«إذا أَتَى أحدَكُم خادِمُهُ بطعامِهِ، فإنْ لم يُجْلِسْهُ معه، فلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أو لُقْمَتَيْنِ، أو أُكْلَةً أو أُكْلَتَيْنِ، فإنَّه وَلِيَ عِلاَجَهُ».
وفي رواية عند البخاري برقم: (5460): «فإنَّه ولِيَ حَرَّهُ وعِلاَجَهُ».
رواه البخاري برقم: (2557) واللفظ له، ومسلم برقم: (1663)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«وَلِيَ عِلاجَهُ»:
أي: عَمَلَه. النهاية، لابن الأثير (3 /287).
وقال السندي -رحمه الله-:
«وَلِيَ علاجه» أي: الطعام عند تحصيل آلاته، وتحمُّل مشقة حَرِّهِ ودُخانه عند الطبخ، وتعلَّقَت به نفسه وشمَّ رائحتَه. حاشية السندي على صحيح البخاري (2/39).
شرح الحديث
قوله: «إذا أتى أحدَكم خادمُه بطعامِه»:
قال العزيزي -رحمه الله-:
«إذا أتى أحدَكم» بالنصب. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/74).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
لماذا صار الذي يلي الفعل منصوبًا والآخر مرفوعًا؟ لأنه مِن باب تقديم المفعول على الفاعل، وتقديم المفعول على الفاعل جائز، ومنه قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} البقرة: 124. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/204).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
قدَّم المفعول على الفاعل؛ لئلا يعود الضمير لو جاء على الأصل إلى متأخر لفظًا ورُتبة من مواضعه. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/155).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«خادمُه بطعامه» بالرفع فاعلُ «أتى». السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/74).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
الخادم يُطلق على الذَّكَر والأنثى أعم من أن يكون مملوكًا، أو حرًّا. سبل السلام (2/335).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
وهو يشمل الرقيق والأجير وغيرهما من الخادم بالنفقة من غير عقد إجارة أو على سبيل التبرع بها. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/155).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«بطعامه» جار ومجرور في موضع نصب. إرشاد الساري (8/247).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«بطعامه» أي: المصنوع المطبوخ. التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 494).
قوله: «فإن لم يُجْلِسْهُ معه»:
قال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
«فإن لم يُجْلِسْهُ معه» عطفٌ على المقدَّر أي: فلْيُجْلِسْهُ معه ليأكل. منحة الباري بشرح صحيح البخاري (5/336).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
«فإن لم يُجْلِسْهُ معه» هكذا أورده، ويُفهم منه إباحة ترك إجلاسه معه. فتح الباري (5/ 181).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«فإن لم يُجْلِسْهُ معه» لعذر كقِلَّة طعام، أو لعِيَافة نفسه لذلك، أو لكونه أمْرَد ويخشى من القَالَة بسببه. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/74).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
فالأفضل أن يجلسه معه؛ لأن في ذلك فائدتين:
الفائدة الأولى: التواضع؛ حيث يجعل الخادم يأكل معه.
والفائدة الثانية: جبر خاطر الخادم؛ لأنه إذا أجلسه فإنه يجبر خاطره، ولكن لو لم يفعل فلا حرج عليه؛ لأن الخادم نفسه أيضًا لا يكون في قلبه شيء على سيده إذا لم يجلسه معه؛ لأنه يعرف نفسه أنه خادم. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/ 204).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«فإن لم يجلسه معه» كما هو الأفضل؛ لما فيه من التواضع وعدم الترافع على المسلم. دليل الفالحين (7/155).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
قوله: «فإن لم يُجْلِسْهُ» دال على أنه لا يجب على المرء أن يُطعمه مما يأكل، قيل لمالك: أيأكل الرجل من طعام لا يأكله أهله وعياله ورفيقه، ويلبس غير ما يكسوهم؟ قال: إي والله، وأراه في سعة من ذلك، ولكن يُحْسِن إليهم، قيل: فحديث أبي ذر (أي: حديث: «فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس»)، قال: كان الناس ليس لهم هذا القوت. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (26/249).
وقال العيني -رحمه الله-:
وفي رواية لأحمد عن عجلان عن أبي هريرة: «فَادْعُهُ فإن أبى فأَطْعِمْهُ منه»، وفاعل: «أبى» يحتمل: أن يكون السيد، والمعنى: إذا ترفَّع عن مُواكلة غلامه، ويحتمل: أن يكون الخادم، يعني: إذا تواضع عن مُواكلة سيده، ويؤيد الاحتمال الأول أن في رواية جابر عند أحمد: «أُمِرْنَا أن ندعوه، فإنْ كَرِهَ أحدُنا أن يَطْعَمَ معه فلْيُطْعِمْهُ في يده». عمدة القاري (21/79).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
والحاصل أنه لا يستأثر عليه بشيء، بل يُشْركه في كل شيء، لكن بحسب ما يدفع به شرِّ عَيْنِهِ. السراج المنير شرح الجامع الصغير (1/74).
قوله: «فلْيُنَاوِلْهُ لقمة أو لقمتين»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«فلْيُنَاوِلْهُ»... الأمر للندب. دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/155).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
ظاهر الأمر الإيجاب، وأنه يناوله من الطعام ما ذكر مخيرًا. سبل السلام (2/335).
وقال الشيخ محمد بن علي الإتيوبي -رحمه الله-:
عندي أن وجوبه هو الأظهر؛ لظاهر الأمر، فتأمَّلْهُ بالإمعان. البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (29/61).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
«لقمة أو لقمتين» شكٌّ من الراوي. منحة الباري بشرح صحيح البخاري (8/567).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
الشك فيه من شعبة. فتح الباري (5/181).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
قوله: «لُقمة أو لُقمتين» بضم اللام، وهي العين المأكولة من الطعام، وروي بفتح اللام، والصواب الأول إذا كان المراد العين وهو ما يُلْتَقم، والثاني: إذا كان المراد الفعل، وهكذا قوله: «أكلة أو أكلتين». نيل الأوطار (7/6).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وقد رواه الترمذي بلفظ: «لُقمة» فقط، وفي رواية مسلم تقييد ذلك بما إذا كان الطعام قليلًا، ولفظه: «فإن كان الطعام مشفوهًا (المشفوه: القليل؛ لأن الشفاه كثُرت عليه حتى صار قليلًا) قليلًا»، وفي رواية أبي داود: «يعني قليلًا فليضع في يده منه أُكلة أو أُكلتين»، قال أبو داود: يعني: لقمة أو لقمتين، ومقتضى ذلك: أن الطعام إذا كان كثيرًا فإما أن يقعده معه، وإما أن يجعل حظه منه كثيرًا. فتح الباري (9/ 582).
قوله: «أو أُكلة أو أُكلتين»:
قال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «أُكلة أو أُكلتين» بضم الهمزة أي: اللقمة، و«أو» للتقسيم بحسب حال الطعام وحال الخادم. فتح الباري (9/ 582).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«أُكلة أو أُكلتين» «أو» للتنويع، أو بمعنى (بل)، وسببه: أن لا يصير محرومًا، فإن ما لا يُدْرَك كله لا يُتْرَك كله. مرقاة المفاتيح (6/2194).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
والمراد بالأُكْلَة: اللقمة، وهو بضم الهمزة، وبالفتح المرة الواحدة، وقيل: إذا أكل حتى يشبع. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (26/249).
وقال الدماميني -رحمه الله-:
«أُكْلَة أو أُكْلتين» بضم الهمزة يعني: اللقمة واللقمتين.
فإن قلتَ: سبق قوله: «فليناوله لقمة أو لقمتين» فما هذا العطف؟ قلتُ: لعل الراوي شك هل قال -عليه السلام-: «فليناوله لقمة أو لقمتين» أو قال: «فليناوله أكلة أو أكلتين» فجمع بينهما، وأتى بحرف الشك؛ ليؤدي المقالة كما سمعها.
ويحتمل: أن يكون من عطف أحد المترادِفَين على الآخر بكلمة (أو)، وقد صرح بعضهم بجوازه. مصابيح الجامع (5/436).
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:
وقيل: في إطعامه منه ومُؤَاكَلَتِه إياه ذهاب غائلة الاستئثار عليه بالطعام؛ لئلا يكيده فيما يصنعه، ولا يغشّه ولا يخونه فيه إذا علم أنه يأكل منه ويرد شهوته ببعضه. إكمال المعلم (5/435).
قوله: «فإنه وَلِيَ علاجَه»:
قال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«فإنه وَلِيَ علاجه» الفاء للتعليل. المنهل الحديث في شرح الحديث (3/18).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
«وَلِيَ» إما من الوِلاية أي تولى ذلك، وإما من الولي وهو القُرْب، أي: قاسى كُلْفَة اتخاذه. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (11/99-100).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«فإنه وَلِيَ علاجَه» أي: طَبْخَهُ. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (5/197).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
العلاج: مصدر عالَجْتُه إذا زَاوَلْتُه. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (11/99).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
وأصل العلاج الممارسة، وهذا بناء على الغالب، وإلا فكل مَن حضَّر الطعام من الخدم يستحب أن يناوِله، سواء وَلِيَ العلاج أو لا. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (5/197).
وقال المظهري -رحمه الله-:
يعني: إذا طبَخَ واحد مِن خُدَّامكم طعامًا، ثم أتى به، وقد قاسى الحرارة والدخان، فعليكم أن تُقْعِدُوه معكم ليأكل، وإن كان الطعام قليلًا فأعطوه لقمة أو لقمتين. المفاتيح في شرح المصابيح (4/139).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فإنه وَلِيَ حَرَّهُ وعلاجَه» دلَّ على أن ذلك يتعلق بالخادم الذي له عناية في تحصيل الطعام، فيندرج في ذلك الحامل للطعام؛ لوجود المعنى فيه وهو تَعَلُّق نفسه به. سبل السلام (2/335).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
وينبغي أن يلحق بهذا الذي طَبَخَ مَن حَمَلَهُ أو عايَنَهُ ولو هِرًّا أو كلبًا؛ لتعلُّق نفسه به، فربما وقع الضرر للآكل منه، فينبغي إطعامه من ذلك؛ لتسكن نفسه ويتقي شر عينه، وقد قيل: إنه ينفصل من البصر سموم تركب الطعام لا دواء لها إلا بشيء يطعمه من ذلك الطعام للناظر إليه. إرشاد الساري (8/247).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قال المهلب: هذا الحديث يفسِّر حديث أبي ذر في الأمر بالتسوية مع الخادم في المطعم والملبس؛ فإنه جعل الخيار إلى السيِّد في إجلاس الخادم معه وتركه.
قلتُ: وليس في الأمر في قوله في حديث أبي ذر: «أَطْعِمُوهم مما تَطْعَمون» إلزامٌ بمؤاكلة الخادم، بل فيه أن لا يستأثر عليه بشيء، بل يُشْرِكه في كل شيء لكن بحسب ما يدفع به شر عينه. فتح الباري (9/582).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
استُدل به على أن قوله في حديث أبي ذر الماضي: «فأطعموهم مما تطعمون» ليس على الوجوب. فتح الباري (5/181).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
واختُلف في حكم الأمر بالإجلاس، فقال الشافعي: إنه أفضل، فإن فَعَلَ فليس بواجب، أو يكون بالخيار بين أن يُجْلِسَه أو يُنَاوله، وقد يكون أَمْرُه اختيارًا غير حَتْمٍ، ورجَّح الرافعي الاحتمال الأخير، وحَمَل الأول على الوجوب، ومعناه: أن الإجلاس لا يتعين، لكن إنْ فَعَلَه كان أفضل وإلا تعيَّنت المناولة، ويحتمل: أن الواجب أحدهما لا بعينه، والثاني أن الأمر للندب مطلقًا. إرشاد الساري (4/326).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:
وفي هذا: دليل على أنه لا يجب إطعام المملوك من جنس ما يأكله المالك، بل ينبغي أن يناوله منه ملء فمه؛ للعلة المذكورة آخرًا، وهي تَوَلِّيْهِ لِحَرِّهِ وعلاجه، ويدفع إليه ما يكفيه من أي طعام أَحَبَّ على حسب ما تقتضيه العادة لما سلف من الإجماع. نيل الأوطار (7/6).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث: أن الخادم مؤتَمن على طعام السيد؛ لقوله: «إذا أتى أحدَكم خادمُه بطعام»، ولكن هل نَأْتَمِنُ الخدم على الطعام مطلقًا، أو نقول: الأصل الائتمان ما لم يوجد سبب يُغيِّر هذا الأصل؟
الثاني، وبناء على ذلك نقول: لا يكن في قلبك شك مما يُقَدِّم إليك الخادم، ولكن إذا حصل ريب فلا حرج أن تحتاط، ويُذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن قُدِّمت له الشاة المسمومة في خيبر كان لا يأكل من طعام الرَّجُل إلا إذا أكل الرَّجُل منه قبله، وهذا يستعمله كثير من الناس الذين يخافون على أنفسهم، إذا قُدم إليهم الطعام أو الشراب قالوا للذي جاء به: كُلْ منه، أو اشرب منه؛ من أجل إن كان فيه ما يحذر يكون هذا الذي أكل هو أول فريسة. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/204-205).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
محل إطعام الخادم «لقمة أو لقمتين» إذا كان الطعام قليلًا، أما إذا كان كثيرًا فيلزمه أن يشْبِعَه، ويُسن أن يُقَلِّب اللقمة في الدسم، وأن تكون بحيث تَسُدّ مسدًّا، ليست صغيرة تثير الشهوة ولا تقضي وَطَرًا. المنهل الحديث في شرح الحديث (3/18).
وقال ابن بطال -رحمه الله-:
الأكل مع الخادم من التواضع والتَّذلل وترك التَّكبر؛ وذلك من آداب المؤمنين وأخلاق المرسلين. شرح صحيح البخاري (9/ 507).
وقال العراقي -رحمه الله-:
فيه: استحباب الأكل مع الخادم الذي باشر طبخ الطعام؛ وذلك تواضع وكرم في الأخلاق، وفي معنى الذَّكَر الأنثى، وهو في الأنثى محمول على ما إذا كان السيد رجلًا على أن تكون جاريته أو مَحْرَمُه، فإن كانت أجنبية فليس له ذلك. طرح التثريب (6/21).
وقال المغربي -رحمه الله-:
ومحمله إذا كان الخادم حرًّا، فإن كانت أنثى والمخدوم ذكرًا، أن يكون مَحْرَمًا، وكذا في صورة العكس (يعني: إذا كان المخدوم أنثى والخادم ذكرًا). البدر التمام (8/350).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
وفي الحديث من الفقه: أنه يكفي في مناولة الرَّجُل عَبْدَهُ أو خادمه أن يناوله اللقمة واللقمتين، وليس عليه أن يساويه في ذلك بنفسه، إلا أنه إن أجلسه معه كان أفضل. الإفصاح عن معاني الصحاح (8/9).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وفيه: بيان أن الحديث الذي فيه الأمر بأن يُطْعِمَهُ مما يَطعم ليس المراد به مؤاكلته، ولا أن يُشْبِعه من عين ما يأكل، بل يُشْرِكه فيه بأدنى شيء من لقمة أو لقمتين. سبل السلام (2/335).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
ويؤخذ من الحديث... استحباب إعطاء الأجير شيئًا من الذي يجنيه. المنهل الحديث في شرح الحديث (3/19).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يجبر خاطر مَن خدمه بالجبر الأعلى أو بالجبر الأدنى، الأعلى أن يجعله مساويًا له، والأدنى دون ذلك. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/205).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
وفيه: الإحسان إلى خادمه الذي تحت يده، وتطييبٌ لنفسه، وتعليمه لآداب المائدة، وإعفافه عن السرقة والحقد. المنهل الحديث في شرح الحديث (3/17).
وقال النووي -رحمه الله-:
في هذا الحديث: الحث على مكارم الأخلاق والمواساة في الطعام، لا سيما في حق مَن صَنَعَه أو حَمَلَهُ؛ لأنه وَلِيَ حَرَّهُ ودخانه، وتعلَّقت به نفسه، وشم رائحته، وهذا كله محمول على الاستحباب. شرح النووي على مسلم (11/135).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فيه: أنه يجوز للسيد أن يستعمل العبد فيما يُحسنه ويُطيقه من الأعمال؛ من إحضار نار ووقْدِها، وغَسْلِ أوعية، والطبخ والغَرْفِ، وإحضار الطعام والماء إلى السيد كما هو ظاهر الحديث. شرح سنن أبي داود (15/517).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
يستفاد من هذا الحديث فوائد:
منها: جواز استخدام الغير؛ لقوله: «إذا أتى أحدَكم خادمُه بطعام»، ويتفرع على هذه الفائدة أن ذلك ليس من باب التَّرف، ولكن هل الأفضل أن يستخدم الغير، أو أن يخدم نفسه إلا لحاجة؟
الأحسن أن يخدم نفسه إلا لحاجة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- غالِب أحواله أنه يكون في مهنة أهله في البيت، مع أن له خدمًا لكنه كان يباشر ذلك بنفسه. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/204).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
فيه: أنه يستحب للسيد إذا تولى خادمُه طعامه أن يُجْلِسَه معه على المائدة وأن يأكل معه، وأنَّ حاضِر الطعام -خصوصًا صانعه- تَتُوق إليه نفسه ما لا يَتُوق غيره، ومِن حق المملوك أن يُشْرِكَه في طعامه وكسوته، ولا يُكَلِّفه فوق طاقته، ولا ينظر إليه بعين الكبر والازْدِرَاء. شرح سنن أبي داود (15/518).
وقال الشيخ فيصل ابن المبارك -رحمه الله-:
فيه: الأمر بالتواضع، وعدم الترفع على المسلم، ويلتحق بالرقيق من في معناه من أجير وغيره. تطريز رياض الصالحين (745).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكون متواضعًا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فإن لم يُجْلِسْه معه فلْيُنَاوله». فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/205).
وقال الشيخ عبد القادر شيبة الحمد -رحمه الله-:
ما يفيده الحديث:
1. استحباب إطعام الخادم مِن نفس طعام صاحب البيت.
2. استحباب إجلاس الخادم مع صاحب البيت على مائدته.
3. تربية المسلمين على الشفقة والتواضع. فقه الإسلام شرح بلوغ المرام (8/ 123).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:
وهذا من الأدب للصانع إذا تيسر يأكل معه، وإلا يدفع له شيئًا، وهذا إذا كان ما عنده بقية، أما إذا كان عنده بقية لا بأس.
ويدل على جواز أن يكون للسيد طعام خاص، وحديث: «فَلْيُطْعِمْهُم مما يَطعم» على الأفضلية. الحلل الإبريزية (4/ 112).