الجمعة 28 رمضان 1446 هـ | 28-03-2025 م

A a

«‌إنَّ الرَّجُل لَتُرْفَعُ درجته في الجنة فيقولُ: أَنَّى هذا؟ فيقال: باسْتِغْفَارِ ولَدِكَ لك».


رواه أحمد برقم: (10610)، وابن ماجه برقم: (3660) واللفظ له، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (1617)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1598).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«استغفار»:
الاستغفار: طلب المغفرة، والمغفرة الستر للذنوب، والعفو عنها. فيض القدير، للمناوي (4/ 119).
وقال ابن سيده -رحمه الله-:
الغفر والمغفرة: التغطية على الذنوب، والعفو عنها. المحكم والمحيط الأعظم(5/ 499).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
استغفرتُ الله: سألته المغفرة. المصباح المنير(2/ 449)


شرح الحديث


قوله: «إن الرجل لترفع درجته في الجنة»:
قال المناوي -رحمه الله-:
«إن الرجل» يعني: الإنسان المؤمن ولو أنثى. فيض القدير (2/ 339).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«إن الرجل» منكم أيها المؤمنون «لترفع» له «درجته» ومنزلته «في الجَنَّة» فوق ما يرجو منها بحسب عمله المصالح. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (21/ 290).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
قوله: «إن الله -عز وجل- ليرفع» الحديث، دل الحديث على أن الاستغفار يحط من الذنوب أعظمها، وهذا يدل على أنه يرفع درجة غير المستغفر إلى ما لم يبلغها بعمله، فما ظنك بالعامل المستغفر؟! ولو لم يكن في النكاح فضيلة غير هذا، لكفى به فضلًا. الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1855- 1856).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«إن الله -عز وجل- يرفع الدرجة» أي: الدرجة العالية بلا عمل «للعبد الصالح» أي: المسلم «في الجنة» متعلق بـ«‌يرفع». مرقاة المفاتيح (4/ 1632).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«إن ‌الرجل ‌لترفع ‌درجته ‌في ‌الجنة» هي إما رفعة الدرجات حقيقة، وهي مصاعد قصوره في الجنة وطرقاته، أو كناية عن عزته وعظمته، والمعنيان مذكوران في قوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} غافر: 15. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 461).

قوله: «فيقول: أنَّى هذا؟»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فيقول» أي: العبد «يا رب أنَّى لي» أي: كيف حصل؟ أو من أين حصل لي «هذه؟» أي: الدرجة. مرقاة المفاتيح (4/ 1632).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«فيقول: أنَّى هذا؟» أي: من أين لي هذا ولم أعمل عملًا يقتضيه؟ وفي نسخة: «أنَّى لي؟». ولفظ «‌لي» ليس في خط المصنف. فيض القدير (2/ 339).
وقال المناوي -رحمه الله- أيضًا:
«فيقول: أنَّى لي هذا؟» أي: من أين لي هذا ولم أعمل عملًا يوجبه؟ التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 285).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«فيقول» لمن عنده من الملائكة: «أنَّى» وجد لي «هذا» المنزل والمقام، وبأي سبب وعمل وجد لي؟
مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (21/ 290).

قوله: «فيقال: باستغفار ولدك لك»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فيقال: باستغفار»: حصل ‌باستغفار «‌ولدك لك» الولد يطلق على الذكر والأنثى، والمراد به المؤمن. مرقاة المفاتيح (4/ 1632).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«فيقال» أي: تقول له الملائكة أو العلماء: هذا «‌باستغفار ‌ولدك لك» من بعدك؛ دل به على أن الاستغفار يحط الذنوب، ويرفع الدرجات، وعلى أنه يرفع درجة أصل المستغفِر إلى ما لم يبلغها بعمله، فما بالك بالعامل المستغفِر، ولو لم يكن في النكاح فضل إلا هذا لكفى، وكان الظاهر أن يقال: لاستغفار ليطابق اللام في «‌لي»، لكن سد عنه أن التقدير: كيف حصل لي هذا؟ فقيل: حصل لك ‌باستغفار ‌ولدك، وقيل: إن الابن إذا كان أرفع درجة من أبيه في الجنة سأل أن يرفع أبوه إليه فيرفع، وكذلك الأب إذا كان أرفع، وذلك قوله -سبحانه وتعالى-: {‌لَا ‌تَدْرُونَ ‌أَيُّهُمْ ‌أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} النساء: 11. فيض القدير (2/ 339).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«باستغفار ولدك لك» من بعدك، دل به على أن الاستغفار يمحو الذنوب، ويرفع الدرجات، وأن استغفار الفرع لأصله بعد موته كاستغفاره هو لنفسه؛ فإن ولد الرجل من كسبه، فعمله كأنه عمله. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 285).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
قوله: «‌باستغفار ‌ولدك لك» وهذا أحد منافع النكاح وأعظمها، وأحد الأشياء الثلاثة التي تلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، كما جاء في الحديث. لمعات التنقيح (5/ 168).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
«فيقال: باستغفار ولدك لك» أي: فتقول الملائكة له: هذا بسبب طلب فرعك الغفران لك.
وفي الحديث دليل على أن الاستغفار يمحو الذنوب ويرفع الدرجات، وأن استغفار الفرع لأصله بعد موته كاستغفاره هو لنفسه، فإن ولد الرجل من كسبه، فعمله كأنه عمله. السراج المنير شرح الجامع الصغير (2/ 30).
وقال السندي -رحمه الله-:
«باستغفار ولدك» أي: فينبغي للولد أن يستغفر للوالدين. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (2/ 389).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فيقال: باستغفار ولدك لك» تقوله الملائكة أي: سببه، ففي ذلك فضيلة دعاء الولد لوالده. التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 461).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
هذا المقام وجد لك «بـ» سبب «استغفار ولدك لك» في الدنيا قبل لحوقه بك. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (21/ 290).
وقال الطيبي -رحمه الله-:
فإن قلتَ: كيف طابق الباء في قوله: «باستغفار» و«اللام» في قوله: «لي»؟ والظاهر أن يقال: لاستغفار؟
قلتُ: ليس بذلك، بل التقدير: كيف حصل لي هذه؟ فقيل: حصل لك باستغفار ولدك. الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1855- 1856).
وقال الفيومي -رحمه الله-:
«فيقول: ‌باستغفار ‌ولدك لك» ولهذا كان بعضهم يقول في دبر كل صلاة: اللهم اغفر لأبويَّ، وارحمهما كما ربياني صغيرًا. فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (7/ 536).
وقال الساعاتي -رحمه الله-:
فيه أنَّ دعاء الولد لوالديه ينفعهما بعد موتهما، فمن لم يدرك والديه وأراد برّهما، أو أدركهما، وقصَّر في برهما، فليكثر من الدعاء لهما بعد موتهما، فهو من أعظم أنواع البر بالوالدين، ويكون للولد أجر عظيم في ذلك. الفتح الرباني (9/ 205).


ابلاغ عن خطا