«مَن قال: سبحانَ اللَّهِ العظيمِ وبحمدِهِ، غُرِسَتْ له نَخْلَةٌ في الجنَّةِ».
رواه الترمذي برقم (3464) واللفظ له، والنسائي في الكبرى برقم (10594)، والحاكم برقم: (1847)، من حديث جابر -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (6429)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (64).
شرح مختصر الحديث
.
غريب الحديث
«سبحانَ اللَّهِ»:
تنزيه الله عمّا لا يليق به من كل نقص، فيلزم نفي الشريك والصاحبة والولد وجميع الرذائل. فتح الباري (11/ 206).
شرح الحديث
قوله: «من قال: سبحان الله العظيم وبحمده»:
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
قوله: «مَن قال» أي: بلسانه معتقدًا معناها بقلبه. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (6/ 470).
قوله: «سبحان الله»:
قال ابن بطال -رحمه الله-:
معنى قولهم في لغة العرب: «سبحان الله» تنزيه الله من الأولاد والصاحبة والشركاء. شرح صحيح البخاري (10/ 133).
وقال ابن العربي المالكي -رحمه الله-:
أنزِّهُ الله تنزيهًا، وأسبِّحه تسبيحًا.
وقوله: «بحمده» لأن الحمد لا ينبغي إلا لله على الحقيقة. المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 427).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
فإن قلتَ: ما معنى التسبيح؟ قلتُ: التنزيه، يعني: أنزِّهُ تنزيهًا عما لا يليق به تعالى. فإن قلتَ: «وبحمده» معطوف، فما المعطوف عليه؟ قلتُ: الواو للحال، تقديره: وسبحت الله متلبسًا بحمدي له؛ من أجل توفيقه لي للتسبيح ونحوه، ويحتمل أن يكون الحمد مضافًا إلى الفاعل، والمراد من الحمد لازمه مجازًا، وهو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه، أو لعطف الجملة على الجملة نحو: التبست بحمده. فإن قلتَ: ما الحمد؟ قلتُ: له تعريفات، والمختار أنه الثناء على الجميل الاختياري على وجه التعظيم. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (22/ 185).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
والمراد: أنزِّه الله العظيم في كل أمر «وبحمده» أي: أسبّحه حامدًا له، وهو جمع بين التخلية والتحلية، خلاه الله تعالى عن كل قبيح، ثم حلاه تعالى بكل ثناء صحيح. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 333).
وقال ابن هبيرة -رحمه الله-:
تنزيه له -عزّ وجلّ- عن كل ما لا يجوز عليه، ثم يقول: «وبحمده» أي: وبحمده سبحته. الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 237).
قوله: «وبحمده»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قيل: الواو زائدة، أي: تسبيحًا مقرونًا بحمدهِ. مرقاة المفاتيح (4/ 1598).
وقال ابن رسلان -رحمه الله-:
«وبحمده» فإن الباء متعلقة بمحذوف تقديره: وأثني عليه بمحامده كلها من صفات الكمال والجلال. شرح سنن أبي داود (19/ 336).
وقال العيني -رحمه الله-:
قوله: «وبحمده» أي: أحمده، والواو فيه للحال، تقديره: سبحت الله ملتبسًا بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح. عمدة القاري (23/ 25).
قوله: «غرست له نخلة في الجنة»:
قال المظهري -رحمه الله-:
«غرست له نخلة في الجنة» بكل مرة قالها، وإنما خصَّ النخل من الأشجار؛ لأنها أنفع الأشجار وأطيبها. المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 163).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«غُرست» أي: بكل مرة «له نخلة» عظيمة «في الجنة» أي: المعدة لقائلها، خُصَّتْ لكثرة منفعتها وطيب ثمرتها. مرقاة المفاتيح (4/ 1598).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«غُرست له نَخلة» هذا على ظاهره، وأما ما ورد من أنَّ سبحان اللَّه غراس الجنة، فيحتاج إلى تأويل بأنه لما كان سببَ الغِراس سمي به، وله تأويل آخر مذكور في كلام بعض المحققين، حاصله: أنَّ الشيء يكون في موطن عرضًا، وفي موطن آخر جوهرًا، فغراس الجنة عين سبحان اللَّه، واللَّه أعلم. لمعات التنقيح (5/ 133).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وإذا كان له فيها غرس دخلها فإن الله لا يمنعه عن ما غرسه له؛ فليكثر العبد لنفسه من هذا الغرس، ويسقيه بدوام الطاعة لمولاه، ويحذر المعاصي المحبطات؛ فإنها تقلع هذا الغرس من الأساس. التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 333).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
قوله: «غرست له» بصيغة المجهول من باب ضرب، يقال: غرست الشجرة غرسًا وغراسة: إذا نصبتها وأثبتها في الأرض «نخلة» أي: غرس له بكل مرة نخلة، ووقع في رواية النسائي: «شجرة» بدل نخلة، لكن تحمل هذه الرواية المطلقة على المقيدة بالنخلة، فيكون المغروس هنا في الجنة هو النخلة «في الجنة» أي: المعدة لقائلها.
فيه إن التمرة من ثمار الجنة، كما قال تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَان} الرحمن: 68. مرعاة المفاتيح (7/ 464).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
قوله: «غُرِسَتْ لَهُ نَخلَةٌ» قال العاقولي في شرح المصابيح (مفقود): يحتمل أنْ يكون على حقيقته، ويحتمل أنْ يكون مجازًا عن تثبيت أجره، وحلاوة جناه، اهـ، وعلى الأول فالمراد نخلة عظيمة؛ لعظم مقابلها فيما مر، من كونه حبيبًا للرحمن، ثقيلًا في الميزان. الفتوحات الربانية (1/ 276).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله-:
فانظر إلى مُضيّع الساعات كم يفوته من النخيل!. صيد الخاطر (ص: 505).
وقال ابن علان -رحمه الله-:
قوله: «غُرِسَتْ لَهُ نَخلَةٌ» قال العاقولي في شرح المصابيح (مفقود): يحتمل أنْ يكون على حقيقته، ويحتمل أنْ يكون مجازًا عن تثبيت أجره، وحلاوة جناه، اهـ، وعلى الأول فالمراد نخلة عظيمة؛ لعظم مقابلها فيما مر، من كونه حبيبًا للرحمن، ثقيلًا في الميزان. الفتوحات الربانية (1/ 276).
وقال ابن الجوزي -رحمه الله- أيضًا:
فالعجب لهذا يضيع زمانه في غير الغرس، ولو أنه ذاق طعم النخيل لاستكثر من غرس النخل. حفظ العمر (ص: 62).
وقال أحمد الساعاتي -رحمه الله-:
والحكمة في هذا الغرس -والله أعلم- أنه يرى ثمرة عَمله، فيُسرُّ به، ويفرح، ويتمتع بهذا المنظر الجميل. الفتح الرباني (18/ 11).