الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يبدأُ إذا أفطرَ بالتمرِ».


رواه النسائي في الكبرى برقم: (3304)، والطبراني في الأوسط برقم: (5517)، من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (4892)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (2117).


شرح مختصر الحديث


.


شرح الحديث


قوله: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبدأ إذا أفطر بالتمر»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«كان ‌يبدأ ‌إذا ‌أفطر» من صومه «بالتمر» إن لم يجد رُطَبًا وإلَّا قدَّمه عليه. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 269).
وقال ابن المنذر -رحمه الله-:
ويجب أن يُفطر عَلَى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء. الإقناع (1/ 200).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
ولعل مراده (أي: ابن المنذر) تأكيده، نعم ذهب إليه ابن حزم، على مقتضى الحديث، قال: فإنْ لم يفعل فهو عاصٍ، ولا يبطل صومه بذلك، والحكمة فيه ما في التمر من البركة، والماء أفضل المشروبات، وقيل غير ذلك. التوضيح (13/ 397).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
قال بعض المتأخرين: هذا مذهب ابن حزم، وأخشى أنْ يكون تصحَّف قول ابن المنذر: -ويحب بالحاء- من الناقل، انتهى، ولا حاجة إلى حمله بالتصحيف، إذا حمل الأمر على الوجوب فيما صح وثبت. شرح سنن أبي داود (10/ 354).
وقال ابن حزم -رحمه الله-:
ويجب على مَن وجد التمر أن يفطر عليه، فإن لم يجد فعلى الماء، وإلا فهو عاصٍ لله تعالى إن قامت عليه الحجة فَعَنَدَ، ولا يبطل صومه بذلك؛ لأن صومه قد تمّ، وصار في غير صيام...وقد قال قوم: ليس هذا فرضًا؛ لأنه -عليه السلام- قد أفطر في طريق خيبر على السويق! فقلنا: وما دليلكم على أنه لم يكن أفطر بَعْدُ ‌على ‌تمر، أو أنه كان معه تمر؟ والسويق المجدوح بالماء، فالماء فيه ظاهر، فهو فطر على الماء.
وأيضًا فالفطر على كل مباح موافق للحالة المعهودة، والأمر بالفطر على التمر -فإن لم يكن فعلى الماء- أمر وارد يجب فرضًا؛ وهو رافع للحالة الأولى بلا شك. وادعى قوم الإجماع على غير هذا، وقد كذب مَنِ ادَّعى الإجماع وهو لا يقدر على أن يحصي في هذا أقوال عشرة من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-؛ وذكروا إفطار عمر -رضي الله عنه- بحضرة الصحابة على اللبن، قال أبو محمد (ابن حزم): إن كان هذا إجماعًا أو حجة فقد خالفوه، وأوجبوا القضاء بخلاف قول عمر في ذلك، فقد اعترفوا على أنفسهم خلاف الإجماع، وأما نحن فليس هذا عندنا إجماعًا، ولا يكون إجماعًا إلا ما لا شك في أن كل مسلم يقول به؛ فإن لم يقله فهو كافر؛ كالصلوات الخمس، والحج إلى مكة، وصوم رمضان؛ ونحو ذلك، وبالله تعالى التوفيق. المحلى بالآثار (4/ 455- 456).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
ونصَّ أصحابنا (الشافعية) على أنه يستحب الفطر على تمر، وإلا بماء عند عدمه. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (13/ 394).
وقال النووي -رحمه الله-:
ويسن تعجيل ‌الفطر ‌على ‌تمر وإلا فماء. منهاج الطالبين (ص: 76).
وقال الخطيب الشربيني -رحمه الله-:
(ويسن تعجيل الفطر)... ويسن كونه (على) رُطَبٍ، فإن لم يجده فعلى (تمر، وإلا) أي: وإن لم يجده (فماء). مغني المحتاج (2/ 165).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
والجمهور على أنه سنة ليس بواجب، ويستحب أن يكون التمر ونحوه وترًا، وأقله ثلاث.
قيل: الحكمة في التمر أن لا يدخل جوفه شيء مسته النار، وقيل: الحكمة فيه أن الصوم يضعف البصر، والحلو يقوي البصر، لكن الأطباء قالوا: إن أكل التمر يضعف البصر، ولعلهم أرادوا ما به الإكثار؛ إذ الشيء قد ينفع قليله، ويضرُّ كثيره. شرح سنن أبي داود (10/ 355).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
فالأولى أنْ تُحال عِلَّتُه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما ما يجري في الخاطر: أنَّ التمر حلو وقوت، والنفس قد تعبت بمرارة الجوع، فأمر الشارعُ إزالة هذا التعب بشيء هو قوت وحلو. شرح المصابيح (2/ 517).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
ولعل الحكمة فيه: أنَّ الحلاء يُسرِعُ القوة إلى القوي، وفيه إيماء إلى حلاوة الإيمان، وإشارة إلى زوال مرارة العصيان. مرقاة المفاتيح (4/ 1385).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
والحكمة فيه: أنه إنْ وَجَدَ في المعدة فضلةً أزالها، وإلا كان غذاء، وأنه يجمع ما تفرَّق من ضوء البصر بسبب الصوم. دليل الفالحين (7/ 47).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
قال في الخادم للزركشي معظمه لم يطبع:... والمقصود: إزالة ما في المعدة من المرَّة المتصاعدة إليها من الصوم، وهو بالرُّطَب والتمر أبلغ لحلاوتهما. إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام (ص: 153).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
والحكمة في استحباب التمر لِمَا في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم؛ ولأن الحلو مما يُوافِق الإيمان، ويُعبَّر به المنام، ويرق به القلب، وهو أيسر من غيره، ومِنْ ثَمَّ استحب بعض التابعين أنه يفطر على الحلو مطلقًا، كالعسل. فتح الباري (2/ 447).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
الحكمة -والله أعلم- في الفطر على التمر ما فيه من البركة، وأنها أفضل المطعومات. عارضة الأحوذي (3/215).
وقال الدميري الشافعي -رحمه الله-:
قال الشيخ محب الدين الطبري: القصد أن لا يدخل جوفه شيئًا قبله (التمر). قال: ومن كان بمكة استُحب له الفطر على ماء زمزم لبركته، فإنْ جمع بينه (الماء) وبين التمر فحسن.
والحكمة في التمر: أن الصوم يفرِّقُ البصر، والتمر يجمعه؛ ولهذا قال الروياني: إن لم يجد التمر فعلى حلاوة أخرى، فإن لم يجد فعلى الماء.
قال القاضي حسين: والأولى في زماننا أن يفطر على ماء؛ يأخذه بكفه من النهر؛ فإن الشبهات قد كثرت فيما في أيدي الناس.
وما قاله القاضي والروياني شاذان، والصواب: التمر، ثم الماء كما في الحديث. النجم الوهاج (3/ 319).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
وصريح كلامهم كالخبرين: ندب التمر قبل الماء حتى بمكة. وقول المحب الطبري: يسن له الفطر على ماء زمزم، ولو جمع بينه وبين التمر فحسن، مردود بأن أوَّلَه فيه مخالفة للنص المذكور، وآخره فيه استدراك زيادة على السُّنة الواردة، وهما ممتنعان إلا بدليل، ويَرِدُ أيضًا بأنه -صلى الله عليه وسلم- صام بمكة عام الفتح أيامًا من رمضان، ولم ينقل عنه في ذلك ما يخالف عادته المستقرة من تقديم التمر، فدل على عمله بها حينئذٍ وإلا لنقل... وقول الروياني: إن فُقِدَ التمر فحلو آخر، ضعيف، والأذرعي: الزبيب أخو التمر، وإنما ذكره لتيسُّره غالبًا بالمدينة. تحفة المحتاج (3/ 422).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
وقيل: تقديم التمر في الشتاء، والماء في الصيف. بذل المجهود في حل سنن أبي داود (8/498).
وقال الترمذي -رحمه الله-:
وروي أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفطر في الشتاء على تمرات، وفي الصيف على الماء. سنن الترمذي (3/ 126).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
سواءً في ذلك الشتاء والصيف، وقيل: يُقدَّمُ التمر في الشتاء، والماء في الصيف لرواية؛ ولِمَا في ذلك من المناسبة...، وكلُّ ذلك ضعيف. فتح الإله في شرح المشكاة (6/475).

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا


ابلاغ عن خطا