الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«إذا أَصْبَحَ أحدُكُم فَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ بكَ أَصْبَحْنَا، وبكَ أَمْسَيْنَا، وبكَ نَحْيَا، وبكَ نَمُوتُ، وإليكَ المصيرُ، وإذا أَمْسَى فَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ بك أَمْسَيْنَا، وبكَ أَصْبَحْنَا، وبكَ نَحْيَا، وبكَ نَمُوتُ، وإليكَ النُّشُورُ».


رواه أحمد برقم: (8649)، وأبو داود برقم: (5068)، والترمذي برقم: (3391) واللفظ له، والنسائي في الكبرى برقم: (10323)، والبخاريّ في الأَدبِ المفرد برقم: (1199)، كلهم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (353)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (262).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«النشور»:
أي: البعث بعد الموت. مرقاة المفاتيح (4/ 1658).
يقال: نشر الميت ينشر نشورًا، إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله، أي: أحياه. النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 54)
قال القرطبي -رحمه الله-: قال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا ** يا عجبًا للميت الناشر
فكأن الموت طيٌّ للعظام والأعضاء، وكأن الإحياء وجمع الأعضاء بعضها إلى بعض نَشْر. الجامع لأحكام القرآن (3/ 295).

«المصير»:
أي: المرجع والمآب إليك، لا إلى غيرك. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 576).


شرح الحديث


قوله: «إذا أصبح أحدكم»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
أي: دخل في الصباح. مرقاة المفاتيح (4/ 1658).
وقال المناوي -رحمه الله-:
أي: قاربتم الدخول في الصباح. والصباح أول النهار، وهو من طلوع الفجر وقبل الشمس، والمساء من الغروب وقبل الزوال. لكن في ذيل فصيح ثعلب للبغدادي: الصباح من نصف الليل الأخير إلى الزوال، والمساء منه إلى آخر نصف الليل الأول. فيض القدير (1/ 287).

قوله: «فليقل: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير»:
قال الطيبي -رحمه الله-:
«‌بك ‌أصبحنا» الباء متعلق بمحذوف، وهو خبر «أصبح»، ولا بد من تقدير مضاف، أي: أصبحنا متلبسين بنعمتك، أو بحياطتك وكلاءتك، أو بذكر اسمك، وهو قوله: «بك نحيا، وبك نموت» حكاية عن الحال الآتية، يعني: يستمر حالنا على هذا في جميع الأوقات وسائر الأحوال، ومثله حديث حذيفة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: «اللهم باسمك أموت وأحيا» أي: لا أنفك عنه، ولا أهجر «باسمك أحيا وأموت» معناه: أنت تحييني، وأنت تميتني، فالاسم هنا المسمى. الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1877).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
لفظ الترمذي: عن أبي هريرة: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يعلِّم أصحابه يقول: «إذا أصبح أحدكم فليقل: ...». وقال: حسن صحيح. وإسناده على شرط مسلم، رواه جماعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
ولفظ النسائي فيه: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور» فقط.
ورواه أبو حاتم ابن حبان في (صحيحه) وقال: إن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور». وإذا أمسى قال: «اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير».
فرواية أبي داود فيها: «النشور» في المساء والصباح.
ورواية الترمذي فيها: «النشور» في المساء، و«المصير» في الصباح، رواية ابن حبان فيها «النشور» في الصباح، و«المصير» في المساء، وهي أولى الروايات أن تكون محفوظة؛ لأن الصباح والانتباه من النوم بمنزلة النشور، وهو الحياة بعد الموت، والمساء والصيرورة إلى النوم بمنزلة الموت والمصير إلى الله؛ ولهذا جعل سبحانه النوم والانتباه بعده دليلًا على البعث والنشور؛ لأن الصباح والانتباه من النوم بمنزلة النشور وهو الحياة بعد الموت، والمساء والصيرورة إلى النوم بمنزلة الموت والمصير إلى الله؛ ولهذا جعل سبحانه النومَ والانتباهَ بعده دليلًا على البعث والنشور؛ لأن النوم أخو الموت، والانتباه نشور وحياة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} الروم: 23، ويدل عليه أيضًا: ما رواه البخاري في (صحيحه) عن حذيفة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان إذا استيقظ قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور». تهذيب سنن أبي داود (3/ 399).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«اللهم بك» أي: بقدرتك وإرادتك، «أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا» بفتح النون «وبك نموت، وإليك النشور» إذا عاشوا بعد الموت، وانتشروا في أرض المحشر يوم القيامة. شرح سنن أبي داود (19/ 304).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«‌بك ‌أصبَحْنَا» الباء متعلِّق بمحذوف؛ أي: أصبحنا مُتلبسين بنعمتك أو بذِكْرك واسمك. شرح المصابيح (3/ 172).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«قال: اللهم ‌بك ‌أصبحنا» الباء متعلق بمحذوف وهو خبر أصبحنا، ولا بد من تقدير مضاف، أي: أصبحنا متلبسين بحفظك، أو مغمورين بنعمتك، أو مشتغلين بذكرك، أو مستعينين باسمك، أو مشمولين بتوفيقك، أو متحركين بحولك وقوتك، ومتقلبين بإرادتك وقدرتك «وبك أمسينا، وبك» أي: باسمك المحيي «نحيا، وبك» أي: باسمك المميت «نموت». قيل: هو حكاية الحال الآتية بمعنى: يستمر حالنا على هذا في جميع الأوقات وسائر الحالات، ومثله حديث حذيفة مرفوعًا: «اللهم باسمك أموت وأحيا» أي: لا أنفك عنه ولا أهجره.
قال النووي: معناه: أنت تحييني وأنت تميتني. «وإليك» أي: إلى حكمك «المصير» أي: المرجع في الدنيا والمآب في العقبى. مرقاة المفاتيح(4/ 1658).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«فقولوا» ندبًا «اللهم بك» قدَّمه للاختصاص، والباء للاستعانة أو المصاحبة أو السببية، أي: بسبب إنعامك علينا بالإيجاد والإمداد «أصبحنا وبك أمسينا» دخلنا في المساء، والباء تتعلق بمحذوف، وهو خبر أصبح، ولا بد من تقدير مضاف، أي: أصبحنا وأمسينا متلبسين بنعمتك أو بحياطتك وكلاءتك أو بذكرك واسمك «وبك نحيا وبك نموت» حكاية عن الحال الآتية، أي: يستمر حالنا على هذا في جميع الأزمان وسائر الأحيان، إلى أن نلقاك «وإليك» لا إلى غيرك «المصير» المرجع في نيل الثواب مما نكتسبه في حياتنا. فيض القدير (1/ 287).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:
«‌بك ‌أصبحنا» مُتلبسين بنعمك وفضلك «وبك أمسينا» بتقديم أصبحنا على أمسينا في الصباح، وذكر «وإليك المصير». لمعات التنقيح (5/ 194).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«اللهم بك» أي: بقدرتك الباهرة «أصبحنا» أي: دخلنا في الصباح «وبك أمسينا» ذكر لحضوره في الذهن عند ذكر ضده «وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور» بضمتين أي: الرجوع. دليل الفالحين (7/ 259).
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«اللهمَّ ‌بك ‌أصبحنا» الباء متعلق بمحذوف، وهو خبر «أصبحنا»، ولا بد من تقدير مضاف، أي: أصبحنا متلبسين بنعمتك، «وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور» أي: البعث يوم القيامة. بذل المجهود في حل سنن أبي داودْ (13/ 461).
وقال محمد المباركفوري -رحمه الله-:
«كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه يقول: «إذا أصبح أحدكم فليقل»، ولابن ماجه وابن السني: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إذا أصبحتم فقولوا» فقد اجتمع في الحديث القول والفعل، «اللهم ‌بك ‌أصبحنا» الباء متعلق بمحذوف، وهو خبر «أصبحنا»، ولا بد من تقدير مضاف، أي: أصبحنا متلبسين بحفظك، أو مغمورين بنعمتك، أو مشتغلين بذكرك، أو مستعينين باسمك، أو مشمولين بتوفيقك، أو متحركين بحولك وقوتك، ومتقلبين بإرادتك وقدرتك، وتقديم «بك» على «أصبحنا» وما بعده يفيد الاختصاص «وبك أمسينا» هذا مبني على أن المراد المساء السابق أو اللاحق، وصيغة الماضي للتفاؤل «وبك نحيا، وبك نموت» أي: أنت تحيينا وأنت تميتنا، يعني: يستمر حالنا على هذا في جميع الأوقات وسائر الأحوال «وإليك» لا إلى غيرك «المصير» أي: المرجع بعد البعث. تحفة الأحوذي (9/ 236)

قوله: «وإذا أمسى»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«وإذا أمسى» عطف على «إذا أصبح». مرقاة المفاتيح(4/ 1658).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«وإذا أمسى...» عبَّر بالماضي تفنناً في التعبير، والمراد منه المستقبل. دليل الفالحين(7/ 259).

قوله: «فليقل: اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور»:
قال ابن رسلان -رحمه الله-:
«وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور» لفظ ابن ماجه: «إذا أمسيتم فقولوا: اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير». شرح سنن أبي داود (19/ 304).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«اللهم ‌بك ‌أمسينا، وبك أصبحنا» بتقدم أمسينا «وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشو» أي: البعث بعد الموت والتفرق بعد الجمع، رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
قال الجزري: رواه الأربعة، وأحمد، وابن حبان في صحيحه، وأبو عوانة، ولفظهم في الصباح (النشور) وفي المساء (المصير) وجاء في أبي داود فيهما (النشور) وفي الترمذي فيهما (المصير). اهـ.
وفيه اعتراض وارد على المصنف حيث عكس الرواية المشهورة، مع أنها المناسبة للطرفين والتوفيق بين الروايتين، وركب تركيبًا خاصًّا لم يرد به رواية. مرقاة المفاتيح(4/ 1658).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«اللهم ‌بك ‌أمسينا» أي: دخلنا في المساء، وجعلهما الطيبي ناقصين فقال: الباء متعلقة بمحذوف هو الخبر، ولا بد من تقدير مضاف، أي: أصبحنا أو أمسينا متلبسين بنعمتك، أي: بحياطتك وكلاءتك، أو بذكر اسمك «وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير».
وتقدم الكلام على هذا الذكر في آداب النوم، لكن بلفظ: «باسمك أموت وأحيا» وحينئذٍ فحديث الباب محتمل؛ لأن يكون على تقدير المضاف المصرح به في تلك، أو على تقدير نحو: قدرتك أو إرادتك، وعبّر بالمضارع حكاية عن الحال المستمر، أي: مستمر حالنا على ذلك. دليل الفالحين(7/ 259).
وقال السندي -رحمه الله-:
«وبك أمسينا» مبني على أن المراد المساء السابق أو اللاحق، وصيغة الماضي للتفاؤل. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (2/ 440)].
وقال السهارنفوري -رحمه الله-:
«وإذا أمسى قال: اللهمَّ ‌بك ‌أمسينا، وبك أصبحنا» وهذا غير موجود في النسخ الموجودة، إلا في النسخة القلمية التي عليها المنذري، والظاهر أنه سقط من النسخ «وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور». بذل المجهود في حل سنن أبي داود (13/ 461).
وقال محمد المباركفوري -رحمه الله-:
«وإذا أمسى» عطف على «إذا أصبح» «اللهم ‌بك ‌أمسينا وبك أصبحنا» بتقديم «أمسينا» «وإليك النشور» أي: البعث بعد الموت.
قال الجزري: يقال: نشر الميت ينشر نشورًا إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله: أحياه.
وأفادت رواية الكتاب أن لفظ «المصير» في الصباح، ولفظ «النشور» في المساء، وهكذا وقع في نسخ الترمذي الموجودة عندنا، وكذا ذكر الشوكاني في (تحفة الذاكرين) ويظهر من تصحيح (المصابيح) و(جامع الأصول) (5/ 62) أن في الترمذي: «المصير» في الموضعين، وهكذا رواه البغوي في شرح السنة (5/ 112) أي: بلفظ: «المصير» في الموضعين، قال: ويروى: «وإليك النشور»، وجاء في أبي داود فيهما (النشور) وفي أبي عوانة، و(الأدب المفرد): «النشور» في الصباح، و«المصير» في المساء، عكس ما في نسخ الترمذي، ورواه ابن ماجه بذكر المصير في المساء ولم يذكر لفظ النشور مطلقًا، ومؤدَّى النشور والمصير واحد؛ وهو: الرجوع إلى الله بعد الموت، فلا تخالف بين الروايات ولا اعتراض على البغوي والمصنف في إيرادهما الرواية المذكورة. تحفة الأحوذي (9/ 236).


ابلاغ عن خطا