الأحد 23 رمضان 1446 هـ | 23-03-2025 م

A a

«أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان لا ينامُ حتى يقرأَ {الم * تَنْزِيلُ} السجدة: 1-2، و{تَبَارَكَ ‌الَّذِي ‌بِيَدِهِ ‌الْمُلْكُ} الملك: 1».


رواه أحمد برقم: (14659)، والترمذي برقم: (2892)، والنسائي في الكبرى برقم: (10476)، والدارمي برقم: (3454)، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-.
صحيح الجامع برقم: (4873)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (585).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «كان لا ينام حتى يقرأ»:
قال الإردبيلي -رحمه الله-:
قوله: «كان ‌لا ‌ينام ‌حتى ‌يقرأ» قال العلماء: هذا على الغالب من فعله، وللأكثر حكم الكُل، ويجوز الحمل على الحقيقة. الأزهار شرح المصابيح مخطوط لوح (226).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «كان ‌لا ‌ينام ‌حتى ‌يقرأ»، «حتى» غاية «لا ينام»، ويحتمل أن يكون المعنى: إذا دخل وقت النوم ‌لا ‌ينام ‌حتى ‌يقرأ، وأن يكون «لا ينام» مطلقًا حتى يقرأ، المعنى لم يكن من عادته النوم قبل القراءة، فتقع القراءة قبل دخول وقت النوم أيّ وقت كان، ولو قيل: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأهما بالليل لم يفِد هذه الفائدة. الكاشف عن حقائق السنن (5/ 1668).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
والفائدة هي إفادة القبلية، ولا يشك أن الاحتمال الثاني أظهر؛ لعدم احتياجه إلى تقدير يفضي إلى تضييق. مرقاة المفاتيح (4/ 1482).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
قوله: «كان لا ينام» أي: لا يريد النوم إذا دخل وقته...، وإنَّما حملتُ قوله: «لا ينام» على ما ذكرته؛ ليفيد ما قرَّره الأئمة: أنَّه يسن قراءة هاتين السورتين مع سورة أخرى كل ليلة قبيل النوم، ويؤيده حديث النسائي في الثانية (أي: سورة تبارك): «إنَّ مَن قرأها كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر»، فما وقع لشارحٍ هنا مما يقتضي خلاف ذلك غفلة عما ذكره الأئمة مما ذكرته. فتح الإله في شرح المشكاة (7/154).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- مُتعقِّبًا:
ومن أغرب الغرائب أنَّ ابن حجر قال: قوله: «لا ينام»، أي: لا يريد النوم إذا دخل وقته ليفيد ما قرره الأئمة... اهـ، وهو محمول على أنه ما فَهم كلام الطيبي، أو كلام الأئمة، وإلا فلا منافاة بين كلامه وكلامهم عند ذوي الأفهام، مع غرابة عبارته: من أنه لا يريد المنام. مرقاة المفاتيح (4/ 1482).
وقال المناوي -رحمه الله-:
يعني: لم يكن عادته النوم قبل قراءتهما. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 267).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «كان ‌لا ‌ينام ‌حتى ‌يقرأ» يفيد بظاهره أنه كان يقرؤها وقت النوم من الليل، فلو قرأها أحد في أول الليل لم يكن مقيمًا للسُّنة، لكن في هذه الصورة يصدُق أنه قرأ قبل النوم وإن لم يكن وقت النوم، فيصدق أنه كان لا ينام حتى يقرؤها، فافهم. لمعات التنقيح (4/ 566).
وقال الإردبيلي -رحمه الله-:
«كان ‌لا ‌ينام ‌حتى ‌يقرأ» قال العلماء: يجوز أنْ يُقال لهذا وشِبْهِه: إنه حديث رسول الله؛ ولذلك قال الشيخ (البغوي) في أول الكتاب: وأحاديث جاءت عن سيد المرسلين؛ لأن المضاف إلى الرسول إضافته بمعنى (من) صالحة لقوله وفعله، فإذا قيل: هذا حديث رسول الله، فمعناه: هذا حديثٌ من قوله، أو حديثٌ من فعله. الأزهار شرح المصابيح مخطوط لوح (226).

قوله: «{الم * تَنْزِيلُ} السجدة: 1-2»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
{الم * تَنْزِيلُ} بالرفع على الحكاية، وفي نسخة بالنصب بتقدير: أَعني، ويحتمل أن يكون مضافًا إليه. مرقاة المفاتيح (4/ 1482).
وقال محمد المباركفوري -رحمه الله-:
أي: سورة السجدة. تحفة الأحوذي (9/ 247).

قوله: «و{تَبَارَكَ ‌الَّذِي ‌بِيَدِهِ ‌الْمُلْكُ} الملك: 1»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«كان ‌لا ‌ينام ‌حتى ‌يقرأ: {الم * تَنْزِيلُ} السجدة، و{تَبَارَكَ ‌الَّذِي ‌بِيَدِهِ ‌الْمُلْكُ}» كأنه كان تارة يقرأ هاتين السورتين وتارة ما تقدم (أي: سورة بني إسرائيل والزمر)، أو يجمع بين الأربع. التنوير شرح الجامع الصغير(8/ 511).
قال رشيد الكنكوهي -رحمه الله-:
اختلفت الروايات فيما كان يقرأه النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل منامه، ولا تَدَافع فيما بينها؛ فإن الرواية المثبِتة لقراءة سورة لا تنفي قراءة ما عداها، والظاهر أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ أحيانًا هذه وأحيانًا هذه، ويجمع أحيانًا فيما بينها كلها. الكوكب الدري على جامع الترمذي (4/ 32).
وقال محمد المباركفوري -رحمه الله-:
«وبتبارك» أي: سورة الملك. تحفة الأحوذي (9/ 247).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
وخصَّهما (أي: السورتين) بذلك؛ لما مرّ في الثانية (سورة تبارك)؛ ولأن الأُولى مسوقة للبرهان على صدق القرآن، وواسع ما أَنعم به على الإنسان، من مَبْدَئِه إلى استقراره في أحد المستقرَّين، مع تعداد ما لكل منهما، المبيِّن لعدم استوائهما؛ وذلك كله موجِب لدوام الشكر، والاستعداد للبقاء بالعمل الصالح. وقيَّدها عند النوم ليقع هو (النوم) ثم اليقظة منه على أكمل الهيئات، وأعلى مراتب الاستعدادات، وأيضًا فقد نصت الأولى على مدح قُوَّام الليل الذين {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} السجدة: 16، مع وصفهم بأكمل الصفات، وجزائهم بأعالي الدرجات؛ وذاك حامل -أيُّ حامل- لمريد النوم على أنه إذا استيقظ في أثناء ليله، تطهَّر وصلى ودعا؛ خوفًا وطمعًا، ثم أنفق مما رزقه من النعم الظاهرة، والأحوال الباطنة؛ ليقيم المباني، ويحيي المعاني، ويحوز فضيلَتي الرواية المحمدية، والآثار المصطفوية. فتح الإله في شرح المشكاة(7/154-155).

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)  


ابلاغ عن خطا