الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

عن عائشة أنها سألت رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن الطاعونِ، فأخبرها نبيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أنه كان عذابًا يبعثُهُ اللهُ على مَن يشاءُ، فجعلَهُ اللهُ رحمةً للمؤمنين، فليسَ من عبدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكُثُ في بلدِهِ صابرًا، يعلمُ أنه لن يصيبَهُ إلا ما كَتَبَ اللهُ له إلا كان له مثْلُ أجرِ الشهيدِ».


رواه البخاري برقم: (5734)، ورقم:(3474) وزاد «محتسبًا»، من حديث عائشة -رضي الله عنها-.


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«الطاعون»:
المرض العام، والوباء الذي يَفْسُد له الهواء فتفسد به الأمزجة والأبدان. النهاية، لابن الأثير (3/ 127).
وقال ابن القيم -رحمه الله-:
التحقيق: أن بين الوباء والطاعون عمومًا وخصوصًا، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون، فإنه واحد منها، والطواعين خراجات وقروح وأورام رديئة حادثة. زاد المعاد (4/35).


شرح الحديث


قولها: «عن الطاعون»:
قال ابن علان -رحمه الله-:
«أنها سَأَلَتْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن» شأن «الطاعون»، وحقيقته كما يؤخذ من الأحاديث: بَثْرٌ مؤلم يخرج غالبًا في الآباط مع لهيب واسوداد حواليه، وخفقان القلب، والقيء. دليل الفالحين (1/173).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«عن الطاعون» أي: ما الحكمة فيه؟ مرقاة المفاتيح (3/ 1132).
وقال الشيخ موسى شاهين -رحمه الله-:
«سألتُ... عن الطاعون» أي: عن حِكْمة إرساله على الناس، وعن موقف مَن يقع به، أو حوله. المنهل الحديث في شرح الحديث (3/ 194).

قوله: «أنه كان عذابًا يبعثه الله على مَن يشاء»:
قال القسطلاني -رحمه الله-:
«كان» أي: الطاعون. إرشاد الساري (9/361).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«كان عذابًا يبعثه الله على مَن يشاء» في نسخة من البخاري: «على مَن شاء» أي: من كافر أو عاصٍ بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة. دليل الفالحين (1/173).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«الطاعون كان عذابًا يبعثه الله على مَن يشاء» ممن يستحقه بذنبه. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 174).
وقال القسطلاني -رحمه الله-:
«يبعثه الله على مَن يشاء» من كافر أو عاصٍ، كما في قصة آل فرعون، وقصة أصحاب موسى مع بلْعَام، ولأبي ذر عن الكشميهني: «على مَن شاء» بلفظ الماضي. إرشاد الساري (8/ 387).

قولها: «فجعله الله رحمة للمؤمنين»:
قال البرماوي -رحمه الله-:
«رحمة» أي: سبب الرحمة وأجر الشهداء، وإن كان محنةً صورةً. اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (14/337).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
قوله: «رحمة» فإن قلتَ: ما معناها؟
قلتُ: هو وإن كان محنةً صورةً لكنها رحمة من حيث إنها تتضمن مثل أجر الشهداء، فهو سبب الرحمة لهذه الأُمَّة. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (21/19).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «فجعله الله رحمة للمؤمنين» أي: من هذه الأُمَّة، وفي حديث أبي عَسِيب عند أحمد: «فالطاعون شهادة للمؤمنين ورحمة لهم، ورِجْسٌ على الكافر»، وهو صريح في أن كون الطاعون رحمة إنما هو خاص بالمسلمين، وإذا وقع بالكفار فإنما هو عذاب عليهم يُعَجَّل لهم في الدنيا قبل الآخرة. فتح الباري (10/192).
وقال الكوراني -رحمه الله-:
«فجعله الله رحمة للمؤمنين» أي: لهذه الأُمَّة، وكونه رحمة؛ لأنه شهادة، وكفى بها نعمة. الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (9/279).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«وإن الله جعله رحمة للمؤمنين» من هذه الأُمَّة، فهو من خصوصيات هذه الأُمَّة.
ويحتمل: أنه لكل مؤمن ولو من الأمم السابقة قبل، وهل هو رحمة لكل مؤمن أو لمن كمل إيمانه؟ فيه احتمالان. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 174).
وقال زكريا الأنصاري -رحمه الله-:
«رحمة للمؤمنين» أي: غير مُرْتَكِبِي الكبيرة. منحة الباري بشرح صحيح البخاري (9/36).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
والتخصيص (أي: بغير مرتكب الكبيرة) يحتاج للتوقيف. دليل الفالحين (1/173).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وأما العاصي من هذه الأُمَّة فهل يكون الطاعون له شهادة، أو يختص بالمؤمن الكامل؟ فيه نظر.
والمراد بالعاصي مَن يكون مرتكب الكبيرة ويَهْجُمُ عليه ذلك وهو مصرٌّ؛ فإنه يحتمل أن يقال: لا يُكْرَمُ بدرجة الشهادة؛ لشؤم ما كان متلبسًا به؛ لقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الجاثية:21.
وأيضًا: فقد وقع في حديث ابن عمر ما يدل على أن الطاعون ينشأ عن ظهور الفاحشة... (وذكر الأحاديث في ظهور الفاحشة، ثم قال): ففي هذه الأحاديث أن الطاعون قد يقع عقوبة بسبب المعصية، فكيف يكون شهادة؟
ويحتمل: أن يقال: بل تحصل له درجة الشهادة؛ لعموم الأخبار الواردة، ولا سيما في الحديث الذي قبله عن أنس: «الطاعون شهادة لكل مسلم»، ولا يلزم من حصول درجة الشهادة لمن اجترح السيئات مساواة المؤمن الكامل في المنزلة؛ لأن درجات الشهداء متفاوتة كنظيره من العصاة إذا قُتِلَ مجاهدًا في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا مقبلًا غير مُدبر، ومن رحمة الله بهذه الأُمَّة المحمدية أن يُعَجِّلَ لهم العقوبة في الدنيا، ولا ينافي ذلك أن يحصل لمن وقع به الطاعون أجر الشهادة، ولا سيما وأكثرهم لم يباشِر تلك الفاحشة، وإنما عمهم -والله أعلم- لتقاعدهم عن إنكار المنكر، وقد أخرج أحمد وصححه ابن حبان من حديث عتبة بن عبيد رفعه: «القتل ثلاثة: رَجُل جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقْتَل، فذاك الشهيد المفْتَخِرُ في خيمة الله تحت عرشه، لا يَفْضُلُه النبيون إلا بدرجة النبوة، ورجل مؤمن قَرَفَ على نفسه من الذنوب والخطايا، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يُقْتَل فانْمَحَت خطاياه، إن السيف محَّاءٌ للخطايا، ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى يُقْتَلَ فهو في النار، إن السيف لا يمحو النفاق»، وأما الحديث الآخر الصحيح: «إن الشهيد يُغْفَرُ له كل شيء إلا الدَّين» فإنه يستفاد منه أن الشهادة لا تُكَفِّرُ التَّبِعَات، وحصول التبعات لا يمنع حصول درجة الشهادة، وليس للشهادة معنى إلا أن الله يثيب مَن حصلت له ثوابًا مخصوصًا، ويكرمه كرامة زائدة، وقد بيَّن الحديث أن الله يتجاوز عنه ما عدا التبعات، فلو فُرِضَ أن للشهيد أعمالًا صالحة وقد كَفَّرَت الشهادة أعماله السيئة غير التبعات فإن أعماله الصالحة تنفعه في موازنة ما عليه من التبعات، وتبقى له درجة الشهادة خالصة، فإن لم يكن له أعمال صالحة فهو في المشيئة والله أعلم. فتح الباري (10/192-193).

قولها: «فليس مِن عَبْدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا، يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«ليس» هذه الجملة بيان لقوله: «جعله رحمة». مرقاة المفاتيح (5/239).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «فليس مِنْ عَبْدٍ» أي: مسلم. فتح الباري (10/193).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«يقع الطاعون» صفة أحد، والراجع محذوف، أي: يقع في مكان هو فيه، أو يقع في بلده. مرقاة المفاتيح (5/239).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فيمكُث» عطف على «يقع». مرقاة المفاتيح (5/239).
وقال البرماوي -رحمه الله-:
«في بلده» تنازَعَهُ عاملان (يقع ويمكث). اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (14/337).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
«فيمكث في بلده» أي: بلد الطاعون، وإن لم يكن وطنه. التنوير شرح الجامع الصغير (7/ 174).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
لأنه بالإقامة في بلده قد توكَّل عليه، ودرجةُ المتوكلين رفيعة. شرح المصابيح (2/ 314).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
«فيمكث في بلده...» إلى آخره، هو ظاهر في حصول أجر الشهيد له، وإن لم يمت به. التوشيح شرح الجامع الصحيح (8/ 3532).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «صابرًا» حالٌ مفرد. عمدة القاري (21/261).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «صابرًا» أي: غير منزعج ولا قَلِقٍ بل مُسلِّمًا لأمر الله راضيًا بقضائه، وهذا قيد في حصول أجر الشهادة لمن يموت بالطاعون، وهو أن يمكث بالمكان الذي يقع به فلا يخرج فرارًا منه. فتح الباري (10/193).
وقال المظهري -رحمه الله-:
«صابرًا» أي: يصبر على الإقامة في ذلك البلد، مع القدرة على الخروج. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 399).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«صابرًا» على ما نزل به أو ببلده. دليل الفالحين (1/173-174).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
لم يبلغني أنَّ أحدًا من حملة العلم فرَّ من الطاعون إلا ما ذكر المدائني أنّ عليَّ بن زيد بن جدعان هرب من الطاعون إلى السيالة، فكان يجمع كل جمعة ويرجع، فكان إذا جمع صاحوا به: فرَّ من الطاعون، فطُعِنَ فمات بالسيالة. التمهيد (6/214- 215).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله- أيضًا:
وروينا عن ابن مسعود أنه قال: «الطاعون فتنة على المقيم والفارِّ، أما الفارُّ فيقول: فررتُ فنجوتُ، وأما المقيم فيقول: أقمتُ فمتُّ، وكذبًا فرَّ مَن لم يجئ أجله، وأقام مَن جاء أجله». التمهيد (8/ 372).
وقال النفراوي -رحمه الله-:
وقد مات من الصحابة خمسة وعشرون ألفًا (أي: بالطاعون) عام ثمان عشرة. الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 341).

وفي رواية «محتسبًا»:
قال المناوي -رحمه الله-:
أي: طالبًا للثواب على صبرهِ على خوف الطاعون وشدته. فيض القدير (4/287).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «يعلم» حال جملة من الفعل والفاعل. عمدة القاري (21/261).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«يعلم أنه لا يصيبه» شيء «إلا ما كُتِبَ له»، العائد على «ما» محذوف. دليل الفالحين (1/174).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وقوله: «يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كَتَبَ الله له» قيد آخر، وهي جملة حالية تتعلق بالإقامة، فلو مكث وهو قَلِقٌ أو متندِّمٌ على عدم الخروج، ظانًّا أنه لو خرج لما وقع به أصلًا ورأسًا، وأنه بإقامته يقع به، فهذا لا يحصل له أجر الشهيد ولو مات بالطاعون، هذا الذي يقتضيه مفهوم هذا الحديث، كما اقتضى منطوقه أن مَن اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد وإن لم يمت بالطاعون، ويدخل تحته ثلاث صور: أن مَن اتَّصف بذلك فوقع به الطاعون فمات به، أو وقع به ولم يمت به، أو لم يقع به أصلًا ومات بغيره عاجلًا أو آجلًا. فتح الباري (10/193-194).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«إلا كان له مثل أجر الشهيد» خبر ليس، والاستثناء مفَرَّغ. مرقاة المفاتيح (5/239).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
«إلا كان له مثل أجر الشهيد» وإن مات بغير الطاعون، فإنه حيث كان موصوفًا بما أشار إليه الحديث مِن قَصْدِهِ ثواب الله، ورَجَائِهِ مَوْعُودَه، عارفًا أنه لو وقع به فبتقدير الله، وإن صُرف عنه فكذلك، وهو غير متضجِّر لو وقع به، معتمدًا على ربه في حال صحته وسقمه كان له أجر الشهيد وإن مات بغير الطاعون كما هو ظاهر الحديث، ويؤيده رواية: «مَن مات في الطاعون فهو شهيد» ولم يقل: بالطاعون، وكذا لو وُجِدَ مَن اتصف بهذه الصفات ثم مات بعد انقضاء زمن الطاعون، فإن ظاهر الحديث أنه شهيد، ونية المؤمن أبْلَغُ من عمَله، أما مَن لم يتصف بالصفات المذكورة فإن مفهوم الحديث أنه لا يكون شهيدًا وإن مات بالطاعون. دليل الفالحين (1/174).
وقال محمد أنور شاه الكشميري -رحمه الله-:
قوله: «مثل أجر شهيد» فإنه وإن لم يُقْتَل في المعركة لكنه أرى من نفسه ثباتًا ورضي بما كتب الله له. فيض الباري على صحيح البخاري (6/58).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
قوله: «مثل أجر الشهيد» لعل السر في التعبير بالمثلية مع ثبوت التصريح بأن مَن مات بالطاعون كان شهيدًا: أن مَن لم يمت من هؤلاء بالطاعون كان له مثل أجر الشهيد وإن لم تحصل له درجة الشهادة بعينها؛ وذلك أن مَن اتصف بكونه شهيدًا أعلى درجة ممن وُعِدَ بأنه يعطى مثل أجر الشهيد، ويكون كمَن خرج على نية الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا فمات بسببٍ غير القتل، وأما ما اقتضاه مفهوم حديث الباب أن مَن اتَّصف بالصفات المذكورة ووقع به الطاعون ثم لم يمت منه أنه يحصل له ثواب الشهيد فيشهد له حديث ابن مسعود الذي أخرجه أحمد من طريق إبراهيم بن عبيد بن رفاعة أن أبا محمد أخبره -وكان من أصحاب ابن مسعود- أنه حدَّثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أكثر شهداء أُمَّتي لَأَصْحَابُ الفُرُش، ورُبَّ قتيل بين الصفَّيْنِ الله أعلم بنيته»، والضمير في قوله: «أنه» لابن مسعود، فإن أحمد أخرجه في مسند ابن مسعود ورجال سنده موثَّقُون. فتح الباري (10/194).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
وقد جاء في بعض الأحاديث استواء شهيد الطاعون وشهيد المعركة، فأخرج أحمد بسند حسن عن عتبة بن عبد السلمي رفعه: «يأتي الشهداء والْمُتَوفَّوْنَ بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيقال: انظروا فإن كان جراحُهم كجراح الشهداء تسيلُ دمًا، وريحها كريح المسك فهم شهداء، فيجدونهم كذلك»، وله شاهد من حديث العرباض بن سارية أخرجه أحمد أيضًا والنسائي بسند حسن أيضًا بلفظ: «يختصم الشهداء والْمُتَوَفَّوْنَ على فُرُشهم إلى ربنا -عزَّ وجلَّ- في الذين ماتوا بالطاعون، فيقول الشهداء: إخواننا قُتِلُوا كما قتلنا، ويقول الذين ماتوا على فرشهم: إخواننا ماتوا على فُرُشهم كما مِتْنَا، فيقول الله -عزَّ وجلَّ-: انظروا إلى جراحهم، فإنْ أَشْبَهَتْ جراح المقتولين فإنهم منهم، فإذا جراحُهم أَشْبَهَتْ جراحَهم»، زاد الكلاباذي في معاني الأخبار من هذا الوجه في آخره: «فيَلْحَقُون بهم». فتح الباري (10/194).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
هذا الحديث بشرى لهذه الأُمّة من الصابرين، منهم المحتسبين. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (30/178).
وقال البرماوي -رحمه الله-:
وفيه: عناية الله بهذه الأُمة المكرَّمة؛ حيث جعل ما أُعِدَّ عذابًا لغَيرهم رحمةً لهم. اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (10/ 66).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
واستُنْبِطَ من الحديث: أن مَن اتصف بالصفات المذكورة ثم وقع به الطاعون فمات به أن يكون له أجر شهيدين، ولا مانع من تعدُّد الثواب بتعدد الأسباب، كمَن يموت غريبًا بالطاعون، أو نفساء مع الصبر والاحتساب.
والتحقيق فيما اقتضاه حديث الباب: أنه يكون شهيدًا بوقوع الطاعون به، ويُضاف له مثل أجر الشهيد؛ لصبره وثباته، فإن درجة الشهادة شيء وأجر، الشهادة شيء، وقد أشار إلى ذلك الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة وقال: هذا هو السر في قوله: «والمطعون شهيد (مَن مات بالطاعون)»، وفي قوله في هذا: «فله مثل أجر شهيد»، ويمكن أن يقال: بل درجات الشهداء متفاوتة، فأَرْفَعُها مَن اتَّصف بالصفات المذكورة ومات بالطاعون، ودونه في المرتبة من اتصف بها وطُعن ولم يمت به، ودونه مَن اتصف ولم يُطعن ولم يمت به. فتح الباري (10/194).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
ويستفاد من الحديث أيضًا: أن مَن لم يتصف بالصفات المذكورة لا يكون شهيدًا ولو وقع الطاعون ومات به، فضلًا عن أن يموت بغيره، وذلك ينشأ عن شؤم الاعتراض الذي ينشأ عنه التضجر والتسخط لقدر الله، وكراهة لقاء الله، وما أشبه ذلك من الأمور التي تفوت معها الخصال المشروطة والله أعلم. فتح الباري (10/194).
وقال النووي -رحمه الله-:
في هذه الأحاديث: أنّ الطاعون أُرْسِلَ على بني إسرائيل أو مَن كان قبلكم عذابًا لهم، هذا الوَصف بكونه عذابًا مختصٌّ بمن كان قبلنا، وأمّا هذه الأُمَّة فهو لها رحمة وشهادة. شرح مسلم (14/204)
قال ابن المُلقن -رحمه الله-:
هذا الحديث بُشرى لهذِه الأُمّة من الصابرين، منهم المحتسبين.التوضيح لشرح الجامع الصحيح(30/١٧٨)
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
ففي حديث عائشة -رضي الله عنها- دليل على فضل الصبر والاحتساب، وأن الإنسان إذا صبَّر نفسه في الأرض التي نزل فيها الطاعون ثم مات به كَتب الله له مثل أَجر الشهيد. وذلك أنّ الإنسان إذا نزل الطاعون في أَرضه فإن الحياة غالية عند الإنسان، سوف يهرب، يخاف مِن الطاعون، فإذا صبر واحتسب الأجر، وعَلِم أَنه لن يُصيبه إلا ما كتب الله له، ثم مات به، فإنَّه يُكتب له مثل أجر الشهيد. وهذا من نِعمة الله -عزَّ وجلَّ-. شرح رياض الصالحين (1/233).
وقال سليمان اللهيميد -حفظه الله-:
الحديث دليل على أنه ينبغي لمن وقع الطاعون في بلده وهو فيه أن لا يخرج منها فرارًا منه. شرح رياض الصالحين (80).


ابلاغ عن خطا