«أُحِلَّ الذهبُ والحريرُ لإِناثِ أمتي، وحُرِّمَ على ذكورِهَا».
رواه أحمد برقم: (19503) والترمذي برقم: (1720) والنسائي برقم: (5148)، من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (209)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1865).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«أُحِل»:
الحِلُّ بالكسر الحَلال: ضد الحَرام. النهاية، لابن الأثير (1/ 429).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
أَحَلَّ الله البيع أي: أباحه. المصباح المنير (ص: 79).
وقال محمد عميم -رحمه الله-:
الحَلال: في الشرع ما أباحه الكتاب والسنة أي: ما أباحه الله...، والحلال: كل شيء لا يُعاقب عليه باستعماله. التعريفات الفقهية (ص: 81).
«الحرير»:
خيوط دقيقة متينة ناعمة الملمس يفرزها دود القَزِّ... ويطلق الحرير على الثياب المنسوجة من هذه الخيوط. معجم المصطلحات، محمود عبد الرحمن (1/ 565).
«وحرِّم»:
حُرِّم: الحاء والراء والميم أصل واحد، وهو المنع والتشديد، فالحرام: ضد الحلال. مقاييس اللغة، لابن فارس (2/ 45).
وقال الراغب الأصفهاني -رحمه الله-:
والحرام: الممنوع منه إما بتسخير إلهي وإما بشري، وإما بمنع قهري، وإما بمنع من جهة العقل أو من جهة الشرع، أو من جهة من يرتسم أمره. المفردات في غريب القرآن (ص: 229).
وقال هيثم هلال -رحمه الله-:
والحرام: يقال له: ممنوع، مزجور، ذنب، معصية، قبيح، سيّئة، فاحشة، إثم، حرج، حراج، تحريج، عقوبة، وهو نقيض الواجب. وهو اصطلاحًا: ما دل الدليل السمعي على خطاب الشارع بطلب ترك الفعل طلبًا جازمًا، فهو ما ذُمّ فاعله شرعًا، ويقال له أيضًا: محظور. معجم مصطلح الأصول (ص: 125).
شرح الحديث
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير لإِناث أمتي»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«أُحل» بالبناء لما لم يسم فاعله، بضبط المؤلف، والفاعل هو الله «الذهب والحرير» أي: الخالص، أو الزائد وزنًا، «لإناث أمتي» لبسًا وتحليةً، وغير ذلك من وجوه الاستعمال. فيض القدير (1/ 199).
وقال المُظْهِري -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير لإِناث أمتي» أراد بتحليل الذهب والفضة على النساء الحلي دون الأواني، فإن الأواني من الذهب والفضة حرام على الإناث كالذكور. المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 17).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير» الذهب هو هذا المعدن المعروف الأصفر ويقابله الفضة، وليس من الذهب ما اشتهر في الزمن الأخير فيما يسمى بالذهب الأبيض وهو: الماس والبلاتين هذه تسمية اصطلاحية، لكن الذهب المقصود هنا هو الذهب الأصلي الذي هو الذهب الأحمر المعدن المعروف. فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 484).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ» مغير الصيغة للعلم بالفاعل، فإن الله هو الذي يحلِّل ويحرِّم، قوله: «الذهب والحرير» أي: لبسهما، وهذا الحديث خصَّص حديث علي -رضي الله عنه- عند الشيخين: «مَن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» بالرجال؛ لقوله: «لإِناث أمتي»، إلا أنه قد عارض هذا حديث أسماء بنت يزيد عند أبي داود بلفظ: «أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قُلِّدت في عنقها مثلها من النار»، والأحاديث في التحليل والتحريم قد تعارضت بلا مرية، وقد اختلف الناس في العمل بها، فمنهم مَن ذهب إلى أن أحاديث التحريم منسوخة، وادَّعى الدميري الإجماع على حِل لبس الذهب للنساء، وذهب آخرون: إلى خلاف ذلك، وأوَّلوا أدلة التحليل، وذهب آخرون: على أن أدلة التحريم يراد بها الكراهة والتنزه عن زينة الدنيا. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 435).
وقال الدميري -رحمه الله-:
انعقد الإجماع على ذلك (أي: حل لبس الذهب للمرأة) بعد عبد الله بن الزبير، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أمتي، وحُرِّمَ على ذكورها» رواه أحمد، وقال الترمذي: حسن صحيح؛ ولأن تزيين المرأة بذلك يدعو إلى الميل إليها وإلى وطئها، فيؤدِّي إلى ما طلبه الشارع من كثرة النسل. النجم الوهاج في شرح المنهاج (2/ 525).
وقال النووي -رحمه الله-:
وأما النساء فيباح لهن لبس الحرير وجميع أنواعه وخواتيم الذهب وسائر الحلي منه ومن الفضة، سواء المزوَّجة وغيرها والشابة والعجوز والغنية والفقيرة، هذا الذي ذكرناه من تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء، هو مذهبنا ومذهب الجماهير، وحكى القاضي عن قوم: إباحته للرجال والنساء، وعن ابن الزبير -رضي الله عنه- تحريمه عليهما، ثم انعقد الإجماع على إباحته للنساء وتحريمه على الرجال. شرح مسلم (14/ 32-33).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
قال أصحابنا: يجوز للنساء لبس أنواع الحلي كلها من الذهب والفضة والخاتم والحلقة والسوار والخلخال والطوق والعقد والتعاويذ (التي تكتب وتعلق على الإنسان من العين) والقلائد وغيرها، وفي جواز لبسهن نعال الذهب والفضة وجهان حكاهما الرافعي وغيره، أصحهما: الجواز كسائر الملبوسات، والثاني: التحريم للإسراف.
وأما التاج: فقال الرافعي: قال أصحابنا: إن جرت عادة النساء بلبسه جاز وإلا حرم؛ لأنه شعار عظماء الروم...، والمختار بل الصواب الجواز من غير ترديد؛ لعموم الحديث، ولدخوله في اسم الحلي.
وفي الدراهم والدنانير التي تُثقب وتُجعل في القلادة وجهان: حكاهما الرافعي، وقال: أصحهما التحريم عليهن، وليس كما قال؛ بل أصحهما الجواز؛ لدخولهما في اسم الحلي.
قال: وفي لبس الثياب المنسوجة بالذهب والفضة وجهان، أصحهما: الجواز، قلتُ: الصواب القطع بالجواز.
قال: وذكر ابن عبدان أنه ليس لهن اتخاذ زِر القميص والجُبة والفرجية منهما، قال الرافعي: ولعله تفريع على الوجه الضعيف في لبس المنسوج بهما، قلتُ: الصواب الجزم بالجواز وما سواه باطل.
قال: ثم كل حلي أبيح للنساء فلذلك إذا لم يكن فيه سرف ظاهر، فإن كان كخلخال وزنه مائتا دينار فوجهان: الصحيح الذي قَطع به معظم العراقيين التحريم...، ووجه التحريم: أنه ليس بزينة وإنما هو قيد، وإنما تباح الزينة، ووجه الجواز: أنه من جنس المباح فأشبه اتخاذ عدد من الخلاخيل...
قال الرافعي: ولو اتخذ الرجل خواتيم كثيرة والمرأة خلاخيل كثيرة لتلبس الواحدة منها بعد الواحدة جاز على المذهب، وبه قطع البغوي، وقيل: فيه الوجهان في الثقيل وليس بشيء. المجموع شرح المهذب (4/ 443).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير» هل يشمل الذهب الذي صنع على صورة حيوان؟
ظاهر الحديث أنه يشمله، وأن الذهب لو كان على شكل حيوان كثعبان وفراشة وسمكة فإنه جائز، ولكننا نقول كما قلنا في القاعدة السابقة: الشريعة من مشرِّع واحد، فيحمل مُطْلَق كلامه على مقيَّده، وعمومه على مخصَّصه، وعلى هذا فنقول: قد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الصور ولا سيما المجسمات، وعلى هذا فلا يجوز أن تتخذ المرأة سوارًا على شكل ثعبان، أو أن تتخذ قلادة على شكل فراشة أو سمكة أو ما أشبه ذلك.
ظاهر الحديث: أنه لا فرق بين أن يكون الذهب محلَّقًا أو مرصَّعًا، ما وجهه؟ العموم «أُحِلَّ الذهب» وهو عام يشمل المرصَّع والمحلَّق، وعلى هذا فنقول: إن الحديث يدل على إباحة الذهب مطلقًا ولو كان محلَّقًا، ولكن بعض أهل العلم ذهب إلى تحريم المحلَّق، مستدلين بأحاديث. فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 486).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير لإِناث أمتي»...، الأصح عند الرافعي تحريم افتراشها إياه؛ لأنه ليس في الفرش ما في اللبس من التزيّن للزوج المطلوب، وصحّح النووي حلّه، قال: وبه قطع العراقيون وغيرهم؛ لإطلاق الحديث السابق، وبه قال أبو حنيفة وكرهه صاحباه. إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (1/ 402).
وقال النووي -رحمه الله-:
يجوز للنساء لبس الحرير... وهل يجوز لهن الجلوس على الحرير؟ فيه طريقان: أحدهما: يجوز وجهًا واحدًا... والثاني: فيه وجهان: حكاهما الخراسانيون، أحدهما: هذا (أي: الجواز)، وأصحهما: عندهم التحريم... والأصح المختار الجواز. المجموع شرح المهذب (4/ 442).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
لما ثبت أنَّ الحرير حرام على ذكور الأُمَّة، حِلٌّ لإناثها، جاز للمرأة أنْ يكون بيتها وملبسها ذهبًا وحريرًا، وجاز للزوج دخوله، والجلوس عليه معها؛ لأنه تبع لها، كما ينضجع عليها وهي كلها مغشاة بالذهب والحرير، وليس يلزم أن يسوقها إلى بيته المكسو بالصوف والكتان. عارضة الأحوذي (7/ 165).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير لإِناث أمتي» قيل: وجه الحكمة أن النساء قليلات الصبر عن التزين، فلطف بهن في إباحته؛ ولأن تزينهن للأزواج غالبًا، وقد ورد «أن حُسن التَّبَعُّل من الإيمان». التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 194).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «أُحِلَّ الذهب والحرير لإِناث أمتي» إناث جمع أنثى، وهو شامل للصغيرة والكبيرة؛ لأنها أنثى، والأنثى تحتاج إلى الزينة وإلى اللباس الجميل؛ لما في زينتها وجمالها من جلب مودة زوجها لها، وجلب مودة الزوج لزوجته هذا من الأمور المشروعة؛ فلهذا كان من حكمة الشارع أن أباح للنساء الذهب والحرير؛ ولهذا قال الله تعالى في سورة الزخرف: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} الزخرف: 18، مَن يعني بذلك؟ النساء؛ لأن المرأة تُنَشَّأ -يعني: تربَّى من أول نشأتها- في الحلية، وهي إذا بلغت تكون في الخصام غير مُبِيْنَة، لا تستطيع أن تفصح وأن تغلب غيرها، وهذا باعتبار الجنس، وإلا فقد يكون من النساء مَن تكون في الخصام مبينة، لكن العبرة بالأعم، فالمرأة ناقصة ولذلك جَبَرَ الله تعالى نقصها بإباحة التحلي لها، وإباحة التحلي للمرأة بالذهب وإباحة لبس الحرير لها، هل هو من مصلحتها الخاصة فقط، أو من مصلحتها ومصلحة الرجل؟
الثاني؛ فإن الرجل لا شك أنه يتمتع بزوجته بالنظر إليها إذا كانت على هذا الوصف. فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 484).
قوله: «وحُرّم على ذكورها»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قوله: «وحُرّم» أي: ما ذكر أو كل منهما «على ذكورها» أي: ذكور أُمَّتي، والذكور بعمومه يشمل الصبيان أيضًا، لكنهم حيث لم يكونوا من أهل التكليف حُرِّم على من ألبسهم، والمراد من الذهب حُلِيّهُ. مرقاة المفاتيح (7/ 2779).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«وحُرِّم» بالبناء للمفعول أيضًا «على ذكورها» المكلفين غير المعذورين أن يستعملوهما؛ لأن في ذلك خنوثة لا تليق بشهامة الرجال، وألحق بالرجال الخناثى. والمراد من الذهب هنا لبسه، أما استعماله في أكل أو شرب فلا فرق في تحريمه بين الذكر والأنثى، والفضة كالذهب. فيض القدير (1/ 199).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
تكلَّم بعض الناس في الحكمة التي نهي عن لبس الحرير لأجلها، فقال قومٌ: نهي عنه لئلا يتشبه بالنساء، وقال آخرون: نهي عنه لما فيه من السرف، وقيل: لما يحدث من الخيلاء، والذي يصح من ذلك ما فيه من السرف. عارضة الأحوذي (7/ 162).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «وحُرّم على ذكورها» ولم يقل: على رجالها؛ لأن الذكر يقابل الأنثى، والرجل يقابل المرأة، والحُكم يتعلق بمجرد الذكورة لا بالبلوغ؛ ولهذا قال: «حرِّم على ذكورها» سواء كانوا بالغين أم غير بالغين. فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 485).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
قوله: «وحُرّم على ذكورها»...، تحريمه على الرجال وألحق بهم الخناثى، والمراد من الذهب هنا لبسه، أما استعماله في الأكل والشرب، فلا فرق في تحريمه بين الرجال والخناثى والإناث. فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام (ص: 295).
وقال النووي -رحمه الله-:
أجمع العلماء على تحريم استعمال حلي الذهب على الرجال...، واتفق أصحابنا على تحريم قليله وكثيره. المجموع شرح المهذب (4/ 441).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
وأما خاتم الذهب فهو حرام على الرجل بالإجماع، وكذا لو كان بعضه ذهبًا وبعضه فضة، حتى قال أصحابنا: لو كانت سن الخاتم ذهبًا أو كان مموهًا بذهب يسير فهو حرام. شرح مسلم (14/ 32).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
يجوز لمن ذهب أنفه أو سِنُّه أو أنملته أن يتخذ مكانها ذهبًا، سواء أمكنه فضة وغيرها أم لا، وهذا متفق عليه، ويجوز له شد السن والأنملة ونحوهما بخيط ذهب؛ لأنه أقل من الأنف المنصوص عليه، وهل لمن ذهبت إصبعه أو كفه أو قدمه أن يتخذها من ذهب أو فضة؟ فيه طريقان، أصحهما: لا يجوز. المجموع شرح المهذب (4/ 441-442).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «وحُرّم على ذكورها» وأما لبس الحرير والْإِسْتَبْرَق والدِّيبَاج والقَسِّيِّ -وهو نوع من الحرير- فكله حرام على الرجال، سواء لبسه للخيلاء أو غيرها. شرح مسلم (14/ 32-33).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
فيحرم على الرجل استعمال الدِّيبَاج والحرير في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه والتغطي به واتخاذه سترًا وسائر وجوه استعماله، ولا خلاف في شيء من هذا، إلا وجهًا منكَرًا حكاه الرافعي: أنَّه يجوز للرجال الجلوس عليه، وهذا الوجه باطل وغلط صريح منابِذ لهذا الحديث الصحيح، هذا مذهبنا، فأما اللبس فمُجمع عليه، وأما ما سواه فجوَّزه أبو حنيفة ووافقنا على تحريمه مالك وأحمد ومحمد وداود وغيرهم. المجموع شرح المهذب (4/ 435).
وقال ابن العربي -رحمه الله-:
وأما مَن جوَّز افتراشه -وهو أبو حنيفة وابن الماجشون- فقيل: إن الفرش ليس بلباس، وهذا خلاف العربية والحديث، ففي الصحيح عن أنس أنه قال: فقمتُ إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لُبِس، وفي البخاري النهي عن أن يجلس عليه، وهذا نص قاطع. عارضة الأحوذي (7/ 164).
وقال النووي -رحمه الله-:
فأما الصبي فهل يجوز للولي إلباسه الحرير؟ فيه ثلاثة أوجه في البيان وغيره: أحدها: يحرم على الولي إلباسه وتمكينه...، والثاني: يجوز له إلباسه الحرير ما لم يبلغ؛ لأنه ليس مكلفًا ولا هو في معنى الرجل...، والثالث: إن بلغ سبع سنين حرم وإلا فلا؛ لأن ابن سبع له حكم البالغين...، واختلفوا في الراجح من الأوجه، فالصحيح جوازه مطلقًا. المجموع شرح المهذب (4/ 435- 436).
وقال النووي -رحمه الله- أيضًا:
إنَّ عمر -رضي الله عنه- خطب بالجابية، فقال: «نهى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة»... وفي هذه الرواية: إباحة العَلَم من الحرير في الثوب إذا لم يزد على أربع أصابع، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وعن مالك رواية بمنعه، وعن بعض أصحابه رواية بإباحة العَلَم بلا تقدير بأربع أصابع بل قال: يجوز وإن عظُم، وهذان القولان مردودان. شرح مسلم (14/ 48-49).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: «وحُرّم على ذكورها»...، فلو صلّى فيه (أي: الحرير) الرجل أجزأته صلاته لكنه ارتكب حرامًا، وقال الحنفية: تُكره وتصح، وقال المالكية: يعيد في الوقت إِنْ وجد ثوبًا غيره. إرشاد الساري (1/ 402).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «على إناث أمتي» ما المراد بالأُمَّة هنا، أمة الدعوة أم أمة الإجابة؟
هذا ينبني على خلاف أهل العلم في الكفار، هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أو ليسوا مخاطبين؟ وقد درستم في أصول الفقه أنهم مخاطبون بفروع الإسلام، وعلى هذا فيكون المراد: أمة الدعوة، فالرجل إذا كان كافرًا ولبس الحرير والذهب، فإنه سيعاقب على هذا بالإضافة إلى معاقبته على الكفر. فتح ذي الجلال والإكرام (2/ 485).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «وحُرّم على ذكورها» ويؤخذ منه أن الرجل لا يحسن أن يبالغ في استعمال اللذات؛ لكونه من صفات الإناث. التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 194).
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
«وحرم على ذكورها»؛ لأن الرجال الأصل فيهم الخشونة وعدم التنعم. شرح المحرر في الحديث (49/ 20).
وقال المغربي -رحمه الله-:
والحديث فيه: دلالة على تحريم ذلك على الذكور، والحل للإناث.
وفيه: رد على ما ذهب إليه ابن الزبير من التحريم (للإناث والذكور) مطلقًا. البدر التمام شرح بلوغ المرام (4/ 113-114).