«ثلاثة لا ينظر الله -عز وجل- إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأة المترجِّلة المتشبِّهة بالرجال، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاقُّ لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنَّان بما أعطى».
رواه أحمد برقم: (6180)، واللفظ له، والنسائي برقم: (2562)، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
صحيح الجامع برقم: (3071)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (674).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«المترجِّلة»:
التي تتشبَّه بالرجال في هيئتهم وأفعالهم. جامع الأصول، لابن الأثير (11/ 708).
«الدَّيُّوث»:
هو: الذي لا غَيْرة له ولا حميَّة. جامع الأصول، لابن الأثير (11/ 708).
وقال البركتي -رحمه الله-:
الدَّيُّوث: هو الذي لا غَيْرةَ له ممن يدخل على امرأته. التعريفات الفقهية (ص: 98).
«المُدْمِنُ»:
الذي يعاقر شُرب الخمر ويلازمه ولا يُفارقه. التنوير شرح الجامع الصغير، الصنعاني (2/ 402).
شرح الحديث
قوله: «ثلاثة لا ينظر الله -عز وجل- إليهم يوم القيامة»:
قال ابن حجر -رحمه الله-:
ومعنى «لا ينظر إليهم»: يُعرِض عنهم، ومعنى نظره لعباده: رحمته لهم ولطفه بهم. فتح الباري (13/ 203).
وقال المناوي -رحمه الله-:
نظر رحمة ولطف، أو نفي النظر عبارة عن غضبه عليهم، كمن غضب على صاحبه يصرمه ويُعرض عنه...فيض القدير (1/ 149).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «ثلاثة» من الناس «لا ينظر الله إليهم يوم القيامة» فإن من سخط على غيره واستهان به أعرض عنه. إرشاد الساري(4/197).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قوله: «لا ينظر الله إليهم» فهو من النظر، وقيل: هو من الانتظار، أي: لا ينتظرون ليعتذروا. فتح القدير (1/ 187).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
قوله: «ثلاثة» مبتدأ سوغ الابتداء به ملاحظةُ الوصف المحذوف، أي: ثلاثة من الناس، والتنصيص على العدد لا ينافي الزائد.
«لا ينظر الله إليهم» يحتمل أن النظر المنفي نظر الرضى، أي: لا ينظر إليهم نظرة رضى ورحمة، وإنما ينظر إليهم نظرة سخط وغضب، وقيل: إن الكلام كناية عن الإعراض عنهم، والاستهانة بهم، وعدم الإحسان إليهم، والتقييد بيوم القيامة لأنه يوم المجازاة، وبه يحصل التهديد والوعيد. المنهل الحديث في شرح الحديث (2/ 288).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«ولا ينظر إليهم يوم القيامة» نظر رحمة ورضا، بل ينظر إليهم نظر سخط وغضب، ونظر الله -تعالى- إلى عباده: رحمته لهم، وعطفه عليهم، وإحسانه إليهم، وهذا النظر هو المنفي في هذا الحديث، فمعنى «لا ينظر إليهم»: لا يرحمهم؛ من إطلاق السبب وإرادة المسبب، وإلا ... فالله -سبحانه وتعالى- يرى كل موجود. مرشد ذوي الحجا (16/ 479).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
النظر له عدة استعمالات بحسب صِلاته وتعدّيه بنفسه، فإن عُدِّي بنفسه فمعناه: التوقف والانتظار، كقوله: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} الحديد: 13، وإن عُدّي بـ: (في) فمعناه: التفكر والاعتبار، كقوله: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الأعراف: 185، وإن عُدِّيَ بـ: (إلى) فمعناه: المعاينة بالأبصار، كقوله: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} الأنعام: 99. حادي الأرواح (ص296).
وقال الشيخ عبد الرحمن البراك -رحمه الله-:
النظر إلى الشيء يدل في اللغة على: مجرد الرؤية عن إرادة، وقد يدل مع ذلك على العناية والمحبة والإكرام ... وفي السُّنة من هذا النوع كثير، ومن ذلك هذا الحديث، ويشبه هذا النوع قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»، والواجب في ذلك كله: إثباته (أي: النظر) لله تعالى على ما يليق به كسائر صفاته؛ كعلمه وسمعه وبصره وإرادته وحياته، وكل صفاته، فهو تعالى ينظر إلى ما شاء ومن شاء كيف شاء، وما ذكره الحافظ أو نقله عن الشراح في معنى النظر من الله: كلُّه من التأويل الباطل الذي حقيقته صرف الكلام عن ظاهره بغير حُجَّة، والحامل لهم على ذلك: أن مِن مذهبهم نفي حقيقة العينين عن الله تعالى، ونفي الأفعال الاختيارية التابعة لمشيئته -سبحانه وتعالى- ومنها: النظر.
ومما تقدم يتبين: أن معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينظر الله» أي: نظر محبة وإكرام، وقريب من هذا: ما جعله الحافظ احتمالًا، وهو أقرب إلى الصواب؛ حيث قال: ويحتمل أن يكون المراد: لا ينظر الله إليه نظر رحمة -والله أعلم-. تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري (10/ 258).
قوله: «العاق لوالديه»:
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
ولا خلاف في أنّ عقوق الوالدين محرمٌ، وكبيرة من الكبائر، وقد دلَّ على ذلك الكتاب في غير موضع وصحيح السُّنة، كما روى النسائي والبزار من حديث ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والديوث والمرأة المرجلة تشبع بالرجال، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمنان عطاءه ومُدمن الخمر.
وعقوق الوالدين: مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أنّ برهما: موافقتهما على أغراضهما الجائزة لهما، وعلى هذا: إذا أمرا أو أحدهما ولدَهما بأمر وجبت طاعتهما فيه إذا لم يكن ذلك الأمر معصية، وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباحات في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوبات، وقد ذهب بعض الناس إلى أن أمرهما بالمباح يصيره في حق الولد مندوبًا إليه، وأمرهما بالمندوب يزيده تأكيدًا في ندبيته، والصحيح الأول؛ لأن الله تعالى قد قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده؛ فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا} الإسراء: 23، وقال: {وَوَصَّينَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ حُسْنًا} العنكبوت: 8، في غير ما موضع، وكذلك جاءت في السنة أحاديث كثيرة تقتضي لزوم طاعتهما فيما أمرا به، فمنها: ما رواه الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها، فأبيت، فذكرتُ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا عبد الله بن عمر! طلق امرأتك»، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، فإنْ قيل: فكيف يرتفع حكم الله الأصلي بحكم غيره الطارئ؟ فالجواب: أنه لم يرتفع حكم الله بحكم غيره، بل بحكمه، وذلك أنه لما أوجب علينا طاعتهما والإحسان إليهما، وكان من ذلك امتثال أمرهما؛ وجب ذلك الامتثال؛ لأنَّه لا يحصل ما أمرنا الله به إلا بذلك الامتثال، ولأنهما إن خولفا في أمرهما حصل العقوق الذي حرَّمه الله تعالى؛ فوجب أمرهما على كل حال بإيجاب الله تعالى. المفهم (6/ 519 ـ 520).
قوله: «والمرأة المترجَّلة المتشبِّهة بالرجال»:
قال المناوي -رحمه الله-:
أي: المتشبِّهة بالرجال في الزي والهيئة، لا في العِلم والرأي. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 478).
قال ابن تيمية -رحمه الله-:
والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب مِن أَخلاقهم حتى يَصير فيها من التَّبرج والبُروز ومشاركة الرجال ما قد يُفضي ببعضهن إلى أَنْ تُظهر بدنها كما يُظهره الرَّجل، وتطلب أن تعلو على الرِّجال كما تعلو الرجال على النساء وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء..مجموع الفتاوى(22/١٥٥)
قوله: «والديوث»:
قال قاسم السرقسطي -رحمه الله-:
قالوا: يا رسول الله، أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث من الرجال؟ قال: «الذي لا يبالي من دخل على أهله». الدلائل في غريب الحديث (1/ 238).
وقال الذهبي -رحمه الله-:
يعني: يستحسن على أهله -نعوذ بالله من ذلك-، قال المصنف -رحمه الله تعالى-: فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل؛ لمحبته فيها، أو لأن لها عليه دينًا وهو عاجز، أو صداقًا ثقيلًا، أو له أطفال صغار فترفعه إلى القاضي، وتطلب فرضهم، فهو دون من يعرض عنه، ولا خير فيمن لا غيرة له. الكبائر (ص137).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وهذا يدلك على أن أصل الدين الغَيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب، فتحمى له الجوارح؛ فتدفع السوء والفواحش. الداء والدواء (1/ 167).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
والديوث -بالثاء المثلثة- هو: الذي يرى في أهله الفاحشة ويُقرهم عليها، بين الطبراني في روايته: «قالوا: يا رسول الله، ما الديوث؟ قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله». شرح سنن أبي داود (10/ 63).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
قال العلماء: الديوث: الذي لا غيرة له على أهل بيته...، والديوث: القَوَّاد على أهله، والذي لا يغار على أهله، والتدثيث: القيادة، وفي المحكم: الديوث: الذي يُدخل الرجال على حُرَمِه بحيث يراهم. الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/ 82).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «والديوث» -بمثلثة-: فَيعُول من ديثت البعير إذا أذللته وليَّنته بالرياضة، فكأن الديوث ذُلِّلَ فوافق. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 478).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «والديوث» هو من ديثت البعير إذا ذلَّلته ولينته بالرياضة؛ فكأن الديوث ذُلِّل حتى رأى المنكر بأهله فهان عليه...،فالغيرة تحمي القلب؛ فتحمى له الجوارح؛ فتدفع السوء والفواحش، وعدمها يميت القلب؛ فتموت الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفعٌ البتة، والغيرة في القلب كالقوة التي تدفع المرض وتقاومه؛ فإذا ذهبت كان الهلاك. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 222).
قوله: «وثلاثة لا يدخلون الجنة»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
أُريد بالثلاثة: مَن استحل. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 222).
وقال الرافعي -رحمه الله-:
إلا أن المؤمن لا يخلد في النار؛ فلا بد من تأويل قوله: «لا يدخل الجنة» بأن يقال: المعنى: أنه لا يدخلها إلى مدة طويلة، وأنه يناله شؤمه حتى يقضي أمره إلى الشقاوة؛ فلا يدخلها أبدًا، ونحو ذلك، وما ينزل عليه قوله: «لا يدخل الجنة» ينزل عليه قوله: «حرمها في الآخرة». شرح مسند الشافعي (3/ 441).
وقال الألوسي -رحمه الله-:
ولا ارتياب أنهم عند أهل السنة ليسوا من زُمرة من لا يدخل الجنة أبدًا، وقيل: المراد: أنه لا يدخل الجنة بعمل أبويه إذا مات صغيرًا، بل يدخلها بمحض فضل الله تعالى ورحمته سبحانه، كأطفال الكفار عند الجمهور. روح المعاني (15/ 31).
وقال النووي -رحمه الله-:
معنى «لا يدخل الجنة» جوابان يجريان في كُلِّ ما أَشبه هذا:
أحدهما: أنه محمول على من يستحل الإيذاء مع علمه بتحريمه، فهذا كافر لا يدخلها أصلًا.
والثاني: معناه جزاؤه أن لا يدخلها وقت دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم، بل يؤخر، ثم قد يُجازى وقد يُعفى عنه فيدخلها أولًا، وإنما تأولنا هذين التأويلين؛ لأنا قدَّمنا أنّ مذهب أَهل الحقِّ أن من مات على التوحيد مُصِرًّا على الكبائر فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه فأدخله الجنة أولًا وإن شاء عاقبه ثم أدخله الجنة، والله أعلم. شرح صحيح مسلم(2/ 17).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قوله: «لا يدخلون الجنة» فيه دليل على أن بعض أهل التوحيد لا يدخلون الجنة، وهم من أقدم على معصية صرح الشارع بأن فاعلها لا يدخل الجنة كهؤلاء الثلاثة، ومن قتل نفسه، ومن قتل معاهدًا وغيرهم من العصاة الفاعلين لمعصية، ورد النص بأنها مانعة من دخول الجنة، فيكون حديث أبي موسى المذكور وما ورد في معناه مخصصًا لعموم الأحاديث القاضية بخروج الموحدين من النار ودخولهم الجنة. نيل الأوطار (7/ 213).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«ثلاثة لا يدخلون الجنة» حتى يطهروا بالنار، أو يعفو الله عنهم. السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (3/ 66).
وقال ابن خزيمة -رحمه الله-: (في الأحاديث التي جاءت في أهل الكبائر أنهم لا يدخلون الجنة، إنما هي على أحد معنيين):
أحدهما: لا يدخل الجنة: أي بعض الجنان؛ إذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أَعلم أنها جنان في جنة، واسم الجنة واقع على كُلِّ جنة منها، فمعنى هذه الأخبار التي ذكرنا: من فعل كذا، لبعض المعاصي، حرم الله عليه الجنة، أو لم يدخل الجنة، معناها: لا يدخل بعض الجنان التي هي أعلى وأشرف وأنبل وأكثر نعيمًا وسرورًا وبهجة وأوسع، لا أنه أراد لا يدخل شيئًا من تلك الجنان التي هي في الجنة، وعبد الله بن عمرو قد بين خبره الذي روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يدخل الجنة عاق، ولا منان ولا مدمن خمر» أنه إنما أراد حَظِيرَةَ الْقُدُسِ من الجنة على ما تأولت أحد المعنيين ...
والمعنى الثاني: ما قد أَعْلَمْتُ أصحابي ما لا أُحصي من مرة: أنَّ كُلِّ وعيد في الكتاب والسنة لأهل التوحيد؛ فإنما هو على شريطة؛ أي: إلَّا أن يشاء الله أنْ يغفر ويصفح ويتكرم ويتفضل، فلا يُعذَّب على ارتكاب تلك الخطيئة؛ إذ الله -عز وجل- قد أخبر في مُحكم كتابه أنه قد يشاء أن يغفر ما دون الشرك من الذنوب في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} النساء: 48 . التوحيد (2/ 868-869).
قوله: «والمدمن على الخمر»:
قال الفيومي -رحمه الله-:
ومدمن الخمر: ملازمها الذي لا ينفكُّ عن شربها، وذلك يخشى عليه من سوء الخاتمة؛ فلا يدخل الجنة بسبب ذلك، أو أنه لا يدخلها مع أول داخل حتى يطَّهَّر بعفو الله تعالى عنه. فتح القريب المجيب (10/ 201).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «ومدمن الخمر» أي: المداوم على شربها. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 478).
قوله: «والمنان بما أعطى»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «المنان بما أعطى» من الصدقة على من أعطاه؛ لقوله تعالى: {الَّذِيْنَ يُنْفِقُوْنَ أَمْوَالَهُمْ فِيْ سَبِيْلِ اللَّهِ ثُمَّ لَاْ يُتْبِعُوْنَ مَاْ أَنْفَقُوْا} مِن الصدقات {مَنًّا} على من أعطوه بذكر الإعطاء له وتعدّد نعمه عليه، {وَلَا أَذىً} البقرة: 262. إرشاد الساري (3/ 32).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
قوله: «المنان»، وهو مَن يُعَدِّد نعمه على مَن أنعم عليه، فالمنّ بهذا المعنى: صفة ذمٍّ في حق العبد؛ لأنه لا يكون غالبًا إلا عن البخل والكبر والعجب، ونسيان مِنَّة الله تعالى بما أنعم به عليه، أما المنّ في حق الله تعالى فصفة مدح، ومن أسمائه تعالى: المنان، أي: المنعم المعطي. منحة الباري بشرح صحيح البخاري (3/ 516).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «المنان بما أعطى» أي: الذي إذا أعطى منَّ واعتدَّ به على المعطَى بالفتح، وقيل: الذي إذا كال أو وزن نقص من الحق، ومنه قوله تعالى: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُوْنٍ} فصلت: 7، أي: غير منقوص. حاشية السندي على سنن النسائي (8/ 208).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
يجب على الزوج أن يمنع زوجتَه مما تقع فيه من التشبه بالرجال في مشيةٍ، أو لبسة أو غيرهما؛ خوفًا عليها من اللعنة، بل وعليه أيضًا، فإنه إذا أقرها أصابه ما أصابها، وامتثالًا لقوله تعالى: {قُوْا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَارًا} التحريم: 6، أي: بتعليمهم وتأديبهم وأمرهم بطاعة ربهم ونهيهم عن معصيته، ولقول نبيه -صلى الله عليه وسلم-: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل في أهله راعٍ وهو مسئول عنهم يوم القيامة». الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 257).
وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا).