الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«إذا قَضى أحدُكُمُ الصلاةَ في مسجدِهِ، فلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نصيبًا مِن صلاتهِ؛ فإنَّ الله جاعلٌ في بَيْتِهِ مِن صلاتهِ خيرًا».


رواه مسلم برقم: (778)، من حديث جابر -رضي الله عنه-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«نَصيبًا»:
أي: حِصَّة وحظًّا. مرقاة المفاتيح (3/966).


شرح الحديث


قوله: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده»:
قال العزيزي -رحمه الله-:
«إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده» يعني: أدى الفرض في محل الجماعة. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/161).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
قوله: «إذا قضى أحدكم الصلاة» المكتوبة فـ(أل) فيها للعهد الذهني. فتح الإله في شرح المشكاة (5/133).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«إذا قضى أحدكم الصلاة» أي: أداها، و(أل) للعهد الذهني، أي: المكتوبة، كذا قاله ابن حجر، ويحتمل: أن المراد مطلق الصلاة التي يريد أن يصليها في المسجد. مرقاة المفاتيح (3/966).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
«إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل في بيته نصيبًا من صلاته» هذا يدل أنها النافلة. إكمال المعلم (3/ 144).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«في مسجده» وانصرف عنها وله بيت ينتقل إليه. مرقاة المفاتيح (3/966).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وخَص المسجد؛ لأن الغالب إقامتها فيه. فيض القدير (1/ 418).

قوله: «فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«فليجعل لبيته» أي: لمحل سَكَنِهِ «نصيبًا» أي: قسمًا «من صلاته» الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (10/88).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته» أي: يصلي النوافل والسنن فيه. شرح مصابيح السنة (2/194-195).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
«فليجعلْ لبيتِهِ نَصِيبًا» يعود عليه «مِن» بركة «صلاته»، فيصلي فيه النافلة التي لا يُسن فيها الجماعة. فتح الإله في شرح المشكاة (5/133).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته» بأن يؤدِّي فيها راتبة الفريضة. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 172).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فليجعل لبيته نصيبًا» التنوين فيه إن كان للتقليل فلِنَقْصِ مرتبة النَّفل عن الفرض، وإن كان للتعظيم ففيه إِيْمَاء إلى طلب الإكثار من النفل. دليل الفالحين (6/602).
وقال المظهري -رحمه الله-:
قوله: «فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته» يعني: لا تتركوا بيوتكم خالية عن الصلاة، بل صلوا فيها صلاة النوافل والسنن؛ فإن الله يجعل البركة والرحمة في بيتٍ تُصلى فيه صلاةٌ. المفاتيح في شرح المصابيح (2/296).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته» بأنْ يجعل الفرض في المسجد والنفل في منزله؛ لحديث «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، ولكونه أخفى وأبعد عن الرياء، وأصون من المحبِطَات، ويتبرك أهل البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة والملائكة، وتنفر منه الشياطين. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/161).

قوله: «فإن الله جاعِلٌ في بيته من صلاته خيرًا»:
قال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«فإن الله» الفاء للتعليل، أي: لأن الله -سبحانه وتعالى- «جاعل في بيته». البحر المحيط الثجاج (16/154).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فإن الله تعالى جاعل» أي: خالق أو مُصَيِّرٌ. مرقاة المفاتيح (3/966).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
وعلل ذلك (يعني: الأمر بالصلاة في البيوت) بقوله على سبيل الاستئناف البياني بقوله: «فإن الله جاعل»، عَدَلَ عن المضارع إليه؛ ليدل على الدوام والاستمرار. دليل الفالحين (6/602).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
قوله: «في بيته من صلاته خيرًا» الضمير «في بيته» عائد على المصلي الذي تضمَّنه الكلام المتقدم. المفهم (2/411).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «من صلاته» (مِن) سببية، أو تبعيضية، أو زائدة، وفي إيراد هذا الحديث في هذا الباب (أي: التبريزي في باب قيام شهر رمضان) إشارة إلى أداء التراويح في المسجد بالجماعة، ومع ذلك ينبغي أن يصلي في رمضان شيئًا من النوافل في البيت، وإلا لو أُريد من الصلاة في المسجد الفريضة، وفي البيت الرواتب والنوافل، فلا وجه لإيراده في هذا الباب، فافهم. لمعات التنقيح (3/409).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
«من صلاته خيرًا»... «ومن» ها هنا سببية بمعنى: من أجل. المفهم (2/411).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
«خيرًا» التنوين فيه للتعظيم، أي: خيرًا عظيمًا. البحر المحيط الثجاج (16/154).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«خيرًا» أي: كثيرًا عظيمًا كما يُؤْذِن به التَّنْكِير. فيض القدير (1/ 418).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«فإن الله جاعلٌ في بيته من صلاته خيرًا» أي: جاعلٌ خيرًا من صلاته في بيته، أي: يجعل البركة والرحمة فيه. شرح مصابيح السنة (2/195).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
فسَّر هذا الخبر في أحاديث أُخَر بأنها تحضره الملائكة، وتنفر منه الشياطين، ويتسع على أهله. إكمال المعلم (3/ 145).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
والخير الذي يُجعل في البيت بسبب التنفُّل فيه هو: عمارته بذكر الله وبطاعته، وبالملائكة وبدعائهم واستغفارهم، وما يحصل لأهله من الثواب والبركة. المفهم (2/411).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«خيرًا» يعود على أهله بتوفيقهم وهدايتهم، ونزول البركة في أرزاقهم وأعمارهم. مرقاة المفاتيح (3/966).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
«فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا» يعود على أهله بتوفيقهم وهدايتهم، ونزول البركة في أرزاقهم وأعمارهم.
وعُلِمَ أنَّ العلة في تفضيل البيت فيها يعود على ما ذُكر في البيت، لا البُعد عن الرياء، خلافًا لمن علَّل به؛ لأن قضيته أن المسجد لو كان خاليًا كان أفضل من البيت، وليس كذلك، بل البيت أفضل مطلقًا، كما صرح به هذا الحديث، وما يُسن فيه الجماعة، كالعيدين والكسوفين والاستسقاء والتراويح والوتر في رمضان، فالمسجد لها أولى؛ لشِبْهِهَا بالمكتوبة في طلب الجماعة، وأُلحق بها الضحى؛ لخبر فيها، وغيرها مما ذكره الفقهاء. فتح الإله في شرح المشكاة (5/133).
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- أيضًا:
وبه (يعني: بالحديث) عُلِمَ أفضلية صلاة البيت حتى على جوف الكعبة، وأنه لا فرق بين أن يكون المسجِد خاليًا أو فيه الناس؛ لأنه وإن انتفى نحو الرياء بخلوة بقي طلبها بالبيت بِعَوْدِ الرحمة والبركة فيه، فكانت أفضل فيه مطلقًا. أشرف الوسائل إلى فهم الشّمائل (416).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
يعني: أن البيت إذا صُلِّيت فيه جَعل الله فيه خيرًا، جعل الله في صلاتك فيه خيرًا، من هذا: أنَّ أهلك إذا رأوك تُصلي اقتدوا بك، وأَلِفُوا الصلاة، وأحبوها، ولا سيما الصغار منهم.
ومنها: أن الصلاة في البيت أبْعَدُ من الرياء؛ فإن الإنسان في المسجد يراه الناس، وربما يقع في قلبه شيء من الرياء، وأما في البيت فإنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء.
ومنها: أن الإنسان إذا صلى في بيته وجَدَ فيه الراحة، راحة قلبية وطمأنينة، وهذه لا شك أنها تزيد في إيمان العبد. شرح رياض الصالحين (5/ 140-141).
وقال الشيخ عبد الله صالح بن فوزان -حفظه الله-:
وصلاة النافلة في البيت فيها فوائد عظيمة، منها:
1 ـ تمام الخشوع والإخلاص والبُعد عن الرياء.
2 ـ تحقيق الخيرية الموعود بها، ومن ذلك نزول الرحمة، وطرد الشيطان، ومضاعفة الأجر، ووجود القدوة الصالحة، وتربية أهل البيت من النساء والصغار.
3 ـ أن فعلها في المنزل يُخْرِجُ البيت عن كونه كالمقبرة.
4 ـ امتثال أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي حثَّنا على صلاة النافلة في البيت، والله تعالى أعلم. منحة العلام شرح بلوغ المرام (ص: 215-216).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
والظاهر أنه مقيَّد بمسجد لا تُضاعَف فيه الحسنة، أو مبني على قول من يخص المضاعفة بالفريضة، أو بالنسبة لمن يخاف الرياء، أو دفعًا لوهم النفاق، أو حثًّا على الصلاة في البيت في الجملة من النوافل، ومع هذا تُستَثْنَى التراويح بالاتفاق؛ لما سبق مِن فِعْلِه -عليه الصلاة والسلام-؛ ولما تقرر عليه إجماع الصحابة. مرقاة المفاتيح (3/966).
وقال المناوي -رحمه الله-:
وفيه: أن النفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو بالمسجد الحرام، أي: إلا ما سُن جماعة، وركعتا الإحرام والطواف، وسُنة الجمعة القبلية، فبالمسجد أفضل عند الشافعية.
قال العراقي: وفيه أيضًا: أن الصلاة جالبة للرزق كما قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} طه:132.
قال ابن الكمال: وفيه أن المكتوبة حقها أن تُقضى في المسجد. فيض القدير (1/ 418).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
(و)تُستثنى التراويح بالاتفاق؛ لما سبق مِن فِعْلِهِ -عليه الصلاة والسلام-، ولما تقرر عليه إجماع الصحابة. مرقاة المفاتيح (3/966).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
قال الزركشي: وصلاة الضحى؛ لخبر رواه أبو داود، وصلاة الاستخارة، وصلاة مُنْشِئ السفر والقادم منه، والماكث بالمسجد لتَعَلُّمٍ أو تَعْلِيمٍ أو اعتكاف، والخائف فوت الراتبة. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/161).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فيه حث على صلاة النوافل في البيوت. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 172).
وقال النووي -رحمه الله-:
إنما حَثَّ على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وأَصْوَنُ من المحبِطَات، وليَتَبَرَّك البيت بذلك، وتَنْزِلُ فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان. شرح صحيح مسلم (6/67-68).
وقال الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
الأفضل والأولى أن تكون (النافلة) في البيوت؛ لأنَّ الأجر يكون أعظم، والثواب يكون أكبر، وسبق أنْ مرَّ بنا الحديث في سنن أبي داود في أنَّ صلاة النافلة أو التطوع في البيت أفضل من الصلاة في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فدلَّ هذا على أنَّ الإنسان إذا تمكن من الصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكنَّه أراد أن يصلي في بيته بعدما تنتهي الصلاة، فذلك أعظم أجرًا، وإنْ صلاها في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإنَّها تكون بألف صلاة، ولكنَّه لو صلاها في بيته تكون أكثر من ذلك وأعظم؛ لهذا الحديث الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...، والحديث في إسناده ضعف، وهناك من تكلم فيه، ولكن معناه صحيح؛ لأنَّه جاءت الأحاديث الكثيرة على وفقه وعلى مقتضاه.. شرح سنن أبي داود (160/ 3).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
فيه: إيماء إلى طلب الإكثار من النوافل. تطريز رياض الصالحين (647).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
من فوائده:
ومنها: بيان أن المكتوبة لا تُصلى إلا في المسجد.
ومنها: بيان فضل الصلاة، وأنها سبب لحصول الخير والبركة.
ومنها: بيان أنه لا ينبغي للمسلم أن يهجر بيته، ويجعله مكانًا للنوم والأكل والشرب ومباشرة الأهل فقط، بل ينبغي له أن يجعل فيه نوافل العبادات؛ حتى تنزل فيه البركات، فتعمُّ مَن فيه من الأهل والأولاد. البحر المحيط الثجاج (16/155-156).

وللاستفادة من الرواية الأخرى ينظر (هنا)


ابلاغ عن خطا