الأحد 23 رمضان 1446 هـ | 23-03-2025 م

A a

«لن يُدْخِلَ أحدًا عملُهُ الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا، ولا أنا، إلا أنْ يتغمَّدني اللهُ بفضلٍ ورحمةٍ، فسَدِّدُوا وقاربوا، ولا يَتَمنينَّ أحدُكُم الموتَ: إما محسنًا فلعلَّه أنْ يزدادَ خيرًا، وإما مُسيئًا فلعلَّه أنْ يَسْتَعْتِبَ».


رواه البخاري برقم (5673) واللفظ له، ومسلم برقم (2816)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«يتغمَّدني»:
يُلْبِسُني، ويُغشِّيني. غريب الحديث، لأبي عبيد (2/ 658).
قال البرماوي -رحمه الله-:
مأخوذ من: غَمَدَ السيفَ وأَغمَدَ، أي: أَلبَسَه غمدَه وغشَاه به. اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح(14/ 274).

«فسدِّدوا وقاربوا»:
أي: اقتصدوا في الأمور كلها، واتركوا الغلوَّ فيها والتقصير، يقال: قارب فلان في أموره إذا اقتصد. لسان العرب، لابن منظور (1/ 669).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
المقاربة: الْقَصْد فِي الْأُمُور من غير غلو وَلَا تَقْصِير. غريب الحديث (2/ 228).

«يَتَمنينَّ»:
التَّمني: معنى في النفس يقع عند فوت فعل كان للمتمني في وقوعه نفع، أو في زواله ضرر؛ مستقبلًا كان ذلك الفعل أو ماضيًا. معجم الفروق اللغوية، للعسكري(ص: 142).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
التمني: تشهِّي حصول الأمر المرغوب فيه، وحديث النفس بما يكون وما لا يكون. النهاية (4/ 367).

«يَسْتَعْتِبَ»:
أي: يسترضي الله بالإقلاع والاستغفار. فتح الباري، لابن حجر (13/ 222).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
والعتاب: مخاطبة الإدلال ومُذاكرة الموجدة. وأعتبني فلان: إذا عاد إلى مسرَّتي. واستعتب: طلب أنْ يرضى عنه، كما تقول: استرضيته فأرضاني. النهاية في غريب الحديث(3/ 175).


شرح الحديث


قوله: «لن يدخل أحدًا عملُهُ الجنة قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟»:
قال العيني -رحمه الله-:
قوله: «لن يُدخل» بضم الياء مضارع معلوم، وفاعله قوله: «عمله»، و«أحدًا» بالنصب مفعوله، و«الجنة» نصبت أيضًا بتقدير في الجنة. عمدة القاري (21/ 227).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قوله: ‌«لن ‌يدخل ‌أحدًا ‌عمله ‌الجنة» واستشكل بقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الزخرف:72، وأجيب: بأن محمل الآية على أن الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال؛ لأن درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال، وأن محمل الحديث على أصل دخول الجنة.
فإن قلتَ: إن قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل:32، صريح بأن دخول الجنة أيضًا بالأعمال، أجيب: بأنه لفظ مجمل بيَّنَه الحديث، والتقدير: ادخلوا منازل الجنة وقصورها بما كنتم تعملون، فليس المراد: أصل الدخول، أو المراد: ادخلوها بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم وتفضله عليكم؛ لأن اقتسام منازل الجنة برحمته، وكذا أصل دخولها ألهم العاملين ما نالوا به بذلك، ولا يخلو شيء من مجازاته لعباده من رحمته وفضله لا إله إلا هو له الحمد، «قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟» لا ينجيك عملك مع عِظم قَدْرهِ. إرشاد الساري (8/ 357-358).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
فإن قال قائل: فإن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لن يدخل أحدكم عمله الجنة» يعارض قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الزخرف:72.
قيل: ليس كما توهَّمتَ، ومعنى الحديث غير معنى الآية، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث أنه لا يستحق أحد دخول الجنة بعمله، وإنما يدخلها العباد برحمة الله، وأخبر الله تعالى في الآية أن الجنة تُنال المنازل فيها بالأعمال، ومعلوم أن درجات العباد فيها متباينة على قدر تباين أعمالهم، فمعنى الآية في ارتفاع الدرجات وانخفاضها والنعيم فيها، ومعنى الحديث في الدخول في الجنة والخلود فيها، فلا تعارض بين شيء من ذلك. شرح صحيح البخاري (10/ 180).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
وها هنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أنَّ الجنة إنما تُدخل برحمة الله تعالى، وليس عمل العبد مستقلًّا بدخولها، وإن كان سببًا؛ ولهذا أثبت الله تعالى دخولها بالأعمال في قوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل: 32، ونفى رسول الله دخولها بالأعمال بقوله: «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله» ولا تنافي بين الأمرين؛ لوجهين:
أحدهما: ما ذكره سفيان وغيره قال: كانوا يقولون النجاة من النار بعفو الله، ودخول الجنة برحمته، واقتسام المنازل والدرجات بالأعمال، ويدل على هذا: حديث أبي هريرة أنَّ أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم، رواه الترمذي.
والثاني: أن الباء التي نفت الدخول هي باء المعاوضة التي يكون فيها أحد العوضين مقابلًا للآخر، والباء التي أثبتت الدخول هي باء السببية التي تقتضي سببية ما دخلت عليه لغيره، وأن لم يكن مستقلًّا بحصوله، وقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الأمرين بقوله: «سددوا وقاربوا، وأبشروا، واعلموا أن أحدًا منكم لن ينجو بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، ألا أن يتغمدني الله برحمته»، ومن عرف الله تعالى، وشهد مشهد حقه عليه، ومشهد تقصيره وذنوبه، وأبصر هذين المشهدين بقلبه، عرف ذلك، وجزم به -والله سبحانه وتعالى المستعان-. حادي الأرواح (ص: 87-88).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
فإن قال قائل: كيف قال: «لا يدخل أحد منكم الجنة عمله»، وقد قال: {ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل: 32؟
فالجواب من أربعة أوجه:
أحدها: أنه لولا رحمة الله السابقة التي كتب بها الإيمان في القلوب، ووفق للطاعات ما نجا أحد، ولا وقع عمل تحصل به النجاة، فالتوفيق للعمل من رحمته أيضًا.
والثاني: أن منافع العبد لسيده، فعمله مستحق لمولاه، فإن أنعم عليه بالجزاء فذلك بفضله، كالمكاتب مع المولى.
والثالث: أنه قد روي في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة بالرحمة، واقتسام الدرجات بالأعمال.
والرابع: أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، وثوابها لا يبيد أبدًا، فالمقام الذي لا ينفد في جزاء ما نفد بفضل الله لا بمقابلة الأعمال. كشف المشكل (3/ 110).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
حرصًا على عدم اغترار المسلمين بطاعاتهم وعباداتهم، وبعثًا للخوف والرجاء في نفوسهم قال -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «ليس منكم أحد ينجيه عمله من النار، وليس منكم أحد يدخله عمله الجنة»، قال رجلٌ منهم: ولا أنت ينجيك عملك ويدخلك الجنة يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتداركني الله منه برحمة وفضل»؛ فليس العمل إلا سببًا عاديًّا لجلب رضا الله المؤدي إلى الجنة؛ فلا تغتروا به، ولا تتكلوا على الفضل والرَّحمة، ولكن اقصدوا في أعمالكم السَّداد والصواب، وقاربوا بينكم وبين رضا الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه. المنهل الحديث في شرح الحديث (4/ 139-140).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله- أيضًا:
«لن يدخل أحدًا عمله الجنة» المضارع مبني للمعلوم، و«أحدًا» مفعوله الأول مقدم، و«الجنة» مفعوله الثاني، و«عمله» فاعله آخر؛ لاشتماله على ضمير يعود على المفعول، «ولا أنت» أنت مبتدأ والخبر محذوف، والجملة على تقدير همزة الاستفهام معطوفة على محذوف، أي: لا يدخل أحدًا عمله الجنة، ولا أنت يدخلك عملك الجنة. المنهل الحديث في شرح الحديث (4/ 140).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
العباد لا يزالون مقصرين محتاجين إلى عفوه ومغفرته؛ فلن يدخل أحد الجنة بعمله، وما من أحد إلا وله ذنوب يحتاج فيها إلى مغفرة الله لها: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} فاطر:45، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله» لا يناقض قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} السجدة:17، فإن المنفي نُفي بباء المقابلة والمعاوضة؛ كما يقال: بعت هذا بهذا، وما أُثبت أُثبت بباء السبب، فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببًا للجزاء؛ ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه، وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه؛ فهو ضال كما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل»، وروي: «بمغفرته».
ومن هذا أيضًا: الحديث الذي في السنن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرًا من أعمالهم» الحديث.
ومن قال: بل للمخلوق على الله حق فهو صحيح إذا أراد به الحق الذي أخبر الله بوقوعه، فإن الله صادق لا يخلف الميعاد، وهو الذي أوجبه على نفسه بحكمته وفضله ورحمته، وهذا المستحق لهذا الحق إذا سأل الله تعالى به يسأل الله تعالى إنجاز وعده، أو يسأله بالأسباب التي علق الله بها المسببات كالأعمال الصالحة، فهذا مناسب، وأما غير المستحق لهذا الحق إذا سأله بحق ذلك الشخص فهو كما لو سأله بجاه ذلك الشخص؛ وذلك سؤال بأمر أجنبي عن هذا السائل لم يسأله بسبب يناسب إجابة دعائه. مجموع الفتاوى (1/ 217-218).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
نفى النبي -صلى الله عليه وسلم- دخول الجنة بالعمل، كما قال: «لن يدخل أحدًا منكم الجنة عمله»، وفي لفظ: «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله»، وفي لفظ: «لن ينجي أحدًا منكم عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل»، وأثبت سبحانه دخول الجنة بالعمل، كما في قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل:32، ولا تنافي بينهما؛ إذ توارد النفي والإثبات ليس على معنى واحد، فالمنفي استحقاقها بمجرد الأعمال، وكون الأعمال ثمنًا وعوضًا لها، ردًّا على القدرية المجوسية التي زعمت أن التفضل بالثواب ابتداء متضمن لتكرير المنة، وهذه الطائفة من أجهل الخلق بالله، وأغلظهم عنه حجابًا، وحق لهم أن يكونوا مجوسَ هذه الأمة، ويكفي في جهلهم بالله أنهم لم يعلموا أن أهل سماواته وأرضه في منته، وأن من تمام الفرح والسرور، والغِبطة واللذة اغتباطهم بمنة سيدهم ومولاهم الحق، وأنهم إنما طاب لهم عيشهم بهذه المنة، وأعظمهم منه منزلة، وأقربهم إليه أعرفهم بهذه المنة، وأعظمهم إقرارًا بها، وذكرًا لها، وشكرًا عليها، ومحبة له لأجلها، فهل يتقلب أحد قط إلا في مِنَّته؟ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} الحجرات:17، واحتمال مِنَّة المخلوق إنما كانت نقصًا؛ لأنه نظيره، فإذا منَّ عليه استعلى عليه، ورأى الممنون عليه نفسه دونه، هذا مع أنه ليس في كل مخلوق، فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الْمِنَّة على أمته، وكان أصحابه يقولون: «الله ورسوله أمن»، ولا نقص في منة الوالد على ولده، ولا عار عليه في احتمالها، وكذلك السيد على عبده، فكيف برب العالمين الذي إنما يتقلب الخلائق في بحر مِنَّتِه عليهم، ومحض صدقته عليهم، بلا عوض منهم ألبتة؟
وإن كانت أعمالهم أسبابًا لما ينالونه من كرمه وجوده، فهو المنان عليهم، بأن وفقهم لتلك الأسباب وهداهم لها، وأعانهم عليها، وكمَّلها لهم، وقبلها منهم على ما فيها؟ وهذا هو المعنى الذي أثبت به دخول الجنة في قوله: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الأعراف:43، فهذه باء السببية، ردًّا على القدرية والجبرية الذين يقولون: لا ارتباط بين الأعمال والجزاء، ولا هي أسباب له، وإنما غايتها أن تكون أمارات، قالوا: وليست أيضًا مطَّرِدَة؛ لتخلُّف الجزاء عنها في الخير والشر، فلم يبق إلا محض الأمر الكوني والمشيئة، فالنصوص مبطلة لقول هؤلاء، كما هي مبطلة لقول أولئك، وأدلة المعقول والفطرة أيضًا تبطل قول الفريقين، وتبين لمن له قلب ولُبٌّ مقدار قول أهل السنة، وهم الفرقة الوسط، المثبتون لعموم مشيئة الله وقدرته، وخلقه العباد وأعمالهم، ولحكمته التامة المتضمنة ربط الأسباب بمسبباتها، وانعقادها بها شرعًا وقدرًا، وترتيبها عليها عاجلًا وآجلًا، وكل واحدة من الطائفتين المنحرفتين تركت نوعًا من الحق، وارتكبت لأجله نوعًا من الباطل، بل أنواعًا، وهدى الله أهل السنة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} البقرة:213، و{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الحديد:21. مدارج السالكين (1/ 115-116).
وقال ابن القيم -رحمه الله- أيضًا:
وأما نفي دخلوها بالأعمال كما في قوله: «لن يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا»؛ فالمراد به: نفي أصل الدخول وأحسن من هذا أن يقال: الباء المقتضية للدخول غير الباء التي نُفي معها الدخول، فالمقتضية هي باء السببية الدالة على أن الأعمال سبب للدخول مقتضية له كاقتضاء سائر الأسباب لمسبباتها، والباء التي نُفي بها الدخول هي باء المعاوضة والمقابلة التي في نحو قولهم: اشتريتُ هذا بهذا، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن دخول الجنة ليس في مقابلة عمل أحد، وأنه لولا تغمد الله سبحانه لعبده برحمته لما أدخله الجنة، فليس عمل العبد وإن تناهى موجبًا بمجرده لدخول الجنة ولا عوضًا لها، فإن أعماله وإن وقعت منه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فهي لا تقاوم نعمة الله التي أنعم بها عليه في دار الدنيا، ولا تعادلها؛ بل لو حاسبه لوقعت أعماله كلها في مقابلة اليسير من نعمه، وتبقى بقية النعم مقتضية لشكرها فلو عذبه في هذه الحالة لعذبه وهو غير ظالم له، ولو رحمه لكانت رحمته خيرًا له من عمله، كما في السنن من حديث زيد بن ثابت وحذيفة وغيرهما مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم». مفتاح دار السعادة (1/ 8-9).

قوله: «قال: لا، ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا»:
قال الخطابي -رحمه الله-:
قوله: «يتغمَّدني الله» معناه: يغمرني الله برحمة منه، وإذا اشتمَلْتَ على شيء فغطَّيْتَه من تحتك، فقد تغمدته، وقد يحتمل أن يكون معناه: أنه صار له كالغمد للسيف. أعلام الحديث (3/ 2103).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
و«يتغمَّدني الله» بإعجام الغين، يقال: تغمده الله برحمته، أي: غمره بها وستره بها، وألبسه رحمته، فإذا اشتملتَ عن شيء فغطيته فقد تغمَّدته، إذ صار له كالغمد للسيف، وأما الاستثناء فهو منقطع.
فإن قلتَ: كل المؤمنين لا يدخلون الجنة إلا إذا تغمَّدهم الله تعالى بفضله، فما وجه تخصيص الذكر برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قلتُ: تغمد الله تعالى له بعينه مقطوع به، أو إذا كان له بفضل الله فلغيره بالطريق الأولى أن يكون بفضله لا بعمله.
فإن قلتَ: قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الزخرف:72.
قلتُ: الباء ليست للسببية بل للإلصاق، أو المصاحبة، أو أورثتموها ملابسة، أو مصاحبة لثواب أعمالكم، واعلم أن مذهب أهل السنة: أنه لا يثبت بالفعل ثواب، ولا عقاب؛ بل ثبوتهما بالشريعة؛ حتى لو عذب الله جميع المؤمنين كان عدلاً، ولو أدخلهم الجنة فهو فضل لا يجب عليه شيء، وكذا لو أدخل الكافرين الجنة كان له ذلك، ولكنه أخبر بأنه لا يفعل؛ بل يغفر للمؤمن ويعذب الكافر، والمعتزلة يثبتون بالفعل الثواب والعقاب، ويجعلون الطاعة سببًا للثواب موجبًا له، وكذا المعصية سببًا للعقاب موجباً له، والحديث يرد عليهم.
قوله: «سددوا» أي: اطلبوا السداد، أي: الصواب، وهو ما بين الإفراط والتفريط، أي: لا تغلوا ولا تقصروا، واعملوا به، وإن عجزتم عنه «فقاربوا» أي: اقربوا منه، وفي بعضها: «قرِّبوا» أي: غيركم إليه، وقيل: «سددوا» معناه: اجعلوا أعمالكم مستقيمة، «وقاربوا» أي: اطلبوا قربة الله. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (20/ 199-200).
وقال النووي -رحمه الله-:
وفي ظاهر هذه الأحاديث: دلالة لأهل الحق أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته، وأما قوله تعالى: {ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل: 32، {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الزخرف:72، ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة- فلا يعارض هذه الأحاديث، بل معنى الآيات: أن دخول الجنة بسبب الأعمال، ثم التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل، وهو مراد الأحاديث، ويصح أنه دخل بالأعمال، أي: بسببها، وهي من الرحمة -والله أعلم-. شرح صحيح مسلم (17/ 160-161).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
ويظهر لي في الجمع بين الآية والحديث: جواب آخر -يعني: غير قول الكرماني رحمه الله-، وهو أن يحمل الحديث على أن العمل من حيث هو عمل لا يستفيد به العامل دخول الجنة ما لم يكن مقبولًا، وإذا كان كذلك فأمر القبول إلى الله تعالى، وإنما يحصل برحمة الله لمن يقبل منه، وعلى هذا فمعنى قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} النحل:32، أي: تعملونه من العمل المقبول، ولا يضر بعد هذا أن تكون الباء للمصاحبة أو للإلصاق أو المقابلة، ولا يلزم من ذلك أن تكون سببية.
ثم رأيتُ النووي جزم بأن ظاهر الآيات: أن دخول الجنة بسبب الأعمال، والجمع بينها وبين الحديث: أن التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها وقبولها إنما هو برحمة الله وفضله؛ فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الحديث، ويصح أنه دخل بسبب العمل وهو من رحمة الله تعالى. فتح الباري (11/ 296-297).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
قال -عليه الصلاة والسلام-: «ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله بفضل ورحمة»، وللمستملي: «بفضل رحمته» بإضافة بفضل للاحقه (أي: لما بعده)، أي: يُلبِسنيها ويسترني بها...، وفي رواية سهيل: «إلا أن يتداركني الله برحمته»، وفي رواية ابن عون عند مسلم: «بمغفرة ورحمة»، وقال ابن عون بيده هكذا، وأشار على رأسه.
قال في الفتح: وكأنه أراد تفسير معنى: «يتغمَّدني»، وعند مسلم من حديث جابر: «لا يدخل أحدًا منكم عمله الجنة، ولا يجيره من النار، ولا أنا، إلا برحمة من الله فسددوا» بالسين المهملة، أي: اقصدوا السداد، أي: الصواب.
«وقاربوا» أي: لا تُفرِّطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة؛ لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملالة فتتركوا العمل فتُفرِّطوا، وفي رواية بشر بن سعيد عن أبي هريرة عند مسلم: «ولكن سددوا»، ومعنى الاستدراك: أنه قد يفهم من نفي المذكور نفي فائدة العمل، فكأنه قيل: بل له فائدة، وهي: أن العمل علامة على وجود الرحمة التي تدخل العامل فاعملوا واقصدوا بعملكم الصواب، أي: اتباع السُّنّة من الإخلاص، وغيره؛ ليُقبل عملكم فينزل عليكم الرحمة، وللحموي والمستملي: «وقرِّبوا» بتشديد الراء من غير ألف. إرشاد الساري (8/ 357-358).
قوله: «ولا يَتَمنَّيَنَّ أحدكم الموت: إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئًا فلعله أن يَسْتَعْتِبَ»:
قال ابن الملك -رحمه الله-:
قوله: «لا يتمنَّينَّ» بنون التأكيد، وفي بعض النسخ بدونها، ودون الياء، بمعنى: النهي، وبإثباتها أيضًا: نهيُّ على صيغة الخبر؛ أي: لا يتمنى «أحدكم الموت» من ضرٍّ، أو مكروه أصابه، وهذا لأن الحياة حكم الله عليه، وطلبُ زوال الحياة عدمُ الرضاء بحكمه. شرح المصابيح (2/ 328).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «لا يتمنَّينَّ» بالنون المشددة، وإنما نهى عن التمني؛ لأنه في معنى التبرُّم عن قضاء الله تعالى في أمر ينفعه في آخرته، ولا يكره التمني لخوف فساد الدين. عمدة القاري (22/ 305-306).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«لَا يَتَمَنَّيَنَّ» (لا) ناهية، والفعل مؤكَّد بنون التوكيد الثقيلة. ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (18/ 206).
وقال التوربشتي -رحمه الله-:
والنهي عن تمني الموت وإن أُطلق في هذا الحديث، فإنه في معنى المقَيَّد، يُبيِّن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أنس -رضي الله عنه-: «لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت من ضرٍّ أصابه»، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي»؛ فعلى هذا يُكره تمني الموت من ضرٍّ أصابه في نفسه أو ماله؛ لأنه في معنى التبرُّم عن قضاء الله في أمر يضُرّه في دنياه، وينفعه في آخرته، ولا يكره للخوف على دينه من فساد. الميسر في شرح مصابيح السنة (2/ 381).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت»؛ لدلالته على عدم الرضا بما نزل من الله من المشاق. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 504).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
ولا يتمنّ أحد منكم الموت رجاء التعجُّل بدخول الجنة، والفوز برحمة الله؛ لأنه إن كان محسنًا ومطيعًا فإنه يُرْجَىْ له أن يزداد طاعة فيزداد رضا ورحمة، وإن كان مسيئًا عاصيًا فإنه يرجى له أن يرجع إلى ربه ويتوب إليه، ويردَّ المظالم، ويتدارك ما فاته من الطاعات. المنهل الحديث في شرح الحديث (4/ 140).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
اعلم أنَّ تمني الموت اختيار من العبد لنفسه ما يظن فيه الخيرة، والخيرة غائبة عن الآدمي لا يعلمها، والمؤمن إذا بقي ازداد خيرًا، أو تاب من شَرٍّ. كشف المشكل (3/ 505).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«إما» بكسر الهمزة، والأصل: (إن ما) فأدغمت، فـ(ما) زائدة عوضٌ عن الفعل المحذوف؛ أي: إن كان «محسنًا فلعله أن يزاد خيرًا»، (لعل) هنا بمعنى: عسى.
«وإما مسيئًا» أي: إن كان مسيئًا «فلعله أن يستعتب» أي: يسترضي؛ أي: يطلب رضاء الله عنه بالتوبة. شرح المصابيح (2/ 328).
وقال المناوي -رحمه الله-:
لأن الإنسان «إما» أن يكون «محسنًا فلعله يزداد» من فعل الخير، «وإما مسيئًا فلعله يستعتب» أي: يطلب العتبى، أي: الرضا من الله، بأن يحاول إزالة غضبه بالتوبة وإصلاح العمل، ولعل في الموضعين للرجاء المجرد عن التعليل.
وفيه: أَنه يُكره تمني الموت لضر نزل به، قال بعضهم: لا يتمنى الموت إلا ثلاثة: جاهل بما بعد الموت، ومن لا يصبر على المصائب، فهو فار من قضاء الله تعالى، ورجل أحب لقاء الله. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 504).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
الموت مقدَّر بأجل، إذا جاء لا يتأخَّر، فتمنيه إرادة لإخراجه عمّا قدَّره الله من وقته. التحبير لإيضاح معاني التيسير (2/ 546).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
وفي التعبير بـ: يتمنى دون يسأل، إيماء إلى أنه قد يكون من المستحيل؛ لعدم مجيء حينه، فحصوله حينئذٍ محال، وإن كان بأنواع السؤال، فسوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار، والمنهي عنه على وجه التنزيه تمني الموت. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 180).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئًا فلعله أن يَسْتَعْتِبَ» أي: يرجع عن موجب العتب عليه، ووقع في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد: «وأنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا»، وفيه إشارة إلى أن المعنى في النهي عن تمني الموت والدعاء به هو انقطاع العمل بالموت؛ فإن الحياة يتسبب منها العمل، والعمل يُحصِّل زيادة الثواب، ولو لم يكن إلا استمرار التوحيد فهو أفضل الأعمال، ولا يرد على هذا: أنه يجوز أن يقع الارتداد -والعياذ بالله تعالى- عن الإيمان؛ لأن ذلك نادر والإيمان بعد أن تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وعلى تقدير وقوع ذلك -وقد وقع لكن نادرًا- فمن سبق له في علم الله خاتمة السوء فلا بد من وقوعها طال عمره أو قصر، فتعجيله بطلب الموت لا خير له فيه، ويؤيده حديث أبي أمامة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لسعد: «يا سعد، إن كنتَ خُلقت للجنة فما طال من عمرك أو حسن من عملك فهو خير لك» أخرجه بسند لَيِّنٍ، ووقع في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد ومسلم: «وأنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا»، واستُشكِل بأنه قد يعمل السيئات فيزيده عمره شرًّا، وأجيب بأجوبة:
أحدها: حمل المؤمن على الكامل، وفيه بُعد.
والثاني: أن المؤمن بصدد أن يعمل ما يُكفِّر ذنوبه، إما من اجتناب الكبائر، وإما من فعل حسنات أُخرى قد تقاوم بتضعيفها سيئاته، وما دام الإيمان باقٍ فالحسنات بصدد التضعيف، والسيئات بصدد التكفير.
والثالث: يُقيد ما أطلق في هذه الرواية بما وقع في رواية الباب من الترجي؛ حيث جاء بقوله: «لعله»، والترجِّي مشعرٌ بالوقوع غالبًا لا جزمًا؛ فخرج الخبر مخرج تحسين الظن بالله، وأن المحسن يرجو من الله الزيادة بأن يوفقه للزيادة من عمله الصالح، وأن المسيء لا ينبغي له القنوط من رحمة الله، ولا قطع رجائه أشار إلى ذلك شيخنا في شرح الترمذي (يعني: أبا الفضل العراقي).
ويدل على أن قصر العمر قد يكون خيرًا للمؤمن: حديث أنس الذي في أول الباب: «وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي»، وهو لا ينافي حديث أبي هريرة: «أن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرًا» إذا حُمل حديث أبي هريرة على الأغلب، ومقابله على النادر. فتح الباري (10/ 130-131).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
وظاهر الحديث: انحصار حال المكلف في هاتين الحالتين، وبقي قسم ثالث، وهو: أن يكون مُخلِّطًا فيستمر على ذلك، أو يزيد إحسانًا، أو يزيد إساءةً، أو يكون محسنًا فينقلب مسيئًا، أو يكون مسيئًا فيزداد إساءةً.
والجواب: أنَّ ذلك خرج مخرج الغالب؛ لأن غالب حال المؤمنين ذلك، ولا سيما والمخاطب بذلك شفاهًا الصحابة.
وقد خطر لي في معنى الحديث: أنَّ فيه إشارة إلى تغبيط المحسن بإحسانه، وتحذير المسيء من إساءته، فكأنه يقول: مَن كان محسنًا فليترك تمني الموت، وليستمرَّ على إحسانه، والازدياد منه، ومَن كان مسيئًا فليترك تمني الموت، وليقلع عن الإساءة؛ لئلا يموت على إساءته، فيكون على خطر، وأما من عدا ذلك ممن تضمنه التقسيم، فيؤخذ حكمه من هاتين الحالتين؛ إذ لا انفكاك عن أحدهما -والله أعلم-. فتح الباري (13/ 222).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
زاد في رواية همام عن أبي هريرة: «ولا يدعُ به من قبل أن يأتيه»، وهي قيد في الصورتين، ومفهومه: أنه إذا دخل به لا يمنع من تمنِّيه رضا بقضاء الله ولا من طلبه؛ لذلك إما أن يكون «محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما أن يكون مسيئًا فلعله أن يَسْتَعْتِبُ» يطلب العتبى، وهو الإرضاء، أي: يطلب رضا الله بالتوبة وردّ المظالم، وتدارُك الفائت، و(لعل) في الموضعين للرجاء المجرد من التعليل، وأكثر مجيئها في الرجاء إذا كان معه تعليل نحو: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} البقرة:189. إرشاد الساري (8/ 357-358).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
ويُستعتب: يستفعل من العتبى، فكأنه أشار إلى أنه حيث كان في الإساءة؛ فإن العتاب من الله مُتَوَجِّهٌ إليه، فلا ينبغي أن يتمنى الموت، فلعله يستعتب، أي: يتوب إلى ربه، ويعود إلى الحسنى، وهذا من لطيف القول في استعطاف المالك المقتدر للعبد الضعيف الجاهل. الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 232).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
في فوائده (أي: هذا الحديث):
1. منها: بيان أن دخول الجنّة برحمة من الله -سبحانه وتعالى-، وفضل، لا بالعمل الصالح...
2. ومنها: أنه لا ينبغي للعبد أن يعتمد على أعماله الصالحة، بل الواجب أن يعتمد على ربه -سبحانه وتعالى-، مع اجتهاده في الأعمال.
3. ومنها: أن فيه حجةً لمذهب أهل السُّنَّة: أن الله تعالى لا يجب عليه شيء من الأشياء، لا ثواب، ولا غيره، بل العالم مُلكه، والدنيا والآخرة في سلطانه، يفعل فيهما ما يشاء، فلو عذّب المطيعين والصالحين أجمعين، وأدخَلَهم النار- كان عدلًا منه، وإذا أكرمهم، ونعَّمهم، وأدخلهم الجنة، فهو بفضل منه، ولو نَعَّم الكافرين، وأدخلهم الجنة، كان له ذلك. البحر المحيط الثجاج (43/ 516).


ابلاغ عن خطا