الأربعاء 26 رمضان 1446 هـ | 26-03-2025 م

A a

«خَمْسٌ مَن عَمِلَهنَّ في يومٍ كَتَبَهُ الله مِن أهلِ الجنَّةِ: مَن عادَ مريضًا، وشَهِدَ جَنازةً، وصامَ يومًا، وراحَ يومَ الجُمُعةِ، وأعْتَقَ رقبةً».


رواه ابن حبان برقم: (2771) واللفظ له، والبيهقي في الشُّعب برقم: (2778)، وأبو يعلى برقم: (1044)، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.
وبنحوه رواه الطبراني في الأوسط برقم: (2348)، والكبير برقم: (7484) ولفظه: «مَن صلَّى الجُمُعةَ وصامَ يومَهُ، وعادَ مريضًا، وشَهِدَ جَنازَةً، وشَهِدَ نِكَاحًا، وجَبَتْ له الجَنَّةُ»، من حديث أبي أُمامة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (3252)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1023).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«عادَ»:
العيادة: مصدر عادَ يَعُودُ عَوْدًا وعِيادَةً وعِيادًا، غير أنَّه قد خُصَّتْ العيادة بالرجوع إلى المرضى، والتكرار إليهم. المفهم، للقرطبي (6/ 550).

«جَنازةً»
في الجنازة لُغَتان: الكسر والفتح، ومنهم مَنْ يُفَرِّق بينهما، فيجعل الجَنازة بفتح الجيم بَدَنَ الميِّت، والجِنازة بالكسر: السَّريرُ. غريب الحديث، للخطابي (1/ 234).

«راحَ»:
أصل الرَّوْحَة: مِن زوال الشمس إلى الليل، والغَدْوَةُ: ما قبلها، ومنه: راحَ وغَدَا، حيث وقع...، (وقيل:) إنَّ (رَاحَ) يُستعمل في معنى: سار، أيّ وقتٍ كان. مطالع الأنوار، لابن قرقول (3/ 193).

«أعْتَقَ»:
العِتْق هو الحريَّة، أي: تخلُّص الرَّقَبة، عَتَق يعتِق -بالكسر- عِتْقًا، وعِتاقًا، وعَتاقةً بالفتح، مشتقٌّ مِن عَتَق الفَرَس: إذا سبَق، وعَتَق الفَرْخ: طارَ؛ لأنَّ العبد يخلُص بالعِتْق، ويذهب حيث شاءَ. اللامع الصبيح، للبرماوي (8/ 17).

«رقبةً»:
الرَّقَبة: عبارة عن نَفْسِ المملوك (ذكرًا أو أنثى)، قال الله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} البلد: 13، والرقبة: العُنق، وتُطلق على جميع ذات الإنسان، تسمية للشيء باسم بعضه؛ لشرفه وأهميته. شمس العلوم، للحميري (4/ 2590) والقاموس الفقهي، سعدي أبو جيب (ص: 151).
وقال الأزهري -رحمه الله-:
وإنَّما قيل لمن أعتق نَسَمَة: أعتق رقبة، وفكَّ رقبة، فخُصَّت الرقبةُ دون سائر الأعضاء؛ لأن ملْك السيد لعبده كالحبل في الرقبة، وكالغَلِّ، فإذا أُعْتِقَ، فكأنَّه أُطْلِقَ من ذلك. الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي (ص: 281).


شرح الحديث


قوله: «خَمْسٌ مَن عَمِلَهُنَّ في يومٍ»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «خمسٌ مَن عملهن في يوم» أراد به الجمعة، كما دلَّ له بقيته من إطلاق المطلق على المقيد. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 519).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «خمسٌ مَن عملهن في يوم» أيُّ يومٍ كان. فيض القدير (3/ 457).

قوله: «كَتَبَهُ اللَّهُ مِن أهلِ الجنَّةِ»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «كتبه الله من أهل الجنة» أي: حَكَمَ له بها، أو كتبه في صحائف أعماله. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 519).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «كتبه الله» أي: قَدَّر، أو أَمَر الملائكة أنْ تكتب أنَّه من «أهل الجنة»، وهذا علامة على حُسْن الخاتمة، وبُشرى له بذلك. فيض القدير (3/ 457).

قوله: «مَن عادَ مريضًا»:
قال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «عاد مريضًا» ولو أجنبيًّا. فيض القدير (3/ 458).
وقال الزرقاني -رحمه الله-:
قوله: «من عاد مريضًا» أي: زاره في مرضه، ولو أجنبيًّا. شرح الزرقاني على المواهب اللدنية (9/ 339).

قوله: «وشَهِدَ جَنازةً»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«وشهد جنازة» أي: حضرها، وصلى عليها. فيض القدير (3/ 458).

قوله: «وصامَ يومًا»:
قال الزرقاني -رحمه الله-:
قوله: «وصام يومًا» وفي رواية أبي يَعلى: «وصام يوم الجمعة» أي: تطوعًا. شرح الزرقاني على المواهب اللدنية (9/ 339).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «صام يوم الجمعة» مضاف إلى شيء قبلها، أو بعدها، وإلا فقد ثبت النهي عن إفرادها، وسواء كان فرضًا أو نفلًا. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 519).

قوله: «وراحَ يومَ الجُمُعةِ»:
قال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «وراح إلى الجمعة» أي: إلى محلها لصلاتها. فيض القدير (3/ 457).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
«وراحَ يومَ الجُمُعةِ» وأصل الرَّوْحِ: هو المشي إلى المساجد. فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (4/515).

قوله: «وأعْتَقَ رقبةً»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
قوله: «وأعتق رقبة» ولو أنثى. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 519).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قوله: «وأعتق رقبة» لوجه الله تعالى، أي: خلَّصها من الرِّق. فيض القدير (3/ 458).
وقال الشيخ أحمد حطيبة -حفظه الله-:
قوله: «وأعتق رقبة» هذا غير موجود في زمننا، وقد جاء في حديث آخر ذِكْرُ الصدقة، والحث عليها. شرح الترغيب والترهيب (13/ 4).
وقال الزرقاني رحمه الله-:
وظاهره: أنَّه لا يُكتب له ذلك إلا بفِعْلِ الخَمس في يومٍ واحدٍ، يكون يوم جمعة، أي جمعة كانت. شرح الزرقاني على المواهب اللدنية(9/ 339).
وقال الشيخ أحمد حطيبة -حفظه الله-:
والمطلوب من كل مسلم: أنْ يفعل ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يكون ممن يكتبه الله -عز وجل- من أهل الجنة، أما عن عتق الرقبة الآن فلا يوجد، ولكن يوجد البدل، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث فيها فضائل عَمَلٍ إذا عمله إنسان كان كأنَّه أعتق أربع رقاب، وكأنَّه أعتق عشر رقاب، ومن ذلك: ما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير» يقولها المسلم بعد الفجر مائة مرة، فكأنما أعتق عشر رقاب، وهذا ثواب بشيء معلوم، والعتق الحقيقي ثواب آخر، ولكن هذا الموجود؛ لأنَّه في زماننا لا يُوجَد عتق رقاب. شرح الترغيب والترهيب (13/ 4).
وقال الشيخ أحمد حطيبة -حفظه الله- أيضًا:
وهذه الأشياء تتحقَّق في رمضان أكثر من غيره؛ لأن العادة أنَّ المسلم يصوم فيه يوم الجمعة، كما قد يحضا بهذا الفضل إذا وافق يوم الجمعة صيامًا كان يصومه، ويواظب عليه، كأنْ كان يصوم الأيام البيض، فوافق أحدها يوم الجمعة، أو كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا، فوافق الجمعة يوم صيامه؛ وذلك لأنَّ صيام يوم الجمعة منفردًا نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما إذا صامه مع الخميس، أو صامه مع السبت فقد جاز له أن يصوم.
ولا شك أنَّ كل مسلم حريص على أنْ يكون من أهل الجنة؛ ولذا سيسعى نحو تطبيق قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن عاد مريضًا» أي: يزور مريضًا، «وشهد جنازة» أي: حضر الجنازة، سواء صلى عليها، أو شيَّعَهَا إلى قبرها. شرح الترغيب والترهيب (13/ 4).


ابلاغ عن خطا