذلك يشرع الخطيب في الخطبة وتحرم الصلاة حينئذٍ، إلا ما سيأتي من الخلاف في تحية المسجد، فلما اتفق المسلمون في خلافة عثمان على الأذان الأول وأصبح أذانًا شرعيًّا؛ منهم مَن رأى أنه يدخل تحت العموم وقال باستحباب الصلاة بعده كالحنفية والشافعية، ومنهم مَن رأى أن الجمعة لم تدخل في ذلك الحكم في العهد الأول، فالواجب أن لا تدخل بعد ذلك. شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية (4/ 1392).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
فإن قيل: فلم خص التطوع بهذا الوقت، وقد علم أنه يجوز في غيره؟
فالجواب: أنه قد يجوز أن يتوهم أن الأذان للصلاة يمنع أن يفعل سوى الصلاة التي أذن لها، فبين جواز التطوع. كشف المشكل (1/491).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
ووجه هذا الحديث: أنه إذا أُذِّن للصلاة فقد خرج وقت النهي، فتجوز الصلاة حينئذٍ -والله تعالى أعلم-. المفهم (2/ 468).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
ومجموع الأدلة يرشد إلى ‌استحباب ‌تخفيفهما كما في ركعتي الفجر، قيل: والحكمة في الندب إليهما: رجاء إجابة الدعاء؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، وكلما كان الوقت أشرف كان ثواب العبادة فيه أكثر. فتح الباري (2/ 109).
وقال العيني -رحمه الله-:
ذكر ما يستفاد منه (أي: الحديث):
فيه جواز الصلاة ‌بين ‌كل ‌أذانين، يعني: بين الإقامة والأذان، والحاصل: أن الوصل بينهما (بين الأذان والإقامة) مكروه؛ لأن المقصود بالأذان: إعلام الناس بدخول الوقت؛ ليتأهبوا للصلاة بالطهارة فيحضروا المسجد لإقامة الصلاة، وبالوصل ينتفي هذا المقصود، ثم اختلف أصحابنا في حد الفصل فذكر التمرتاشي في جامعه: أن المؤذن يقعد مقدار ركعتين، أو أربع، أو مقدار ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والحاقن من قضاء حاجته، وقيل: مقدار ما يقرأ عشر آيات ثم يثوب ثم يقيم، كذا في المجتبى، وفي شرح الطحاوي: يفصل بينهما مقدار ركعتين يقرأ في كل ركعة نحوًا من عشر آيات، وينتظر المؤذن للناس ويقيم للضعيف المستعجل، ولا ينتظر رئيس المحلة وكبيرها، وهذا كله إلا في ‌صلاة المغرب عند أبي حنيفة؛ لأن تأخيرها مكروه؛ فيكتفي بأدنى الفصل وهو سكتة يسكت قائمًا ساعة ثم يقيم. عمدة القاري (5/ 138).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
وهذا (الحديث) يبين أنه لا يشرع أن يقيم حالًا بعد الأذان، اللهم المسافرون الذين لا ينتظرون أحدًا... فيه: عدم العجلة بالإقامة. الحلل الإبريزية (1/ 200-201).


ابلاغ عن خطا