الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«قدِمَ معاويةُ بنُ أبي سفيانَ المدينةَ آخرَ قدْمةٍ قَدِمَها، ‌فخطبَنا، ‌فأخرجَ ‌كُبَّةً ‌من ‌شَعرٍ، فقالَ: ما كنتُ أُرَى أنَّ أحدًا يفعلُ هذا غيرَ اليهودِ، وإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سمَّاهُ الزُّورَ، يعني: الوِصالَ في الشَّعرِ».


رواه البخاري برقم: (3488) واللفظ له، ومسلم برقم: (2127)، من حديث معاوية -رضي الله عنه-.
ورواه البخاري برقم: (5932) ومسلم برقم: (2127) بلفظ: «إنَّما هَلَكَتْ بنو إسرائيلَ حينَ اتَّخَذَ هذه نساؤُهُمْ».
ورواه النسائي برقم: (5093) بلفظ: «‌أيُّما ‌امرأةٍ ‌زادتْ ‌في ‌رأسهَا شَعْرًا ليسَ منه فإنَّه زُورٌ تَزِيدُ فيه».
صحيح الجامع برقم: (2705)،سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (‌‌1008)، التعليقات الحسان برقم: (5486).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«‌كُبَّةً»:
بضم الكاف، وتشديد الباء، يطلق على كُل جماعة. الكوثر الجاري، للكوراني (6/ 343).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
بضم الكاف وتشديد الباء الموحدة، وهو ما يُكَبَّبُ (من شعر) مغْزولٍ، وقد يكون مِن وبَر أو صوف، تقول:‌كَبَبْتُ الغَزل إذا ‌جَعلته ‌كُببًا.شرح سنن أبي داود(11/٥٤٣).

«الزُّورَ»:
الزور: الكذب والباطل والتهمة. لسان العرب، لابن منظور (4/ 337).
وقال الطبري -رحمه الله-:
أصل الزور: تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه أنه خلاف ما هو به. جامع البيان (17/ 523).

«الوِصَال»:
يعني: الزيادة فيه بشعر آخر. عُمدة القاري، للعيني (22/ 63).


شرح الحديث


قوله: «آخرَ قدْمةٍ قَدِمَها»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
«آخر قَدْمَة» بفتح القاف، وسكون الدال «قدمها». إرشاد الساري (8/ 476).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
كان ذلك في سنة إحدى وخمسين، وهي آخر حجة حجها في خلافته. فتح الباري (6/ 516).

قوله: «‌فخطبَنا»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
«فخطبنا» على منبر المدينة. إرشاد الساري (8/ 476).

قوله: «‌فأخرجَ ‌كُبَّةً ‌من ‌شَعرٍ»:
قال النووي -رحمه الله-:
قوله: «أخرج كبة من شعر» هي بضم الكاف، وتشديد الباء، وهي شعر مكفوف بعضه على بعض. شرح صحيح مسلم (14/ 108).
وقال صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله-:
أي: خصلة منه. منة المنعم (3/ 421).

قوله: «فقالَ: ما كنتُ أُرَى أنَّ أحدًا يفعلُ هذا غيرَ اليهودِ»:
قال الكوراني -رحمه الله-:
«ما كنتُ أُرى» بضم الهمزة، أي: أظن. الكوثر الجاري (6/ 343).

قوله: «وإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سمَّاهُ الزُّورَ»:
قال الكوراني -رحمه الله-:
«سماه الزور» يعني: الوصال في الشعر، هذا تشبيه بليغ؛ لأن الزور من صفات القول. الكوثر الجاري (6/ 343).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
وسمَّى -صلى الله عليه وسلم- وصل الشَّعر زُورًا؛ لأنه كذب، وتغيير لخلق الله تعالى. إرشاد الساري (8/ 476).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
الزُّور في غير هذا الحديث: قول الباطل، والشهادة بالكذب، وأصل التزوير: التمويه بما ليس بصحيح. المفهم (5/ 448).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
«الزور» الكذب والتزين بالباطل، ولا شك أن وصل الشعر منه. الكواكب الدراري (14/ 110).

قوله: «يعني: الوِصالَ في الشَّعرِ»:
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «يعني: الوصال في الشعر» أي: سمَّاه زورًا، وهو الكذب والتزين بالباطل، ولا شك أن وصل الشعر من ذلك. حاشية السندي على صحيح البخاري (2/ 107).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«يعني: الواصلة» فيه تسامح، أي: فعل الواصلة، أو جعلها نفس الزور مبالغة، والكلام على طريق التشبيه، فإن الزور من أوصاف القول، والأحاديث دلت على حرمة هذه الأشياء، بل على كونها كبائر؛ لأنها قرنت باللعن. الكوثر الجاري (9/ 379).

قوله: «إنَّما هَلَكَتْ بنو إسرائيلَ حينَ اتَّخَذَ هذه نساؤُهُمْ»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«إنما هَلَكت» بفتح اللام. شرح سنن أبي داود (16/ 495).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قوله: «إنما هلكت بنو إسرائيل...» هذا تهديد شديد؛ لأن كون مثل هذا الذنب كان سببًا لهلاك مثل تلك الأمة يدل على أنه من أشد الذنوب. نيل الأوطار (6/ 229).
وقال الزرقاني -رحمه الله-:
«حين اتخذ هذه» أي: مثل هذه القَصَّة، ووصلها بالشعر. شرح الموطأ (4/ 531).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» يظهر منه: أنَّ ذلك كان محرمًا عليهم، وأنَّ نساءهم ارتكبوا ذلك المحرم، فأقرهنَّ على ذلك رجالهم، فاستوجب الكل العقوبة بذلك، وبما ارتكبوه من العظائم. المفهم (5/ 448).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
قوله: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» إعلام بتعجيل العقوبة لهم بذلك، قيل: ويحتمل: أنه كان محرمًا عليهم فعوقبوا باستعماله، وهلكوا بسببه، وقيل: يحتمل أنَّ الهلاك كان به وبمجموع غيره مما ارتكبوه، فكان هلاكهم لذلك كله عند ظهور هذا فيهم وزمنه. إكمال المعلم (6/ 658).
وقال الكوراني -رحمه الله- متعقبًا القاضي عياض:
قال القاضي: يحتمل أنه كان محرمًا عليهم، وأن يكون الهلاك به وبغيره.
قلتُ: هذه عبارة مختلة؛ إذ لا يكون سبب الهلاك إلا ما كان محرمًا قطعًا، فلا وجه لذكر الاحتمال. الكوثر الجاري (9/ 378).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
يحتمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم» أنه من الأمر الذي لم يفش في بني إسرائيل، ولم يشتهر في نسائهم إلا في حين ارتكابهم الكبائر، وإعلانهم المناكر، فكأنها علامة لا تكاد تظهر إلا في أهل الفسوق والمعاصي -والله أعلم-، لا أنها فعلة يستحق من فعلها الهلاك عليها دون أن يجامعها غيرها، وقد يحتمل: أن يكون بنو إسرائيل نهوا عن ذلك في كتابهم نهيًا محرمًا ففعلوا ذلك مع علمهم تحريم ذلك استخفافًا فاستحقوا العقوبة، والذي منع من ذلك بني إسرائيل قد جاء عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- مثله من كراهية اتخاذ النساء الشعور المستعارة، ووصلهن بذلك شعورهن، وفيه ورود الحديث بلعن الواصلة والمستوصلة، والواصلة هي الفاعلة لذلك، والمستوصلة الطالبة أن يفعل ذلك بها. التمهيد (7/ 217).
وقال القنازعي -رحمه الله-:
قوله في الحديث: «إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» فيه بيان أنه من رضي عمل قوم عصاة كان شريكًا لهم. تفسير الموطأ (2/ 765).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
هذا يفيد الحذر من تزوير الشعر؛ ولهذا نُهي عن وصل الشعر، وتبيَّن هذه القصة النهي عن اتخاذ النساء الشعر، والبَارُوْكَة تشبه ذلك، وينبغي تبيين طلبة العلم في المجامع. الحلل الإبريزية (3/ 101).

قوله: «‌أيُّما ‌امرأةٍ ‌زادتْ ‌في ‌رأسهَا شَعْرًا ليسَ منه»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«أيما امرأة زادت رأسها ‌شعرًا ‌ليس ‌منه» لتُزَيِّن به شعرها. التنوير (4/ 455).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«أيما امرأة زادت في رأسها ‌شعرًا ‌ليس ‌منه» هذا يفهم منه أنه لو تقطع من شعرها شيء فوصلته به جاز. ذخيرة العقبى (38/ 114).

قوله: «فإنَّه زُورٌ تَزِيدُ فيه»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«فإنه زور تزيد فيه» أي: باطل تأثم بزيادته، قالوا: أما لو وصلت شعرها بخرقة ونحوها، فإنه لا بأس به، وكرهه الجمهور مطلقًا. التنوير (4/ 455-456).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«فإنه زُوْرٌ» بضم الزاي، وسكون الواو، أي: باطل، وكذب محرم. ذخيرة العقبى (38/ 114).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله- أيضًا:
«تزيد فيه» أي: في رأسها، يعني: أنه زيادة محرمة، لا يجوز لها أن تتعاطاه. ذخيرة العقبى (38/ 115).
وقال مسلم -رحمه الله-:
قال قتادة: يعني: ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق. صحيح مسلم (3/ 1680).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«فإنه زورٌ تزيد فيه» فيحرم عليها وصل الشَّعر بغيره مطلقًا. التيسير (1/ 415).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
هذا الحديث حجة للجمهور في منع وصل الشعر بشيء آخر، سواء كان شعرًا أم لا، ويؤيده حديث جابر: «زجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تصل المرأة بشعرها شيئًا» أخرجه مسلم، وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي، وأخرج أبو داود بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقَرْامل، وبه قال أحمد، والقَرْامل: جمع قَرمل بفتح القاف وسكون الراء نبات طويل الفروع لين، والمراد به هنا خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها، وفصل بعضهم بين ما إذا كان ما وصل به الشعر من غير الشعر مستورًا بعد عقده مع الشعر بحيث يظن أنه من الشعر، وبين ما إذا كان ظاهرًا، فمنع الأول قوم فقط لما فيه من التدليس، وهو قوي، ومنهم من أجاز الوصل مطلقًا سواء كان بشعر آخر أو بغير شعر إذا كان بعلم الزوج وبإذنه، وأحاديث الباب حجة عليه، ويستفاد من الزيادة في رواية قتادة: «منع تكثير شعر الرأس بالخرق» كما لو كانت المرأة مثلًا قد تمزق شعرها فتضع عوضه خرقًا توهم أنها شعر، وقد أخرج مسلم عقب حديث معاوية هذا حديث أبي هريرة، وفيه: «ونساء كاسيات عاريات رؤوسهن كأسْنِمَة البُخْتِ» قال النووي: يعني: يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها، قال: وفي الحديث ذم ذلك، وقال القرطبي: البخت بضم الموحدة وسكون المعجمة ثم مثناة جمع بختية، وهي ضرب من الإبل عظام الأسنمة، والأسنمة بالنون جمع سنام، وهو أعلى ما في ظهر الجمل، شبه رؤوسهن بها لما رفعن من ضفائر شعورهن على أوساط رؤوسهن تزيينًا وتصنعًا، وقد يفعلن ذلك بما يكثرن به شعورهن.
تنبيه: كما يحرم على المرأة الزيادة في شعر رأسها، يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة، وقد أخرج الطبري من طريق أم عثمان بنت سفيان عن ابن عباس قال: «نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تحلق المرأة رأسها» وهو عند أبي داود من هذا الوجه بلفظ: «ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير» والله أعلم. فتح الباري (10/ 375).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
قال الطبري: والصواب عندنا في ذلك أن يقال: غير جائز أن تصل بشعرها شيئًا من الأشياء لتتجمل به، شعرًا كان أو غيره؛ لعموم النهي عن النبي -عليه السلام- أن تصل بشعرها شيئًا. شرح صحيح البخاري (9/ 173).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
في هذا الحديث: دليل على أنَّ شعر بني آدم طاهر، ألا ترى إلى تناول معاوية وهو في الخطبة قصة الشعر، وعلى هذا أكثر العلماء، وقد كان الشافعي -رحمه الله- يقول: إن شعر بني آدم نجس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ما قطع من حي فهو ميت» ثم رجع عن ذلك لهذا الحديث وأشباهه، ولإجماعهم على الصوف من الحي أنه طاهر، وأما الصوف من الميتة فمختلف فيه.
وأما الكلام في الخطبة بالمواعظ والسنن وما أشبه ذلك فمباح لا خلاف بين العلماء في ذلك، واختلفوا في سائر الكلام في الخطبة للمأموم والإمام نحو تشميت العاطس ورد السلام. التمهيد (7/ 219-220).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
احتج به (يعني: الحديث) بعضهم على المالكية، ومن قال بإبطال الحجة بإجماع أهل المدينة وعملهم، ولا حجة له في هذا؛ إذ لم يثبت أنَّ هذا كان شائعًا بالمدينة، وغير منكر بها، وإنما تناولها معاوية من يد حرسي (واحد الحراس وهم خَدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته) وجدها على امرأة، ولم تسلم المدينة ولا غيرها في وقت من مذنب، ولا مرتكب للمعاصي بمشيئة الله في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده، وليس في قوله: «أين علماؤكم؟» ما يدل أنهم جهلوه، أو رأوه ولم ينكروه، والحجة بعمل أهل المدينة أشهر على التحقيق فيما نقلوه النقل المستفيض، وتداوله عملهم خلفًا عن سلف إلى زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- كالأذان والصاع ونحو ذلك، وهذا مما وافق عليه المخالف فيه حين بيَّن له، ورجع إليه أبو يوسف حين مناظرته لمالك في المسألة. إكمال المعلم (6/ 657-658).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
الذي أقول به: إنّ مالكًا -رحمه الله- إنما يحتج في موطئه وغيره بعمل أهل المدينة يريد بذلك عمل العلماء والخيار والفضلاء، لا عمل العامة السوداء. التمهيد (7/ 220- 222).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: صعود الإمام على المنبر للخطبة، وتناوله في الخطبة الشيء يراه إذا كان في تناوله ذلك شيء من أمر الدين؛ ليعلمه من جهله.
وفيه: الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة، وتعليم ما جهلوه من أمر دينهم في الخطبة.
وفيه: إباحة الحديث عن بني إسرائيل في الخطبة وغيرها.
وفيه: دليل على الاعتبار والتنظير والحكم بالقياس، ألا تراه خاف على هذه الأمة الهلاك إن ظهر فيهم مثل ذلك العمل الذي كان ظاهرًا في بني إسرائيل حين أهلكوا، ففي هذا دليل واضح على أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- إذا أهلك قومًا بعمل وجب على كل مؤمن اجتناب ذلك العمل، دليل ذلك قول الله -عزَّ وجلَّ: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} الحشر:2 يعني -والله أعلم-: أن من فعل فعلهم استحق أن يناله ما نالهم أو يعفو الله كذلك، قال أهل العلم: وهو الصحيح. التمهيد (7/ 216-217).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فيه حُجة أيضًا: على من ذهب إلى جواز إلقاء الشعر والجمة على الرأس، وخص النهي بالوصل...؛ لأن القُصة مما توضع وليست موصولة.
وفيه: قيام الأئمة بالنهي عن المنكر، والتعريف به على المنابر، ولا سيما إذا رآه مشتهرًا. إكمال المعلم (6/ 657).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
هذا الحديث حجة واضحة على إبطال قول من قصر التحريم على وصل الشعر. المفهم (5/ 448).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فيه: مُعاقبة الكافة بِفُشُوِّ المنكر بين أظهرهم. إكمال المعلم (6/ 658).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
في هذا الحديث: اعتناء الخلفاء وسائر ولاة الأمور بإنكار المنكر، وإشاعة إزالته، وتوبيخ من أهمل إنكاره ممن يتوجه عليه.
وفيه: حُسن التحذير، فإن السعيد من وعظ بغيره.
وفيه: معاقبة العامة بظهور المنكر. تطريز رياض الصالحين (ص: 924).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
في فوائده (يعني: الحديث):
منها: أنَّ فيه قيام الأئمة بالنهي عن المنكر، والتعريف به على المنبر، ولا سيما إذا رآه مشتهرًا.
ومنها: بيان تحريم وصل الشعر بغيره.
ومنها: إباحة الكلام في الخطبة بالمواعظ والسنن، وما أشبه ذلك، ولا خلاف بين العلماء في ذلك، واختلفوا في سائر الكلام في الخطبة للمأموم والإمام، نحو تشميت العاطس، ورد السلام. البحر المحيط الثجاج، باختصار (35/ 244-245).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
هذا فيه بيان أنَّ هذا من أفعال الأمم السابقة، وأنَّ هذا من الأمور المحرمة، وأنَّ هذا من أسباب هلاكهم، وفي هذا بيان أنَّ المعاصي ضررها كبير، وخطرها عظيم؛ وذلك أن من أسباب هلاك الأمم السابقة اتخاذ نسائهم مثل هذه الأعمال، والاتصاف بمثل هذه الأوصاف. شرح سنن أبي داود (468/ 3).


ابلاغ عن خطا