الإثنين 24 رمضان 1446 هـ | 24-03-2025 م

A a

عن حذيفةَ أنه رأى شَبَثَ بنَ رِبْعِيٍّ بَزَقَ بين يديه، فقال: يا شَبَثُ لا تَبْزُقْ بين يديك، فإنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن ذلك، وقال: «إنَّ الرجلَ إذا قام ‌يُصَلِّي ‌أَقْبَلَ ‌الله ‌عليه بِوَجْهِهِ، حتى يَنْقَلِبَ، أو يُحْدِثَ حَدَثَ سُوءٍ».


رواه ابن ماجه برقم: (1023)، من حذيفة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (1614)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (‌‌1596)


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«بَزَقَ»:
«‌‌بزق» الباء والزاء والقاف أصل واحد، وهو: إلقاء الشيء. مقاييس اللغة لابن فارس(1/ 244).
وقال الفيروز أبادي -رحمه الله-:
والبُصاقُ كغُرابٍ، والبُساقُ والبُزاقُ: ماءُ الفَمِ إذا خَرَجَ منه، وما دَام فيه: فَرِيقٌ. القاموس المحيط، (ص: 868).

«حَدَثَ»:
الحاء والدال والثاء أصل واحد، وهو كون الشيء لم يكن، يقال: حدث أمر بعد أن لم يكن. مقاييس اللغة، لابن فارس (2/ 36).
وقال ابن الأثير -رحمه الله-:
الحدث: الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد، ولا معروف في السنة. النهاية في غريب الحديث(1/ 351).


شرح الحديث


قوله: «أنه رأى شبث بن ربعي»:
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«أنه» أي: أن حذيفة «رأى شبث» بفتح أوله وبالموحدة، ثم مثلثة «ابن ربعي» التميمي اليربوعي، أبا عبد القدوس... ومات بالكوفة في حدود الثمانين (80 هـ). مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (6/ 401).

قوله: «بزق بين يديه»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«بزق بين يديه» أي: بصق شبث بين يدي نفسه في الصلاة. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (6/ 401).

قوله: «فقال: يا شبث لا تبزق بين يديك، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن ذلك»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«فقال» حذيفة له: «يا ‌شبث؛ ‌لا ‌تبزق ‌بين ‌يديك؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن ذلك» أي: عن بزق الشخص بين يديه وقدامه، وهو في الصلاة. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (6/ 401).

قوله: «إن الرجل إذا قام يصلي أقبل الله عليه بوجهه»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«وقال» رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرجل إذا قام» حالة كونه «يصلي» أي: يريد الصلاة «أقبل الله -عز وجل- عليه» أي: على ذلك الرجل المصلي «بوجهه» المقدس إقبالًا يليق به سبحانه. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (6/ 401).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«أن الرجل» يعني: الإنسان، ذكرًا كان أو أنثى. السراج المنير شرح الجامع الصغير (2/ 28).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«أقبل الله عليه بوجهه» أي: برحمته ولطفه (هذا صرف للفظ عن ظاهره بلا دليل) ، ومن حق إقباله عليه أنْ يقبل بقلبه إليه. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 283).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«أقبل الله عليه بوجهه» أي: برحمته وفضله ولطفه وإحسانه (هذا تأويل مردود كما سبق)، وحق من أقبل الله عليه برحمته أن يقبل عليه بطرح الشواغل الدنيوية، والوسواس المفوّت لثواب الصلاة. السراج المنير شرح الجامع الصغير (2/ 28).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إلا ‌أقبل ‌الله ‌عليه ‌بوجهه» المراد بإقبال الله تعالى على عبده هو نظره إليه بالرحمة، والمراد بوجه الله؛ قيل: هو ذات الله، وقيل: أي: قبل عمله، وقيل: أثنى عليه بذلك وذكره لملائكته، وأثابه وغفر له، وقيل: لما كان المصلي يتوجه بوجهه وقصده وكليته إلى هذه الجهة نزلها في حقه وجود منزلة الله تعالى، فيكون هذا من باب الاستعارة.(هذا كله تأويل باطل، والصحيح أنه وجه حقيقي يليق بالله تعالى). فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (3/ 129).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«إن الرجل إذا دخل في صلاته» (في رواية أخرى لهذا الحديث) عام للمكتوبة والنافلة، والإضافة تقتضي الأول؛ لأنها المعهودة «أقبل الله عليه بوجهه» وهو مثل نظر الله إليه، ونحوه فيه التفويض والتأويل. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 453- 454).
وقال ابن تيمية -رحمه الله-:
قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قِبَل وجهه، فلا يبصُق قِبَلَ وجهه» الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قِبَل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات.
فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه، وكانت أيضًا قِبل وجهه، -وقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- المثل بذلك، ولله المثل الأعلى، ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مُخْلِيًا به»، فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله، وهو واحد ونحن جميع؟! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «سَأُنَبِّئُك بمثل ذلك في آلَاءِ الله، هذا القمر كلكم يراه مُخْلِيًا به، وهو آية من آيات الله، فالله أكبر» أو كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-. مجموع الفتاوى(5/107)
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
هذا وأمثاله من أحاديث الصفات مما يجب الإيمان به، وإثباته كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بلا تأويل، ولا تشبيه، ولا تعطيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} الشورى: 11. البحر المحيط الثجاج (12/349) .
وقال البعلي -رحمه الله-:
وجه الرب -جل جلاله- حيث ورد في الكتاب والسنة فليس بمجاز، بل على حقيقته. مختصر الصواعق المرسلة(ص: 407).

قوله: «حتى ينقلب»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«حتى ينقلب» بقاف وموحدة، أي: ينصرف من صلاته. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 283).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«حتى ينقلب» يفرغ من صلاته، ويعود إلى منزله. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 454).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«حتى ينقلب» الرجل، وينصرف عن مصلاه. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (6/ 401).

قوله: «أو يحدث حدث سوء»:
قال السندي -رحمه الله-:
قوله: «أو يحدث» من أحدث، والظاهر: أن المراد المعصية، وحمله على نقض الوضوء لا يناسب، قوله: «حدث سوء» ولا السوق (أي: السياق) إلا أن يراد أنه نقض الوضوء بالاختيار من غير حاجة. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (1/ 320).
وقال المجددي -رحمه الله-:
قوله: «أو يحدث حدث سوء» أي: يفعل أمرًا كان منافيًا لخشوع الصَّلاة وحضورها، أو المراد من الحَدَث: ناقض الوضوء، وإنَّما نُسب الى سوء؛ لأن عروضه في الصَّلاة يكون من الشَّيطان غالبًا، والله أعلم. إنجاح الحاجة (ص: 164).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«أو يحدث» أمرًا مخالفًا للدين، أو المراد الحدث الناقض، ويرشح للأول قوله: «حدث سوء» بالإضافة، يعني: ما لم يحدث سوءًا. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 283).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«أو يحدث حدث سوء» من ريح أو نحوها. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 454).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«أو يحدث» الرجل ويعمل وهو في مصلاه «حدث سوء» أي: عملًا سيئًا، أي: ذنبًا؛ كالغيبة والنميمة والكذب. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (6/ 401).
وقال إسحاق بن راهويه -رحمه الله-:
أخبرنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، ارحمه؛ ما لم ينصرف، أو يحدث حدث سوء، فقيل: وما الحدث السوء؟ فقال: أن يضرط أو يفسو». مسند إسحاق بن راهويه (1/ 118).


ابلاغ عن خطا