«التسبيحُ للرجالِ، والتصفيقُ للنساءِ».
رواه البخاري برقم: (1203)، ومسلم برقم: (422)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وفي رواية للبخاري برقم: (1204)، ومسلم برقم: (421)، من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-: «التسبيح للرجال، والتَّصفيحُ للنساء».
ورواه أحمد برقم: (22801)، من حديث سهل -رضي الله عنه- بلفظ: «مَن نابه شيء في صلاته، فليقل: سبحان الله، إنما التصفيح للنساء، والتسبيح للرجال».
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«التصفيق»:
ضرب إِحدى صفحتي الكفين بالأُخرى حتى يُسمع صوتها.تفسير غريب ما في الصحيح(ص: ٥٠٥).
«التَّصفيحُ»:
التّصفيح والتّصفيق سواء ومنه المُصافحة في السلام.الغريبين في القرآن والحديث(4/١٠٨١).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
التَّصفيح، والتصفيق واحد. وهو من ضرب صفحة الكِّف على صفحة الكف الآخر.النهاية(3/٣٣).
شرح الحديث
قوله: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«التسبيح للرجال» أي: السُّنة لأحدهم إذا نابه شيء في صلاته أن يسبِّح، «والتصفيق» هو ضرب إحدى اليدين على الأخرى، ففي رواية البخاري: «التصفيح» قيل: الضرب بأصبعين من إحداهما على صفحة الأخرى؛ للإنذار والتنبيه، وأما بالقاف فهو الضرب بجميع إحدى الصفحتين للَّهو واللعب، إلا أن المراد بهما هنا معنى واحد، «للنساء» أي: أنه السُّنة في حقهن، فإذا ناب المصلي شيء في صلاته كالتنبيه على إمامه على سهو، وإذنه لداخل، وإنذاره أعمى خِيْفَ وقوعه في بئر، أو نَهْشِ حية، فالسُّنة للرجل أن يقول عند ذلك: سبحان الله، وللمرأة التصفيق بضرب بطن كف أو ظهرها على ظهر أخرى، أو ضرب ظهرها على بطن الأخرى، لا بطنها ببطن الأخرى، وإنما جعل لهن التصفيق صونًا لهن عن سماع أصواتهن. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 121).
قال سحنون -رحمه الله-:
قال ابن القاسم: كان مالك يضعّف «التصفيق للنساء» ويقول: قد جاء حديث التصفيق، ولكن قد جاء ما يدل على ضعفه، قوله: «من نابه في صلاته شيء فليسبِّح» وكان يرى التسبيح للرجال والنساء جميعًا.
قلتُ (سحنون) لابن القاسم: أرأيتَ لو أن رجلًا صلى في بيته فاستأذن عليه رجل فسبح به؛ يريد أن يعلمه أنه في الصلاة ما قول مالك فيه؟ قال: قوله: «من نابه في صلاته شيء فليسبح» وهذا قد سبح، قال: وقال مالك: وإن أراد الحاجة وهو في صلاته فلا بأس أن يسبح أيضًا. المدونة (1/ 190).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
التصفيق لا يجوز في الصلاة لمن نابه شيء فيها، ولكن يسبّح، وهذا ما لا خلاف فيه للرجال؛ وأما النساء فإن العلماء اختلفوا في ذلك؛ فذهب مالك وأصحابه إلى أن التسبيح للرجال والنساء جميعًا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من نابه شيء في صلاته فليسبح» ولم يخص رجالًا من نساءٍ، وتأولوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنما التصفيق للنساء» أي: إنما التصفيق من فعل النساء، قال: ذلك على جهة الذم، ثم قال: «من نابه شيء في صلاته فليسبح» وهذا على العموم للرجال والنساء، هذه حجة من ذهب هذا المذهب.
وقال آخرون -منهم الشافعي، والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، والحسن بن حي، وجماعة-: من نابه من الرجال شيءٌ في صلاته سبَّح، ومن نابه من النساء شيءٌ في صلاتها صفقت إن شاءت؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد فرق بين حكم النساء والرجال في ذلك، فقال: «التصفيق للنساء، ومن نابه شيء في صلاته -يعني منكم يا أيها الرجال- فليسبح».
واحتج بحديث أبي هريرة: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء» ففرق بين حكم الرجال والنساء، وكذلك رواه جماعة في حديث سهل بن سعد هذا، قال الأوزاعي: إذا نادته أُمُّه وهو في الصلاة سبَّح، فإن التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء سنة. التمهيد (13/ 263).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
أجمع العلماء أن سُنة الرجال إذا نابهم شيء في الصلاة التسبيح، واختلفوا في حكم النساء: فذهبت طائفة إلى أن إذن المرأة في الصلاة التصفيق، وإذن الرجل التسبيح على ظاهر الحديث، وروي عن النخعي، وهو قول الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وقالت طائفة: التسبيح للرجال والنساء جميعًا، هذا قول مالك، وتأول أصحابُه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما التصفيق للنساء» أنه من شأنهن في غير الصلاة، فهو على وجه الذم؛ لذلك فلا تفعله في الصلاة امرأة ولا رَجُل.
وذكر ابن شعبان في كتابه: اختلف قول مالك في ذلك، فقال مرة: تسبِّح النساء ولا يصفِّقْن؛ لأن الحديث جاء: «من نابه شيء في صلاته فليسبِّح»، وقال مرة أخرى: التصفيح للنساء، والتسبيح للرجال، كما جاء في الحديث، قال: والأول أحب إلينا.
واحتج أهل المقالة الأولى: أن التسبيح إنما كُرِه للنساء لأن صوتَ المرأة فتنة، ولهذا مُنِعتْ من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في الصلاة، واحتجوا بما رواه حماد بن زيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، في هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال، ولتصفِّح (أي: تصفق) النساء»، قالوا: وهذا نص لا تأويل لأحد معه، وقوله في أول الباب: «مَن صفّق جاهلًا من الرجال لم تفسد صلاتُه» إنما تأول ذلك؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر الذين صفقوا بالإعادة، ففيه: جواز العمل اليسير في الصلاة. شرح صحيح البخاري (3/ 192).
وقال المازري -رحمه الله-:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّما التَّصفيقُ لِلنِّساءِ» فقيل: معناه: إنه أراد -صلى الله عليه وسلم- ذمّ التصفيق في الصلاة؛ لأنه من فعل النساء في غير الصلاة، وقيل: بل معناه: تخصيص النساء بالتصفيق في الصلاة، وإِن ذلك يجوز لهن، لا لكم. المعلم بفوائد مسلم (1/ 398).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
وأن المأموم ينبِّه إمامَه بالتسبيح إذا كان رجلًا. وعن أبي حنيفة أنه إن سبّح ابتداءً فليس بكلام، وإن كان جوابًا فهو كلام، والجمهور على خلافه، ومذهب مالك وأصحابه: أنه يسبّح الرجال والنساء، وحملوا قوله: «إنما التصفيق للنساء» على أن المراد: أنه من أفعال النساء، فلا يُفعل في الصلاة بحال، وإنما يسبَّح فيها، وهذا إنما يتأتى في لفظ رواية مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وأما رواية غيره: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء في الصلاة» فلا يتأتى هذا التأويل فيها.
وأما رواية من روى: «إذا نسّاني الشيطان شيئًا من صلاتي؛ فليسبِّح القوم، وليصفق النساء» فصريحة في المعنى، فالمراد بالقوم: الرجال، كما قال تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} الحجرات: 11، وخرجه الإمام أحمد من حديث جابر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أنساني الشيطان شيئًا في صلاتي فليسبِّح الرجال، وليصفق النساء»، وهو قول من رواية ابن لهيعة. فتح الباري (9/ 309).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وقد ذهب إلى القول بهذا الحديث جمهور العلماء، وبعضهم فصَّل بلا دليل ناهض، فقال: إن كان ذلك للإعلام بأنه في صلاة فلا يبطلها، وإن كان لغير ذلك فإنه يبطلها، ولو كان فتحًا على الإمام؛ قالوا: لما أخرجه أبو داود من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «يا علي، لا تفتح على الإمام في الصلاة»، وأجيب: بأنَّ أبا داود ضعفه بعد سياقه له، فحديث الباب باقٍ على إطلاقه، لا تخرج منه صورة إلا بدليل.
ثم الحديث لا يدل على وجوب التسبيح تنبيهًا، أو التصفيق؛ إذ ليس فيه أمر، إلا أنه قد ورد بلفظ الأمر في روايته: «إذا نابكم أمر فليسبِّح الرجال، وليصفق النساء» وقد اختلف في ذلك العلماء. سبل السلام (1/208- 209).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
قالوا: وقوله: «التصفيق للنساء» هو على طريق الذم والعيب لهن، كما يقال: كفران العشير من فعل النساء، وهذا باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن في نفس الحديث تقسيم التسبيح بين الرجال والنساء، وإنما ساقه في معرض التقسيم وبيان اختصاص كل نوع بما يصلح له، فالمرأة لما كان صوتها عورة مُنعت من التسبيح، وجُعل لها التصفيق، والرجل لما خالفها في ذلك شُرع له التسبيح.
الثاني: أن في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء» فهذا التقسيم والتنويع صريح في أن حكم كل نوع ما خصه به، وخرجه مسلم بهذا اللفظ، وقال في آخره: «في الصلاة».
الثالث: أنه أمر به في قوله: «وليصفق النساء»، ولو كان قوله: «التصفيق للنساء» على جهة الذم والعيب لم يأذن فيه. تهذيب سنن أبي داود (1/ 481).
وقال العراقي -رحمه الله-:
قد روي ذلك أيضًا عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه...
وقال والدي -رحمه الله-: ليس في سبب نزول قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} الأنفال: 35 أنه نهى النساء عن ذلك لا في حالة الصلاة ولا غيرها، وإنما ذكر غير واحد من المفسرين: أنهم كانوا يؤذون النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك في الصلاة والطواف ليشوشوا عليه؛ فنزلت الآية بمكة، ثم أمرهم بالمدينة أن يصفق النساءُ لِمَا نابهن، والله أعلم. طرح التثريب (2/ 244).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
قوله: «التسبيح للرجال» يدل على عدم جوازه للنساء؛ لدلالة اللام على الاختصاص، وقوله: «التصفيق للنساء» تصريح بما علم ضمنًا، قال مالك وطائفة: معناه: أن التصفيق شأن النساء خارج الصلاة، ويردّ عليهم ما ورد في رواية أبي حازم: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء». الكوثر الجاري (3/ 247).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
قوله: «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء» أي: إذا نابهم شيء في صلاتهم، «والتصفيق للنساء» أي: يضربن بطن اليمنى على ظهر اليسار. منحة الباري (3/ 274).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وكأن منع النساء من التسبيح لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقًا؛ لما يُخشى من الافتتان، ومنع الرجال من التصفيق؛ لأنه من شأن النساء، وعن مالك وغيره في قوله: «التصفيق للنساء» أي: هو من شأنهن في غير الصلاة، وهو على جهة الذم له، ولا ينبغي فعله في الصلاة لرجل ولا امرأة، وتُعقِّب برواية حماد بن زيد عن أبي حازم في (الأحكام) بصيغة الأمر: «فليُسبح الرجال وليُصفق النساء» فهذا نص يدفع ما تأوله أهل هذه المقالة. فتح الباري (3/ 77).
وقال الرملي -رحمه الله-:
فلو صفَّقَ هو وسبَّحتْ هي فخلافُ السنة، وشمل كلامُه ما لو كانت المرأة بحضرة النساء أو في الخلوة أو بحضرة المحارم أو الرجال الأجانب فتُصفِّق؛ لأنه وظيفتها، كما اقتضاه إطلاق الأصحاب، خلافًا للزركشي ومن تبعه في حالة خلوها عن الرجال الأجانب، وما لو كثر منها وتوالى وزاد على الثلاث عند حاجتها فلا تبطل به كما في (الكفاية)، وأفتى به الوالد -رحمه الله تعالى-، وفرق بينه وبين دفع المار، وإنقاذ نحو الغريق؛ بأن الفعل فيها خفيف، فأشبه تحريك الأصابع في سبحة أو حكٍّ إن كانت كفُّه قارة، فإن لم تكن فيه قارة أشبه تحريكها للجَرَب بخلافه في ذينك، وقد أكثر الصحابة -رضي الله عنهم- التصفيق حين جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر -رضي الله عنه- يصلي بهم، ولم يأمرهم بالإعادة، وقول الجيلي: يعتبر في التصفيق أن لا يزيد على مرتين إن حمل على ما إذا حصل بهما الإعلام فظاهر، وإلا فهو ضعيف. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 48).
وقال الشربيني -رحمه الله-:
وقد أطلقوا التصفيق للمرأة، ولا شك أن موضعه إذا كانت بحضرة رجال أجانب، فلو كانت بحضرة النساء أو الرجال المحارم فإنها تسبِّح كالجهر بالقراءة بحضرتهم. مغني المحتاج (1/ 417).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
وبظاهر الحديث قالت الشافعية والحنابلة، وقالوا: لا يضرّ التسبيح ولو كثر؛ لأنه قول من جنس الصلاة، وإن كثر التصفيق أبطلها؛ لأنه عمل من غير جنس الصلاة. المنهل العذب المورود (6/ 43).
وقال الشيخ محمد بن على الإتيوبي -رحمه الله- مُعلِّقًا:
إن أراد بالكثرة الزائد على الحاجة فمقبول، وإن أراد الكثرة مع الحاجة فلا؛ لأن الشارع أباح لها أن تصفق بقدر حاجتها، ولم يقيده بالقلة، فلا وجه للتقييد، فتبصر. البحر المحيط الثجاج (10/ 164).
وقال العراقي -رحمه الله-:
أما الخنثى المشكل إذا نابه في صلاته ما يحوجه إلى الإعلام فهل المشروع في حقه التسبيح أو التصفيق؟
مقتضى المفهوم في حديث أبي هريرة فيه متدافع؛ لأنا إن أخذنا بقوله: «التسبيح للرجال» وقلنا: مقتضاه تصفيق الخنثى عارضنا قوله: «التصفيق للنساء» وقيل: مقتضاه تسبيح الخنثى، فظاهر حديث سهل بن سعد أنه يسبِّح؛ لدخوله في عموم قوله: «من نابه شيء في صلاته فليسبِّح»، ثم أخرج النساء من ذلك خاصة بقوله: «وإنما التصفيق للنساء»، وقد ذكر القاضي أبو الفتوح بن أبي عَقامة -بفتح العين المهملة وبالقاف- من أصحابنا في كتابه أحكام الخناثى: أن المشروع في حقه التصفيق، وقال شيخنا الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي في المهمات: إنه القياس؛ لاحتمال أن يكون امرأة، فلا تأتي بالتسبيح جهرًا. طرح التثريب (2/ 244-245).
وقال العراقي -رحمه الله-:
والحق انقسام التنبيه في حالة الصلاة إلى ما هو واجب، وإلى ما هو مندوب، وإلى ما هو مباح، بحسب ما يقتضيه الحال، وأما تعبير الرافعي وغيره بالتنبيه فإنما عبروا بذلك لأجل التفريق والتفصيل في ذلك بين الرجل والمرأة، فيكون تنبيه الرجل بالتسبيح، وتنبيه المرأة يكون بالتصفيق هو السنة، وأما أصل التنبيه فقد يكون واجبًا، وقد يكون مندوبًا، وقد يكون مباحًا، بل قد يكون مكروهًا أيضًا وقد يكون حرامًا، بحسب المنبَّه عليه، فهما مسألتان:
إحداهما: حكم التنبيه، وهو معروف من حكم المنبَّه عليه، ومنقسم إلى الأحكام الخمسة.
الثانية: الكيفية التي يحصل بها التنبيه، وهذه الثانية هي التي تكلم عنها الأصحاب، وقالوا: إن السنة في حق الرجل التسبيح، وفي حق المرأة التصفيق، والله أعلم. طرح التثريب (2/ 245-246).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
ثم التنبيه بما ذُكِر يكون ندبًا إنْ كان لمندوب، كما إذا همَّ إمامه بترك سُنة كالتشهد الأول، ومباحًا لمباح كإذنه لداخل، وواجب لواجب كإنذاره مشرفًا على هلاك تعيَّن عليه إنقاذه، فعُلم أنَّ التقسيم لذلك هو نفسه، وأما آلته من تسبيح أو تصفيق، فالتسبيح للرَّجل والتصفيق لغيره، هو السنة في كل الأقسام المذكورة.فتح الإله في شرح المشكاة (4/222).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وأحاديث الباب تدل على جواز التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء إذا ناب أَمرٌ من الأمور، وهي ترد على ما ذهب إليه مالك في المشهور عنه: أن المشروع في حق الجميع التسبيح دون التصفيق، وعلى ما ذهب إليه أبو حنيفة من فساد صلاة المرأة إذا صفقت في صلاتها. نيل الأوطار (2/ 378).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
قوله: «إنما التصفيق للنساء» وروي: «التصفيح» ...
وفيه حجة للفتح على الإمام بالقرآن إذا تعايا؛ لأنه إذا جوز له التسبيح عند السهو، والغفلة والتنبيه بذكر الله فتنبيهه بالقرآن لسهوه فيه أولى، وهو قول مالك والشافعي وكافة العلماء، خلافًا لأبي حنيفة في منع ذلك، ولأصحابه فيها قولان، زاد حرملة في روايته: قال ابن شهاب: وقد رأيت رجالًا من أهل العلم يسبِّحون ويشيرون. إكمال المعلم (2/ 332).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
فيه: أنَّ التصفيق لا تفسد به صلاة الرجال إن فعلوه؛ لأنهم لم يُؤمروا بإعادة، ولكن قيل لهم: شأن الرجال في مثل هذه الحال: التسبيح. التمهيد(13/٢٥٩).
وقال النووي -رحمه الله-:
وفيه أنّ السُّنة لِمن نَابهُ شيء في صلاته، كإعلام مَن يستأذن عليه، وتنبيه الإمام، وغير ذلك، أن يسبّح إن كان رجلًا، فيقول: "سبحان الله"، وأنْ تُصفّق، وهو التَّصفيح، إنْ كانت امرأة، فتَضربَ بَطن كَفِّها الأيمن على ظهر كَفِّها الأيسر، ولا تَضرب بَطن كَفٍّ على بَطنِ كفٍّ على وجه اللعب واللهو، فإن فعلت هكذا على جهة اللعب، بطلت صلاتها لمنافاته الصلاة. شرح صحيح مسلم(4/١٤٥).