الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى الهلالَ، قال: «اللهُمَّ أَهِلَّهُ علينا باليُمْنِ والإيمانِ، والسَّلامةِ والإسلامِ، ربِّي ورَبُّكَ اللهُ».


رواه أحمد برقم: (1397)، واللفظ له. والترمذي برقم: (3451)، والحاكم برقم: (7767)، من حديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (4726)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1816).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«أَهِلَّهُ»:
بتشديد اللام، أمر من الإهلال...، أي: أَطْلِعْهُ. مرقاة المفاتيح، للقاري (4/ 1686).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
«أهِلَّه» رُوي بالفك (أهْلِلْهُ، وهي رواية الترمذي) والإدغام. الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1897).

«باليُمن»:
أي: البركة. التيسير، للمناوي (2/ 250).


شرح الحديث


قوله: «كان إذا رأى الهلال »:
قال التوربشتي -رحمه الله-:
«الهلال» يكون أول ليلة والثانية والثالثة، ثم هو قمر، وإنما قيل له: هلال؛ لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه، من الإهلال. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 568).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«كان ‌إذا ‌رأى ‌الهلال» وهو يكون من الليلة الأولى والثانية والثالثة، ثم هو قمر. مرقاة المفاتيح (4/ 1686).
وقال البيضاوي -رحمه الله-:
الإهلال في الأصل: رفع الصوت، نُقل منه إلى رؤية الهلال؛ لأن الناس يرفعون أصواتهم إذا رأوه بالإخبار عنه؛ ولذلك سمي الهلال هلالًا، ثم نُقل منه إلى طلوعه؛ لأنه سبب لرؤيته، ومنه إلى اطلاعه. تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/ 98، 99).

قوله: «قال: اللهم أهلَّه علينا باليُمن والإيمان»:
قال التوربشتي -رحمه الله-:
أي: أَطْلِعْهُ علينا، وأرنا إياه، من قولهم: أهل، أي: رؤى، والمعنى: اجعل رؤيتنا له مقترنًا بالأمن والإيمان، ويحتمل أن يكون الإهلال الذي ورد بمعنى الدخول قد ورد متعدّيًا، فيكون المعنى: أدخله علينا. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 568).
وقال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «أهلَّه» أي: أطلعه وأخرجه من مطلعه. المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 225).
وقال الحكيم الترمذي -رحمه الله-:
«الْيُمن» ‌السعادة «والإيمان» الطمأنينة بالله تعالى، كأنه سأله دوامها. نوادر الأصول في أحاديث الرسول (2/ 342).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«باليُمن» أي: البركة «والإيمان» أي: بدوامه. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 250).
وقال المظهري -رحمه الله-:
وأراد بالإيمان ها هنا: ثبات الإيمان ودوامه. المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 225).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«قال» أي: مستقبلًا للقبلة، كما هو شأنه حال الدعاء؛ ولأنها أشرف الجهات. دليل الفالحين (7/ 38).
وقال ابن علان -رحمه الله- أيضًا:
«والإِيمان» أي: بدوامه وثباته، ودفع ما يزيغ عنه. دليل الفالحين (7/ 38).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
ويجوز أن يُراد به الزمان نفسه، والمراد أدخله علينا مصاحبًا بالأمن واليُمن من سرور الدارين، والإيمان بكل ما أمرت بالإيمان به. التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 398).

قوله: «والسلامة والإسلام»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«والسلامة والإسلام» أي: ظاهرًا، ونبَّه بذكر الأمن والسلامة على طلب دفع كل مضرة، وبالإيمان والإسلام على جلب كل منفعة على أبلغ وجه وأوجز عبارة. مرقاة المفاتيح (4/ 1686).
وقال المناوي -رحمه الله-:
أن يدوم له الإسلام ويسلم له. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 250).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«والسلامة» عطف عام على خاص؛ لشموله للأمراض والأعراض البدنية، وفقد الأحباء، «والإسلام» وفيه جناس الاشتقاق أولًا وثانيًا. دليل الفالحين (7/ 38).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
«والسلامة» أي: عن كل مضرة وسوء، «والإسلام» أي: دوامه. مرعاة المفاتيح (8/ 180).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
فالمعنى: اجعل رؤيته لنا مقرونًا «بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام» أي: الأمن من آفات النفس، ومخافات الدهر، وسلامة القلب والأحوال، والاستسلام لأحكام اللَّه، وهو أصول النعم وأعظامها، بل شاملة لجميعها. لمعات التنقيح (5/ 221).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
لما قدم في الدعاء قوله: «الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام» طلب في كل من الفرقتين دفع ما يؤذيه من المضار، وجلب ما يرفقه من المنافع، وعبَّر بـ«الإيمان والإسلام» عنها دلالة على أنَّ نعمة الإيمان والإسلام شاملة للنعم كلها، ومحتوية على المنافع بأسرها، فدل ذلك على عظم شأن الهلال؛ حيث جعله وسيلة لهذا المطلوب، فالتفت إليه قائلًا: «ربي وربك الله»؛ مقتديًا بأبيه إبراهيم حيث قال {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} الأنعام: 76، بعد قوله: {هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} الأنعام: 78، واللطف فيه أنه -صلى الله عليه وسلم- جمع بين طلب دفع المضار، وجلب المنافع في ألفاظ يجمعها معنى الاشتقاق. الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1898).

قوله: «ربي وربك الله»:
قال التوربشتي -رحمه الله-:
وفي قوله: «ربي وربك الله» تنزيه للخالق أن يشاركه في تدبير ما خلق شيء.
وفيه رد للأقاويل الداحضة في الآثار العلوية بأوجز ما يمكن.
وفيه تنبيه لذوي الأفهام المستقيمة على أن الدعاء مستحب، لا سيما عند ظهور الآيات، وتقلب أحوال النيرات، وعلى أن التوجه فيه إلى الرب لا إلى المربوب، والالتفات في ذلك إلى صنع الصانع لا إلى المصنوع. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 569).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
خطاب للهلال على طريق الالتفات، وفيه تنزيه للخالق عن مشارِك في تدبير خلقه، وردٌّ على من عبَد غير الله من الشمس والقمر، وتنبيه على أن الدعاء مستحب عند ظهور الآيات وتقلب الحالات. مرقاة المفاتيح (4/ 1686).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«ربي وربك الله» لأن من الناس من يعبد القمرين. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 250).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
ثم خاطب القمر بقوله: «ربي وربك الله» أي: كلانا مربوبان له نافذ فينا أمره؛ لدفع توهم أن الهلال بذاته له إحداث نفع أو ضر، بل هو تحت جري الأقدار، كغيره من المكونات. دليل الفالحين (7/ 38).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قاله لأن من أهل الجاهلية من كان يعبد القمرين، فرد قولهم، وأخبر أنه مثله مربوب لا يضر ولا ينفع. التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 398).
وقال محمد طاهر الفتني -رحمه الله-:
ولما توسل به (بالله) لطلب الأمن والإيمان؛ دل على عظم شأن الهلال، فقال ملتفتًا إليه: «ربي وربك الله»؛ تنزيهًا للخالق أن يشارك في تدبير ما خلق، وردًا لأقاويل داحضة في الآثار العلوية. مجمع بحار الأنوار (5/ 166).
وقال الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر -حفظه الله-:
فيه: إثبات أنَّ الناس والقمر وجميع المخلوقات كلّها مربوبةٌ لله، مسخَّرة بأمرهِ خاضعة لحكمه، وفي هذا ردٌّ على من عبَدها من دون الله. فقه الأدعية والأذكار (3/ 255، 256).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
في هذا الحديث: مشروعية الدعاء عند رؤية الهلال، وقد ورد في ذلك أدعية مشهورة. تطريز رياض الصالحين (ص: 691).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ظاهر الحديث أَنه لا يُدعى بهذا الدعاء إلا ‌حين ‌رؤية ‌الهلال، أمّا مَن سمع به ولم يَرهُ فإنه لا يُشرع له أنْ يقول ذلك. مجموع الفتاوى(19/٣٨)


ابلاغ عن خطا