الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«إنَّ مِن أشراطِ الساعةِ أنْ يُرْفَعَ العلمُ، ويظهرَ الجهلُ، ويفشُوَ الزِّنا، ويُشربَ الخمرُ، ويذهبَ الرِّجالُ، وتبقى النساءُ حتى يكونَ لخمسين امرأةً قَيِّمٌ واحدٌ».


رواه البخاري برقم: (5231) ومسلم برقم: (2671) واللفظ له، من حديث أنس -رضي الله عنه-.
وفي لفظ للبخاري برقم: (5231) «...ويكثر الجهل ويكثر الزنا، ويكثر شُرب الخمر، ويقلَّ الرجال ويكثر النساء».
وفي لفظ للبخاري برقم: (80)، ومسلم برقم: (2671)‌ «ويثبت ‌الجهل» بدلًا من «ويظهرَ الجهلُ».


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«أشراط الساعة»:
بفتح الهمزة أي: علاماتها، وهو جمع شَرَط، بفتح الشين والراء. عمدة القاري، للعيني (2/ 82).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وأشراط الأشياء: أوائلها، ومنه أَشْرَاط الساعَة، أي: مقدماتها، وقيل: علامتها. مشارق الأنوار (2/ 247).
«يفشو»:
أي: ينتشر. النهاية، لابن الأثير، بتصرف (3/ 449).
وقال الخليل -رحمه الله-:
يقال: فشا الشَّيءُ يفشو فُشُوًّا: إذا ظهر، وهو عامٌّ في كلِّ شيءٍ. العين (6/ 289).
وقال الجوهري -رحمه الله-:
ويقال: فَشا الخبر يَفْشو فُشُوًّا، أي ذاع. الصحاح، للجوهري (6/ 2455).
«قَيِّم»:
قَيِّم المرأة زوجها؛ لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج إليه. النهاية، لابن الأثير (4/ 135).
وقال الفتني -رحمه الله-:
«القَيِّم»: هو مَن يقوم بأمرهنّ سواء كن موطوءات له أم لا. مجمع بحار الأنوار (4/ 317).


شرح الحديث


قوله: «إن من أشراط الساعة»:
قال الأسطواني -رحمه الله-:
«إنَّ» للتوكيد؛ بكسر الهمزة «من أشراط» بفتح الهمزة، «الساعة» أي: القيامة؛ أي: علامتها، والجار والمجرور خبر مقدم. أصل الزراري شرح صحيح البخاري (ص:27).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «إنّ» حرف من الحروف المشبهة بالفعل يرفع وينصب، فقوله: «أن يرفع العلم» في محل النصب اسمها، و«أن» مصدرية تقديره: رفع العلم، وخبرها قوله: «من أشراط الساعة» وفي رواية النسائي: «من أشراط الساعة أن يُرفع العلم» من غير أنّ في أوله، فعلى هذه الرواية يكون محل «أن يرفع العلم» الرفع على الابتداء، وخبره مقدمًا «من أشراط الساعة». عمدة القاري (2/ 83).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «إن ‌من ‌أشراط ‌الساعة» أي: من علامات قرب يوم القيامة، وقد تقدم القول في الأشراط، وأنها منقسمة إلى ما يكون من قبيل المعتاد، وإلى ما لا يكون كذلك، بل خارقًا للعادة على ما يأتي إن شاء الله تعالى. المفهم (6/ 705).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
قيل: أشراط الساعة: ما ينكره الناس من صغار أمورها قبل قيامها.
أقول: لعله إنما اعتبر صغار أمورها أخذًا مما ذكر في القاموس من كونه رُذال المال وصغارها، واعتبر كونها قبل قيامها لما أنها قد تجيء بمعنى أول الشيء كما ذكرنا، وأيضًا شرط الجند: نخبتهم الذين يقدمون على غيرهم...، وأما إنكار تفسير الأشراط بالعلامات جمع شَرَط بالتحريك كما نقله الطيبي عن الخطابي فمما لا وجه له، فتدبر. لمعات التنقيح (8/ 654- 655).
وقال الشيخ حمزة محمد قاسم -رحمه الله-:
«إن ‌من ‌أشراط الساعة» أي: من علامات قرب قيام الساعة. منار القاري، شرح مختصر صحيح البخاري (1/ 181).

قوله: «أن يُرفع العلم»:
قال الأسطواني -رحمه الله-:
«أنْ» مصدريَّة «‌يُرفعَ ‌العلم» بضم المثناة التحتية في محل نصب اسمها مؤخَّرًا؛ أي: رفع العلم بموت حملته وقبض العلماء، وليس المراد محوه من صدور الحفاظ وقلوب العلماء، وعند النسائي: بحذف «أنْ» فيكون محل «أن ‌يرفع ‌العلم» رفعًا على الابتداء، وخبره «‌من ‌أشراط ‌الساعة» مُقدم. أصل الزراري شرح صحيح البخاري (ص:27).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
وأما رفع العلم فيكون بشيئين: أحدهما: بموت العلماء كما قال في حديث عبد الله بن عمرو: «ولكن يقبضه بقبض العلماء».
والثاني: بخساسة الهمم واقتناعها باليسير منه، فإنها إذا دنت قصرت، وكشف هذا أنك إذا تأملتَ مَن سبق من العلماء رأيتَ كل واحد منهم يتفنَّن في العلوم ويرتقي في كل فن إلى أقصاه، حتى روينا عن الشعبي أنه قال: ما أروي أقل من الشعر، ولو شئتُ لأنشدتكم شهرًا لا أعيد.
أخبرنا القزاز قال: أنبأنا أحمد بن علي الحافظ قال: حدثنا الصوري قال: سمعتُ رجاء بن محمد بن عيسى المعدّل يقول: سألتُ الدارقطني فقلتُ له: رأى الشيخ مثل نفسه؟ فقال: إن كان في فن واحد فقد رأيتُ مَن هو أفضل مني، وأما مَن اجتمع فيه ما اجتمع فيَّ فلا.
ثم إن الرغبات فترت في العلم، فصار صاحب الحديث يقتصر على ما علا إسناده ويعرض عن الفقه، فلو وقعت مسألة في الطهارة لم يهتدِ لجوابها، وصار الفقيه يقتصر على ما كتب في التعليقة ولا يدري هل الحديث الذي بنى عليه الحكم صحيح أم لا؟ وصار اللغوي يشتغل بحفظ ألفاظ العرب ولا يلتفت إلى الفقه، فهذا رفع العلم.
ثم له رفع من حيث المعنى: وهو أنّا إذا وجدنا العالم المتقن قد مال إلى الدنيا وتشاغل بخدمة السلاطين، والتردد إليهم غير آمر بالمعروف ولا ناهٍ لهم عن منكر، وانعكف على اللذات، وربما مزجها بحرام كلبس الحرير، لم يبقَ لعلمه نور عند المقتبس، فصار كالطبيب المخلط، لا يكاد يقبل قوله في الحمية، فمات العلم عنده وهو موجود، نسأل الله -عزَّ وجلَّ- عزمًا مجدًّا لا فتور فيه، وعملًا خالصًا لا رياء معه. كشف المشكل (3/ 232).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فسّر -عليه السلام- أنّ ما أخبر به في الأحاديث المتقدمة من نقص العلم وقبضه، أنه ليس بمحوه من الصدور ولكن بموت حملته، واتخاذ الناس رؤساء جهالًا فيتحكمون في دين الله بآرائهم، ويفتون فيه بجهلهم كما أخبر وكما قد وجد، نسأل الله السلامة والعافية. إكمال المعلم (8/ 167).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «أن ‌يرفع ‌العلم» وقد بيّن كيفية رفع العلم وظهور الجهل في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء... » الحديث. وهو نص في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور، بل بموت العلماء وبقاء الجهال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يفتون بالجهل ويعلمونه، فينتشر الجهل ويظهر، وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر -صلى الله عليه وسلم-، فكان ذلك دليلًا من أدلة نبوته، وخصوصًا في هذه الأزمان؛ إذ قد ولي المدارس والفتيا كثير من الجهال والصبيان وحرمها أهل ذلك الشأن، غير أنه قد جاء في كتاب الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء ما يدل على أن الذي يرفع هو العمل، قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: «هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء» فقال زياد بن لبيد الأنصاري: وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؛ فو الله لنقرأنه، ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنتُ لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تغني عنهم؟ قال: فلقيتُ عبادة بن الصامت، فقلتُ: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء، فأخبرتُه بالذي قال أبو الدرداء، قال: صدق أبو الدرداء، إن شئتَ لأحدثنك بأول علم يرفع: الخشوع، يوشك أن تدخل مسجد الجامع فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا.
قال: هذا حديث حسن غريب، وقد خرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضًا عن عوف بن مالك الأشجعي من طرق صحيحة، وظاهر هذا الحديث: أن الذي يرفع إنما هو العمل بالعلم، لا نفس العلم، وهذا بخلاف ما ظهر من حديث عبد الله بن عمرو، فإنه صريح في رفع العلم، قلتُ: ولا تباعد فيهما، فإنه إذا ذهب العلم بموت العلماء، خلفهم الجهال، فأفتوا بالجهل، فعُمل به، فذهب العلم والعمل، وإن كانت المصاحف والكتب بأيدي الناس، كما اتفق لأهل الكتابين من قبلنا؛ ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لزياد على ما نص عليه النسائي: «ثكلتك أمك يا زياد، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى» وذلك أن علماءهم لما انقرضوا خلفهم جهالهم، فحرفوا الكتاب، وجهلوا المعاني، فعملوا بالجهل، وأفتوا به، فارتفع العلم والعمل، وبقيت أشخاص الكتب لا تغني شيئًا.‌‌ المفهم (6/ 705).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
قوله: «أن ‌يرفع ‌العلم» هو في محل النصب بأنه اسم «أن» وليس المراد منه محوه من صدور الرجال الحفاظ وقلوب العلماء بل رفعه بموت حملته وقبض العلماء. الكواكب الدراري (2/ 60).
وقال ابن رجب -رحمه الله-:
وأخبر (النبي -صلى الله عليه وسلم-): «أنه يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالم، اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» وقال الشعبي: لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلًا، والجهل علمًا، وهذا كله من انقلاب الحقائق في آخر الزمان وانعكاس الأمور. جامع العلوم والحكم (1/ 144).
وقال ابن الملقن -رحمه الله- أيضًا:
وقوله: «يُرفع العلم» أي: يقبض أهله، أي: أكثرهم، وفي حديث آخر: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك». التوضيح لشرح الجامع الصحيح (31/ 143).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «أن يرفع العلم» فيه إسناد مجازي، والمراد: رفعه بموت حملته وقبض العلماء، وليس المراد محوه من صدور الحفاظ وقلوب العلماء. عمدة القاري (2/ 83).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
والمراد برفع العلم: موت العلماء كما دل الحديث عليه الآتي في البخاري: «إن الله لا ينتزع هذا العلم انتزاعًا، ولكن يقبضه بقبض العلماء» ولما مات زيد بن ثابت، وحضر عبد الله بن عباس دفنه، فلما دلوه في قبره قال: مَن أراد أن يعرف كيف ‌يرفع ‌العلم، فلينظر إلى هذا. الكوثر الجاري (1/ 183).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«أن يُرفع العلم» بموت حملته وقبض نقلته لا بمحوه من صدورهم، و«يُرفع» بضم أوله، وعند النسائي: «من أشراط الساعة» بحذف إنّ، وحينئذٍ فيكون محل «أن يرفع العلم» رفعًا على الابتداء، وخبره مقدم. إرشاد الساري (1/ 181).
وقال القسطلاني -رحمه الله- أيضًا:
«أن ‌يُرفع ‌العلم» لكثرة قتل العلماء بسبب الفتن، وفي كتاب العلم: «أن يقل العلم» فيحتمل أن يكون المراد بالقلة أولًا وبالرفع آخرًا، أو أطلقت القلة وأريد بها العدم كعكسه «ويكثر الجهل» بسبب رفع العلم. إرشاد الساري (8/ 115).
وقال السفيري -رحمه الله-:
قوله: «أن يُرفع العلم» ليس المراد برفع العلم محوه من صدور الحفاظ وقلوب العلماء، فإن الله -سبحانه وتعالى- لا يهب العلم لخلقه ثم ينتزعه منهم، بعد أن تفضل عليهم به تعالى الله أن يسترجع ما وهب من علمه الذي يؤدي إلى معرفته والإيمان به وبرسله، وإنما يكون قبض العلم بموت العلماء وعدم المتعلمين، فلا يوجد فيمَن يبقى مَن يخلف مَن مضى، وقد أنذر -عليه الصلاة والسلام- بقبض الخير كله، ولا ينطق عن الهوى.
والذي يدل على أن المراد برفع العلم موت العلماء ما يأتي في هذا الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا».
وقد جاءت أخبار من الكتاب والسنة وغيرها أن موت العلماء نقص في الدين، وعلامة لحلول البلاء المبين.
قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} الرعد: 41، قال عطاء وجماعة: نقصانها موت العلماء وذهاب الفقهاء.
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء، ما اختلف الليل والنهار، وقال أيضًا: عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه ذهاب أهله.
وقال عمر -رضي الله عنه-: موت ألف عابد صائم النهار قائم الليل أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه... وقيل لسعيد بن جبير: ما علامة هلاك الناس؟ قال: هلاك علمائهم، قال علي بن موسى: أعظم الرزايا موت العلماء. المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (2/ 151- 152).‌
وقال الشيخ حمزة محمد قاسم -رحمه الله-:
«أن ‌يرفع ‌العلم» على مراحل متعددة فيرفع أولًا: العلم النافع المقترن بالعمل الصالح، حتى لا يبقى منه إلا كلمات تتردد على ألسنة العلماء، لا أثر لها في سلوكهم وتصرفاتهم الشخصية...، يزول هذا، فيتهاون الناس به ولا يعملون بمقتضاه لا حملة العلم ولا غيرهم، ويبقى علم اللسان حجة عليهم، ثم يذهب علم اللسان، فلا يبقى محدث ولا مفسر: إنما هي الكتب في المكتبات، ثم ‌يرفع ‌العلم كله من الكتب والقلوب معًا.منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (1/ 181).

قوله: «ويظهر الجهل»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
أي: يكون له الدولة وبه الأحكام، ولقد صرنا في طرف من ذلك فإن جهات اليمن جميع بواديها وبعض قراها لا يحكمون إلا بالطاغوت يرون المعروف منكرًا والمنكر معروفًا. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 122).
وقال العيني -رحمه الله-:
«ويظهر الجهل» على صيغة المعلوم، وظهور الجهل من لوازم قبض العِلم، وذكرهُ لزيادة الإيضاح والتأكيد.عمدة القاري، شرح صحيح البخاري(/٩٢)
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
وفي رواية: «يقل العلم، ‌ويظهر ‌الجهل»: والظاهر أَنهما بدلان من (يرفع ويكثر)، فالتقدير: أنّ يَقل العِلم ‌ويظهر ‌الجهل، ولعل هذه الرواية مبنية على أول الأمر، فإنّ مآل آخرهِ إلى رفع العِلم بالكلية، كما جاء في حديث رواه السجزي عن ابن عمر مرفوعًا: «لا تقوم الساعة حتى يُرفع الركن والقرآن». وفي حديث أحمد، ومسلم، والترمذي عن أنس: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله» متفق عليه.مرقاة المفاتيح(8/٣٤٢٨)

قوله: «و‌يثبت الجهل»:
قال النووي-رحمه الله-:
هكذا ‌هو ‌في ‌كثير ‌من ‌النسخ «‌يثبت الجهل» من الثبوت. وفي بعضها: «يُبث» بضم الياء، وبعدها موحدة مفتوحة، ثم مُثلثة مُشددة أي: يُنشر ويَشيع. شرح صحيح مسلم(16/٢٢١).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
قوله: «ويثبت الجهل» وفي بعض النسخ: «يبث الجهل» من البثّ وهو النّشر وفي بعضها: «يَنبت» في النبات بالنون. الكواكب الدراري(2/ 60).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«يثبت الجهل» بفتح المثناة التحتية من الثبوت بالمثلثة وهو ضد النّفي، وعند مسلم: «ويبث» من البث بموحدة فمثلثة وهو الظهور، والفشو. إرشاد الساري (1/ 181).

قوله: «ويفشو الزنا»:
قال المناوي -رحمه الله-:
أي: يظهر حتى لا يكاد ينكر. التيسير بشرح الجامع الصغير(1/ 348).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«ويفشو الزنا» بانتشاره وإظهاره؛ بحيث لا يُستحيا منه. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (24/ 266).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ويكثر الزنا» أي: لأجل قلة الحياء. مرقاة المفاتيح (8/ 3428).

قوله: «ويُشرب الخمر»:
قال الكوراني -رحمه الله-:
«ويشرب الخمر» أي: علانية؛ فإن شرب الخمر والزنا كانا موجودين في زمانه؛ فإنه قد حد شارب الخمر ورجم الزناة. الكوثر الجاري (1/ 183).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«ويُشرب الخمر» أي: جهارًا بكثرة، وإلا فمطلق الشرب لم يزل موجودًا في كل زمان، ويحتمل أن يكون المراد شيوع شربه في مجتمعات المسلمين، والعياذ بالله تعالى. الكوكب الوهاج (24/ 592).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
و«يُشرب الخمر» أي: يكثر شربه، وفي النكاح من طريق هشام عن قتادة: «ويكثر شرب الخمر» فالمطلق محمول على المقيد خلافًا لمن ذهب إلى أنه لا يجب حمله عليه، والاحتياط بالحمل ها هنا أولى؛ لأن حمل كلام النبوة على أقوى محامله أقرب، فإن السياق يفهم أن المراد بأشراط الساعة وقوع أشياء لم تكن معهودة حين المقالة، فإذا ذكر شيئًا كان موجودًا عند المقالة فحمله على أن المراد بجعله علامة أن يتصف بصفة زائدة على ما كان موجودًا كالكثرة والشهرة أقرب...، فوجود الأربع هو العلامة لوقوع الساعة. إرشاد الساري (1/ 181).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
قوله: «ويشرب الخمر» فإن قلتَ: شرب الخمر كيف يكون من علاماتها والحال أنه واقع في جميع الأزمان، وقد حدّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض الناس لشربه إياها ؟
قلتُ: المراد أن يشرب شربًا فاشيًا، أو أن نفس الشرب وحده ليس علامة بل العلامة مجموع الأمور المذكورة. الكواكب الدراري (2/ 60).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
وقوله: «ويُشرب الخمر» أي: يُشرب شربًا فاشيًا كما جاء في رواية: «ويكثر شرب الخمر». التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 416).
وقال العيني -رحمه الله- معقبًا:
قلتُ: لا نسلم أن المراد كثرة ذلك، بل شرب الخمر مطلقًا هو جزء العلة ‌من ‌أشراط ‌الساعة، وقوله في الرواية الأخرى: «ويكثر شرب الخمر» لا يستلزم أن يكون نفي مطلق الشرب من أشراطها؛ لأن المقيد بحكم لا يستلزم نفي الحكم المطلق، والأصل إجراء كل لفظ على مقتضاه، ولا تنافي بين حكم يمكن حصوله معلقًا بشرط تارة، وبغيره أخرى، ونظيره: الملك، فإنه يوجد بالشراء وغيره... قلتُ (معلقًا على كلام الكرماني): هذا السؤال غير وارد؛ لأنه لا يلزم من وقوعها في جميع الأزمان، وحد النبي -عليه الصلاة والسلام- شاربها أن لا يكون من علامات الساعة، نعم قوله: "بل العلامة مجموع الأمور المذكورة" هو كذلك؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الأشياء الأربعة بحرف الجمع، والجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع، ووجود المجموع هو العلامة لوقوع الساعة، وكل منها جزء العلة، فحينئذٍ تقييد الشرب بالكثرة لا يفيد، وقد قلنا: إن ما ورد من قوله: «ويكثر شرب الخمر» لا ينافي كون مطلق الشرب جزء علة، وكل من الشرب المطلق والشرب المقيد بالكثرة والشهرة جزء علة؛ لأن العلة الدالة على وقوع الحكم هي العلة المركبة من وجود الأشياء الأربعة، ثم الخمر في اللغة من التخمير، وهو: التغطية، سُميت به لأنها تغطي العقل...عمدة القاري (2/ 82).
قال المناوي -رحمه الله-:
«ويُشرب الخمر» بالبناء للمفعول أي: يكثر التّجاهر بِشربه. التيسير بشرح الجامع الصغير(1/ 348).
وقال الشيخ حمزة محمد قاسم -رحمه الله-:
«ويشرب الخمر» أي: ويكثر الزنا وشرب الخمور كنتيجة حتمية لارتفاع العلم وانتشار الجهل وزوال الخشية من القلوب. منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري(1/ 181).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
ثم كثرة شُرب الخمر مورثة لكثير من الفساد في البلاد والعباد، فيحصل الاعتداء. مرقاة المفاتيح (8/ 3428).  

قوله: «ويَذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قَيِّم واحد»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
قوله: «ويذهب» بفتح أوله مبنيًّا للفاعل، والنائب قوله: «الرجال» أي: يموتون. البحر المحيط الثجاج، شرح صحيح مسلم(41/ 621).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«ويذهب الرجال» أي: أكثرهم «ويبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة» وفي رواية: «أربعين امرأة»، «قَيّم واحد» يقوم عليهنّ. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 348).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
أي: يقلون بالموت وكثرة ولادة الإناث؛ لأنها لا تقوم الساعة إلا على شر الناس والنساء من ذلك أقرب «وتبقى النساء» وفي بقائهن مناسبة لصفات أهل آخر الزمان من ذهاب العلم وظهور الجهل، ولا يقال: كيف يفشو الزنا وقد حكم بقلة الرجال؟ لأنه يقال: التزام ظهوره ولا ينافيه قلة الرجال، أو لأنها علامات تقع تدريجًا ففي زمان فشو الزنا لا قلة في الرجال. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 122).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
وقوله: «ويقل الرجال» قِلة الرجال بكثرة القتل؛ وذلك عند فتح القسطنطينية وما شابهها من الملاحم، فتكثر النساء إذ ذاك ويكثر الفساد. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 417).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ويقل الرجال» أي: وجودهم المطلوب منه نظام العالم «ويكثر النساء» أي: ممن لا يتعلق بظهورهن الأمر الأهم، بل وجودهن مما يكثر الغم والهم، ويقتضي تحصيل الدينار والدرهم. مرقاة المفاتيح (8/ 3428).

قوله: «وتكثر النساء»:
قال الكرماني -رحمه الله-:
أي: بسبب تلاحم الفتن وقتل الرجال فيها كما ورد في المواضع الأخر، ويكفي كثرتهن في قلة العلم وظهور الجهل والزنا؛ لأن النساء حبائل الشيطان وهن ناقصات عقل ودين. الكواكب الدراري (2/ 61).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «وتكثر النساء» قيل: سببه أن الفتن تكثر فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء، وقال أبو عبد الملك (مروان بن علي البوني): هو ‌إشارة ‌إلى ‌كثرة ‌الفتوح ‌فتكثر ‌السبايا، فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات.
قلتُ: وفيه نظر؛ لأنه صرح بالقلة في حديث أبي موسى عند المصنف فقال: «من قلة الرجال وكثرة النساء»، والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقل مَن يولد من الذكور ويكثر مَن يولد من الإناث، وكون كثرة النساء من العلامات مناسبة لظهور الجهل ورفع العلم. فتح الباري (1/ 179).
وقال العيني -رحمه الله- معلقًا:
وقال بعضهم (يريد ابن حجر): فيه نظر؛ لأنه صرَّح بالعلة في حديث أبي موسى الآتي في الزكاة عند المصنف، فقال: «من قِلة الرجال، وكثرة النساء» والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر.
قلتُ: ليس في حديث أبي موسى شيء من التنبيه على العلة لا صريحًا ولا دلالةً، وإنما معنى قوله: «من قلة الرجال، وكثرة النساء» مثل معنى قوله في هذا الحديث: «وتكثر النساء، ويقل الرجال» والعلة لهذا لا تطلب إلا من خارج، وقد ذكروا هذين الوجهين، ويمكن أن يقال: يكثر في آخر الزمان ولادة الإناث، ويقل ولادة الذكور، وبقلة الرجال يظهر الجهل، ويرفع العلم، ويكفي كثرتهن في قلة العلم، وظهور الجهل والزنا؛ لأن النساء حبائل الشيطان، وهن ناقصات عقل ودين. عمدة القاري (3/ 93).
وقال ابن حجر -رحمه الله- متعقبًا:
وكأنّه (العيني) ظن أنَّ المراد علة القلة والكثرة، وليس كذلك، وإنَّما المراد: علة العدد الكثير من النِّساء للواحد من الرجال، والعجب أن "ع " (العيني) أخذ كلامه، فنسبه لنفسه، فقال: ويمكن أن يُقال: تكثر ولادة الإِناث، وتقل ولادة الذكور إلى آخر كلامه، فانظر وتعجب. انتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري (1/ 129-130).

قوله: «حتى يكون لخمسين امرأة القَيِّم الواحد»:
قال المظهري -رحمه الله-:
يعني: ‌من ‌أشراط ‌الساعة أنه يقل الرجال ويكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قَيِّم واحد، وليس المراد منه: أن تكون منكوحاته، والقَيِّم: القائم بمصالحهن، فيكنّ زوجاته وأمهاته وجداته وأخواته وعماته وخالاته. المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 391).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
و«القَيِّم» أي: الذي يقوم بأمرهن ويتولى مصالحهن، وفي بعض الروايات: «أربعون امرأة» ولا منافاة بينهما؛ إذ ذكر القليل لا ينفي الكثير؛ لأنه مفهوم العدد. الكواكب الدراري (23/ 199).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «القَيِّم الواحد» بفتح القاف وكسر الياء المشددة، وهو القائم بأمور النساء، وكذا القيّام والقوّام، يقال: فلان قوام أهل بيته وقيامه، وهو الذي يقيم شأنهم، ومنه قوله: تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} النساء: 5، وقوام الأمر أيضًا: ملاكه الذي يقوم به، وأصل: قيّم قيوم على وزن فيعل، اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فأُبدلت من الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. عمدة القاري (2/ 84).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «حتى يكون لخمسين امرأة» فإن قلتَ: في الحديث السابق أربعون؟ قلتُ: الأربعون داخل في الخمسين، وقيل: العدد غير مراد، بل المراد المبالغة في كثرة النساء بالنسبة إلى الرجال، وقيل: الأربعون عدد مَن يلذن به، والخمسون عدد مَن يتبعنه وهو أعم من أن يلذن به، قوله: «القَيّم» أي: الذي يقوم بأمورهن ويتولى مصالحهن، قيل: يحتمل بأن يكنى به عن اتباعهن له لطلب النكاح حلالًا أو حرامًا. عمدة القاري (20/ 213).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
«القَيِّم» والقيام: القائم بالأمر، أراد قبض المال فيكسب الإماء فيكون للرجل الواحد الإماء الكثيرة، أو بسبب قتل الرجال يكثر النساء فيقل مَن يقوم بمصالحهن، أو إذا قل الرجال وغلب الشبق على النساء يتبع الرجل الواحد ما ذكر من النساء، كل واحدة تقول: انكحني. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 417).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «حتى يكون لخمسين امرأة القَيّم» بكسر التحتية المشددة أي: القائم «الواحد» أي: المنفرد لمصالحهن، وليس المراد أنهن زوجات له، بل أعم منها ومن الأمهات والجدات والأخوات والعمات والخالات. مرقاة المفاتيح (8/ 3428).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«حتى يكون لخمسين امرأة» يحتمل الحقيقة أو مجاز عن الكثرة ولا ينافيه حديث: «أربعين امرأة» فإنه يحتمل اختلاف الزمان في ذلك «قَيّم واحد» هو مَن يقوم بأمرهن لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} النساء: 34، ويحتمل القيام بأمور الدنيا عليهنّ، ويحتمل بالنكاح حرامًا وحلالًا. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 122).
وقال السندي -رحمه الله-:
«قَيّم واحد» مَن يقوم بأمرهن، ويمكن أن يراد ذلك بسبب أنه ينكحهن، لكن حينئذٍ يرجع إلى الجهل وفشو الزنا مع عدم دلالة اللفظ على هذا الخصوص. كفاية الحاجة، شرح سنن ابن ماجة (2/ 497).
قال ابن حجر -رحمه الله-:
وقوله: «لخمسين» يحتمل أن يراد به حقيقة هذا العدد، أو يكون مجازًا عن الكثرة، ويؤيده أن في حديث أبي موسى: «وترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة». فتح الباري (1/ 179).
وقال الكشميري -رحمه الله-:
قوله: «حتى يكون لخمسين امرأة القَيّم الواحد» وقد روى الحافظ فيه قيدًا في موضع آخر، وهو قيد الصالح، ثم غفل عنه الحافظ عند شرح الحديث، ولو حضره لم يرد إشكال، فإن القيم الصالح يعز جدًّا في كل عصر، فكيف في إبان الساعة؟ فيض الباري على صحيح البخاري (5/ 565).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
قوله: «لخمسين امرأة» ‌يحتمل ‌أن ‌يراد ‌بها ‌حقيقة ‌هذا ‌العدد، وأن يراد بها كونها مجازًا عن الكثرة، ولعل السر فيه أن الأربعة هي كمال نصاب الزوجات فاعتبر الكمال مع زيادة واحدة عليه ليصير فوق الكمال مبالغة في الكثرة، أو لأن الأربعة منها يمكن أن تؤلف العشرة؛ لأن فيها واحدًا واثنين وثلاثة وأربعة وهذا المجموع عشرة، ومن العشرات المئات، ومن المئات الألوف، فهي أصل جميع مراتب الأعداد فزيد فوق الأصل واحد آخر، ثم اعتبر كل واحد منها بعشر أمثالها أيضًا تأكيدًا للكثرة ومبالغة فيها. الكواكب الدراري (2/ 61).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله- معلقًا:‌
لا ‌يخفى ‌ما ‌في ‌هذا ‌التوجيه ‌من ‌التكلف، فالأولى عدم الخوض. البحر المحيط الثجاج (41/ 622).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
قال المهلب: هذا إنما يكون ‌من ‌أشراط ‌الساعة، كما قال -عليه السلام-، ويمكن أن تكون قِلة الرجال من اشتداد الفتن وترادف المحن، فيُقتل الرجال، والله أعلم، ويحتمل قوله: «القَيِّم الواحد» معنيين: أحدهما: أن يكون قيِّمًا عليهنّ وناظرًا لهن وقائمًا بأمورهن، ويحتمل أن يكون اتباع النساء له على غير الحل، والله أعلم، قال الطحاوي: ولما احتمل الوجهين نظرنا هل رُوي في ذلك شيء يدل على أحدهما، فذكر علي بن معبد بإسناده عن حذيفة، قال: سمعت النبي -عليه السلام- يقول: «إذا عمت الفتنة يميز الله أصفياءه وأولياءه حتى تطهر الأرض من المنافقين والقتالين، ويتبع الرجل يومئذٍ خمسون امرأة، هذه تقول: يا عبد الله، استرني، يا عبد الله، آوني» فدل هذا الحديث على القول الأول. شرح صحيح البخاري (7/ 356).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
هذا الحديث عَلمٌ من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث أخبر بقلة الرجال في آخر الزمان وكثرة النساء. التوضيح لشرح الجامع الصحيح(3/ 417).
وقال ابن الملقن -رحمه الله- أيضًا:
وفيه: إخبار الشارع بما يكون بعده من غير توقيت؛ وذلك من علامات نبوته.
وقال الإمام أحمد: كل حديث بوقتية لا يصح، حكاه ابن التين. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (25/ 125).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: أن قدَر الله تعالى قد سبق أن يكون خراب الأرض عقيب كثرة الفساد فيها، وأنه إذا رفع العلم ووضع الجهل، ومعنى رفع العلم: هو اطّراح العمل به وهجرانه، وأن توضع قوانين الجهل في أمكنة العلم، فيكون العمل بها لا به، والتحكيم لها لا له، وأن تشرب الخمور ويكثر الزنا فتختلط الأنساب، وتضيع الحقوق، وتكون الأحوال والأمور صادرة عن آراء النساء، فيقل الرجال في الرجال أي: يقل الرجال الذين يستحقون تسمية الرجال، قال الشاعر:
وإنما رجل الدنيا وواحدها *** مَن لا يعول في الدنيا على رجل
فإذا قل الرجال وكثر النساء *** فترحمن فذلك حين خرب الأرض. الإفصاح عن معاني الصحاح (5/ 164).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وكأن هذه الأمور الخمسة خصت بالذكر؛ لكونها مشعرة باختلال الأمور التي ‌يحصل ‌بحفظها ‌صلاح ‌المعاش ‌والمعاد، وهي الدين لأن رفع العلم يخل به، والعقل لأن شرب الخمر يخل به، والنسب لأن الزنا يخل به، والنفس والمال لأن كثرة الفتن تخل بهما. فتح الباري (1/ 179).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: لمَ كان اختلال هذه الأمور من علاماتها؟
قلتُ: لأن الخلائق لا يتركون سدى، ولا نبي بعد هذا الزمان فتعين خراب العالم وقرب القيامة. الكواكب الدراري (2/ 61).
وقال الأسطواني -رحمه الله-:
فوجود هذه الأربعة هو العلامة لوقوع الساعة؛ أي: القيامة: وهي واقعةٌ في هذا الزمان. أصل الزراري شرح صحيح البخاري (ص:27).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
وقد ظهر ذلك بسبب الحروب التي تطحن الرجال وكثرة مواليد النساء.
أسباب هذا الفساد: قِلّة العِلم، وكثرة الجهل، وضعف الوازع الديني. الحلل الإبريزية (4/ 314)


ابلاغ عن خطا