الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

عن عطية بن قيس الكِلَابِيِّ قال: خطب معاوية بن أبي سفيان أُمَّ الدرداء بعدَ وفاةِ أبي الدرداء، فقالتْ أُمُّ الدرداء: إنِّي سمعتُ أَبا الدرداء يقولُ: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «أيُّما امرأةٍ تُوفِّيَ عنها زوجُهَا، فتزوَّجَتْ بعدَهُ فهي لآخِرِ أزواجِهَا». وما كنتُ لأختارَكَ على أبي الدَّرْدَاءِ. فَكَتَبَ إليها معاوية: فعليكِ بالصَّومِ فإنَّه مَحْسَمَةٌ».


رواه الطبراني في الأوسط برقم: (3130)، من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (2704)، سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم: (‌‌1281).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«مَحْسَمةٌ»:
أي: مقطعة للنكاح. النهاية، لابن الأثير (1/ 386).


شرح الحديث


قوله: «أيما امرأة توفي عنها زوجها»:
قال المناوي -رحمه الله-:
أي: مات عنها وهي في عصمته. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 413).

قوله: «فتزوَّجَتْ بعدَهُ فهي لآخِرِ أزواجِهَا»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«فتزوجت بعده فهي» أي: فتكون هي في الجنة زوجة «لآخر أزواجها» في الدنيا. قالوا: وهذا هو أحد الأسباب المانعة من نكاح زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده؛ لما أنه سبق أنهن زوجاته في الجنة. فيض القدير (3/ 151).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فتزوجت بعده، فهي» أي: في الآخرة «لآخر أزواجها». قالوا: إن هذا أحد الأسباب المانعة للتزوج بنسائه -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهن زوجاته في الجنة.
واعلم أنه قد ورد «أنه لأحسنهم أخلاقًا» كما في حديث عائشة -رضي الله عنها-، فيحتمل أن المراد هنا إذا كانت أخلاقهم متساوية فتبقى لآخره، وفي الآخر إذا اختلفوا، فهي لأحسنهم خُلقًا. التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 448).
وقال المناوي -رحمه الله-:
قال بعضهم: وإنما كانت لآخرهم؛ لأنها تركت الزوج ولم يتركها هو، ولا يعارضه خبر أنه سُئل عن المرأة يموت زوجها فتتزوج آخر، ثم يموت، فلمن هي؟ قال: لأحسنهما خُلقًا كان معها؛ لأن المراد به من فرق بينهما الطلاق لا الموت؛ لأنه إذا وقع على غير بأس فهو لسوء الخُلق؛ لأنه أبغض الحلال إلى الله. فيض القدير (6/ 266).
وقال الألوسي -رحمه الله-:
اختلف في المرأة ذات الأزواج إذا كانوا قد ماتوا عنها، فقيل: هي في الجنة لآخر أزواجها، ويؤيده كون أمهات المؤمنين زوجاته -صلى الله تعالى عليه وسلم- فيها، مع كون أكثرهن كن قد تزوجن قبل بغيره -عليه الصلاة والسلام- وقيل: هي لأول أزواجها كامرأة أخبرها ثقة أن زوجها قد مات، ووقع في قلبها صدقه، فتزوجت بعد انقضاء عدتها، ثم ظهرت حياته، فإنها تكون له، وتُعقِّب بأن هذا ليس من هذا القبيل، بل هو يشبه ما لو مات رجل، وأخبر معصوم كالنبي بموته، فتزوجت امرأته بعد انقضاء العدة، ثم أحياه الله تعالى، وقد قالوا في ذلك: إن زوجته لزوجها الثاني. وقيل: إن الزوجة تُخيَّر يوم القيامة بين أزواجها، فمن كان منهم أحسنهم خُلقًا معها كانت له، وارتضاه جمع. روح المعاني (13/ 144).
وقال السفيري -رحمه الله-:
زوجة الإنسان في الدنيا هي زوجته في الآخرة، فإن تزوجت بأزواج؛ قيل: تخير بين الأزواج. المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (2/ 36).
وقال الكلاباذي -رحمه الله-:
يجوز أنْ يكون قوله: «‌المرأة لآخر أزواجها» فيمن فُرِّق بينهما الطلاق لا الموت؛ لأن الطلاق إذا لم يكن من بأس فهو سوء الخُلق؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «‌إن أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق». معاني الأخيار (ص: 341).
وقال أبو عبد الله القرطبي -رحمه الله-:
ولقد بلغني أن الرجل إذا ابتكر بالمرأة تزوجها في الجنة. التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: 992).

قوله: «فكتب إليها معاوية: فعليك بالصوم فإنه مَحْسَمةٌ»:
قال الأزهري -رحمه الله-:
أي: ‌مَجْفَرَة مقطعة للباءة. تهذيب اللغة (4/ 200).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«عليكم بالصوم فإنه ‌محسمة» بفتح الميم وسكون الحاء المهملة «للعروق»؛ لأنه مانع للمني من السيلان، بمعنى أنه يقلله جدًّا. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 142).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
ومعناه: أن الصوم يكسر النفس، ويذهب ببطرها. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 302).


ابلاغ عن خطا