«كانت علينا رِعايةُ الإبلِ، فجاءت نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُها بِعَشِيٍّ، فأدركتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قائمًا يُحدِّثُ الناسَ، فأدركتُ مِنْ قوله: ما مِن مُسلمٍ يتوضأُ فيُحسنُ وضوءَهُ، ثم يقومُ فيصلي ركعتين، مُقبلٌ عليهما بقلبِهِ ووجهِهِ، إلا وجبتْ له الجنةُ، قال: فقلتُ: ما أجودَ هذهِ!، فإذا قائلٌ بين يديّ يقولُ: التي قبلها أجودُ، فنظرتُ فإذا عمرُ، قال: إني قد رأيتُكَ جئتَ آنفًا، قال: ما مِنكم من أحدٍ يتوضأُ فيبلغُ -أو فيسبغُ- الوضوءَ، ثم يقول: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدهُ لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، إلا فُتحتْ له أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ، يدخلُ من أيِّهَا شاءَ».
رواه مسلم برقم: (234)، من حديث عُقبة بن عامر -رضي الله عنه-.
وفي لفظ له: «عبدهُ ورسُوله»
ورواه الترمذي برقم: (55)، وزاد بعد قول: «ورسوله»: «اللهم اجعلني من التَّوابين واجعلني مِن المُتطهِّرين».
صحيح الجامع برقم: (6167).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«رِعَايةُ»:
الرعاية: بكسر الراء، وهي الرَّعْي. شرح صحيح مسلم، للنووي(3/ 120-121).
وقال البعلي -رحمه الله-:
الرعاية: الحفظ، وأكثر ما يُستعمل الرعي في الغنم، يُقالُ: رعيتُ الغنم رعْيًا، وأرعيتُها: جعلتُها ترعى، فالراعي: حافظ، فيُطْلَق على فعله: الرعاية، والرِّعْي بالكسر: الكلأ. المطلع على ألفاظ المقنع (ص: 397).
«نَوْبَتِي»:
أي: وقتي الذي يعود إِلَيَّ فيه ما تناوبناه من الرعي. مطالع الأنوار على صحاح الآثار (4/ 232).
وقال الجوهري -رحمه الله-:
النَوبة: واحدة النُّوَبِ، تقول: جاءت نَوْبتُك ونِيابتك، وهم يتناوبون النوبةَ فيما بينهم في الماء وغيره. الصحاح(1/ 229).
«فَرَوَّحْتُهَا»:
الرواح: من زوال الشمس إلى الليل، وكذلك العشي، إلا أنه أراد بالعشي ها هنا: أواخر الوقت، وهو المساء، يقال: أرحنا إبلنا، أي: رددناها وقت الرواح، والمراح: حيث تأوي الماشية بالليل. كشف المشكل، لابن الجوزي (1/ 150).
«وجبت»:
وَجَبَ الشيءُ يجب وجوبًا، إِذا ثبت ولزم. النهاية، لابن الأثير(5/١٥٣)
«آنفًا»:
أي: قريبًا. فتح الباري، لابن حجر (1/ 73).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
آنِفًا: بِمد الهمزة، وكسر النُّون، أي: قريبًا، وقيل: في أول وقت كُنَّا فيه، وقيل: الساعة، وكُله بمعنى من الاستئناف والقُرْب. مشارق الأنوار على صحاح الآثار(1/ 44).
شرح الحديث
قوله: «كانت علينا رِعايةُ الإبلِ، فجاءت نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُها بِعَشِيٍّ»:
قال النووي -رحمه الله-:
قوله: «كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي فروحتها بعشي» معنى هذا الكلام: أنهم كانوا يتناوبون رعي إبلهم، فيجتمع الجماعة، ويضمون إبلهم بعضها إلى بعض، فيرعاها كل يوم واحد منهم؛ ليكون أرفق بهم، وينصرف الباقون في مصالحهم...
وقوله: «روحتها بعشي» أي: رددتها إلى مراحها في آخر النهار، وتفرغتُ من أمرها، ثم جئتُ إلى مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. شرح صحيح مسلم (3/ 120-121).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قول عُقبة: «كانت علينا رِعاية الإبل» يعني: إبل الصدقة، المنتظر بها تفريقها، أو الإبل المعدة لمصالح المسلمين.
وقوله: «فروحتها بعشي» يعني: رددتها إلى حيث تبيت. المفهم (1/ 494).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
الظاهرُ من قوله: «علينا رعايةُ الإبلِ» أنَّها رعايةُ إبِلِ الصَّدَقَةِ، أو المصالحِ المتعلقةِ برعايةِ المسلمين، وليستْ إبلَهُم المملوكةَ لهم؛ لأنَّ (على) لا تستعمل في مثلِ رعايةِ مِلْكِ الإنسانِ عُرْفًا؛ ولأنَّ المناوبةَ التي دلَّ عليها الحديثُ لا تليقُ بمِلْكِ الإنسان، ولا يلزم غيرُهُ إلا لمعارِض خاصٍّ لا دليلَ على وجوده في لفظِ الحديث.
فيؤخَذُ منه: أنَّ تعيينَ بعض المسلمين لبعضِ المصالح المتعلقةِ بهم تكون بإذن الإمام، وأما كونُه بعِوَضٍ أو بغير عوض، فليس في اللفظ ما يدل عليه، والأصلُ عدمُه، وهو أقوى مناسبةً لـ(علينا) عرفًا ممَّا إذا كان بعِوَض.
واختلفَ الفقهاءُ فيما إذا عَيَّن الإمام رجلًا لفَرْض الكفايةِ هل يتعيَّن؟ وقد تكون لفظةُ (على) أقربَ إلى التعين ممَّا إذا لم يتعيَّن، وقد لا تدلُّ بناءً على بحثٍ لهم في الأصول في فرض الكفاية ومدلوله.
وفيه: تعديلُ الإمام بين النَّاس في هذه الأفعال التي تعيَّن فيها مباشرتُها بجعلها مناوبةً بينهم؛ دَفْعًا للعُسْرِ الناشئ من ملازمةِ الشخصِ الواحدِ للفعلِ دائمًا. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 162-163).
قوله: «فأدركتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قائمًا يُحدِّثُ الناسَ، فأدركتُ من قوله»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قوله: «فأدركتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» أي: وصلت إليه، وجئته حالة كونه «قائمًا يُحدِّث الناس» أي: يخبرهم، ويعلمهم مصالح دينهم؛ «فأدركتُ» أي: سمعتُ. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 216).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
قوله: «يحدِّث الناسَ» حالٌ من الرسولِ -صلى الله عليه وسلم-، والعاملُ فيه: الضميرُ في «أدركتُ» أو مِنَ الضميرِ في «قائمًا»، وقائمًا حالٌ من الضمير في «أدركتُ» كما ذكرناه. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 151).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله- أيضًا:
قوله: «يُحَدِّثُ الناسَ» ولم يقل: يَخْطُبُ النَّاس، يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون عَبَّر بتحديث الناس عن الخطبة عن طريق إطلاق اللفظ العامِّ على الخاصِّ.
والثاني: أن يكونَ غيرَ معبَّرٍ به عن الخطبةِ؛ لأنَّ الخطبة لها أمورٌ مخصوصة، وقد شرط الفقهاء فيها أقوالًا مخصوصةً، ومعانيَ مخصوصة، وزعم بعضُهم: أنها لا تُسَمَّى خطبةً إلا بتلك الأقوال وتلك المعاني، أو لا تكونُ خطبةً شرعيةً إلا بها.
ولما كان عقبة قد جاء بعد مُضِيِّ صدرٍ من الكلام، أمكن أن يكونَ ما مضى وفاتَهَ لم تقعْ فيه تلكَ الألفاظُ والمعاني المعتبرة في تسميتها خطبة، أو في كونها خطبةً شرعية، فكان إخبارُه بأنه -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس أحوطَ من إخبارِهِ بكونِهِ -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/164- 165).
قوله: «ما مِن مُسلم يتوضأ فيُحسن وضوءه»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قوله: «ما من مسلم يتوضأ» أي: ما مسلم يتوضأ «فيحسن وضوءه» بفرائضه وآدابه. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 216).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «فيحسن الوضوء» أي: يتقنه بأن يأتي به تامًّا مستجمعًا لفرائضه وسننه ومندوباته. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (2/ 156).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
فإن إحسان الوضوء بعد التوضُّؤ لا يحتمل غير المكملات مع أن في لفظة الإحسان دلالة عليه وإشارة إليه. مرقاة المفاتيح (1/ 348).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
الإحسان في الوضوء من جملة الشرائط المعتبرة في حصولِ الوعود، والإحسانُ: هو الإتيانُ به على الوجه المطلوب شرعًا، من غير غلُوٍّ ولا تقصير. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 165-166).
وقال السندي -رحمه الله-:
يمكن أن يكون هذا الحديث بمنزلة التفسير لحديث عثمان، وهو: «من توضأ نحو وضوئي» إلخ، وعلى هذا: فقوله: «أحسن الوضوء» هو أن يتوضأ نحو ذلك الوضوء. حاشية السندي على سنن النسائي (1/ 95-96).
قوله: «ثم يقوم فيصلي ركعتين، مُقبل عليهما بقلبه ووجهه»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ثم يقوم» أي: حقيقة أو حكمًا؛ سيما إذا كان بعذر؛ فإطلاقه جرى على الغالب لا أنه قيد احترازي، وثم للترقي، «فيصلي ركعتين، مقبل عليهما»: أي: على الركعتين «بقلبه» أي: باطنه، «ووجهه» أي: ظاهره أو ذاته. مرقاة المفاتيح (1/ 348).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «ثم يقوم» عطف على ما قبله، وذكر القيام؛ لكونه أكمل في صلاة النفل من الجلوس إلا لعذر. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (2/ 156-157).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «مقبل عليهما بقلبه ووجهه» المراد بوجهه: الذات، أي: مقبلًا عليهما بظاهره وباطنه، مستغرقًا خاشعًا هائبًا. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 747).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«ثم يقوم فيصلي ركعتين مُقبلًا عليهما» أي: حالَ كونه متوجِّهًا على تلك الركعتين، «بقلبه ووجهه» أي: بظاهره وباطنه. شرح المصابيح (1/ 233).
وقال السندي -رحمه الله-:
والإقبال بالوجه: أن لا يتلفت به إلى جهة لا يليق بالصلاة الالتفات إليها، ومرجعه: الخشوع والخضوع، فإن الخشوع في القلب، والخضوع في الأعضاء. حاشية السندي على سنن النسائي (1/ 95).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «يقبل عليهما بقلبه ووجهه» أي: يخشع فيهما بقلبه ويخضع بجوارحه، والإقبال في الأصل ضد الإدبار، والمراد هنا بإقبال القلب: خشوعه، وبإقبال الوجه: خضوع الأعضاء ...، وأراد بالوجه ذاته؛ ففيه إطلاق اسم الجزء على الكل، وجمع -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم- بهاتين اللفظتين أنواع الخشوع والخضوع؛ لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع في القلب. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (2/ 156-157).
وقال محمود السبكي -رحمه الله- أيضًا:
لا يشتغل قلبه بغيرهما (أي: الركعتين) من الخواطر والوساوس، ولا يلتفت بوجهه إلى غير جهة الصلاة. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (5/ 355).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
قولُه -عليه الصلاة والسلام-: «مُقْبِلًا عليهما بقلبِهِ ووجهِهِ» فيه أنواعٌ من المجازِ:
أحدها: استعمالُ الوجْهِ.
والثاني: استعمال القلبِ.
والثالث: ما يدل عليه العطفُ من المغايَرَةِ ظاهرًا.
والرابع: استعمال لفظِ (الإقبال).
والخامس: استعمالُ لفظَةِ (على)، والكلُّ يرجع إلى معنًى واحدٍ؛ وهو الإخلاصُ، ونفيُ الاشتغالِ، وصرفُ الخواطرِ إلى غيرِ ما هو من الرَّكعتين، وحصرُها فيما هو فيه منهما، فالإقبالُ مُعَبَّرٌ به عَنْ هذا الحصرِ؛ لأنَّه إدبارٌ عن الخواطِرِ الْمُشْغِلَةِ، وصرفٌ إلى المقصودِ، والصَّرفُ إليه هو الإقبالُ، والوجه: القَصْدُ، والقَلْبُ: الدَّواعي، والعوازمُ، والخواطرُ التي يشتمل عليها هو، وهو أقربُ المجازات إلى الحقيقةِ؛ تسميةً للشيء باسم محلِّه.
وإذا كانت الحقيقة ما قلناه، فلا تعدُّدَ، واستعمالُ ما يقتضي التعدد يكون على خلاف الحقيقةِ في مثل هذا المكان، وكذلك إذا قلنا: أقبل زيدٌ على عمرو، فله حقيقة يُجوَّزُ بها عن توجُّهِ الخواطر، وجَمْعِ الهمِّ على الشيء فيه؛ تشبيهًا بإقبال الشَّخْصِ على الشخص، وتوجُّهِه إليه. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/160- 161).
قوله: «إلا وجبت له الجنة»:
قال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «وجبت له الجنة» أي: حصلت له الجنة؛ لأن الله تعالى كريم لا يضيع أجر المحسنين، ومعنى: «وجبت» ها هنا: أن الله تعالى يعطيه الجنة تفضُّلًا وتكرُّمًا بحيث لا يُخلِف وعده، كمن وجب عليه شيء، ومذهب أهل السنة: أنه لا يجب على الله شيء، بل من أدخله جنته فبِفَضْلِهِ أدخله جنته. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 352).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
قوله: «إلا وجبت له الجنة» استثناء من أعم الأحوال، أي: ليس شخص من أهل الإسلام متوضِّئًا فمحسنًا وضوءه، ثم قائمًا فمصليًّا ركعتين حال كونه مقبلًا بقلبه ووجهه عليهما في حال من الأحوال إلا حالة كونه وجبت له الجنة. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 216).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «إلا وجبت له الجنة» الوجوب حيثما وقع في مقام ثواب الأعمال، فالمراد به: التفضل عند أهل السنة والجماعة؛ فإنه لا يجب على اللَّه شيء، ولكنه يفعل بمقتضى وعده الكريم، ولا يخلف الوعد، ولا يتصور على اللَّه غير هذا كما عرف في أصول الكلام. لمعات التنقيح (2/ 20).
وقال محمود السبكي -رحمه الله-:
قوله: «إلا وجبت له الجنة» أي: ثبتت له، وهذا وعد من الله تعالى ووعده لا يتخلف؛ بشرط أن لا يوجد من العبد ما ينافيه. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (5/ 355).
وقال محمود السبكي -رحمه الله- أيضًا:
أي: أوجب له ربه الجنة، بمعنى: أنه استحق دخولها بلا سابقة عذاب، وإلا فمطلق الدخول يكفي فيه مجرّد الإيمان، والاستثناء من عموم الأحوال. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود(2/ 157).
قوله: «قال: فقلتُ: ما أجودَ هذهِ!»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قال: «فقلتُ: ما أجود هذا!»، وفي لفظ: «هذه» أي: الكلمة أو الفائدة أو البشارة، أو العبادة، وجودتها من جهات:
منها: أنها سهلة متيسرة، يقدر عليها كل أحد بلا مشقة.
ومنها: أنَّ أجرها كبير.
ومنها: أنَّها عامة لكل مسلم. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 159).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
قوله: «ما أجودَ هذه!» (ما) هذه هي التي للتعجُّب...
وقوله: «ما أجودَ هذه!» تأنيثٌ، بمعنى الكلمة، المقصود بها: الجملة، والكلمةُ تطلقُ ويراد بها الجملةُ، بل وعلى ما يراد به الجملُ، كإطلاق الكلمةِ على القصيدة. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 151).
قوله: «فإذا قائلٌ بين يدي يقولُ: التي قبلها أجودُ، فنظرتُ فإذا عمرُ»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
وإنما قال عمر: إنها أجود مما سمعه بنفسه؛ لأن هذا أجر عظيم على مجرد الوضوء، والقول بعده، وأجر الصلاة غيره. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 160).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
الذي قاله عمر -رضي الله عنه- من أنَّ ما حكاه أجودُ ممَّا سمعه عُقبة، لعلَّ سببَه -والله أعلم-: أنَّه أقلُّ شروطًا في استحقاق الثواب المخصوص، فإن الأول يقتضي إحسانَ الوضوء، وصلاةَ ركعتين مع الإقبالِ بالقلبِ والوجهِ، وفي ذلك عُسْرٌ على ما يَشْهَدُ به الحال في أكثر الخَلْقِ، من تزاحم الوساوِسِ والخواطِرِ، وتزاحمِهما كثيرًا في حقِّ بعضهم.
وأما الثاني: فليس فيه إلا إسباغُ الوضوءِ، أو إبلاغُه، والقولُ المخصوصُ؛ وذلك يسيرٌ بالنسبة إلى الأوَّلِ، ويحتمل: أن يُضاف إلى ذلك ما دلَّ عليه: «فُتِحَتْ له أبوابُ الجنَّة» من زيادة الثواب المرغِّب في العمل، فينضافُ زيادةُ الثواب إلى يُسْرِ العمل على هذا الوجه، فيكون أحسنَ.
ووجه الزيادة في قوله: «فُتِحَتْ له أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ» ما دل عليه هذا الفعل من تعظيمِ الفاعلِ وتكريمِه بتخييرِه بالدخولِ من أيِّ الأبواب شاء، فهذه مزيَّةٌ عظيمةٌ تُرغِّبُ في العمل. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/167- 168).
قوله: «قال: إني قد رأيتُكَ جئتَ آنفًا»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«إني قد رأيتُك جئتَ آنفًا» أي: قريبًا. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 159).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«إني قد رأيتُك جئتَ آنفًا» أي: وإنما قلتُ لك ما قلتُ؛ لأني قد رأيتُك جئتَ في الزمن القريب، ولم تدرك المقالة التي قبل هذه. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 217).
قوله: «ما منكم من أحدٍ يتوضأُ فيبلغُ -أو فيسبغُ- الوضوءَ»:
قال السيوطي -رحمه الله-:
هما بمعنىً، أي: يُتِمُّهُ ويُكْمِلُهُ، ويوصله مواضعه على الوجه المسنون. شرح صحيح مسلم(2/ 23).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
الشك من الراوي، أو ممن دونه، وهما بمعنىً واحدٍ، أي: فيُتِمُّهُ ويُكْمِلُه فيُوصِلُه مواضعه على الوجه المسنون. الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 217).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
أي: أتى بواجباته، أو مكملاته. فتح الإله شرح المشكاة (5/241).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ما منكم» (من) بيانية، وقيل: تبعيضية، وهو حال على ضعف، «من أحدٍ» الذي هو مبتدأ على رأي سيبويه، و(من) زائدة «يتوضأ فيبلغ» من الإبلاغ «أو فيسبغ» من الإسباغ، وهو للشك، «الوَضوء» بفتح الواو، وقيل: بالضم، أي: ماء الوضوء.
وأغرب ابن حجر هنا أيضًا حيث قال: أن يأتي بواجباته، ويحتمل مكملاته. ا. هـ؛ لأن عطف الإبلاغ والإسباغ على التوضؤ لا يكون إلا بإرادة المكملات، فإن أصل الوضوء لا يتصور بدون الواجبات. مرقاة المفاتيح (1/ 349).
قوله: «ثم يقول: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ثم يقول» أي: عقيب وضوئه «أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله». مرقاة المفاتيح (1/ 349).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «أشهد أن لا إله إلا الله» القول بالشهادتين عقيب الوضوء إشارة إلى إخلاص العمل لله، وطهارة القلب من الشرك والرياء، بعد طهارة الأعضاء من الحدث والخبث. الكاشف عن حقائق السنن (3/ 748).
قوله: «اللهم اجعلني من التوابين»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«اللهم اجعلني من التوابين» عن المعاصي «واجعلني من المتطهرين» مأخوذ من الآية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة: 222، والجمع بين التوبة والتطهر في نهاية المناسبة؛ لأن التوبة تطهير القلب، والوضوء تطهير الجوارح، ومحبة الله ثابتة لمن جمع بينهما. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 160).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
«واجعلني» أي: صيرني من التوابين، الذين يريدون التوبة من كل ذنب وفعل فعلوه. فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 217).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
قوله: «من التوَّابين» جمع توَّاب: وهي صيغة مبالغة مِن تاب يتوب، أي: اجعلني من الذين يكثرون التوبة والاستغفار مما قارفوه من معاصٍ وذنوب. منحة العلام (ص: 203).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«اللهم اجعلني من التوَّابين»: ليس فيه دعاء صريحًا ولا لزومًا بإكثار وقوع الذنوب منه، بل بأنه إذا وقع منه ذنب أُلْهِمَ التوبة عنه، وإن كثُر.
وفيه تعليم للأمَّة كما ورد: «كلُّكم خَطَّاؤُون وخير الخَطَّائِين التوَّابون». مرقاة المفاتيح (1/ 349-350).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله-:
قوله: «من المتطهرين» جمع مُتَطَهِّر، والتَّطَهُّر: التَّنَزُّه. منحة العلام (ص: 203).
وقال الشيخ عبد الله الفوزان -حفظه الله- أيضًا:
أي: اجعلني من الذين يَتنزهون من الذنوب والأحداث والأنجاس. منحة العلام (ص: 203).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«واجعلني من المتطهرين» أي: بالخَلاص مِن تَبِعَاتِ الذنوب السابقة، وعن التلوث بالسيئات اللاحقة، أو من المتطهرين من الأخلاق الذميمة، فيكون فيها إشارة إلى أن طهارة الأعضاء الظاهرة لَمَّا كانت بِيَدِنَا طهَّرناها، وأما طهارة الأحوال الباطنة فإنما هي بيدك فأنت تطهِّرها بفضلك وكرمك. مرقاة المفاتيح (1/ 350).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
جمع بينهما ائتمامًا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة: 222، ولما كانت التوبة طهارة الباطن من أدران الذنوب، والوضوء طهارة الظاهر عن الأحداث المانعة عن التقرب إليه تعالى، ناسب الجمع بينهما، أي: طَلَبُ ذلك من الله تعالى غاية المناسبة في طلب أن يكون السائل محبوبًا بالله وفي زمرة المحبوبين له. سبل السلام (1/ 80).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فإذا جعلك الله من التوابين المتطهرين فإنك تنال بذلك محبة الله. فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 217).
قوله: «إلا فُتحتْ له أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
«إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية» أي: ستفتح له، لكنه عبَّر عمَّا سيقع؛ لتحققه بالواقع. التحبير لإيضاح معاني التيسير (7/ 160).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
قوله -عليه السلام-: «أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ» يدل على حصر هذا العدد للأبواب، وحصر الأبواب فيه. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 168-169).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
فعلى هذا اللفظ، أبواب الجنة ثمانية، كما قالوا. التمهيد (7/ 190).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فُتحت له أبواب الجنة الثمانية» بضم الفاء، فكسر الفوقية المخففة، ويحتمل التشديد للتكثير؛ لتكرر الفعل؛ لتعدد الأبواب، والظرف للربط، تقول: حفظت لزيد ماله. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (6/ 519).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
فتح أبواب الجنة محمول على ظاهره وحقيقته، وذكر بعضهم احتمال أن يكون مجازًا عن التوفيق للطاعات في الدنيا، فإنها سبب في فتح أبواب الجنّة في الآخرة، والصواب ما قدّمته، وأما الاحتمال المذكور فيُبعده قوله: «يدخُلُ من أَيِّهَا شاء» فتأمل، -والله تعالى أعلم-. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (6/ 195).
قوله: «يدخلُ من أيِّها شاءَ»:
قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-:
قولُه: «يدخُلُ مِنْ أيِّها شاء» حالٌ منه، أي: ضميرُ القائل، ويحتمل أن يكونَ حالًا مقدَّرة؛ لأنَّ التفتيح لا يكونُ في حال الدخولِ -والله أعلم-. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 160).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله- أيضًا:
واشتُهِرَ بين المتفقِّهةِ والطلبةِ سؤالٌ على هذا الحديث: وهي المعارضةُ بينَه وبين كونِ البابِ الريَّانِ لا يدخله إلا الصائمون.
وأجيبَ عنه: بأنَّ شرطَ التعارضِ اتحادُ الموضوع، وأحد الحديثين يدلُّ على أنَّ الدخولَ من بابِ الريّان مخصوصٌ بالصائمين، والآخر يدلُّ على تخييرِنا على هذا الفعل في الدخول من أيِّها شاء، فلا اتَّحاد في الموضوع؛ إذِ التخييرُ في الدخول غيرُ الحكم بالدخول.
فإن قيل: فما الفائدة في التخيير في دخوله من أيِّها شاء مع كونِه لا يدخل من بعضها؟ قلنا: الفائدةُ إظهارُ التعظيمِ والشرفِ الناشئِ عن هذا التخيير، وقد لا يكون هذا المعارِضُ -أعني: عدمَ دخولِ غيرِ الصائمين البابَ الريَّانَ- معلومًا عند هذا المدعوِّ، ولا عندَ السامعين حينئذٍ، فتبقى الفائدةُ كاملةً، وهذا في المثال، كما رُوِيَ عن بعض المتقدمين أنه قال: أُخِذ الميثاقُ على جميع الأنبياءِ أن يؤمنوا بالنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذا ظهر، مع العلم بأنَّه لا يظهرُ في زمنِ أحدٍ منهم، وإنما ذلك لإظهارِ الشرفِ، وعدمِ العلمِ بعدمِ ظهوره في زمنِ الأنبياءِ السابقين لهم -صلواتُ اللهِ وسلامُه على جميعِهم- السابقين لهم إن كانَ العلمُ غيرَ حاصلٍ لهم -صلوات الله عليهم-، وإن كان حاصلًا فهو أقوى؛ لِمَا قلناه، وأسَدُّ لِمَا ذكرناه. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 168-169).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وأما ما أخرجه مسلم عن عمر: «من توضأ ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله» الحديث وفيه: «فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء» فلا ينافي حديث: «لكل عامل باب من أبواب الجنة يدعى منه بذلك العمل» أخرجه أحمد وبن أبي شيبة بإسناد صحيح. وإن كان ظاهره أنه يعارضه؛ لأنه يُحمل على أنها تفتح له على سبيل التكريم ثم عند دخوله لا يدخل إلا مِن باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم فتح الباري(7/٢٨).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«يدخل من أيها شاء» جملة مستأنفة لبيان حال المتطهر، أو حال مقدرة، ولا مخالفة بين هذا الحديث وحديث «الريان يدخل منه الصائمون دون غيرهم»؛ لأن ما في حديث الباب أنه يُنادى منها كُلها؛ لكونه عمل بعمل أهل كل باب تشريفًا له في ذلك الموقف، ثم يُلهم الدخول من الباب الغالب عليه عمله. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (6/ 519).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
جمع في هذا الحديث بين طهارة الظاهر بالوضوء، وطهارة الباطن بالتوحيد، وسؤال التوبة، والتطهر من الذنوب والآثام، وأخبر -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ ثواب هذا العمل دخول الجنة من أي أبوابها شاء. تطريز رياض الصالحين (ص: 605).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
وفي هذا الحديث: ما يدل على أنَّ الذكر بعد الوضوء فضيلة من فضائله، وعلى أنَّ أبواب الجنة ثمانية لا غير، وعلى أنَّ داخل الجنة يُخيَّر في أي الأبواب شاء. المفهم (1/ 495).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
في هذا الحديث من الفقه: إسباغ الوضوء، والكمال فيه ثلاث مرار في كل عضو ما عدا الرأس فإن فيه الخلاف، والإسباغ في اللغة: أن يشتمل العضوَ الغسلُ ويستوعبه، والثوب السابغ: الفاضل عن مقدار طول صاحبه. الإفصاح عن معاني الصحاح (1/ 218).
قال النووي -رحمه الله-:
وينبغي أنْ يَضُّمّ إليه ما جاء في رواية الترمذي مُتصلًا بهذا الحديث: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين». ويُستحبُّ أنْ يَضُمَّ إليه ما رواه النسائي في كتابه: "عملُ اليوم والليلة" مرفوعًا «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك». قال أصحابنا: وتستحب هذه الأذكار للمُغتسل أيضًا. والله أعلمشرح صحيح مسلم(3/١٢١).
وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله- أيضًا:
وفيه طلبيَّةُ القيامِ للخُطَبِ والمواعِظِ، وما يُقْصَدُ إبلاغُه من الحديث للسامعين؛ لأنه أبلغُ في تحصيل المقصود، وقد اختلف الفقهاءُ في ركنيَّةِ القيام في خطبة الجمعة، ولا يتعدَّى أن يكونَ حكمُه مرتَّبًا على حكمِ القول، فحيثُ لا يجب لا يجب، وحيث يجب أمكن أن يجبَ، تحقيقًا عن عُهدة الواجب، وأمكنَ أن لا يجب اكتفاءً بظاهر الحال، وعدم تحققِ المانع من الإجزاء. وعلى كل حال: فالقدر المشترك من الطلبية حاصلٌ. شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/164- 165).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء، ويأتي فيهما ما يأتي في تحية المسجد. فتح الباري (1/ 260).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فيه الحث على الإخلاص في الطاعات، وأن تكون مُتَمَحِّضَة (أي: خالصة) لله تعالى لا يشوبها شيء، «ووجهه» هو الوجه الذي استقبل به الكعبة، ويحتمل أن يراد بالوجه: الذات جميعها، كقوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} الرحمن:27.
وقيل: بعبادته كما في قوله تعالى: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} الأنعام:79 أي: قصدت بعبادتي عليهما، يحتمل أن يكون (على) بمعنى (في) كقوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} القصص:15. شرح سنن أبي داود (5/ 54).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
في فوائده (أي: هذا الحديث):
1. منها: بيان الذكر المستحبّ عقب الوضوء.
2. ومنها: بيان فضل إحسان الوضوء، واستحباب الشهادتين بعده.
3. ومنها: بيان فضل الشهادتين، وكلمة التوحيد.
4. ومنها: إثبات الجنّة، وأنَّ لها أبوابًا ثمانية.
5. ومنها: بيان أن بعض عباد الله تفتح له أبواب الجنّة كلُّها، ويُدعَى إليها؛ تكريمًا له، وإن كان لا يدخل إلا من باب واحد.
6. ومنها: ما قاله الطيبيّ -رحمه الله-: القول بالشهادتين عقب الوضوء إشارة إلى إخلاص العمل لله تعالى، وطهارة القلب من الشرك والرياء، بعد طهارة الأعضاء من الحدث والخبث. انتهى.
7. ومنها: أن في قوله: «ثم يقوم فيصلّي» يؤخذ منه أن القيام في النافلة أفضل من الجلوس إلا لعذر.
8. ومنها: استحباب ركعتين عقب الوضوء...
9. ومنها: بيان أن الإخلاص في العمل، وإقبال القلب عليه، وترك الشواغل الدنيويّة هو روح العبادة.
10. ومنها: بيان أن الله -عز وجل- يُعطي الثواب الكثير على العمل القليل الخالص لوجهه؛ فضلًا منه، ومنّةً، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الحديد: 21.
11. ومنها: بيان حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على فعل الخير، والترغيب فيه، ودلالة الغير عليه.
12. ومنها: بيان ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- أيضًا من التواضع، وخدمة أنفسهم بأنفسهم.
13. ومنها: ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- أيضًا من الحرص في طلب العلم، وحضور مجالسه، فكلما وجدوا فُرصة انتهزوها واغتنموها، وصرفوها فيه، ولو كان ذلك على سبيل التناوب، وقد عقد الإمام البخاريّ لذلك بابًا في كتاب العلم من صحيحه، فقال: باب التناوب في العلم.
14. ومنها: بيان مشروعيّة التعاون في الأمور المعيشيّة -والله تعالى أعلم-. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (6/ 197-199).
وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)