الخميس 27 رمضان 1446 هـ | 27-03-2025 م

A a

«ثلاثةٌ لا يَرُدُّ الله دعاءَهُمُ: الذَّاكِرُون الله كثيرًا، ودعوةُ المظلومِ، والإمامُ المقْسِطُ».


رواه البزار برقم: (8751)، والطبراني في الدعاء برقم: (1316)، والبيهقي في شعب الإيمان برقم: (582)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (3064)، سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم: (1211).


شرح مختصر الحديث


.


غريب الحديث


«المقْسِطُ»:
أي: العادل. التيسير بشرح الجامع الصغير(1/ 478).


شرح الحديث


قوله: «ثلاثة لا يَرُدُّ الله دعاءهم»:
قال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«ثلاثة» أنفار. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (10/ 304).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
فمفهوم عدده غير مراد. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 271).
وقال محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
«لا تُردُّ دعوتهم» عند الله تعالى. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (10/ 304).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«ثلاثة لا يرُدُّ الله دعاءهم» إذا توفرت شروطه وأركانه. فيض القدير (3/ 327).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
أي: بل يستجاب سواء كانت لهم أو لغيرهم. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 214).
وقال الصنعاني -رحمه الله- أيضًا:
«ثلاثة لا يرُدُّ الله دعاءهم» أي: بل يستجيبه، فإنه كناية عن ذلك، وإن كان أَعم منه. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 223).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
سُرعة قبول الدعاء إنما يكون لصلاح الداعي، أو لتضرعه في الدعاء عنده تعالى. شرح المصابيح (3/ 80).

قوله: «الذاكرون الله كثيرًا»:
قال الصنعاني -رحمه الله-:
أي: دائمًا أو غالبًا. التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 223).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«الذاكر الله كثيرًا» يحتمل على الدوام، ويحتمل الذاكر كثيرًا عند إرادة الدعاء. فيض القدير (3/ 327).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ليس شيء من الفرائض إلا وله حد ينتهي إليه، إلا ذكر الله، ولم يقل هو ولا غيره -فيما علمناه-: إن ذكر الله باللسان يجب على الدوام، فلزم أنه ذكر القلب، وإذا ثبت ذلك، فذكر القلب لله تعالى إما على جهة الإيمان والتصديق بوجوده، وصفات كماله وأسمائه، فهذا يجب استدامته بالقلب ذكرًا أو حكمًا في حال الغفلة؛ لأنه لا ينفك عنه إلا بنقيضه، وهو الكفر، والذكر الذي ليس راجعًا إلى الإيمان: هو ذكر الله عند الأخذ في الأفعال، فيجب على كل مكلف ألَّا يقدم على فعل من الأفعال، ولا قول من الأقوال -ظاهرًا ولا باطنًا- حتى يعرف حكم الله في ذلك الفعل؛ لإمكان أن يكون الشرع منعه منه، فإما على طريق الاجتهاد إن كان مجتهدًا، أو على طريق التقليد إن كان غير مجتهد، ولا ينفك المكلف عن فعل أو قول دائمًا، فذكر الله يجب عليه دائمًا، ولذلك قال بعض السلف: اذكر الله عند همك إذا هممت، وحكمك إذا حكمت، وقسمك إذا قسمت، وما عدا هذين الذكرين لا يجب استدامته ولا كثرته، والله أعلم. المفهم (7/ 9، 10).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
قيل: في أكثر أحوالهم؛ كما يدل له تفسيره -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر. مرقاة المفاتيح (4/ 1540-1541).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله- أيضًا:
قيل: المراد بهم المداومون على ذكره وفكره، والقائمون بالطاعة، المواظبون على شكره، وقيل: المراد هم الذين يأتون بالأذكار الواردة في السنة في جميع الأحوال والأوقات، وهذا مرادف في الحقيقة لضبطه بشغل أغلب أوقاته بالذكر. مرقاة المفاتيح (4/ 1558).
وقال الواحدي -رحمه الله-:
قال ابن عباس: يريد في أدبار الصلوات وغدوًا وعشيًا وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا وراح من منزله ذكر الله -عز وجل-. وقال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات حتى يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا جميعًا ركعتين كُتِبَا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات»... وقال عطاء: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} الأحزاب: 35. التفسير البسيط (18/ 247، 248).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
ولا شك أنّ الذِّكر يطلق على الجناني وعلى اللساني، وأنّ المدار على القلب الذي يتقلب بسبب ذِكر المذكور من الغيبة إلى الحضور، وإنما اللفظي وسيلة، ولحصول الوصول وصلة. واختلف المشايخ في أيهما أفضل بالنسبة إلى المبتدئ؟ وإن كان ينتهي المنتهي أيضًا إلى الذِّكر القلبي، وأما الأمور البدعية والأغراض الدنيوية، فخارجة عن الأنواع الذكرية، ولا ريب أن الجمع بينهما أكمل، وفي تحصيل المثوبة أفضل. مرقاة المفاتيح (4/ 1551).

قوله: «ودعوة المظلوم»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
أي: لمن يعينه وينصره، أو يسليه ويهون عليه، أو على من ظلمه بأي نوع من أنواع الظلم. مرقاة المفاتيح (4/ 1535).
وقال العزيزي -رحمه الله-:
والمظلوم وإنْ كان كافرًا معصومًا. السراج المنير شرح الجامع الصغير (3/ 67).
وقال المناوي -رحمه الله-:
على مَنْ ظلمه حتى ينتقم مِنه بيد أو لسان. فيض القدير (3/ 301).
وقال السندي -رحمه الله-:
أي: على الظالم أو في الخلاص من الظلم. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (1/ 533).
وقال السندي -رحمه الله- أيضًا:
أي: في حق الظالم. وأثر الاستجابة قد لا يظهر في الحال لكون المجيب تعالى حكيمًا. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (2/ 439).
وقال محمود خطاب السبكي -رحمه الله-:
أي: بالخير لمن يعينه وينصره، أو بالشر على مَنْ ظلمه؛ لكمال عجزه وذلِّه. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (8/ 196).
وقال ابن الملقن -رحمه الله-:
المظلوم دعوته مقبولة وإن كان عاصيًا مخلطًا، ولا يكون عصيانه وتخليطه حاجبًا لدعائه. الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (5/ 29).
وقال المناوي -رحمه الله-:
«ودعوة المظلوم» وإن كان كافرًا. فيض القدير (3/ 327).
وقال الزرقاني -رحمه الله-:
دعوة المظلوم مجابة...، وإن كان عاصيًا، كما في حديث أبي هريرة، وعند أحمد مرفوعًا: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا، فَفُجُورُهُ على نفسه» وإسناده حسن، «وإن كان كافرًا» كما مَرَّ في خبر أنس.
وأما قوله تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} غافر: 50، فذاك في دعائهم للنجاة من نار الآخرة، أما دعاؤهم لطلب الانتصاف ممن ظلمهم في الدُّنيا كما في الحديث فلا تنافيه الآية.شرح الزرقاني على الموطأ (4/ 686).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
حتى ولو كان المظلوم كافرًا وظلمته ثم دعا الله عليك؛ استجاب الله دعاءه...،لا حبًّا للكافر ولكن حبًّا للعدل؛ لأن الله حكمٌ عدلٌ، والمظلوم لابد أنْ ينصف له من الظالم؛ ولهذا لما أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم معاذًا- إلى اليمن قال له: «اتق دعوة المظلوم..». شرح رياض الصالحين (4/616).
وقال المظهري -رحمه الله-:
لأنه لما لحقته نار الظلم، واحترقت أحشاؤه، خرج منه الدعاء عن التضرع، وصار مضطرًا إلى قبول الدعاء، ودفع الظلم عنه، فيقبل الله دعاءه، كما قال الله تعالى: {‌أَمَّنْ ‌يُجِيبُ ‌الْمُضْطَرَّ ‌إِذا ‌دَعاهُ ‌وَيَكْشِفُ ‌السُّوءَ} النمل: 62. المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 131).

قوله: «والإمام المُقسط»:
قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
هو كل من ولي شيئًا من أمور المسلمين، فعدل فيه. المفهم (3/ 75).
وقال الكرماني -رحمه الله-:
أي: الواضع كل شيء في موضعه. وقيل: المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، سواء كان في العقائد أو في الأعمال أو في الأخلاق. وقيل: الجامع بين أمهات كمالات الإنسان الثلاث، وهي: الحكمة، والشجاعة، والعفة التي هي أوساط القوى الثلاث، أعني القوة العقلية والغضبية والشهوانية. وقيل: المطيع لأحكام الله تعالى. وقيل: المراعي لحقوق الرعية، وهو عام في كل من إليه نظر في شيء من أمور المسلمين من الولاة والحكام. الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (5/ 46).
وقال السيوطي -رحمه الله-:
هو الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه بغير إفراط ولا تفريط. التوشيح شرح الجامع الصحيح (2/ 687).
وقال المناوي -رحمه الله-:
أي: الحاكم الذي لا يجور في حكمه. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 139).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
هو الذي يتوقَّف على الشريعة فعلًا وتركًا. التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 271).
وقال الشيخ محمد الأمين الهرري -رحمه الله-:
أي: الذي يحكم بالعدل والحق، فلا يجور في رعيته. مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (10/ 304، 305).
وقال المظهري -رحمه الله-:
لأن عدله أفضل العبادات؛ لأن عدل ساعة يدرك عبادة ستين سنة. المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 131).


ابلاغ عن خطا