قال اللهُ -عز وجل-: «يا ابنَ آدمَ لا تَعْجزْ عن أربعِ ركعاتٍ من أولِ النهارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ».
رواه أحمد برقم: (22469) واللفظ له، وأبو داود برقم: (1289)، والنسائي في الكبرى برقم: (468)، من حديث نُعَيم بن همار -رضي الله عنه-.
ورواه الترمذي برقم: (475) ، من حديث أبي الدرداء وأبي ذر -رضي الله عنهما-.
صحيح الجامع برقم: (4339 ، 4342)، صحيح أبي داود برقم: (1167).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«تَعْجزْ»:
العجز نقيض الحزم، وعجز يعجز عجزًا فهو عاجز ضعيف. العين للخليل (1/ 215).
«أكْفِكَ»:
أفرغ بالك بعبادتي أول النهار أفرغ بالك في آخره بقضاء حوائجك. مجمع بحار الأنوار للفتّني (4/ 425).
شرح الحديث
قوله: «يا ابن آدم لا تعجز»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«يا ابن آدم لا تعجز» بفتح الجيم وكسرها. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 577).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«لا تعجز» بكسر الجيم أفصح من فتحها. السراج المنير شرح الجامع الصغير (3/ 396).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «لا تعجز» من عَجَزَ، كـ: ضرب، أو كـ: سمع. حاشية السندي على مسند أحمد (5/288).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله (في رواية): «لا تعجزني» بضم التاء، وهذا مجاز كنايةٌ عن تسويف العبد عمله لله تعالى. شرح سنن أبي داود (5/ 187).
وقال الشيخ محمد أشرف العظيم آبادي -رحمه الله-:
«يا ابن آدم»، وفي بعض النسخ بحذف حرف النداء، «لا تعجزني» يقال: أعجزه الأمر إذا فاته، أي: لا تفوتني من العبادة. عون المعبود (4/ 118).
قوله: «عن أربع ركعات من أول النهار»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«عن أربع ركعات من أول النهار» أي: عن صلاتها...، قيل: هذه الأربع الفجر وسنته. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 182).
وقال السندي -رحمه الله-:
«عن أربع ركعات» قيل: يُحتمل: أنْ يُراد بها: فرض الصبح، وركعتا الفجر، ويحتمل أن يراد بها: صلاة الضحى. حاشية السندي على مسند أحمد (5/288).
وقال المنذري -رحمه الله-:
حديث نُعيم بن هَمَّار قد اختلف الرواة فيه اختلافًا كثيرًا، وقد جمعتُ طرقه في جزء مفرد، وحمل العلماء هذه الركعات على صلاة الضحى، وقال بعضهم: النهار يقع عند أكثرهم على ما بين طلوع الشمس إلى غروبها. مختصر سنن أبي داود (1/ 373).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وأما حديث نعيم بن همَّار: «ابنَ آدم لا تُعْجِزْني عن أربع ركعات في أول النهار أَكْفِكَ آخرَه»، وكذلك حديث أبي الدرداء وأبي ذر، فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذه الأربع عندي هي الفجر وسنتها. زاد المعاد(1/٤٣٧)
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قيل: المراد صلاة الضحى، وقيل: صلاة الإشراق، وقيل: سنة الصبح وفرضه؛ لأنه أول فرض النهار الشرعي. مرقاة المفاتيح (3/ 980).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وقيل: المراد بها: الضحى. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 578).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
في قوله: «من أول النهار» دليل واضح على أنه يدخل وقتها بطلوع الشمس. فتح الإله شرح المشكاة (5/155).
قوله: «أكفك آخره»:
قال الطيبي -رحمه الله-:
أي: شُغْلك وحوائجك، وأدفع عنك ما تكره بعد صلاتك إلى آخر النهار.
وأقول: لعل الأنسب أن يقال: المعنى: يا ابن آدم، فَرِّغ بالك أول النهار، واشتغل بعبادتي حتى أُفَرِّغَ بالك في آخر النهار بقضاء حوائجك، ودفع المضارِّ عنك. شرح المشكاة (4/ 1241).
وقال السندي -رحمه الله-:
«أكفك آخره» أي: سائره أو تمامه، قيل: يُحتمل: أنْ يُراد: كفايته عن الآفات والحوادث الضارَّة، وأنْ يُراد: حفظه من الذنوب، أو العفو عما وقع منه من ذلك اليوم، أو أعم من ذلك. حاشية السندي على مسند أحمد (5/288).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«أكفك» بفتح الهمزة، أي: عن العمل في غيره، ويحتمل: أكفك من الثواب العظيم والأجر الكبير. شرح سنن أبي داود (6/ 396).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
أي: أقضي شُغْلك وحوائجك، وأدفع عنك ما تكره بعد صلاتك إلى آخر النهار. شرح المصابيح (2/ 200).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«أكفك» أي: شر ما يحدث في آخر ذلك اليوم من المحن والبلايا. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 182).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«أكفك» بالإعانة على الطاعات والقربات، وكفاية أمور الدنيا. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 578).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
«أكفك» بقضاء حوائجك، وتيسير أمورك، ودفع كل مكروه عنك.
«آخره» أي: من فراغ تلك الأربع آخره، {جَزَاءً وِفَاقًا} النبأ: 26؛ لأنك لما فرغت بالك لي أوله، باشتغالك بتلك العبادة الفاضلة، فرَّغتُ بالك بعدها بإعطائك ما ذكرت. فتح الإله شرح المشكاة (5/154-155).
وقال العيني -رحمه الله-:
المعنى: لا تُسَوّف صلاة أربع ركعات لي في أول نهارك أكفك آخر النهار من كل شيء: من الهموم والبلايا ونحوهما، و«أكفك» مجزوم؛ لأنه جواب النهي.
والحديث أخرجه الترمذي عن أبي الدرداء وأبي ذرّ -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الله -عَزَّ وجَلَّ- أنه قال: «ابن آدم، اركع لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره»، وقال: هذا حديث حسن غريب، انتهى. وفي إسناده: ابن عياش وفيه مقال، ومن الأئمة من يُصحح حديثه في الشاميين، وهذا الحديث شامي الإسناد.
وحديث نعيم بن هبار (الصحيح همار): قد اختلفت الرواية فيه اختلافًا كثيرًا، وحمل العلماء هذه الركعات على صلاة الضحى، وقال بعضهم: النهار يقع عند أكثرهم على ما بين طلوع الشمس إلى غروبها.
وإخراج أبي داود والترمذي له في صلاة الضحى يدل على أَن المراد منها: صلاة الضحى. شرح سنن أبي داود (5/ 187- 188).
وقال المناوي -رحمه الله-:
حمل العلماء هذه الركعات على صلاة الضحى، وقال بعضهم: النهار يقع عند أكثرهم على ما بين طلوع الشمس إلى غروبها؛ ولهذا أخرج المصنف هذا الحديث في باب صلاة الضحى، وتبع في ذلك أبا داود والترمذي. كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح (1/ 484).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
لكن هذا القول (ما ذكره محمد بن إبراهيم المناوي) إنما هو على عُرف الحكماء والمنجمين، وأما على عرف الشرع فهو من طلوع الصبح إلى المغرب، غايته أنه يطلق على الضحوة وما قبلها أنه أول النهار، فمِن تبعيضية في قوله: «من أول النهار». مرقاة المفاتيح (3/ 980).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
واستدل به على مشروعية صلاة الضحى، لكنه لا يتم إلا على تسليم أنه أريد بالأربع المذكورة صلاة الضحى، وقد قيل: يحتمل أن يراد بها: فرض الصبح وركعتا الفجر؛ لأنها هي التي في أول النهار حقيقة، ويكون معناه: كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله». نيل الأوطار (3/ 79).