«إنَّ أَشَدَّ النَّاس عذابًا يوم القيامةِ أشدُّ الناسِ عذابًا للناسِ في الدُّنيا».
رواه أحمد برقم: (16819)، والطبراني في الكبير برقم: (4121)، والبيهقي في الشعب برقم: (7065)، من حديث خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (998)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1442).
شرح مختصر الحديث
.
شرح الحديث
قوله: «إنّ أشد الناس عذابًا يوم القيامة»:
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «أشد» كلمة أشد اسم تفضيل بمعنى: أعظم وأقوى. القول المفيد على كتاب التوحيد (2/442).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«أشدّ الناس» أي: من أشدهم «عذابًا للناس في الدنيا» أي: بغير حق. فيض القدير (1/516).
وقال الساعاتي -رحمه الله-:
«أشد الناس عذابًا» أي: من أشد الناس عذابًا. الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد (19/90).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «الناس» للعموم، والمراد الذين يعذبون، وقوله: «عذابًا» تمييز مبين للمراد بالأشد...، والعذاب يطلق على العقاب، ويطلق على ما يؤلم ويؤذي وإن لم يكن عقابًا فمن الأول قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} غافر: 46، أي: العقوبة والنكال؛ لأنه يدخل النار والعياذ بالله، كما قال تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} هود: 98، ومن الثاني: قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «السفر قطعة من العذاب» وقوله: «الميت يعذب بالنياحة عليه».
قوله: «يوم القيامة» هو اليوم الذي يبعث فيه الناس. القول المفيد على كتاب التوحيد (2/442).
وقال المناوي -رحمه الله-:
ويعارضه (أي: هذا الحديث) الأخبار الآتية عقبه (أي: الذي فيها أنواع أُخر قيل عنهم: إنهم أشد عذابًا) وآية {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} غافر: 46، وأُجيب: بأنَّ الناس الذين أُضيف إليهم «أشد» لا يُراد بهم كل نوع، بل مَنْ يشاركهم في ذلك المعنى المتوعد عليه بالعذاب، ففرعونُ أشدُّ الناس الزاعمين للإلهية عذابًا، ومَن يقتدي به في ضلالة كفرُه أشدُّ عذابًا ممن يقتدي به في ضلالة بدعة، والإمام الجائر الذي ولايته محيطة أشدُّ عذابًا من حاكم بلدة أو قاضيها، ومَنْ صوَّر صورة تُعْبَد، كما كانت تفعل الجاهلية، وكما يفعل النصارى، أشدُّ عذابًا مِمَّنْ صورها لغير ذلك كالزينة، وهكذا، ذكره القرطبي وغيره. فيض القدير (1/ 517).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
وقد أجيب عن ذلك (أي: تعدُّد الأحاديث التي ورد فيها أشد الناس عذابًا) بوجوه:
الأول: أن الحديث على تقدير (من) أي: من أشد الناس عذابًا بدليل أنه قد جاء ما يؤيده بلفظ: «إن من أشد الناس عذابًا».
الثاني: أن الأشدية لا تعني أن غيرهم لا يشاركهم، بل يشاركهم غيرهم، قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} غافر: 46 .
الثالث: أن الأشدية نسبية، يعني أن الذين يصنعون الأشياء ويبدعونها أشدهم عذابًا الذين يضاهئون بخلق الله، وهذا أقرب.
الرابع: أنّ هذا من باب الوعيد الذي يُطلق لتنفير النفوس عنه، ولم أرَ مَنْ قال بهذا، ولو قيل بهذا لَسَلِمْنا من هذه الإيرادات. وعلى كل حال ليس لنا أن نقول إلا كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله». القول المفيد على كتاب التوحيد (2/444).
قوله: «أشد الناس عذابًا للناس في الدنيا»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة» فكما تُدين تدان، وفي الإنجيل: بالكيل الذي تَكْتالُ به يُكالُ لك، وقضيته أن لا يكون في النار أحد يزيد عذابه عليه. فيض القدير (1/516).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة» يعني: في الآخرة، فالمراد بالقيامة هنا ما بعد البعث إلى ما لا نهاية له. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/155).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«عذابًا» أي: تعذيبًا. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 155).