«مَنْ غَسَّلَ الميت فَلْيَغْتَسِلْ، ومَن حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ».
رواه أحمد برقم: (9862)، وأبو داود برقم: (3161)، والترمذي برقم: (993)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
صحيح الجامع برقم: (4176)، أحكام الجنائز برقم: (53).
شرح مختصر الحديث
.
شرح الحديث
قوله: «مَنْ غَسَّلَ الميتَ»:
قال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«مَن غسَّل» بالتخفيف، ويُشدَّد «ميِّتًا» بالتشديد، ويُخفَّف. مرقاة المفاتيح (2/ 488).
وقال النووي -رحمه الله-:
وأَصل غُسل الميت فرض كفاية، وكذلك حمله وكفنه والصلاة عليه ودفنه، كُلها فروض كفاية، والواجب في الغسل مرة واحدة عامةً للبدن، هذا مختصر الكلام فيه. شرح مسلم (7/ 3).
وقال المظهري -رحمه الله-:
اعلم أن غسل الميت من فروض الكفايات، وكذلك تكفين الميت. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 424).
وقال الشيخ عبد الله البسام -رحمه الله-:
وجوب غسل الميت، وأنه فرض كفاية عند الجمهور، وعند المالكية سنة، وهو قول مرجوح. توضيح الأحكام من بلوغ المرام (3/ 168).
وقال ابن العربي المالكي -رحمه الله-:
اختلف العلماء في غسله هل هو للنظافة أو للعبادة؟ والذي عندي أنه تعبُّد ونظافة، كالعِدَّة عبادة وبراءة للرحم، وإزالة النجاسة عبادة ونظافة؛ ولذلك يسرَّح رأسه تسريحًا خفيفًا، خلافًا لأبي حنيفة؛ لأن في تسريحه وصب الماء عليه زيادة في النظافة، وكل ما حقق المقصود فهو مشروع. ويُمَضْمَضُ، خلافًا لأبي حنيفة حين قال: لا فائدة في مضمضته؛ لأنه لا يقذف الماء.
قلنا: مرور الماء على المحل وخروجه عنه تنظيف له، فإنه غسل يعم جميع البدن، فشُرِعَت فيه المضمضة كغسل الجنابة.
فالذي يتحصل من هذه المسألة: أن الميت يُغسَّل للنظافة وللعبادة؛ لأنه ربما كان بدنه نجسًا فيغسَّل للوجهين. المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 505).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
والمشهور عند الجمهور أنه غسل تعبدي، يُشترط فيه ما يُشترط في بقية الأغسال الواجبة والمندوبة، وقيل: شُرِعَ احتياطًا؛ لاحتمال أن يكون عليه جنابة، وفيه نظر؛ لأن لازمه أن لا يُشرع غسل مَنْ هو دون البلوغ، وهو خلاف الإجماع. فتح الباري (3/ 126).
قوله: «فليغتسل»:
قال الشافعي -رحمه الله-:
وأُحِبُّ لمن غسَّل الميت أن يغتسل، وليس بالواجب عندي، والله أعلم. الأم (1/ 303).
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل -رحمه الله-:
سئل أبي عن حديث أبي هريرة: «من غُسْلِ الميت الغسل»، قال: ليس فيه حديث يثبت.
قال أبي: والوضوء يتوضأ؛ روي ذلك عن غير واحد من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-. مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص:22).
قال ابن عبد البر -رحمه الله-:
وكان مالك أيضًا يستحب الغسل من غسل الميت، ثم سكت عنه؛ لحديث أسماء بنت عميس في غسلها زوجها أبا بكر -رضي الله عنه-، وسؤالها مَنْ حضرها من المهاجرين والأنصار -وكانوا يومئذٍ متوافرين-: هل عليها من غسل؟ قالوا: لا. الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 154).
قال السرخسي -رحمه الله-:
ولا يجب عليه بتغميض الميت وغسله وحمله وضوء ولا غسل، إلا أن يصيب يده أو جسده شيء فيغسله. المبسوط (1/ 82).
وقال النووي -رحمه الله-:
الجمهور على استحبابه، ولنا وجه شاذ أنه واجب، وليس بشيء، والحديث المروي فيه من رواية أبي هريرة: «من غسَّل ميتًا فليغتسل، ومن مسَّه فليتوضأ» ضعيف بالاتفاق. شرح النووي على مسلم (7/ 6).
قال ابن حجر -رحمه الله-:
قلتُ: قد حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وله طريق أخرى...، وفي الجملة: هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه مُعترض. التلخيص الحبير (1/ 371).
وقال الذهبي -رحمه الله-:
قلتُ: بل هي (طرق هذا الحديث) غير بعيدة من القوة؛ إذا ضم بعضها إِلى بعض، وهي أقوى من أحاديث القلتين، وأقوى من أحاديث «الأرض مسجد إِلا المقبرة والحمام» إِلى غير ذلك مما اُحْتجَّ بأشباهه فقهاء الحديث. المهذب في اختصار السنن الكبير (1/ 301).
وقال أبو داود -رحمه الله-:
هذا (الحديث) منسوخ، وسمعتُ أحمد بن حنبل وسُئل عن الغسل من غسل الميت؟ فقال: «يجزيه الوضوء».
قال أبو داود: أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا الحديث يعني إسحاق مولى زائدة، قال: وحديث مصعب ضعيف؛ فيه خصال ليس العمل عليه. سنن أبي داود (3/ 201).
وقال ابن حجر -رحمه الله-:
وقال أبو داود بعد تخريجه: هذا منسوخ، ولم يُبيِّن ناسخه. فتح الباري (3/ 127).
وقال ابن حجر -رحمه الله- أيضًا:
وأَجاب عنه أحمد بأنه منسوخ، وكذا جزم بذلك أبو داود، ويدل له ما رواه البيهقي عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس عليكم في غُسل مَيتكم غسل إذا غسلتموه، إنّ ميتكم يموت طاهرًا وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم» ...، فالإسناد حسن، فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة بأن الأمر على الندب، أو المراد بالغسل غسل الأيدي، كما صرح به في هذا الحديث.
قلت: يؤيد أنّ الأَمر فيه للندب، ما روى الخطيب ..، من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قال لي أبي: كتبت حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمِنّا مَن يغتسل، ومِنَّا مَن لا يغتسل "؟ قال: قلت: لا، قال: في ذلك الجانب شاب يقال له: محمد بن عبد الله، يحدث به عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب فاكتبه عنه، قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث، والله أعلم.تلخيص الحبير(1/٢٣٩).
وقال الصنعاني -رحمه الله- مُتعقِّبًا الحافظ:
قلتُ: إلا أنَّه يعكر على ذلك (غسل الأيدي) قوله في حديثٍ: «مَن غسَّل الميت فليغتسل، ومَنْ حمله فليتوضأ»، فإنه دال على أنَّ المراد الغسل حقيقة؛ ولذا قابله بالوضوء، فالحمل على الندب أولى. التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 254-255).
وقال ابن أبي حاتم -رحمه الله-:
قال أبي: هذا خطأ، إنما هو موقوف على أبي هريرة، لا يرفعه الثقات. علل الحديث (3/ 502).
قال الخطابي -رحمه الله-:
ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب، وقد يَحتمِلُ أن يكون المعنى فيه: إن غاسل الميت لا يكاد يأمن أن يصيبه نضح من رشاش المغسول، وربما كان على بدن الميت نجاسة، فإذا أصابه نضحه وهو لا يعلم مكانه كان عليه غسل جميع البدن؛ ليكون الماء قد أتى على الموضع الذي أصابه النجس من بدنه. معالم السنن (1/ 307).
قال البغوي -رحمه الله-:
واختلف أهل العلم في الغسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غير واجب. شرح السنة (2/ 169).
وقال ابن الملك -رحمه الله-:
«فلغتسل» وهذا الأمر للاستحباب والندب؛ لإزالة الرائحة الكريهة التي حصلت له منه، لا أمر إيجاب، وعليه الأكثر.
وقيل: أمر وجوب؛ لأنه لا يُؤْمَنُ أن يصيبه شيء من رَشَاش المغسول. شرح المصابيح (1/ 337).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
والأمر للاستحباب، وعليه الأكثر للخبر الصحيح: «ليس عليكم في ميتكم غسل إذا غسلتموه»، وقيل: أمر وجوب؛ لأنه لا يُؤْمَنُ أن يصيبه شيء من رَشَاش المغسول، وهو لا يعلم مكانه، فيجب عليه غسل بدنه، فإن علم بعدمها فلا، ولا يخفى أن الدليل المبني على الشك لا يفيد الوجوب، مع أن الماء المستعمل طاهر على الصحيح. مرقاة المفاتيح (2/ 488).
وقال السندي -رحمه الله-:
حمله كثير على أنه مندوب احتياطًا؛ لدفع ما يتوهم من أصابه نجاسة بالبدن بواسطة أن بدن الميت لا يخلو عنها غالبًا، وقيل: مسنون أو واجب. كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه (1/ 446).
وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-:
واختُلف في المقصود بهذا الغُسْل؛ فقيل: ليكون على يقين من طهارة جسده؛ لما يُخاف أن يطير عليه من رشاش غسل الميت، وقيل: لأنه إذا عزم على الاغتسال كان أبلغ في غُسله، وأحرى ألا يتحفَّظ مما يصيبه، فيبالغ في إنقائه وتنظيفه. المفهم (2/ 596).
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:
«فليغتسل» لإزالة الرائحة الكريهة التي حصلت له منه. مرقاة المفاتيح (2/ 488).
وقال عبيد الله المباركفوري -رحمه الله-:
الحديث بظاهره يدل على وجوب الغسل على من غسل الميت، وقد اختلفوا فيه، والراجح عندي أنه مندوب، والأمر فيه للاستحباب، أمر به ندباً احتياطاً؛ لدفع ما يتوهم من إصابة نجاسة بالبدن بواسطة أن بدن الميت لا يخلو عنها غالباً، والله أعلم.
والدليل على كون الأمر للندب لا للوجوب حديث ابن عباس مرفوعاً: «ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، إن ميتكم يموت طاهراً، وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم» أخرجه البيهقي، وقد حسَّن الحافظ إسناده. مرعاة المفاتيح (2/ 238).
وقال العيني -رحمه الله-:
وأما الاغتسال من غَسْل الميت فقد اتفق الجمهور على أنه على غير الوجوب. نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (2/ 486).
وقال المظهري -رحمه الله-:
عِلة الغسل: أَنه رُبما يلحقه رَشَاش من الماء المغسول به الميت من موضع فيه نجاسة، وربما يَعْرِقُ من الخوف والدهشة، فيُستحبُّ له الغسل؛ لإزالة العرق ورائحة الإبط الحاصلة في ذلك الوقت؛ ولتطهير أعضائه من الرشاش. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 454، 455).
قوله: «ومَن حمله فليتوضأ»:
قال البغوي -رحمه الله-:
وقيل في قوله: «ومن حمله فليتوضأ»: إن المراد منه المس.
وقيل: أراد بقوله: «فليتوضأ» أي: ليكن على وضوء حالة ما يحمله؛ ليتهيأ له الصلاة عليه إذا وضعها. شرح السنة (2/ 170).
وقال المظهري -رحمه الله-:
وأما الوضوء لحمل الجنازة وإن لم يكن له الوضوء، فالوضوء عليه واجب إذا أراد الصلاة على الميت، وإن كان له الوضوء قبل الحمل، ثم حمل الميت، فيستحب له تجديد الوضوء بعد وضع الجنازة احتياطًا؛ لأنه ربما خرج منه ريح؛ لشدة دهشته وخوفه من حمل الجنازة، وثقل حمل الجنازة، وهو لا يعلم بذلك من الدهشة، وربما يتغير وجهه من الخوف، فيستحب له الوضوء لإزالة التغير.
وقيل: قوله: «فليتوضأ» يعني: ليكون على الوضوء حين حمل الجنازة؛ ليصلي على الميت. المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 455).
وقال المناوي -رحمه الله-:
أي: ليكن حامله على وضوء ليتأهب للصلاة عليه حين وصوله المصلى؛ خوف الفوت. التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 432).
وقال عبد الحق الدهلوي -رحمه الله-:
«ومَنْ حَمَلَهُ» قيل: أي مسه، وقيل: المراد ليكن على الوضوء حالة حمله؛ ليمكنه الصلاة عليه إذا وضعه، ويجوز أن يكون بمجرد الحمل لأنه قربة، كذا في بعض الشروح. لمعات التنقيح (2/ 278).
وقال الصنعاني -رحمه الله-:
وأما قوله: «ومَنْ حمله فليتوضأ» فلا أعلم قائلًا يقول: بأنه يجب الوضوء من حمل الميت، ولا يندب، قلتُ: ولكنه مع نهوض الحديث لا عذر عن العمل به، ويفسَّرُ الوضوء بغسل اليدين كما يفيده التعليل بقوله: «إن ميتكم يموت طاهرًا»، فإن لمس الطاهر لا يوجب غسل اليدين منه، فيكون في حمل الميت غسل اليدين ندبًا تعبدًا؛ إذ المراد إذا حمله مباشرًا لبدنه بقرينة السياق؛ ولقوله: «يموت طاهرًا»، فإنه لا يناسب ذلك إلا من يباشر بدنه بالحمل. سبل السلام (1/ 100).
وقال الباجي -رحمه الله-:
لا خلاف أن مَنْ حنَّط ميتًا لا وضوء عليه، ومَنْ حمله فلا وضوء عليه، عند جمهور الفقهاء، وما روي في ذلك: «من غسل ميتًا فليغتسل، ومَنْ حمله فليتوضأ» فليس بثابت، ولو صح كان معناه: أن يتوضأ إن كان محدثًا؛ ليكون على وضوء، فيصلي عليه مع المصلين. المنتقى شرح الموطأ (1/ 65).
وقال الباجي -رحمه الله- أيضًا:
وما روي عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» ليس بثابت، وقد روي موقوفًا عن أبي هريرة، ولو ثبت لحمل على الاستحباب؛ ليكون العازم على الاغتسال من غسل الميت يبالغ في غسله، وينبسط ولا يتحفظ، ولا يتقبض، إذا لم يبن على الاغتسال. وأمر الحامل للميت أن يتوضأ قبل أن يحمله؛ ليكون على طهارة إذا صلى عليه، فيصلي مع المصلين عليه. المنتقى شرح الموطأ (2/ 5).
وقال ابن عبد البر -رحمه الله-:
ومعنى الحديث المذكور عن أبي هريرة -والله أعلم-: أنَّ من حمل ميتًا، فليكن على وضوء؛ لئلا تفوته الصلاة عليه، وقد حمله وشيعه، لا أنَّ حمله حدث يوجب الوضوء، فهذا تأويله، والله أعلم. الاستذكار (1/ 174).
وقال الخطابي -رحمه الله-:
لا أعلم أحداً من الفقهاء يوجب الاغتسال من غسل الميت ولا الوضوء من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب، وقد يحتمل أن يكون المعنى فيه: إن غاسل الميت لا يكاد يأمن أن يصيبه نضح من رَشَاش الغسول، وربما كان على بدن الميت نجاسة، فإذا أصابه نضحه وهو لا يعلم مكانه كان عليه غسل جميع البدن؛ ليكون الماء قد أتى على الموضع الذي أصابه النجس من بدنه.
وقد قيل: معنى قوله: «فليتوضأ» أي: ليكن على وضوء؛ ليتهيأ له الصلاة على الميت، والله أعلم. معالم السنن (1/ 307).
وقال ابن قدامة -رحمه الله-:
اختلف أصحابنا في وجوب الوضوء من غسل الميت، فقال أكثرهم بوجوبه سواء المغسول صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، مسلمًا أو كافرًا، وهو قول إسحاق والنخعي، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة، فروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كاَنا يأمران غاسل الميت بالوضوء، وعن أبي هريرة قال: أقل ما فيه الوضوء.
ولا نعلم لهم مخالفًا في الصحابة؛ ولأن الغالب فيه أنه لا يَسْلَمُ أن تقع يده على فرج الميت، فكان مظنة ذلك قائمًا مقام حقيقته، كما أُقيم النوم مقام الحدث، وقال أبو الحسن التميمي: لا وضوء فيه، وهذا قول أكثر الفقهاء، وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الوجوب من الشرع، ولم يرد في هذا نص، ولا هو معنى المنصوص عليه، فبقي على الأصل؛ ولأنه غسل آدمي فأشبه غسل الحي، وما روي عن أحمد في هذا يحمل على الاستحباب دون الإيجاب، فإن كلامه يقتضي نفي الوجوب، فإنه تَرَكَ العمل بالحديث المروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من غسل ميتًا فليغتسل»، وعلَّل ذلك بأن الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة، وإذا لم يوجب الغسل بقول أبي هريرة مع احتمال أن يكون من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فلأن لا يوجب الوضوء بقوله مع عدم ذلك الاحتمال أولى وأحرى. المغني (1/ 217).