الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«مَنْ صلَّى على جَنَازَةٍ في المسجدِ، فلا شيءَ عليه».


أبو داود برقم: (3191) واللفظ له، وابن ماجه برقم: (1517)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ورواه أحمد برقم: (9865) بلفظ: «فلا شيء له».
صحيح الجامع برقم: (6354)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (2351).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«جنازة»:
بنصب الجيم وجرها: الإنسان الميت، والشيء الذي ثقل على قوم واغتموا به أيضًا جنازة. العين، للخليل (6/ 70).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
الجنازة يقال: بكسر الجيم وفتحها في الميت والسرير معًا، وقال ابن الأعرابي: بالفتح وبالكسر السرير الذي يحمل عليه المَيِّت. مشارق الأنوار(1/ 156).


شرح الحديث


قوله: «مَن صلى على جنازة في المسجد»:
قال الخطابي -رحمه الله-:
وقد ثبت أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- صليا عليهما في المسجد، ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما، ففي تركهم إنكاره دليل على جوازه.
وقد يحتمل أن يكون معناه: إن ثبت الحديث متأولًا على نقصان الأجر؛ وذلك أن مَنْ صلى عليها في المسجد فإن الغالب أنه ينصرف إلى أهله، ولا يشهد دفنه، وأن مَنْ سعى إلى ‌الجَبَّان (الصحراء والمقبرة) فصلى عليها بحضرة المقابر شهد دفنه، فأحرز أجر القيراطين، وهو ما رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ صلى على جنازة فله قيراط، ومَنْ شهد دفنها فله قيراطان، والقيراط مثل أُحُد». وقد يؤجر أيضًا على كثرة خطاه، فصار الذي يصلي عليها في المسجد منقوص الأجر، بالإضافة إلى مَنْ صلى عليها برًّا، والله أعلم. معالم السنن (1/ 312)
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي -رحمه الله-:
يكره الصلاة على الجنازة في المسجد، خلافًا للشافعي؛ لقوله -عليه السلام-: «‌من ‌صلى ‌على ‌جنازة ‌في ‌المسجد فلا شيء له»، وأقل ما في ذلك المنع؛ ولأنه يخاف أن يحدث من الميت حدث فيؤدي إلى تنجيس المسجد وتدنيسه، وقد قال -عليه السلام-: «جنِّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم» الحديث. الإشراف على نكت مسائل الخلاف (1/ 366).
وقال المرغيناني -رحمه الله-:
ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ‌«من ‌صلى ‌على ‌جنازة ‌في ‌المسجد فلا أجر له»؛ ولأنه بني لأداء المكتوبات؛ ولأنه يحتمل تلويث المسجد، وفيما إذا كان الميت خارج المسجد اختلاف المشايخ -رحمهم الله-. الهداية في شرح بداية المبتدي (1/ 91).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
وقد تضمَّن هذا الحديث (صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابني بيضاء في المسجد) جواز الصلاة على الميت في المسجد من غير كراهة، وهو مذهب أحمد، وقال أبو حنيفة ومالك: تكره، واحتجا بحديث يرويه صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «‌مَنْ ‌صلى ‌على ‌جنازة ‌في ‌المسجد فلا شيء له». قال مالك بن أنس: صالح ليس بثقة. كشف المشكل (4/ 407).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
إنكار الناس إدخال الميت في المسجد يدل على أن العمل المستمر كان على خلاف ذلك، وأن الصلاة على سهيل وأخيه في المسجد إما منسوخ، كما قاله الطحاوي، وأن الترك آخر الفعلين، وإما أن يكون خاصًّا بهما، وهذا العمل هو متمسك من منع ذلك، وما تقدم من خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- للصلاة على النجاشي من المسجد... وقد دل على المنع أيضًا ما خرَّجه أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ‌«مَنْ ‌صلى ‌على ‌جنازة ‌في ‌المسجد فلا شيء له»... وقد اعتضد المانع أيضًا بأن الميت نجس فلا يدخل المسجد...
ثم نرجع إلى أصل المسألة ونقول: لو سلَّمنا أن الميت المؤمن ليس بنجس فلا ينبغي أن يدخل المسجد؛ لإمكان أن ينفصل منه شيء من النجاسات فيتلطخ المسجد. وقد تمسَّك من أجاز إدخال الميت في المسجد للصلاة عليه بما تمسكت به عائشة -رضي الله عنها-، ورأوا أنه حكم متعدٍ لغير سهيل وأخيه، وتأولوا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له» على أن معناه: فلا شيء عليه، كما قال تعالى: {‌وَإِنْ ‌أَسَأْتُمْ ‌فَلَهَا} الإسراء: 7؛ أي: عليها، وممن ذهب إلى جواز ذلك الشافعي في أحد قوليه وأحمد وإسحاق وابن حبيب من أصحابنا والقاضي إسماعيل (إسماعيل بن إسحاق الجهضمي المالكي).
قال أبو عمر(يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي المالكي): ورواه المدنيون عن مالك، ويعتضد هؤلاء بأن عمر بن الخطاب إنما صُلِّيَ عليه في المسجد على ما ذكره مالك عن ابن عمر.
وأما صلاة المصلي في المسجد على الجنازة فأجازها مالك إذا ضاق الموضع، واتصلت الصفوف، وكَرِهَهُ مع عدم ذلك، ومستندها خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- والناس من المسجد للصلاة على النجاشي كما تقدم. المفهم (2/ 629- 631).
وقال العيني -رحمه الله-:
بيانه أن حديث عائشة إخبار عن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حال الإباحة التي لم يتقدمها نهي، وحديث أبي هريرة إخبار عن نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قد تقدمته الإباحة، فصار حديث أبي هريرة ناسخًا، ويؤيده إنكار الصحابة على عائشة -رضي الله تعالى عنها-؛ لأنهم قد كانوا علموا في ذلك خلاف ما علمت، ولولا ذلك ما أنكروا ذلك عليها. عمدة القاري (8/ 118).
وقال المغربي -رحمه الله-:
وأجيب عن ذلك بأن خروجه -صلى الله عليه وسلم- يُحتمل أن يكون لإظهار فضيلة المصلى عليه بتكثير الجماعة عليه، وإشاعة موته؛ ولما في ذلك من المعجزة الواضحة التي يغيظ بها الجاحدين، ويكبت بها الحاسدين والمنافقين، ويزيد المؤمنين بها إيمانًا، وأيضًا فإن الظاهر أن الممنوع إنما هو إدخال الميت المسجد لا مجرد الصلاة، ولم يكن في الصلاة على النجاشي ذلك، وعلة ذلك إما خشية تنجيس المسجد، أو لكون الميت نجسًا لا يطهر بالغسل، وذلك منتفٍ. البدر التمام شرح بلوغ المرام (4/ 185).
وقال السندي -رحمه الله-:
وإنما الحديث لإفادة سلب الأجر بواسطة ما يتوهم من إيقاعها في المسجد، فيكون الحديث مفيدًا لإباحة الصلاة في المسجد من غير أن يكون لها بذلك فضيلة زائدة على كونها خارجة، وينبغي أن يتعين هذا الاحتمال دفعًا للتعارض، وتوفيقًا بين الأدلة بحسب الإمكان. فتح الودود في شرح سنن أبي داود (3/ 431).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وقد روي أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد، وأنَّ صُهيبًا صلّى على عمر في المسجد. وعند الهادوية يكره إدخال الميت المسجد كراهة تنزيه، وتأولوا هم والحنفية والمالكية حديث عائشة بأن المراد أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى على ابني البيضاء وجنازتهما خارج المسجد، وهو -صلى الله عليه وسلم- داخل المسجد. ولا يخفى بعده، وأنه لا يطابق احتجاج عائشة. سبل السلام (1/ 485).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
«مَنْ ‌صلى ‌على ‌جنازة ‌في ‌المسجد فلا شيء عليه» أي: لا ذنب عليه. ووقع في لفظ: «فلا شيء له»، والنسخة الصحيحة الأولى، وقد صلى -صلى الله عليه وسلم- على سهل بن بيضاء في المسجد، وكذلك سعد بن معاذ؛ ففيه جواز صلاة الجنازة في المسجد. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 294).
وقال الساعاتي -رحمه الله-:
وأجابوا أيضًا بأن الأمر استقر على ترك ذلك؛ لأن الذين أنكروا على عائشة كانوا من الصحابة، ورُدَّ بأن عائشة لمَّا أنكرت ذلك الإنكار سلّموا لها، فدل على أنها حفظت ما نسوه، وأن الأمر استقر على الجواز، ويؤيد ذلك الصلاة على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في المسجد، كما تقدم في الآثار التي ذكرناها قبل الأحكام. ومنهم من علَّل كراهة الصلاة على الميت في المسجد بنجاسة الميت، وهذا التعليل باطل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن لا ينجس حيًّا ولا ميتًا». الفتح الرباني (7/ 249).

قوله: «فلا شيءَ عليه» وفي راوية: «فلا شيء له»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«فليس له» بفعلها في المسجد «شيء» من الأجر، ولكن يثاب بفعلها سواء كان فعلها في المسجد أم في غيره، فلا يزاد بفعلها في المسجد ثواب، كما يزاد ثواب فعل المكتوبة في المسجد بسبع وعشرين درجة، وفي رواية أبي داود: «فلا شيء عليه» من الإثم. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (9/ 197- 198).
قال المناوي -رحمه الله-:
«فلا شيء عليه» هذا ما في الأصول المعتمدة، وأما رواية «فلا شيء له»، فبفرض ثبوتها ضعيفة، وبفرض صحتها فـ«له» بمعنى «عليه» جمعًا بين الأدلة. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 828).
وقال أبو يعلى الفراء -رحمه الله-:
وعلى أنَّا نحمل قوله: «فلا شيء له» على مَنْ صلى عليها في المسجد وهي غائبة، وترك السعي والاتباع، وتكون الدلالة على صحة هذا، فيجمع بين الخبرين. التعليقة الكبيرة (4/ 277).
وقال الجصاص -رحمه الله-في شرح الحديث والأحاديث في فضل الصلاة على الجنازة واتباعها:
ومعلوم أنه لا يستحق إحباط ما وعد من الثواب إلا بمواقعة المحظور، فلَمَّا لم يجعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لِمَنْ صلى على جنازة في المسجد شيئًا: دل على أنه محظور.
فإن قيل: روت عائشة -رضي الله عنها-: «أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد» قيل له: إذا كان خبرنا يقتضي الحظر، وهذا الخبر الإباحة: فخبر النهي أولى.
وأيضًا: في خبرنا ما ليس في خبرهم، ففي خبرنا: أمر، وفي خبرهم: فعل، والفعل والأمر إذا اجتمعا: كان الأمر أولاهما بالاستعمال.
وأيضًا: يحتمل أن يكون صلى عليه في مسجد الجنائز؛ وذلك جائز عندنا، وقد روي: «أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفرد للجنائز مسجدًا». شرح مختصر الطحاوي للجصاص (8/ 542- 543).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وتأوَّله آخرون على الإعياءالتعب عن الخروج مع الجنازة إلى المقبرة فيكون سببًا في نقص أجره؛ لما فاته من تشييعه إلى قبره، والمقام عليه إلى دفنه. وتأوَّل آخرون: «لا شيء له» أي: عليه، كما قال تعالى: {‌وَإِنْ ‌أَسَأْتُمْ ‌فَلَهَا} الإسراء: 7.: أي: عليها. إكمال المعلم (3/ 444).
وقال النووي -رحمه الله-:
وأجابوا عن حديث سنن أبي داود بأجوبة: أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف؛ تفرَّد به صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف.
والثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبي داود: «ومَنْ صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه»، ولا حجة لهم حينئذٍ فيه.
الثالث: أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه قال: «فلا شيء» لوجب تأويله على: فلا شيء عليه؛ ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث وحديث سهيل بن بيضاء، وقد جاء (له) بمعنى (عليه) كقوله تعالى: {‌وَإِنْ ‌أَسَأْتُمْ ‌فَلَهَا} الإسراء: 7.
الرابع: أنه محمول على نقص الأجر في حق مَنْ صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها الى المقبرة لِمَا فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه، والله أعلم. شرح مسلم (7/ 40).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
هذا الحديث فيه أربعة ألفاظ:
أحدها: «فلا شيء» فقط، وهي في بعض نسخ السنن.
اللفظ الثاني: «فلا شيء عليه»، وهي رواية الخطيب.
اللفظ الثالث: «فلا شيء له»، وهي رواية ابن ماجه.
اللفظ الرابع: «فليس له أجر»، ذكره أبو عمر في «التمهيد» وقال: هو خطأ لا إشكال فيه، قال: والصحيح: «فلا شيء له». تهذيب سنن أبي داود (2/ 371- 372).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
قال الآخرون: أما رواية أبي حذيفة عن الثوري لهذا الحديث وقوله فيه: «فليس له أجر» فخطأ لا إشكال فيه، ولم يقل أحد في هذا الحديث ما قاله أبو حذيفة، قالوا: والصحيح في هذا الحديث ما قاله يحيى القطان وسائر رواة هذا الحديث عن ابن أبي ذئب، بإسناده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك قوله: «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له»، هذا هو الصحيح في هذا الحديث، قالوا: ومعنى قوله: «لا شيء له» يريد لا شيء عليه، قالوا: وهذا صحيح معروف في لسان العرب، قال الله -عز وجل-: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} الإسراء: 7، بمعنى: فعليها، ومثله كثير، قالوا: وصالح مولى التوأمة من أهل العلم بالحديث مَنْ لا يقبل شيء من حديثه لضعفه، ومنهم مَنْ يقبل مِنْ حديثه ما رواه ابن أبي ذئب عنه خاصة؛ لأنه سمع منه قبل الاختلاط، ولا خلاف أنه اختلط، فكان لا يضبط، ولا يعرف ما يأتي به، ومثل هذا ليس بحجة فيما انفرد به، وليس يعرف هذا الحديث من غير روايته ألبتة، فإن صح فمعناه ما ذكرنا، وبالله توفيقنا. التمهيد(21/ 221-222).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
وأما حديث ‌«مَنْ ‌صلّى ‌على ‌جنازة ‌في ‌المسجد فلا شيء له» فضعيف. والذي في الأصول المعتمدة: «فلا شيء عليه»، وإن صح وجب حمله على هذا جمعًا بين الروايات... أو على نقصان الأجر؛ لأن المصلي عليها في المسجد ينصرف عنها غالبًا، ومَنْ يصلّي عليها في الصحراء يحضر دفنها غالبًا، فيكون التقدير: فلا أجر له كامل، كقوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا صلاة بحضرة طعام». إرشاد الساري (2/ 429).
وقال الكماخي -رحمه الله-:
«فلا شيء له» أي: من الأجر والثواب مطلقًا، أو كاملًا، وهو الأظهر، وفي رواية: «فلا أجر له» أي: كاملًا، وفي رواية أخرى: «فلا شيء عليه». المهيأ في كشف أسرار الموطأ (2/ 108).
وقال السندي -رحمه الله-:
قوله: «فليس له شيء» ظاهره أن المعنى: فليس له أجر، كما في رواية، وسلب الأجر من الفعل الموضوع للأجر يقتضي عدم الصحة؛ ولذا جاء في رواية ابن أبي شيبة في مصنفه: «فلا صلاة له»، لكن يشكل بأن الصلاة صحيحة إجماعًا، فيحمل أن ليس له أجر كامل...
ويمكن أن يقال: معنى «فلا شيء» فلا أجر له؛ لأجل كونه صلى في المسجد، فالحديث لبيان أن صلاة الجنازة في المسجد ليس لها أجر؛ لأجل كونها في المسجد كما في المكتوبات، فأجر أصل الصلاة باقٍ، وإنما الحديث لإفادة سلب الأجر بواسطة ما يتوهم من أنها في المسجد، فيكون الحديث مقيدًا لإباحة الصلاة في المسجد من غير أن يكون لها بذلك فضيلة زائدة على كونها خارجها، وينبغي أن يتعين هذا الاحتمال دفعًا للتعارض، وتوفيقًا بين الأدلة بحسب الإمكان على هذا، فالقول بكراهة الصلاة في المسجد مشكل، نعم ينبغي أن يكون الأفضل خارج المسجد بناء على الغالب أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي خارج المسجد، وفعله في المسجد كان مرة أو مرتين، والله أعلم. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (1/ 462- 463).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
الصواب ما ذكرناه أولًا، وأنَّ سنته وهديه الصلاة على الجنازة خارج المسجد إلا لعذر، وكلا الأمرين جائز، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد، والله أعلم. زاد المعاد (1/ 483).


ابلاغ عن خطا