الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«بين يديِ الساعة أيام الهَرْجِ، يزُولُ فيها العلمُ، ويظهرُ فيها الجهلُ، قال أبو موسى: والهَرْجُ: القتلُ بلسانِ الحَبَشَةِ».


رواه البخاري برقم: (7066)واللفظ له، ومسلم برقم: (2672)، من حديث ابن مسعود، وأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الساعة»:
معنى الساعة في كل القرآن: الوقت الذي تقوم فيه القيامَةُ. معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (4/ 421).

«الهَرْجِ»:
أي: قتال واختلاط، وقد هَرَجَ الناس يَهْرِجُون هَرْجًا: إذا اختلطوا..، وأصل الهرج: الكثرة في الشيء والاتساع. النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير(5/ 257).
وقال الأزهري -رحمه الله-:
الهرج: أي: قتال شديد. تهذيب اللغة (6/ 32).
وقال ابن دريد -رحمه الله-:
الهرج: الفتنة في آخر الزمان -والله أعلم-. جمهرة اللغة (1/ 469).


شرح الحديث


قوله: «قال: بين يدي الساعة أيام الهَرْج»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«بين يدي الساعة» أي: قدامها من أشراطها. مرقاة المفاتيح (8/ 3395).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«بين يدي الساعة» أي: قبل قيام القيامة. شرح المصابيح (5/ 520).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«بينَ يَدي السَّاعة» أي: قُدَّامها، فأصله: وضعتُ الشيءَ بين يدي فلان: أن يُستعمل في المكان الذي يُقابل صدره، ويكونُ بين يديه، ثم نُقِلَ إلى الزمان، فقيل: ما بين أيدينا وما خلفنا، والمراد به: الزمان الماضي والمستقبل، على اختلاف بين أرباب المعاني، وكل ما كان قبلَ قيامِ السَّاعةِ يكونُ بين يديه. المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 405).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«قال: بين يدي ‌الساعة ‌أيام ‌الهرج» بإضافة أيام لتاليها. إرشاد الساري (10/ 174).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«بين يدي ‌الساعة ‌أيام ‌الهرج» بسكون الراء: القتل في الفتنة التي يسفك فيها الدماء، وأصل الهرج: الكثرة والاتساع. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 569).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
الهرج: بسكون الراء، وهو الفتنة والاختلاط، وأصله: الكثرة في الشيء، فإرادة القتل من لفظ ‌الهرج إنما هو على طريق التجوُّز؛ إذ هو لازم معنى ‌الهرج، اللهم إلا أن يثبت، ورود ‌الهرج بمعنى: القتل لغةً ومعنى. الكواكب الدراري (2/ 66).

قوله: «يزول فيها العلم، ويظهر فيها الجهل»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
«يزول العلم» بزوال أهله، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: «يزول فيها» أي: في أيام الهرج «العلم، ويظهر فيها الجهل» لذهاب العلماء والاشتغال بالفتن عن العلم. إرشاد الساري (10/ 174).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
معناه: أن العلم يرتفع بموت العلماء، فكلما مات عالم ينقص العلم بالنسبة إلى فقد حامله، وينشأ عن ذلك الجهل بما كان ذلك العالم ينفرد به عن بقية العلماء. فتح الباري (13/18).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
أي: يكثر فيها الجهل بالحكم الشرعي. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (24/ 283).

قوله: «قال أبو موسى: والهَرْج: القتل بلسان الحبشة»:
قال الكرماني -رحمه الله-:
«والهرج بلسان الحبش القتل» هو إدراج من أبي موسى. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (24/ 152).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وفي بعض الروايات: «الهرج: القتل بلغة الحبشة»، وهمٌ من قول بعض الرواة، وإلا فهي عربية صحيحة. مشارق الأنوار (2/ 267).
وقال ابن حجر -رحمه الله- معقبًا:
والهرج بلسان الحبشة: القتل، ونُسب التفسير في رواية واصل لأبي موسى، وأصل الهرج في اللغة العربية: الاختلاط، يقال: هرج الناس: اختلطوا واختلفوا، وهرج القوم في الحديث: إذا كثروا وخلطوا، وأخطأ مَن قال (وهو عياض): نسبة تفسير الهرج بالقتل للسان الحبشة وهمٌ من بعض الرواة، وإلا فهي عربية صحيحة، ووجه الخطأ: أنها لا تستعمل في اللغة العربية بمعنى القتل إلا على طريق المجاز؛ لكون الاختلاط مع الاختلاف يفضي كثيرًا إلى القتل، وكثيرًا ما يسمى الشيء باسم ما يؤول إليه، واستعمالها في القتل بطريق الحقيقة هو بلسان الحبش، وكيف يدعى على مثل أبي موسى الأشعري الوهم في تفسير لفظة لغوية؟ بل الصواب معه، واستعمال العرب الهرج بمعنى القتل لا يمنع كونها لغة الحبشة، وإن ورد استعمالها في الاختلاط والاختلاف؛ كحديث معقل بن يسار رفعه: «العبادة في الهرج كهجرة إليَّ» أخرجه مسلم، وذكر صاحب المحكم للهرج معاني أخرى، ومجموعها تسعة: شدة القتل، وكثرة القتل، والاختلاط، والفتنة في آخر الزمان، وكثرة النكاح، وكثرة الكذب، وكثرة النوم، وما يُرى في النوم غير منضبط، وعدم الإتقان للشيء، وقال الجوهري: أصل الهرج الكثرة في الشيء، يعني: حتى لا يتميز. فتح الباري (13/ 18- 19).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
قد عرفت أن تفسير الهَرج ذكره مرة ما ظاهره الرفع، ومرة من كلام أبي موسى وأنه بلغة الحَبَش، وكذا ساقه الحربي في غريبه من كلام أبي موسى؛ قال: الحبش يدعون القتل: الهرج، وهو بتسكين الراء، وأصله: الفتنة والاختلاط، قال ابن قيس الرقيات:
ليت شعري أأول الهرج هذا *** أم زمان من فتنة غير هرجِ؟
يعني: أول الهرج المذكور في الحديث هذا أم زمان فتنة سوى ذلك ...، وقوله: «والهرج بلسان الحبش القتل» هذا ليس من لفظ الحبش، ولا من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (32/ 299).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
من فوائد الإخبار بوقوع الفتن:
- الوقوع لا محالة.
- وجوب الحذر وتجنب ما يقع.
- النصيحة والأمر والنهي. الحلل الإبريزية (4/ 387).


ابلاغ عن خطا